الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من حي الزنجيلي في الموصل الى حي النصر في بغداد -الفصل التاسع

ذياب فهد الطائي

2018 / 5 / 7
الادب والفن


من حي الزنجيلي في الموصل الى حي النصر في بغداد
رواية
ذياب فهد الطائي

الفصل التاسع

في صراع الماء مع الصخر ،بمرور الوقت يفوز الماء

حكمة صينية




توصل شاكر الى قناعة إن الاحداث هي التي تحدد أولوياتنا ،رتب أموره ان الدارسة هي الأولوية التي يجب تنفيذها ، لهذا التحق بالمعهد البريطاني لدراسة اللغة الانكليزية، كما اشترك في مكتب لتعلم الحاسوب ، لديه كومبيوتر قديم ويستطيع ان يكتب عليه ويتصفح بعض المواقع الخبرية ولكن هذا غير كاف، وعليه ان يتعرف أكثر على بعض المهام والاستخدامات على أساس ان ذلك واحدا من شروط القبول ، كما ساعدته شيماء باستعارة بعض كتب الاقتصاد من مكتبة الكلية ليستعيد معلوماته ،واستطاعت عن طريق طالبة ماجستير تعرفت عليها ان تزوده بالاسئلة التي طرحت اثناء اختبار المنافسة على مقعد الدراسة،اليوم تقفز شيماء الى المقدمة في أولوياته بعد ان ظهر ابن عريف الشرطة في مدينة لم يعرف اسمها إلا من زوجة مجمان ،مدينة في أقصى الجنوب العراقي بين الشط والنخيل ، كيف سيعالج هذا التطور؟
فكر بهذا وهو ما يزال ممدا في سريره ،في الصباح برودة خفيفة تبعث على التكاسل ،تظل شيماء حتى في أولوية الدراسة تحتفظ بدور فاعل ،فهي التي عرفته على مكتب تعليم الحاسوب وهي التي استعارت كتب الإقتصاد ،وهي التي يناقش معها جوانب من الدراسات التي يستعيد قراءتها ،أنهت أمه وجبة الصباح وانفض الزبائن وعادت ببعض اقراص الخبز ،عملها ليس فيه عطلة اسبوعية أو يوم راحة في أيام الاعياد ،بالعكس تماما ،ففي أيام العطل والاعياد يزداد الطلب على الخبز، ربما لأن الناس تأكل اكثر !
يطل وجه شيماء وتصبح المسافة التي تشملها الرؤية شفافة الزرقة ،فكر بأنها الان في تفاصيل كل اهتماماته بغض النظر عن ترتيبها ،وهي الى ذلك في الترتيب الاول ،
ما فكر به هو ان الأمل يلغي التردد ،ربما قرأ هذه العبارة في مكان ما ، ولكنها الان أيضا تدفعه لأن يقرر ، سمع صوت أمه يناديه لأن يستيقظ ،قالت تعرف إنه صاح في فراشه ،الشمس تتسلق بسرعة نحو سماء زرقاء فبغداد بلا غبار والنسيم البارد بدأ يصبح دافئا ،أبوه على كرسيه ، قالت أمه انها حلقت لحيته رغم اعتراضه ،وعلى رأسه كوفية بالأبيض والاسود جديدة ، في الشارع كان بائع الغاز يذيع اعلانه من مسجل مربوط الى جهاز تسجيل يكرر ذات العبارات ،امه استبدلت استكانات الشاي الصغيرة بكؤوس كبيرة ،قال إنه لا يجد مذاقا فيها، استبدلته باستكان تدور عليه ثلاث حلقات ذهبية ،قالت أمه هل ستذهب الى المعهد أم الى الشيخ صالح،تطلع فيها ،الى المعهد فقد انتهت الدورة ونحن بانتظار البدء بانطلاق الحملات الانتخابية رسميا.
على الباب كان فاضل ابو برنيطة ، لم تكن علامة ايجابية ،فكر انه ربما لديه رسالة من الشيخ صالح ،قال ابو برنيطة انه يرجوه ان يساعده في الالتحاق بالمعهد البريطاني لأنه قرر أن يدرس اللغة الانكليزية ،حين سأله لماذا ،
ضحك أبو برنيطة -كل الشركات التي تقدمت للعمل فيها سألوني عن لغتي الانكليزية ،لم يسألني أحد عن العربية ولا قواعد سيبويه التي ما أزال متخلفا في فهمها،
ضحك شاكر -لا تنسى ....سيبويه فارسي ،
نادت امه ان يتفضل ليشرب الشاي ،
قال -شكرا خالة ،
قالت في سرها ...خلخال يضربك على اليافوخ ،
هي لا ترتاح له .
قال شاكر-الدراسة وحدها لاتكفي ،عليك ان تستمع الى اللغة الانكليزية وان تتعلم اللفظ ،سيساعدك العثور على برنامج على الحاسوب.
قال ابو البرنيطة- لا تصعّب الموضوع !
في الشارع بدأت جرافات البلدية باعادة ما تبقى من ركام الأتربة الى الخندق الذي سبق ان حفرته ،
قال ابو برنيطة - لاتتوفر الاموال لدى امانة بغداد فقد هرب بها المقاول ، المشلكة ان أحدا لم يحاسب من أمر بدفعها له قبل ان يبدأ العمل، الأمر فيه رائحة فساد .
ضحك شاكر – انه الفساد بقضه وقضيضه
-ماذا يعني
- يعني انك غير مشمول بفهم المعنى
قال موظف الاستقبال –يمكن أن تحضر غدا الساعة الرابعة بعد الظهر لتحديد المستوى.
قال ابو برنيطة –أي مستوى أنا احفظ جملة واحدة
I love you
ضحك الموظف- انت تعرف ثلاث كلمات وهذه كافية ، ولكن تحديد المستوى مطلوب ايضا .
كان يجلس منتظرا ، الى جانبه منضدة صغيرة عليها مجلات باللغة العربية وبعضها بالانكليزية ،التقط مجلة منوعات ، في الصفحة التي فتحها كانت قصيدة محمود درويش (ريتا )
ينحني
ويصلي
لإله في العيون العسلية !
وضع المجلة في حجره وهو يشعر بانزعاج
كذب......!
اللآلهة لا تسكن في بيوت عسلية ، تسكن في المساحات الزرقاء، الآلهة تسكن السماء ،والجنة ايضا يغمرها الضوء الازرق ،تسكن في العيون الفيروزية .
قال ابو البرنيطة وهم يسيرون بمحاذاة دجلة –هل ستتزوج شيماء
أخذ على حين غرة
-لماذا تسأل ؟
-لأن الجميع يلحظ اهتمامك بها
-لا ادري
لم يكن سؤال ابو البرنيطة خال من الغرض ، صمت متطلعا الى الماء الذي انحسر من الجوانب .
-اذا كان في نيتك الزواج فاسرع لأن الشيخ صالح سألني عنها
-ولكن الشيخ صالح لم يمض على زواجه من رقية بنت سائق باص روضة الاطفال شهرين.
-نعم ....كانت رقية في الصف السادس الثانوي ولم يسمح لها بدخول الامتحان النهائي ،كانت عيونها بلون الكحل وحين تبتسم تشرق شمس اخرى .
-بديع ...هذا وصف عاشق
-نعم واغتال الشيخ عشقي ولهذا أحذرك
- يبدو ان الشيخ صالح اختصاص بحي النصر
- لقد اشترى سيارة تاكسي جديدة لفرحان ....وسؤاله عن شيماء مقصود
شعر شاكر ان وخزا في جنبه الايسر يؤلمه ،كانت مسألة ابن العريف مهمة سهلة ، اما الشيخ صالح فالمهمة ستكون مستحيلة اذا تقدم لشيماء ، لن يكون امامه فرصة للنجاح ،ما هو لون الحياة بدون عيون شيماء ،عليه ان يتحرك وبسرعة.
استقلا سيارة الى حي النصر ، حين وصلا ودع ابو البرنيطة عند مقهى خليف الزاير ،ذهب مباشرة الى بيت مجمان ، كانت الأم عند الباب في دردشة جادة مع بعض النسوة ، تردد في السؤال عن شيماء، توقفن عن الهمس وهن يتطلعن نحوه ،
قال –خالة ام شيماء ،أريد ان ابلغ شيماء اني سأجلب لها الكتب غدا
قالت وسط ابتسامات النسوة المتواطئة –سابلغها ذلك ، نحن نتعبك
-شكرا
خمن ان شيماء ستفهم إن عليها الاتصال به ،هي لم تكلفه بطلب أي كتاب، وهو ينسحب، شعر بإحراج شديد ، ضبط خطواته بصعوبة ،سمع امرأة تقول-يحفظه الله لشبابه ، اعتقد ان عين حاسدة أصابت عائلة ام غازي ، شاكر لا يستاهل ما حصل معه.
شعر برجفة تشمل جسمه بالكامل ،صعد القرار من دهاليز روحه الى عقله الذي كان مضاء بنور غامر، ينتظر في النهاية ان يمنحه القوة لتنفيذه ،
قالت أمه التي كانت تجلس الى صندوق الشاي وتحدث أباه لتقتل الصمت المعلق فوقهم كخيمة مليئة بالثقوب –هل تريد شايا
قال-لا
انتبهت لجوابه بلهجة جازمة
-ماذا حصل
لم يشأ أن يقول لأمه إنه يحب شيماء ،عليه أولا أن يتحدث الى شيماء ويقف على رأيها.
غالب شعورا بالوحدة وبالكابة يقبض على قلبه ،في طريقه الى غرفته فكر هل ستفهم شيماء رسالته الغامضة ، الفتيات لا ينقصهن الذكاء في الامور المواربة .
تمدد على سريره ،جاءته امه باستكان الشاي الصغير يرقص في الصحن الصيني الملون .
-لماذا لا تفتج الضوء ،غرفتك مظلمة
جلس يمسح شعر رأسه ،وضع رأسه بين كفيه ،في عينيه غمامة لا تمطر ولكنها تكاثف الظلال ،تبدو الأشياء حوله غارقة في دكنة الظلال،
تدفق ضوء في جوانب الغرفة ،رفع الاستكان الى فمه ببطئ ،شعر بان صمتا غريبا يسكن معه ،سمع طرقا على الباب ، دق قلبه بعنف فقد جاءت ،
كانت شيماء يغطي وجهها مسحة قلق ،وعلى قصتها الغلامية وضعت شالا من الستان الابيض قالت ان اباها جلبه من الشلامجة ، دعاها للدخول ، قدمت أمه الشاي ،ابو غازي ينظر اليها بشفافية فرحا ،قالت امه انها ستذهب الى أم شيماء ، فكر ان أمه تركت له شيماء،
-فهمت انك تدعوني للقائك
-كنت اعتقد ان أمي وحدها تحل الالغاز
-ليس هناك من لغز ....ومن العذر الذي تذرعت به عرفت انك تطلب ان تراني ، ولكني أجهل لسبب،
-حسنا علي ان ادخل في الموضوع مباشرة ....انا أرغب في الزواج منك
-ماذا !
قالتها باستغراب وتابعت
-هل تعتقد ان هذا الطلب يقدم على هذا النحو ؟
لم تكن محرجة ،تناولت الموضوع بتفهم لم يخطر على باله ،شعر من جانبه بالحرج ، كان مندفعا ، صحيح ان بعض المواقف بحاجة الى حسم ، ولكن حتى هذا بحاجة الى طريق مدروس .
-هل هذا بسبب اننا نستعد لاستقبال جماعة من البصرة لخطبتي ؟
-لخطبتك ! ابن العريف في الشلامجة
ابتسمت ،تسللت نسمة هواء باردة حملت شذى عطرها كانه من عمق ذكريات بالغة العذوبة ،
-نعم
-وما هو موقفك ؟
نظرت نحوه مباشرة وقد التمعت عيناها ببريق اخاذ وبدا فيهما تصميم
-قبل ذلك ما هو موقفك .....لماذا خطرت لك فكرة الزواج؟
تردد قليلا ولكنه شعر بان الموقف يفرض ان يعود الى تمالك مشاعره وان يتحدث بعقلانية ، الفتاة التي أمامه في سنتها الثالثة في الجامعة ،والانترنت قلص مساحات الاسرار واقتحم أدق الخصوصيات
-حسنا ساقول لك ..
اعتدل في جلسته واتخذ مظهرا حرص ان ينقل لها احترامه وتقديره وحبّه ،
-منذ فترة وانا أغالب نفسي في ان أعلمك باني أحبك وكان هذا يسبب لي عذابا ،وبصراحة انا لا أستطيع منع نفسي من التفكير بك أينما كنت ،في مقهى خليف الزاير أوفي دورة الشيخ صالح، ولكن الاكثر الحاحا علي حين أخلو الى نفسي وانا اتمدد على سريري في عتمة مطلقة ، أو حينما أضيء الممر بالمصباح الخافت فيتحول الظلام الساكن معي الى لون اشهب وكأنه غبش الفجر ، يختلط الوقت وتتداخل الفصول والازمنة، أرفع الغطاء الخفيف على رأسي وأدفن وجهي في الوسادة .
نظرت بارتياح
-نعم اقبل بالزواج منك
طارت عصافير نزقة كانت تقف حائرة في صدره ،تابعها تفر باتجاهات شتى،
-هل أنت معي ؟
-بكل ما أملك من مشاعر ...نعم معك
تابعت-ابن العريف ساعالج موضوعة ،هم قادمون يوم الخميس.
استدركت ....
-تعلم بانه ما يزال أمامي سنة لأنهي دراستي ، أعني إن كل شيء سيكون بعد التخرج ، صحيح إن فرص العمل شبه معدومة ولكن حلمي ان أنهي دراستي الجامعية وقد اخترت الاقتصاد بقناعة ،
-نعم ....وانا سأباشر دراسة الماجستير
دخلت امه ،شعرت بارتياح وهي تراهما منسجمين ،هما متفقان ،فكرت انهما عصفوران على شجرة واحدة.
-متى ارقص في عرسكما ؟
-امي !
تضرج وجه شيماء بحمرة خفيفة
قالت –علي ان أغادر
-ولكني اعددت شايا بالهيل ، اعرف انك تحبينه !
-اذا ، استكانا واحدا
كان أبوه صامتا كما هو عادة ،لحظ شاكر ان دمعة واحدة من عين أبيه اليمنى تدحرجت ببطء على تعاريج خده ،
خرجت شيماء ،
قالت أمه بعد وداعها –شيماء مكمّلة حتى وهي ابنة مجمان !
-وماذا في مجمان
-لا شيء غير اسمه ،كان احد سائقي الباصات الخشبية في قلعة صالح اسمه هتلر ، وكان السواق ينادونه هتلي وهم يضحكون ، الغريب إنه كان يضحك معهم .
-أحد الطلاب في المتوسطة كان اسمه تيتو ، تيتو كان رئيس جمهوري يوغسلافيا ،الأسماء ليس لها وطن.
لم تعلق أمه ، نزعت شيلتها فبدى شعرها وقد أحتل الشعر الابيض اكثر من نصفه ، ابتسم ابوه واشار يطلب شايا .


******
شعرت بارتياح بعد خروج شيماء ،اخرجت كتاب اللغة الانكليزية،الدراسة وحدها قادرة على ابعادي عن البقاء أسير مشاعري ،كما ان علي ان أحافظ على جذوة الأمل التي ملأتني بالغبطة والرضا ،قالت أمي إن شيماء جوهرة ، فكرت ان هذا يعني ان احافظ عليها ، تابعت أمي وهي تنظر في عيني –هل حدثتها
-نعم
-نعم ...!
-لامانع لديها
-فقط ....وماذا عن طلب ابن العريف الذي سيصل مع أبوية يوم الخميس .
-قالت انا ستهتم بذلك
لم ترد ،رفعت أكواب الشاي وغسلتها ،وضعتها في الصندوق الاسود بعد ان نشفتها ، قالت إنها ستنام فهي متعبة ،طلب ابي ان ادنو منه ، وضع رأسي بين كفيه وقبلني .
بعد فترة من قراءة بعض قواعد اللغة الانكليزية شعرت بالنعاس ، اغلقت الكتاب ،في الشارع انطلقت أول زخة من رشاش خفيف ، بدأ رمي متقطع سرعان ما اصبح سيلا من الانفجارات ،من الواضح ان معركة مسلحة قد بدأت ،لم يشغلني ذلك فمثل هذه المناوشات كثيرا ما تحصل في أطراف بغداد عادة ،طلبت امي ان أدخل الغرفة وذهبت لتتأكد من ان الباب قد تم احكام اقفاله، كان القفل الكبير في مكانه والرتاج الحديدي مثبت في الجهتين،أصوات سيارات الشرطة تملأ الفضاء فيما صوت مدرعات صغيرة يقترب من شارعنا، اتصلت بفاضل ابو برنيطه ولكنه لم يرد فهويبدأ الشرب في الثامنة وفي التاسعة ينام، هذا ان لم يكن على موعد،اتصلت بعادل الاستراتيجي...قال ما عليك نزاع عشائري ...قلت حول ماذا؟
.قال من يعرف !ربما حمار آل شكيص بال بالقرب من دار البو حطي....قلت تصبح على خير.
حين توقف الرمي المتبادل، ساد صمت عميق أشاع قلقا ،في هذه الاحداث العبثية لا يمكن التنبؤ بما قد يقع ، الناس على استعداد لاستعمال السلاح بذرائع مختلفة، بعضها غاية في التفاهة ،أصبح الانسان ارخص سلعة في العراق ،شعرت باحباط، تمددت على سريري دون ان أفتح مصباح الضوء الخافت ،غرقت الغرفة بظلام موحش فقد اختفى اللون الأشهب ، في الصباح لم أنهض كعادتي ، بقيت متكاسلا، عاد الكون أزرق ، في الشارع كانت السيارات تتدفق مسرعة والطلاب يحثون الخطى الى المدارس وأمي أمام التنور وحولها بعض الصبية ، المدارس في حي النصر دوامها مناوبة ،ثلات وجبات لثلاث مدارس في بناية واحدة ، العراق الجديد غير قادر على بناء مدارس جديدة !
أمام بيت مجمان كانت سيارة لوري تفرغ حمولتها من الطابوق ، تذكرت أنه طلب أن ابحث له عن شركة انشائية لاعادة بناء البيت ،تحاشيت المرورمن امام بيتهم، صعدت الى تكسي كان يمر بشارعنا، كنت كمن يحدث عوالم غير مرئية فقد كنت ابتسم أوأقطب جبيني ، لاحظت السائق قد عدل من وضع المرآة أمامه، ربما فكر إن بي مس ،تشاغلت بالقراءة ،قال السائق هذا هوالعنوان شركة الانشاءات الوطنية ، بالمناسبة الشركة معروفة وانا انقل يوميا زبائن لهم ،مديرها كان ضابطا في الجيش بوحدة هندسة الميدان،تآمروا عليه وتسببوا في طرده ، لم أرد .
انا لا اؤمن بالصدفة ،أو هذا ماكنت اعتقده و لا أميل الى تصدبق الامور الروحية ،ربما اخذت هذا من اخي غازي حين كنت أخرج معه وانا صغير،كنت اسأله عن امور كثيرة واشعر بالدهشة لأنه يعرف كل شيء ، كان يجيبني دونما تردد وفي صوته قناعة مطلقة تجبرني على تصديقه ،
كان الرجل الجالس على كرسي جلدي دوار وأمامه خارطة بدا مشغول بها ، رفع رأسه،كان الملازم المهندس رفعت ،تعرف عليه في الجانب الايسر في الموصل، شاب ودود واجتماعي ، اندفعت نحوه بفرح غامر ،احتضنني بحماسة ،
-لقد شعرت بأسف لاصابتك وحاولت زيارتك في المستشفى الميداني ولكن دخلنا في انذار تعذر معه ان أغادر الموقع،
-شكرا ولكن هل تركت الجيش
-نعم ...بعد تطهير الجانب الايمن قررت ان أنهي علاقتي بالجيش ،مرت ليال مرعبة ،رائحة القتلى تنتشر على مساحات كبيرة ،وتتعالى أحيانا اصوات تطلب النجدة ،قال احد الجنود انهم يتعرضون لاستجواب منكر ونكير ،حساب القبر، بدأت أصدق ذلك ،تعرضت لإجهاد أتلف أعصابي. وأنت ما هي أخبارك ؟
-فقدت ساقي والان لدي ساق صناعية وأفكر بدراسة الماجستير
-خبر مفرح ...انت تملك إرادة قوية
-الامر له علاقة باني لا أصلح لشيء غير الدراسة
-ولكن اية ريح حملتك إلينا
-كنت أبحث عن شركة انشائية لإعمار بيت جار عزيز
-حسنا اعطني العنوان لمعاينة الموقع ومتطلبات جارك لمناقشة الموضوع
بعد ان شربنا قهوة أعطيته العنوان ، قال سيكون المهندس المختص في الموقع غدا الساعة الحادية عشر ،سيلقى جارك معاملة خاصة.
قال مجمان –الان انا مطمئن ، ولكن سيكون وجودك اثناء مناقشة التعديلات على البناء مفيد،
قلت –سأحضر
قالت شيماء- غدا لن اذهب الى الجامعة ، الموضوع مهم وأرغب في توصيل وجهة نظري بالغرفة التي ستخصص لي .
في البيت قالت أمي –سيكون بيت مجمان أحدث دور حي النصر
لم اعلق ، كنت متعبا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما