الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شبح حرب شرق أوسطية؟

بابكر عباس الأمين

2018 / 5 / 4
مواضيع وابحاث سياسية



شبح حرب شرق أوسطية؟
بابكر عباس الأمين
تشهد منطقة الشرق الأدنى حالياً توتراً واحتقاناً ينذر بانزلاقها نحو حرب تدور رحاها بين إيران وإسرائيل بدعم الولايات المتحدة للأخيرة. وتتمظهر آيات هذا التوتر والاحتقان في أربع أشياء، هي تنفيذ سلاح الجو الإسرائيلي لعدة ضربات علي أهداف إيرانية استراتيجية في سورية، وزيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو لحليفات أمريكيات في الإقليم هي إسرائيل والأردن والمملكة العربية السعودية، فيما يبدو للتشاور بشأن الحرب، زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان لواشنطن للتشاور مع نظيره الأمريكي جيمس ماتيس. وأخيراً، إعلان رئيس وزراء إسرائيل عن معلومات ووثائق تفيد أن لدي إيران أنشطة نووية سرية. العامل الأخير ذو مغزي كبير، كونه جاء قبل أيام قليلات من الميقات الذي يُفترض أن يتخذ فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراراً بشأن الاتفاق النووي مع إيران المعروف ب"خطة العمل المشتركة الشاملة"، تمديداً أو إلغاءً (15 أيار/مايو).


من العوامل التي قد تؤدي لإلغاء الميثاق النووي أن دونالد ترامب ذو عريكة متهوّرة ولديه ثأر شخصي - مبعثه العنصرية - مع إرث باراك أوباما، ويعمل علي تفكيكه داخلياً وخارجيا، إذ انسحب من اتفاق باريس للمناخ الذي وقعت عليه 195 دولة، كما انسحب من اتفاق الشراكة عبر الباسفيكي. كذلك، ما يدفع لإبطال الاتفاق - وربما بخيار الحرب - هو وجود اثنين في أهم منصبين في البيت الأبيض، من عتاة الرجعيين دعاة تغيير الأنظمة، وسبق أن أعلن كلاهما عن تغيير النظام الإيراني قبل أن يتقلدا منصبهما الحاليان: وزير الخارجية، الذي قال عندما كان مرشحاً لتقلد منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية "سنطوي الاتفاق الكارثي مع أكبر راعية للإرهاب". وجون بولتون مستشار الأمن القومي، الذي كان أحد الصقور الذين دفعوا جورج بوش الابن لغزو العراق عام 2003، عندما كان سفير أمريكا في الأمم المتحدة، وما زال يدافع عن قرار الإطاحة بنظام صدام حسين، واحتلال العراق! يجدر في المناسبة أن أذكر أن كليهما يرتبط بالجماعات والمنظمات التي تنشر الكراهية ضد المسلمين، وتدّعي أن وجودهم في الغرب يشكّل تهديداً وجودياً له.


المعلومات التي عرضها بنيامين نتنياهو، بشكل مسرحي، تفيد أن طهران قد ضلّلت الدول الست التي وقعت فيما بعد علي الاتفاق النووي (دول مجلس الأمن + ألمانيا) أثناء مداولاتها عن اتفاق محتمل في جنيفا، بإخفاء الجانب التسليحي لمشروعها النووي. أي أنها تتحدث عن حقبة ما قبل الاتفاق المذكور المُبرم في 2015، وبالتالي غير ذات قيمة. ورداً علي هذا الادّعاء، أصدرت "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" يوم الثلاثاء بياناً جاء فيه أن مفتشيها لم يعثروا علي أثر لتطوير إيران لأسلحة ذرية منذ عام 2009، وأعلنت أنها علي علم بتلكم الوثائق التي حصلت عليها إسرائيل مذ عام 2011. ما يقوله نتنياهو أمر سمعنا نسخة منه صدرت من توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق عن العراق في عهد صدام حسين. إلا أن الأوروبيين يشعرون بالحرج من تنصّل الرئيس الأمريكي من ميثاق خطة العمل المشتركة، كما ظهر من سفر كل من الرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية لواشنطن قبل أيام، في مسعي لإقناعه بعدم اتخاذ خطوة كهذه. ذلك لأن وأد الميثاق سيجعل العالم أقل استقراراً، كما أن لأوربا مصالح تجارية ضخمة في إيران تقدر بعشرات المليارات يورو ستضرر، إذ أن الإلغاء يعني إعادة العقوبات الأمريكية على الجمهورية الإسلامية والعصف بتلك المصالح.


وفي حال أجهض الرئيس الأمريكي الاتفاق، دون اللجوء للحرب، فإن ذلك سيبسط نفوذ التيار المحافظ في النظام الإيراني علي حساب الإصلاحيين، ويعزز نفوذ الحرس الثوري، وسيدفع بطهران للعودة لتخصيب اليورانيوم وبمعدلات أسرع، والانسحاب من معاهدة الحد من تخصيب اليورانيوم. كذلك، من شان خطوة كتلك رفع حدة التوتر في الشرق الأوسط؛ بما يحدث من سباق تسلح نووي في الإقليم، فمنذ الآن بدأت كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية مسعاها للحصول علي تكنلوجيا نووية سلمية. والواقع أن التوتر سيتجاوز الإقليم ليصل منطقة شرق آسيا؛ إذ أن رئيس كوريا الشمالية سيراجع حساباته بخصوص ابرام اتفاق لتفكيك مشروعه النووي مع دولة لا تحترم ما تبرمه من مواثيق، وسيعيد قراءة التجربتين العراقية والليبية، فما كانت الدول الغربية لتجرؤ علي الإطاحة بنظامي صدام حسين ومعمر القذافي إن احتفظا بأسلحة دمار شامل.

أما في حال نشبت الحرب فإنها ستكون شديدة الدمار في منطقة عانت وما برحت تعاني من ويلات الحروب. كما ستحدث ارتفاعاً كبيراً في أسعار النفط والأثر السلبي لذلك علي الدول غير المنتجة له، وعلي الاقتصاد العالمي الذي لم يتعافي لمرحلة ما قبل الأزمة المالية 2008- 2009. كذلك من شأنها تأجيج الخلاف المذهبي في العالم العربي/الإسلامي.

وبعد، هل ما دار من حديث لا يعدو كونه نبرة تشاؤمية وتكهنات غير صائبة، وأن الحرب لن تحدث وأن ترامب لن يمزق الاتفاقية؟
ربما، وعسي، ونأمل ذلك!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا