الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجانب الصوفى فى حياة خالد محيى الدين

رياض حسن محرم

2018 / 5 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


(باسم جدي لأمي سميت ، وفي رحاب التكيه عشت طفولتي،ألهو في حديقتها البديعه ، واستمتع بعبق حياة دينيه سمحه وهادئة، المسجد يعلو فيه الآذان خمس مرّات فى اليوم، ودراويش التكية ونحن نصلى معا، الدراويش يحيون حياة تعبد تثير الإهتمام، بل لعلها هى التى ألهمتنى وحتى الآن هذا الإحساس الرفيع بالتدين السمح المتفانى فى حب البشر، الدراويش يقرأون كثيرا ويتعبدون فى أناة وبلا تشدد، وبقية النهاريعبدون الله بخدمة الناس، فى رحاب هذا العبق الدينى الرائع قضيت أجمل أيام طفولتى، كثيرا ما يحلق خيالى، ماذا لو كنت قد واصلت رحلتى مع الطريقة النقشبندية؟، وقد عرضوا على مشيخة الطريقة بالفعل،لكن عبق الدراويش كان قد إجتذبنى نحو التعبد فى طريق أكثر رحابة، طريق الوطنية وخدمة الوطن والشعب)، هكذا تكلم خالد محيى الدين فى "الآن أتكلم".
تعرفت على جزء يسير من هذا الجانب الصوفى فى حياة خالد محيى الدين بالصدفة بعد تأسيس حزب التجمع فى سبعينات القرن الماضى، حيث إنضم الى الحزب بالأسكندرية عدد من أساتذة جامعة الأسكندرية من المحسوبين على التيار الصوفى، ما أثار إستغرابى ومحاولة تقصى الموضوع، ولكن دعنا نعود الى الجذور أو البدايات فى علاقة الضابط الأحمر إبن الحركة الديموقراطية للتحرر الوطنى "حدتو" بالنشأة والميلاد.
وفقًا لمذكرات القائد خالد محيى الدين الصادرة عام 1992، تحت عنوان "الآن أتكلم" فإن النشأة كانت دينية، إذ يقول عن بيت طفولته "بيت شرقى ساحر، فسقية فى منتصف الحديقة الواسعة المليئة بالأشجار والورود والتمر حنة، لم يكن بيتا عاديا، إنه تكية السادة النقشبندية، هنا قبر الجد الأكبر لأمى الشيخ" محمد عاشق" وهنا أيضًا مسجده، ودراويش الطريقة النقشبندة يشغلون الدور الأول من التكية، وأنا ووالدتى وجدّى الشيخ عثمان خالد، شيخ الطريقة وناظر الوقف نشغل الدور الثاني، وكاد أن يتولى خالد مشيخة الطريقة النقشبندية ويتغير الى الأبد مسير حياته، فبعد إلتحاقه بالجيش المصرى شغر منصب المشيخة وأرسل اليه بعض أهله وأصدقاؤه من مريدى الطريقة أن يحضر فورا لأنه قد تم إختياره ليرأس المشيخة، وهنا إعتذر اليهم خالد بأدب مذكرا إياهم أن الأوامر العسكرية تمنع على منتسبيها ممارسة نشاط مدنى جماهيرى، فتولى المشيخة عنه إبن خالته بعد وفاة جده خالد عثمان (تمت تسمية خالد بإسم جده لآمه).
جده لأمه هو الشيخ الخليفة محمد عاشق " له في المنزل مسجدا ومقام"، يقول خالد محيى الدين: (إن التصوف نوع من الجانب الأخلاقي الخاص بالشخص واللي بيعمله.. الكل متدين وكله بيصلي لكن التصوف بيديله رحيق ثاني لأنه مبني على محبة وأخوة وأن الإنسان مالوش غرض، بيعمل كده مش علشان إنه يخش الجنة لا علشان يرضي نفسه ويرضي الله).
بعد تخرجه من الكلية الحربية بقليل كانت بداية علاقته بجمال عبد الناصر في منقباد بصعيد مصر، وتحديدًا سنة 1939، قبل أن تتوطد علاقتهما في السودان سنة 1940، وبلغ من عمق العلاقة بينهما أن سمّى جمال عبد الناصر إبنه البكرى باسم خالد، وأطلق على خالد محيى الدين إسم "جرّة العسل"، (ربما يعود ذلك لأن خالد من بنها التى تعرف ببنها العسل)، وبعد خلافهما عاتب بعض المغرضين عبد الناصر لإطلاق هذا الإسم عليه فقال " الذباب لا يهبط إلا على العسل وخالد هو العسل الذي يقترب منه ذباب كثير" ولعله يقصد الشيوعيين.
قد تفسر النشأة الصوفية سهولة إنضمامه الى جماعة الإخوان المسلمين وإقناع عبد الناصر بالإنضمام أيضا، وذلك فى عام 1945 فبل تشكيلهما "تنظيم الضباط الأحرار"، ولكن سرعان ما انفضا بعد حرب فلسطين عن الإخوان، بعد ذلك مباشرة إنضم خالد محيى الدين الى تنظيم حدتو عن طريق القاضى "أحمد فؤاد" الذين كان همزة الإتصال بين الحركة وتنظيم الضباط الأحرار" البعض يزعم أن عبد الناصر إنضم كذلك الى حركة "حدتو" وتم إعطاؤه إسما حركيا هو موريس، (وإن كنت لا أحبذ تلك الرواية)"، فى هذا الوقت كان "هنرى كورييل" سكرتير "حدتو" يفصل فصلا تاما بين ضباط الجيش "قسم البيادة" المنضمين للتنظيم وبين باقى جسم الحزب، وإحتفظ بقسم البيادة تحت إمرته مباشرة.
فى عام 1976 تكوّن حزب التجمع الوطنى الوحدوى وكان فى البداية منبر اليسار بالإتحاد الإشتراكى وسرعان ما تحول فى نفس العام الى حزب، فى الأسكندرية نشأ الحزب بمبنى الإتحاد الإشتراكى بالمنشية، حيث خصص له جزء صغير من المبنى قبل أن يتم توزيع مقرات الإتحاد الإشتراكى على الأحزاب الثلاثة (اليمين والوسط واليسار)، حيث فاز حزب الوسط الذى يرأسه رئيس الوزراء " ممدوح سالم" بنصيب الأسد، وأعطوا للتجمع فى النهاية مقر متواضع متطرف، بشارع الإخشيد بمنطقة القبارى، فى تلك الأثناء كان التجمع يضم بين صفوفه عدد من التيارات الممثلة لقطاع واسع من القوى الوطنية وهم تيار اليسار والتيار الناصرى والليبراليين "بصفتهم يمثلون الرأسمالية الوطنية" والتيار الإسلامى المستنير، وكان هذا التيار الإسلامى "على عكس توقع الكثيرين وأنا منهم" يمثل شريحة كبيرة تضم بين صفوفها مجموعة كبيرة من أساتذة جامعة الأسكندرية، منهم "على سبيل المثال" من طب الأسكندرية الأساتذة أبو الفتوح حسّاب رئيس أقسام الجراحة ولطفى الأدور رئيس قسم العظام والدكتور مصطفى السجينى صاحب مستشفى السجينى بالإبراهيمية التى تحول إسمها فيما بعد الى مستشفى سيدى على السماك، وعلى رأسهم جميعا الشيخ زين السماك عضو هيئة التدريس بكلية الزراعة، كان السر فى ذلك أن خالد محيى الدين كان من مريدى الشيخ على السماك بمنطقة غيط العنب حيث كان هؤلاء الدكاترة وعشرات غيرهم من مريدى الشيخ، وكان خالد محيى الدين زميلهم فى صفوف التصوف للشيخ القطب سيدى على السماك، وهكذا تصدر هذه الكوكبة الشيخ زين إبن الشيخ على السماك وشغل منصب عضو اللجنة المركزية بحزب التجمع لفترة طويلة.
ذلك كان ملمحا من الحياة الخصبة والثرية للضابط والثورى خالد محيى الدين، وما خفى كان أعظم وأجمل.. السلام عليكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القادة الأوروبيون يبحثون في بروكسل الهجوم الإيراني على إسرائ


.. حراك تركي في ملف الوساطة الهادفة الى وقف اطلاق النار في غزة




.. رغم الحرب.. شاطئ بحر غزة يكتظ بالمواطنين الهاربين من الحر


.. شهادات نازحين استهدفهم الاحتلال شرق مدينة رفح




.. متظاهرون يتهمون بايدن بالإبادة الجماعية في بنسلفانيا