الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جريمة الإقدام على الزواج!

داود السلمان

2018 / 5 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في مقالي السابق والذي كان بعنوان" الزواج قداسة أم تعاسة" ذكرت أن الرجل بإقدامه على الزواج ومن ثم انجاب أولاد، يزج بهم في معتقل الحياة، التي كلها آلام ومتاعب ومعاناة لا تنتهي، يكون هذا الرجل قد جنى عليهم وعلى نفسه، وارتكب من الحماقة ما ارتكب، حيث بسببها، يتحمل أولاده تلك المصائب والمحن، بسبب نزوة أو لذة جنسية لمْ تدمْ الا ثوانٍ قصيرة، ومن بعدها تأتي المحن جراء ذلك، ولو أنّ الرجل تأنى قليلاً واستطاع أن يتغلب على تلك الغريزة لما كان الذي كان.
وأشرت، في مقالي ذاك، الى بعض الفلاسفة من الذين استطاعوا أن ينتصروا على غريزتهم الجنسية ويكبحون جماحها، وهم: الشاعر الفيلسوف أبا العلاء المعري وافلاطون وشوبنهور وكانت ونيتشة والموسيقي العالمي فاكنر وسواهم. وذكرت هذه الاسماء كنموذج والا الذين اعرضوا عن الزواج هم كثر قد لا يستوعب ذكر اسمائهم هذا المقال.
والقارئ الكريم الذي يقرأ مقالي هذا قد يعده من باب التشاؤم، وتأثري بالفلسفة التشاؤمية التي كان ضليعاً بها الفيلسوف الالماني شوبنهور ومن بعده نيتشة. واقول هذا ليس من باب التشاؤم وانما هي حقيقة لا نريد أن نعترف بها نحن الرجال، وأنا اسميها (الزواج) جريمة ارتكبناها، والآن نصر على قداستها، لأن المجرم لا يعترف بارتكابه الجريمة أبداً، ويصر بالدفاع عن نفسه، ويبقى متشبث بالحياة، لأنه يعلم أن اعترافه بالجريمة يعني ابعاده عن ساحة الحياة.
يقول شوبنهور: إن "الحياة في حقيقتها ما هي إلاَّ شرور وأحزان ومشقات ومآسي، فلا مكان للخير، ولا معنى للسعادة، وأقصى ما يوجد من خير في الوجود هو أن تقل الشرور بعض الشيء، أو تخف الآلام شيئًا ما، فالتعاسة هي جوهر الحياة وحقيقة الوجود، والسعادة ليس إلاَّ التفسير السلبي، أي أنها تعني اختفاء الآلام والشقاء، والتعاسة بعض الشيء".
واما المعري (363 هـ - 449 هـ) (973 -1057م) فكان يرى أن اباه حينما قذف به في اتون الحياة، انما هو قد ارتكب جناية بحقه لا تُغتفر، وذلك بما عبر عنها بقول:
هذا جناه أبى عليَّ ... وما جنيت على أحد
وربما يقول قائل: إن ابا العلاء انما قال هذا لأن اصيب بالعماء، وعانى ما عانى جراء ذلك، فصار متشائماً، فكره الزواج خوفاً أن يجري لأولاده ما جرى له؟!. وقد يكون هذا صحيحاً لحد ما، الا أنه لكونه فيلسوفاً تيقن بأن الحياة لا طائل منها، وانها اكذوبة كبيرة كتبت علينا ومن كتبت عليه خطى مشاها بحسب تعبير بيت شعري معروف. وقد احدهم للمعري: أن عماك هو الذي يجلك أن تقول ما قلت؟ فرد عليه أنه يحمد الله على عماه كي لا يرى وجه هذا الذي يخاطبه.
قبل اقدامي على الزواج كانت لدي طموحات كثيرة، وبعد الزواج ماتت معظم تلك الطموحات أو قل ضاعت أدراج الرياح، بسبب تبعات الزواج وما صاحبها من اشجان، وهو طبعاً لست انا الوحيد فتل حبل الندم وانما هناك الكثير، ولو كنت أنا اليوم امتلك عقل الامس، لأقيت حبلها على غاربها، بحسب تعبير الامام علي. ولات حين مندم.
4/ 4/ 2018








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي


.. فايز الدويري: الهجوم رسالة إسرائيلية أنها تستطيع الوصول إلى




.. عبوة ناسفة تباغت آلية للاحتلال في مخيم نور شمس


.. صحيفة لوموند: نتيجة التصويت بمجلس الأمن تعكس حجم الدعم لإقام




.. جزر المالديف تمنع دخول الإسرائيليين احتجاجًا على العدوان على