الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحشاشون والإخوان المسلمين .. بين البنّا والصبّاح

رياض حسن محرم

2018 / 5 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


كان "سيد قطب" قبل إنتماؤه للإخوان المسلمين يسمّى مؤسس الإخوان حسن البنا بإسم "حسن الصباح" مؤسس وزعيم ما عرف تاريخيا باسم حركة الحشاشين، ولعل إطلاق الرجل لتلك التسمية مرجع عملى هو تشابه الحركتين فى كثير من التكتيكات وفى تشابه إسلوبى الرجلين البنا والصباح، جاء ذلك فى مذكرات المستشار "الدمرداش العقيلى" أحد قادة الجماعة وزوج الداعية الإسلامية "آمنة نصير"، حيث أورد حوارا مكررا بين سيد قطب وإبن شفبفته الإخوانى أحمد محمد موسى حيث كان قطب يشاغبه كثيرا بالقول: "ماذا فعل بكم حسن الصباح وجماعته الحشاشون".
المستشرقون هم الذين أطلقوا على هذه الجماعة اسم الحشاشون (hashashin) ومنها تم إشتقاق كلمة Assassin"" وتعنى القائم بالإغتيال، والرحالة الإيطالي ماركو بولو (1254 – 1324) يعد أول من أطلق تسمية الحشاشين على هذه المجموعة عند زيارته لمعقلهم المشهور بقلعة آلموت عام 1273، حيث ذكر إن هذه الجماعة كانت تقوم بعمليات انتحارية واغتيالات ضد السلاجقة والأيوبيون تحت تأثير تعاطيهم الحشيش، حيث كان زعماء الباطنية يستخدمون الحشيش لمنح أتباعهم من الفدائيين والمبعوثين جرعات مسبقة من مباهج الجنة التي تنتظرهم حينما ينجحون في عمليات الاغتيال. وقد وصف ماركو بولو قلعة ألموت بأنه كانت فيها حديقة كبيرة ملأى بأشجار الفاكهة، وفيها قصور وجداول تفيض بالخمر واللبن والعسل والماء، وبنات جميلات يغنين ويرقصن ويعزفن الموسيقى، حتى يوهم شيخ الجبل لأتباعه أن تلك الحديقة هي الجنة.
رغم البعد الزمانى والعقائدى بين الرجلين، فالصبّاح نشأ فى القرن الخامس الهجرى "أواخر القرن الحادى عشر الميلادى" وتحول من المذهب الجعفرى الإثنى عشرى الى المذهب الإسماعيلى الذى كان عليه الفاطميون فى المغرب ومصر، ولكنه إنشق ثانية على الإسماعيلية ليتبنى "النزارية" بعد أن تدخل الوزير "بدر الدين الجمالى" بعد رحيل الخليفة الفاطمى المستنصر بالله ليحول الخلافة الى ابن المستنصر، من (نزار) الى "المستعلى" وقتل الجمالى نزارا لينادى أنصاره بإبنه "على الهادى" إماما، وقد أرسل الصباح رجاله ليخطفوه من مصر ووالدته ليسكنهمهما قلعة "لمسر" الحصينة وينادى به خليفة للمسلمين، بعدها إستدار الصباح ليرسل من يقتل بدر الدين الجمالى فى بيته بالقاهرة، وكان للحشاشين اقتصادهم الخاص وعملتهم الخاصة، بينما أسس البنا الإخوان المسلمين عام 1928 فى الإسماعيلية على مبادئ سنية متطرفة وكان أول مبلغ تمويل يتلقاه هو 500 جنيه من هيئة قناة السويس الفرنسية.
بالنسبة للإخوان فإن الواقع يقول أنها جماعة تنتهج السياسة , لكنها اتخذت لنفسها طابعا تشريعيا ينتمى للإسلام , وأدبيات الإخوان تقر أن منهج الإخوان هو منهج الإسلام بنص كلام البنا، ولننظر إلى طبيعة الإستشهادات التى أوردها البنا لتوصيف موقف مخالفيه فى الجماعة حيث استخدم حسن البنا الأحاديث النبوية التى أوردها النبي عليه الصلاة والسلام وأوصت بقتل الخارج عن الجماعة وأخذه بالشدة والعنف ، فقال نصا (عن المنشق عليه" :( زين له الشيطان أن فى ذلك مصلحة الدعوة وانه يتشدد لا لنفسه وإنما للدعوة وكان هذا هو المنفذ الذى ينفذ منه الشيطان للمؤمنين ليفسد عليهم إيمانهم وكان الإسلام حكيما فى وصيته بأخذ هؤلاء الخوارج على رأى الجماعة بمنتهى الحزم من أتاكم وأمركم جميعا يريد ان يشق عصاكم فاضربوه بالسيف كائنا من كان" ويكثرون من استخدام حديث ( من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه)، هذا بخلاف الطامة الأكبر ألا وهى مبدأ البيعة فى المنشط والمكره، هذا بالضبط هو إسلوب حسن الصباح فى السيطرة على مخالفيه، انفرد بجماعته باعتبار أنها جماعة المسلمين ــ المعنية فى أحاديث النبي عليه السلام ــ وأنه يجوز فيها تطبيق أحكام هذه الأحاديث باعتبار الخارجين عليها خارجين على الجماعة وولى الأمر الشرعي , واحتفظ لنفسه بالولاية الشرعية كولى لأمر المسلمين يملك تطبيق أحكام هذه الأحاديث كما لو أنه يحكم جماعة المسلمين فى بلاد كافرة، كانت البيعة تتم فى غرفة مظلمة بحارة الصليبة بالسيدة زينب حيث يجلس العضو على الأرض ويمد يده عبر "طبلية" وضع عليه المصحف والمسدس "بدلا من السيف" ليد شخص ملثم يجلس فى الجهة المقابلة مقسما على البيعة مشمولة بالسمع والطاعة.
من أين أتى البنا بمشروعية تشكيل ميلشيات مسلحة تأتمر بأمره استخدمها لإباحة دماء خصومه من المسلمين، إنها نفس أفكار ومعتقدات حسن الصباح الذى بدأ بالدعوة لأفراد الناس بالتقية , ثم أفصح عن فكر التكفير واعتبار جماعته هى جماعة المسلمين , ثم أسس تنظيما مسلحا خاصا فى زمن الدولة السلجوقية , وجعل هذا التنظيم تابعا له وحده , واشترط فى الإلتحاق به الطاعة العمياء بالمعنى الحرفي للكلمة، ثم وجّــه فرقة الإغتيالات إلى أول مهامها باغتيال الوزير السلجوقي الشهير نظام الملك , والذى كان فى ذلك الوقت رأس الحكومة السلجوقية وبمثابة رئيس الوزراء , ثم حاول اغتيال أمير السلاجقة باركيارق وفشل ولكن حسن البنا نجح تنظيمه الخاص فى إغتيال القاضى الخازندار ورئيس الوزراء النقراشى وغيرهم، وإذا تأملنا تاريخ البنا سنجد أن قام بتكوين جماعته وابتدع لهم نظام البيعة كما لو كان أميرا أو خليفة له حق السمع والطاعة المطلق، وبلغ من حرصهم على تكريس مبدأ الطاعة المطلقة أن دعاة الإخوان كانوا يرددون على مسامعهم أن الطاعة للأمير تكون تعبدا لله وأن الطاعة للأمير تمحق الذنوب وتربي الفضائل، والجدال ــ مجرد الجدال فى الأوامر ــ يمحق الفضائل ويربي الذنوب، ثم قام البنا بتكوين النظام الخاص المدرب تدريبا عاليا على استخدام السلاح , وجعل تبعية الجهاز له وحده بعيدا عن مكتب الإرشاد، بل إن أعضاء الجهاز ووجود الجهاز نفسه كان سرا مغلقا حتى على أعضاء الإخوان أنفسهم، كما لم يشهد التاريخ مثيلا للحشاشين في استخدامهم المنظم والطويل الامد للرعب كسلاح سياسي الاّ جماعة الإخوان المسلمين.
في القاهرة أصدر الخليفة الفاطمي اإلى ولاة القاهرة الجديدة والقديمة بأن يسجلوا أسماء جميع السكان شارعا شارعا وحيا حيا وعدم السماح لأي شخص بالانتقال من بيت إلى آخر دون الحصول على موافقته الصريحة، ودوّن في السجلات أسماء الناس وألقابهم وظروفهم وطريقة معيشتهم وأي غرباء يترددون عليهم وبعث بعد ذلك نسوة يغشين المنازل للتلصص على أخبار الناس والإبلاغ عن أي مشكوك فيه حتى لم يعد هناك شيء يخص أي أحد من سكان القاهرة القديمة والجديدة مخفيًا عنه، ورصد فيمن رصد ثلاث أصدقاء قدموا من إيران للدراسة فى الأزهر هم صاحبنا حسن الصباح وكان زميلا بالأزهر لكل من شاعر الرباعيات عمر الخيام ونظام الملك الذى صار وزيرا مرموقا فيما بعد، وكان الثلاثة أصدقاء ورفقاء سكن بمنطقة المجاورين بالقاهرة، وعاد حسن الصباح بعد دراسته الأزهرية إلى موطنه فى بلاد فارس واسس جماعة الحشاشين مستقطبا حوله أفرادها من الفتية الأشداء ، الذين اقتنعوا واهمين بصلاحه ، وبقدرته على تأسيس إمارة إسلامية قوية على أشلاء الإمارات الصغيرة الضعيفة التى كانت منتشرة فى تلك الفترة ، واعتمد حسن الصباح وعصابته فى تمويل جماعتهم على السرقات والقتل وقطع الطرق، ينبني " التكفير"عند الاصوليين المسلمين اليوم. فكلما حكموا على امرئ باعتباره "مسلما عاصيا " ، يصبح في موضع اللعنة، و يصاح به كمرتد ، وبالتالي ، يكون الموت حتفه دون اي شكل من اشكال المحاكمة ولكل" مسلم صالح" اذن الحق في قتله ، بل يقولون انه "واجب" عليه تنفيذ الحكم كلما سنحت له الفرصة لفعل هذا الأمر، وهكذا نعود بذلك الى"الحق في القتل" الذي ادعاه الحشاشون قديما. السلام عليكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام