الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكمت سليمان ودولاب (ديلاب) السلطة في العراق

قاسم الجميلي

2018 / 5 / 6
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


حكمت سليمان ودولاب (ديلاب) السلطة في العراق

بقلم: د. قاسم الجميلي- الولايات المتحدة

حكمت سليمان (1889-1964) وزير عراقي سابق وأحد ابرز السياسيين أثناء العهد الملكي في العراق. ووالده هو سليمان فائق الذي ينحدر من اصول المماليك الكوله مند الذين حكموا بغداد للمدة (1749-1830). شغل حكمت سليمان مناصب عدة في الدولة العراقية اثناء العهد الملكي منذ عام 1925 فصاعدا. فقد كان نائبا في البرلمان، ووزيرا للعدلية، ووزيرا للمعارف، ووزيرا للداخلية، ورئيسا للبرلمان، ثم رئيسا للوزراء في عام 1936، وهو ارفع المناصب التي شغلها. كان حكمت سليمان رجلاً غنياً اقطاعياً بالوراثة، لكنه -كما وصف- لم تكن لديه مشاكل مع الفلاحين لحسن خلقه وكرمه معهم. وطوال حياته كان محبا للسلطة شغوفا بها طامحا في الوصول لاعلى المناصب التي تؤهله لخدمة او قيادة الدولة العراقية. ولكونه تركيا في اصوله وتعليمه فقد كان سليمان ينظر لاخيه غير الشقيق محمود شوكت باشا (1856-1913) كمثل اعلى له. فقد كان محمود شوكت باشا قائدا عسكريا بارزا قاد قطعاته من سلانيك وزحف بها على استانبول في عام 1909 ليضع نهاية لحكم السلطان عبد الحميد الثاني. وقد عين محمود شوكت باشا في عام 1910 وزيرا للحربية ثم صدرا اعظم (رئيس وزراء) في عام 1913. لكن تم اغتياله بعد نحو خمسة اشهر من توليه المنصب. لقد اثر هذا الدور الذي اداه محمود شوكت باشا في الانقلاب العثماني في ذهنية اخيه حكمت سليمان الذي اراد تكراره في العراق. لقد كان حكمت سليمان رجلا حالما وميالا للاصلاح. وقد قدم مشروعا كبيرا لتنفيذ حزمة من الاصلاحات الراديكالية في شتى الميادين. ومن كثرة ما اشار في برنامجه للاسس الجديدة التي تقوم عليها تلك الاصلاحات فانه لُقب ب "حفّار الاسس"، وهو اللقب الذي كان محببا عنده. وقد تعزز عزم حكمت سليمان الاصلاحي بالانموذج الكمالي، نسبة للزعيم التاريخي التركي كمال اتاتورك، الذي وجد حكمت في نهجه الطريق الامثل لانقاذ العراق من تخلفه ووضعه على مسار التطور العام. كان شبه حكمت سليمان بكمال اتاتورك وخلفيته الاثنيه التركية ومدرسته العثمانية عوامل حفزت حكمت سليمان ليرتب بالتعاون مع بكر صدقي لانقلاب عسكري على الطريقة الكمالية اذا جاز التعبير. فحتى اختيار يوم 29 تشرين الاول لموعد للانقلاب يُلفت الانتباه لتوافقه مع يوم اعلان الجمهورية التركية الكمالية في عام 1923!. على اي حال، لم يعمر الانقلاب كثيرا، وتم اسقاط الحكومة السليمانية في عام 1937، واعتقل حكمت سليمان وحوكم واودع السجن لمدة خمس سنوات.

كان حكمت سليمان قد التقى مراسلا لاحدى الصحف الاجنبية قبل انقلاب عام 1936، وفي اثناء اللقاء جرى حديث متشعب بخصوص العراق واوضاعه السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وفي اللقاء سأل المراسل حكمت سليمان رأيه في السياسيين العراقيين. اجاب سليمان بطريقة وصفية مثيرة وذكية قائلا: ان السلطة في العراق تشبه دولاب الهواء (ديلاب الهوا الذي يستخدمه اطفال العراق بالاعياد)! فكما ان الاطفال ياخذون دورهم في الدولاب بالتتابع، اي ان اطفالا موجودين بالدولاب في الاعلى واخرين ينتظرون دورهم، فان السياسيين العراقيين ايضا كذلك. فبحسب رايه ان السياسيين العراقيين يتناوبون السلطة بشكل مزمن مثل (ديلاب الهوا)، بعض السياسيين في الاعلى، واخرين على الارض ينتظرون دورهم! ويبدو ان دولاب السلطة لحكمت سليمان يُنفذ الان بتمام حاله بامانة في عراق اليوم!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو العسكرية شمال محافظة بابل ج


.. وسائل إعلام عراقية: انفجار قوي يهزّ قاعدة كالسو في بابل وسط




.. رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بابل: قصف مواقع الحشد كان


.. انفجار ضخم بقاعدة عسكرية تابعة للحشد الشعبي في العراق




.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي