الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنتظار - قصة قصيرة - للشاعر الرائع حسن البوقديري

ناس حدهوم أحمد

2018 / 5 / 8
الادب والفن


iOS

انتظار.
المرأة ذات54عاما
أنا أجلس هنا منتظرة الموت،أتدري ما هو المرعب ؟ هو أنني أمشي بخط متواز أنا والفقر.(يمر قطار وراء كوخها يتقاطع مع ظلال الشجر،والضوء يبدو متكسرا)
فعلت كل شيء خلال 54 سنة الماضية، كان الفقر ما وجدت.
الفتاة ذات 14 عاما
أنا وجدتي وحيدين.أوقفوا عنا الغاز والكهرباء، جدتي فقدت نور بصرها هي لا تستطيع الرؤية. أمي تخلت عناوهاجرت لتعمل، لم يتبق منها غير ما أثقلتنا به من وعود بالذاكرة. وعدتنا بكل شيء، لم تمنحنا شيئا،ولم تعد.
أبحث عن المستقبل ، عن عالم غير قبيح.علي إيجاد ملابس أخرى لي ولجدتي ،فما لدينا قد بلي بما يكفي( تنظر إلى المرآة ، مرآة كبيرة مستطيلة وصدئة.وكأنها تريد أن تتأكد أنها ليست عارية).
ليعيدوا لنا الكهرباء ، صحيح أن جدتي لا تبصر ، ولكن نور المصباح يجعل الفئران تهاب الظهور وتختفي.
( الطابق الثالث من العمارة، تنزل الفتاة ناسية ، أولا مبالية في أن تصفق باب الشقة.تجلس فوق حاجز السلالم ، تترك جسدها المائل إلى النحافة، ينزلق إلى الأسفل في حركة لولبية ).
المرأة ذات 84 سنة
فقدت كل مدخراتي بسبب المرض، لا أستطيع دفع الغاز والكهرباء من مرتب تقاعدي.
المرأة ذات 54عاما
لسنوات وأنا وحيدة، سبع سنوات لم يزرني فيها أحد. كانت المرة الأخيرة منذ سبع سنوات ، في إحدى أيام عيد الميلاد. أجلس بهذا الكوخ المهجور على جانب محطة القطار، الذي أستمع إلى صوته كلما مر، غير أنه لم يستمع لانيني ولو مرة، هكذا هي الحياة(القط بجانبها يتأمل) منذ أكثر من عقد وأنا أنتظر الموت، لكنه لم يأت ، لا أمل .( تتأمل أيقونة على جدار كوخها، الأيقونة لا تبدو إلا كظلال صدئة ، لا شيء آخر).
المرأة ذات 84 عاما
( تفت دفتر مذكراتها تبكي) أتذكر تلك الليلة سنة 1937م حينما اقتاد البوليس السري أبي،ولم يعد منذ ذالك الحين.أعدموه بعد شهرين، كما علمنا فيما بعد، حرمونا حتى من جثته ،لم نعرف قبره قط.منذ عشرة أعوام لم يراسلني أحد، وهي نفس المدة التي تعذر علي فيها سماع الموسيقى ، لكنني مارست العزف ( تنظر إلى البيانو القديم ببعض العطف، وراء ظهرها صورة لشوبان) .
أحب شوبان ولا زلت أعزف له.
الفتاة ذات 14عاما
أحلم بأن أصبح مضيفة طيران، هذا هو حلمي، جدتي قالت أنه من الممكن ذالك، لأنني لا زلت أتابع دراستي. الآن أنا جائعة.
المرأة ذات 84 عاما
فقدت الراديو كاسيط منذ 10 سنوات، تعطل ولم وتواتيني الفرصة لكي أشتري آخر، البارحة فقط جاءني هذا الراديو كاسيط( تمضي نحوه، تثبت شريط لشوبان. وجهها ينشرح، تقاسيمها تعبر عن الفرحة والندم معا،تجهش بالبكاء).
العالم كان أسود ، ربما سوف يظل. جدتي كانت عازفة بيانو، لا زلت أحتفظ بصورة لها. ( تعود متأملة الصورة)كانت تردد عبارة " جوي، جوي مادموازيل" حينما كانت تدربني على البيانو، لست أدري لماذا كانت تختار العبارة الفرنسية بالضبط.
المرأة الفاقدة للبصر تجمع الحطب ، من الحديقة القريبة منها.
المرأة الأخرى كانت مستسلمة تماماً للنوم داخل كوخها، ووراء ظهرها يعبر قطار آخر.
المرأة الأخرى تتأمل صورة شوبان، وعلى ملامحها ابتسامة دفينة.
الفتاة التي تحلم أن تصبح مضيفة طيران، تقف أمام المرآة الصدئة، تكتحل ، تضع المكياج. أوقفها للحظات هدير طيارة، كانت على مستوى منخفض . هدير الطائرة كان يعبر أذنيها، وكأنه جزء من سمفونية تحفظها. في الطائرة كانت مضيفة تشبهها كثيرا، ماسكة بالميكروفون ، تعلن: عما قليل سوف تحط الطائرة.
Amsterdam 2011قصة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الناقد الفني طارق الشناوي يحلل مسلسلات ونجوم رمضان


.. كل يوم - طارق الشناوي: أحمد مكي من أكثر الممثلين ثقافة ونجاح




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي لـ خالد أبو بكر: مسلسل إمبراطور


.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي: أحمد العوضي كان داخل تحدي وأثب




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي : جودر مسلسل عجبني جدًا وكنت بق