الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القمة التي سرقت منها الكوريتان الأضواء

عبدالله المدني

2018 / 5 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


في الوقت الذي كان العالم فيه منشغلاً بوقائع القمة التاريخية بين زعيمي الكوريتين (كيم جونغ أون ونظيره الجنوبي مون جاي إن) في المنطقة منزوعة السلاح بين بلديهما، كانت هناك قمة آسيوية أخرى تنعقد في منطقة ووهان الصينية بين زعيمي قطبين آسيويين كبيرين (شي جينبينغ ونظيره الهندي ناريندرا مودي)، بشكل غير رسمي وبصورة حميمية تمثلت في شربهما الشاي الصيني الاخضر ثم تنزههما معًا حول دار الضيافة، قبل أن يستقلا قاربًا نهريًا بمفردهما دون أي مرافق.
صحيح أن القمة الأخيرة لم تكن في أهمية القمة الأولى؛ لأن الهند والصين رغم خلافاتهما الحدودية المعروفة وتنازعمهما السيادة على أكثر من منطقة وتنافسهما المحموم في المجالات الاستراتيجية والاقتصادية، لم تصلا إلى حافة الحرب، ولم تهدد إحداهما الأخرى بالإزالة من الخارطة، أي على غرار ما فعله «كيم جونغ أون» ضد جارته الجنوبية وحليفة الأخيرة الرئيسية ممثلة في الولايات المتحدة الأمريكية على مدى أشهر وسنوات طويلة.
لكن الصحيح أيضا هو أن تخفيف التوتر بين الهند والصين من خلال الاتصالات على أعلى المستويات، وبناء العلاقات الشخصية بين زعيمي البلدين، من شأنه خلق التفاؤل والأمل لدى شعبيهما حول السلام والاستقرار في آسيا والعالم بأسره.
ومن المعروف أن رئيس الحكومة الهندية من أشد المعجبين بالنموذج الاقتصادي الصيني منذ أن كان رئيسا لحكومة ولاية غوجرات، بدليل أن أول زيارة خارجية له بعد تسلمه السطة في نيودلهي سنة 2014 كانت للصين حيث قيل وقتها إن مودي ذهب إلى هناك للاطلاع والاستفادة من التجربة التنموية الصينية. ولم يمضِ سوى وقت قصير بعد ذلك إلا ونظيره الصيني يرد له الزيارة. ويبدو مودي اليوم متحمسًا للاستفادة قبل غيره من الوعود التي أطلقها نظيره الصيني في يناير المنصرم حول عزمه إجراء «انفتاح مدهش» هذا العام شاملا فتح قطاعات البنوك والسندات والتأمين وإزالة القيود على الاستثمار الأجنبي كلياً وذلك ضمن خططه المدافعة عن العولمة وبمناسبة الاحتفال بالذكرى العشرين لانتقال البلاد من النظام الشيوعي المغلق.
يعرف المطلعون على خفايا العلاقات الهندية ــ الصينية أنها مرت هذا العام بمنعطفات سلبية عدة. فنيودلهي واصلت لا اكتراثها ــ كي لا نقول معارضتها ــ لمشروع بكين الطموح المعروف بطريق الحرير أو «حزام واحد طريق واحد» والذي تسعى الصين من ورائه إلى البروز والتواجد القوي على الساحة الدولية، بينما تكمن المعارضة الهندية للمشروع في مرور فرع منه في أراضي كشمير الباكستانية التي تطالب الهند بالسيادة عليها. ونيودلهي من جهة ثانية انخرطت في مشروع مضاد لكبح جماح التطلعات الصينية في المحيط الهندي بالتعاون مع الولايات المتحدة واليابان واستراليا. وهي من جهة ثالثة منزعجة من الحمى الصينية بإنشاء قواعد عسكرية لها في دول تعتبرها الهند ضمن مناطق نفوذها الاستراتيجي مثل سريلانكا وبورما، وذلك من خلال تكثيف المساعدات والقروض لتلك الدول ومدها بالاسلحة والتقنيات الصينية حتى إذا عجزت عن سداد ما عليها من ديون فرضت عليها البديل وهو منحها قواعد عسكرية. وقد كان آخر ضحايا هذه السياسة الصينية هما: جزر المالديف الحليفة الاستراتيجية التقليدية للهند وشريكتها في منظمة سارك لدول جنوب آسيا، ثم جمهورية سيشيل التي رفضت مؤخرا خططا لإنشاء قواعد عسكرية هندية على أراضيها من بعد أن كانت قد أعطت موافقتها.
عدا ما سبق، بدت نيودلهي منزعجة كثيراً من محاولات بكين التدخل في الشون الداخلية لدول حليفة لها مثل مملكة بوتان الجبلية المعزولة بهدف جرها إلى مناطق النفوذ الصيني، وكادت الأمور أن تصل إلى حد الصدام المسلح بين العملاقين النوويين في منطقة «دوكلام» الحدودية في جبال الهملايا قبل بضعة أشهر لولا تغلب الحكمة في آخر لحظة.
في المقابل، بدت الصين، طوال الأشهر الماضية، مستاءة من التحالف (الهندي الأمريكي الياباني الأسترالي) المفترض، ومن الاتفاق الهندي ــ الفيتنامي حول سماح هانوي للهند بإقامة منصات ومحطات أقمار صناعية هندية على أراضيها لأهداف الرصد والكشف وجمع المعلومات عن التحركات العسكرية في مياه بحر الصين الجنوبي، ناهيك عن استيائها من استضافة الهند للعديد من المعارضين التبتيين وعلى رأسهم «الدلاي لاما»، واستيائها من الدور الهندي المتعاظم في افغانستان الذي تشتكي منه باكستان حليفة الصين الرئيسية في جنوب آسيا.
لكل هذه الأسباب والعوامل كانت قمة «شي جينبينغ ــ ناريندرا مودي» مهمة لجهة خلق الثقة وفتح صفحة جديدة من التعاون بين القطبين الآسيويين الكبيرين في ملفات الأمن والاقتصاد ومحاربة الإرهاب ومسألة التنافس على قيادة آسيا. ذلك أن التعاون هنا سيصب بالتأكيد لصالح الأمن والسلام والاستقرار العالمي رغم أن البيان المشترك للقمة تحاشى الحديث عن الخلافات الحدودية المزمنة على طول نحو 4 آلاف كيلومتر. وفي اعتقادي أن تأجيل الحديث عن تلك الخلافات كان متعمداً؛ لأن من شأن التطرق إليها في هذا المنعطف خلق عقبة كأداء في طريق التعاون. غير أن وزير الخارجية الصيني «كون شوان يو» عبر على هامش إجتماع القمة عن أمله بايجاد تسوية عادلة ترضي البلدين والشعبين للنزاع الحدودي كما عبر عن أمله بأن تعلن نيودلهي موقفاً حاسماً حول تبعية إقليم التيبت للصين.

آخر الكلام: قيل طويلاً إن الحكمة يمانية، لكنها تبدو اليوم آسيوية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير