الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مارتن لوثر كينغ وأليجا محمد-إختلاف في الأسلوب والمنهج-

رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)

2018 / 5 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


مارتن لوثر كينغ وأليجا محمد
-إختلاف في الأسلوب والنتائج-


يحيي الأمريكيون وكل مناضلي الحقوق المدنية وحقوق المواطنة الكاملة بخمسينية إغتيال القس مارتن لوثر كينغ يوم 04أبريل 1968، ويعرف عن لوثر كينغ أنه قائد النضال من أجل الحقوق المدنية لكل الأمريكيين في ستينيات القرن20، ويلاحظ القاريء أني قلت "لكل الأمريكيين"، ولم أقل "الحقوق المدنية لذوي البشرة السوداء في أمريكا" كما هو متعارف عليه،لأن هؤلاء هم الذين أستبعدوا من الحياة السياسية والمدنية بناء على تمييز عنصري، وبحكم أنهم من العبيد الذين جاء بهم البيض من القارة الأفريقية في القرون السابقة، فبالرغم من دور الرئيس الأمريكي أبراهام لينكولن الذي أعلن تحرير العبيد، مما أدى إلى الحرب الأهلية الأمريكية(1860-1864) بين الشمال المصنع والجنوب الزراعي الرافض لهذا التحرير، ولو أن هناك قراءة إقتصادية بحتة لهذا التحرير، وترى بأن هدفه ليس مبدأ إنسانيا في الكرامة والحرية أكثر مما هو مصلحة إقتصادية، حيث كان الشمال الصناعي يسعى لجلب أيدي عاملة رخيصة ضمن هؤلاء العبيد بعد تحريرهم، وينطلق ذلك من نفس التفسير في أوروبا حيث كانت الرأسمالية الصناعية تحتاج إلى أيد عاملة رخيصة ضمن أقنان الإقطاع ، فكانت ضد النبلاء الإقطاعيين.
لكن رغم إعلان تحرير العبيد إلا أنه لم يمنع من إستمرار التمييز العنصري والتهميش السياسي والإقتصادي الممارس ضد الأمريكيين ذوي البشرة السوداء، ولهذا أنطلقت حركة الحقوق المدنية في ستينيات القرن20، وكان من أبرز قادتها القس مارتن لوثر كينغ، وقد أخذت أبعادا كبيرة، خاصة بعد حادثة الحافلة في 1965 أين رفضت هذه العجوز ذات البشرة السوداء ترك مكانها لأبيض بحكم القانون التمييزي حتى في وسائل النقل.
يستغرب القاريء لعنوان المقالة لما ربطت بين شخصين أحدهما معروف جدا، وبقي في الذاكرة الإنسانية، وهو مارتن لوثر كينغ الذي وضعت له تماثيل في عدة أنحاء في أمريكا، ويحتفل بذكراه أغلب الأمريكيين والعالم، ووضعت في مقابله شخص لايسمع به الكثير، وهو أليجا محمد، فيجب أن نعرف بأن حتى هذا الأخير من مناضلي الحقوق المدنية لذوي البشرة السوداء في الستينيات، وأسس حركة تدعى "أمة الإسلام"، لكنها متطرفة حتى في قراءتها للدين الإسلامي، فهو يقصد ب"أمة الإسلام" ذوي البشرة السوداء في أمريكا، لكن يدعو إلى العنف والتطرف ومقابلة عنصرية البيض بعنصرية أشد ضدهم، ولا نعلم إن كان أليجيا محمد قد تأثر بطروحات فرانز فانون الذي يدعو إلى عنف أشد للشعوب المستعمرة ضد الإستعماريين، لكن طرح فانون وضعه في حالة إستعمارية وإعتداء على آرضي الشعوب أو ما يسمى اليوم ب"حق الدفاع الشرعي ضد غزو أجنبي"، لكن طرح أليجيا محمد أدى إلى تقسيم الأمريكيين إلى أمم متصارعة، مما سيؤدي حتما إلى تفيتيها لو أنتشرت طروحاته بقوة، ويمكن أن لايحقق أصلا الأمريكيون ذوي البشرة السوداء حقوقهم، وسيضطهدون بشكل أشد، لأن كل تطرف يولد تطرف مقابل، وكلما زاد تطرف "أمة ألإسلام" بقيادة أليجيا محمد شوهت معه كل حركة المطالبة بالحقوق المدنية، وزاد معه تطرف العنصر الأبيض، بل سيضطر كل البيض إلى معاداة هذه الحركة حتى ولو كانوا في البداية متعاطفين معها، وستعيش أمريكا حربا أهلية وفوضى ستدمر الجميع.
ونشير أنه قد تأثر شخص آخر بأليجا محمد، ويدعى "مالكوم إكس"، لكن أكتشف هذا الأخير مدى تحريف أليجا محمد للإسلام ذاته بعد ذهابه إلى الحج أين وجد أناسا بألوان وألسنة متعددة في هذا المكان، فأدرك أن ما يروجه اليجيا محمد خطأ، وانه من الخطورة مواجهة عنصرية البيض بعنصرية مقابلة اشد بدل الدعوة إلى المساواة بين البشر مهما كانت ألوانهم وألسنتهم وثقافاتهم وغيرها، فذهب أليجيا محمد إلى مزبلة التاريخ مثله مثل كل المتطرفين في العالم، خاصة بعد وقوفه وراء إغتيال تلميذه السابق مالكوم إكس بعد ما تمرد عليه، وبدأ يقترب من طروحات مارتن لوثر كينغ.
فمارتن لوثر كينغ لم يدع إطلاقا إلى عنصرية مقابلة لعنصرية البيض، بل أكتفى بالمطالبة سلميا ودون تطرف بالحقوق المدنية للإنسان الأمريكي، أي للبيض ولذوي البشرة السوداء وغيرهم، فأ نتصر في الأخير، ودخل التاريخ من بابه الواسع على عكس أليجيا محمد، ولعل نجاح لوثر كينغ وتبنيه طروحات سلمية يعود إلى قراءاته في شبابه، فقد قرأ كارل ماركس، وأخذ عنه فكرة العدالة الإجتماعية، كما قرأ الماهتما غاندي، فأخذ عنه مبدأ اللآعنف، كما قرأ أيضا للإشتراكي نورمان توماس، وأكتشف في شبابه المسيحية الإجتماعية التي يدعو لها في أمريكا رين هولد نايبور، فبالرغم أن لوثر كينغ كان يساريا، لكن لم يصل درجة حركة "لاهوت التحرير" في أمريكا اللاتينية آنذاك، والتي تبنت الإشتراكية إنطلاقا من تأويل إجتماعي للكتاب المقدس وللمسيحية.
فمن خلال مقارنتنا هذه بين مارتن لوثر كينغ وآليجا محمد، فإننا ندعو كل المناضلين اليوم من أجل حقوق المواطنة الكاملة سواء الإقتصادية او السياسية، وخاصة الثقافية الإستلهام من أسلوب لوثر كينغ كنموذج للنضال السلمي والذي بواسطته تحققت أهداف هذا النضال كاملة في أمريكا، ولم يفتت ويزرع العنف فيها، وحافظ على وحدتها، لتبقى قوة عظمى على عكس نموذج المتطرف آليجيا محمد الذي لن يزيد العالم إلا تطرفا وكراهية، ولو أتبعه ذوي البشرة السوداء في أمريكا لدمروا أنفسهم، ودمروا معهم دولة كبرى هي الولايات المتحدة الأمريكية التي يقودها اليوم ويصنع سياساتها الكثير من ذوي البشرة السوداء، ووصل أحدهم إلى رئاستها وهو باراك أوباما.

البروفسور رابح لونيسي
-جامعة وهران-








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير