الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الحيدري و أركون و اختراقات العلمانيين للفضاء الإسلامي السني و الشيعي

حمزة بلحاج صالح

2018 / 5 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


" في جوانب مجهولة من فكر أركون من طرف الحيدري و دعاة التنوير العربي و الإسلامي "

في بعض الأسس البانية لفكر محمد أركون /

إن التعقيد مقصودا لذاته هو هروب من المواجهة العلمية و الإختبار على محك المنجز مشروعا ملموسا

يقوم محمد أركون بالتوسل في كتابته بالتعقيد حتى لا يقف القارىء على ما يمكنه أن يجعلنا نعلم أن أركون هو فقط معالم مشروع مؤجل لا مشروع منجز

غير أن المتمرس و المحترف يقف على هذا بسهولة و يدرك أن أركون لا يتعدى أن يكون مجموعة من الأدوات المعرفية التي أنتجها الغرب

لا تشكل مقاربة متميزة من الناحية المنهجية و الإيبستمولوجية حتى تشكل إبداعا جديدا أركونيا خالصا أو مدرسة و مقاربة منهجية مختلفة عن السائد كما يزعم

و قد سماها " الإسلاميات التطبيقية " أو الإستشراق الحديث الذي يزعم إكتشافه و وضع أسسه المنهجية و حمل رايته و الدعوة إليه

يعترف هاشم صالح الذي رافق أركون و كان تقريبا المترجم الحصري لكتبه من الفرنسية إلى العربية بأن فكر أركون " مازال صعبا حتى على القارىء المثقف و أنه تلقى أكثر من شكوى من هنا و هنالك تطالبه بتوضيحه أكثر و لم تكن هذه الشكوى تخص الترجمات الأولى التي تميزت بالحرفية و ضعف التجربة إنما انصبت أيضا على الترجمات الأخيرة التي تميزت بنضج أكثر و سيطرة أكبر على هذا الفكر و محاوره " يكتب هاشم صالح هذا في مقاله الموسوم " مدخل إلى فكر محمد أركون نحو أركيولوجيا للفكر الإسلامي " من مجلة " نزوى " بتاريخ 1يونيو1995

هاشم صالح خير دليل على فهم أركون و لا تقف أمامه أو تقارن بدراساته مختلف الدراسات و الأسماء التي قدمت نقودا لفكر أركون في المشرق أو المغرب منها دراسة محمد المزوغي و فارح مسرحي و مختار الفجاري و لا الدراسة التي قام بنشرها مركز الحضارة لتنمية الفكر الاسلامي ببيروت و غيرها من محاولات الفهم و الإقتراب و التحليل

و ذلك على اعتبار هاشم صالح رافق عن قرب محمد أركون و مارس " الترجمة الجوارية " عن قرب من صاحب النص و تارة معه فهو أقرب فهم لأركون ترجمة لنصه أو كتابة حول أركون

فقد تمكن من النفاذ إلى نصه و هو المولع به ولعا غطى عليه الوقوف على نقائصه و قصور دعوته التي لم ترتقي من صفتها كدعوة و اقتراح على الباحثين كورقة طريق إلى مشروع كامل المعالم

تناول هاشم صالح أركون بنزعة غير نقدية تماما كمالذي وقع فيه الإسلاميون و غيرهم ممن ترجموا كتب مالك بن نبي أو إتخذوها نصا خلاصيا و مشروعا للنهوض

سنعود إلى هذا الموضوع لكن قبل ذلك نقول للذين لا يقفون عند بعض الجزئيات الشديدة الظهور فيهملونها كمنارات وعناصر لمداخل تساعد على استكمال فهم فكر محمد أركون و دعوته و منها إهمال المتناقضات

نقول للحيدري المرجع الديني الشيعي الذي بجل أركون و رفعه إلى السماء على الجابري و تأثر بما كتبه جورج طرابيشي عن الجابري نراه قد أهمل فقرة هامة لجورج طرابيشي حول أركون نوردها كما يلي /

" " إنَّ (محمد أركون)، بعد نحوٍ من عشرة كتب وربع قرن من النشاط الكتابي، قد فشل في المهمَّة الأساسيَّة التي نذر نفسه لها كوسيطٍ بين الفكر الإسلامي والفكر الأوربي".- جورج طرابيشي، في كتابه: "من النهضة إلى الردة"، ص 133-134"

ما هو رأي الحيدري في هذا الكلام و هو من إتخذ كلام طرابيشي مقدسا و نهاية القول في الجابري و نهاية العلم

و هل هذا مسلك علمي يليق برجل الفلسفة و نقد التراث من موقع فكري و معرفي و بنيوي و تكويني و ايبستمولوجي و انثربولوجي و فللولوجي

نعم السبب هو أن الحيدري رجل دين يتثقف حول تيارات التنوير و الحداثة و لا يملك اطلاعا عميقا و لا يتحكم في هذه القضايا و كان يجدر به أن يمسك نقده لخويصة نفسه متثقيف و لا يخوض بع معركة تفاضل بين اركون العلماني القائل ببشرية النص و المطلق و الوحي و الجابري الذي يرى في الديمقراطية بديلا عن االعلمانية

إن الحيدري خدم بوفاء من حيث لا يعلم أو من حيث يعلم حالة إختراق رهيبة و جهورة للحوزة الدينية من طرف تيارات التنوير التغريبي و العلمانية الصلبة التي ترى في حكم الفقهاء و ولاية الفقيه مشكلة بل ترى بأن نقد بعض المراجع مثل السيستاني و غيرهم لمقولة ولاية الفقيه غير كافية بل الحل في علمنة الدولة و التخلص من ولاية الفقيه

تعيش في الاونة الأخيرة الحوزة الدينية صراعا خفيا فكريا و معرفيا بين تيارات التنوير التي تبحث عن تأييد من رجال الدين بزحزحتهم من مواقعهم الفكرية الدينية التقليدية نحو مواقع تجعل وضعهم هشا و تمكن جماعات التغريب لاحقا من الإختراق الفكري و زحزحتهم

هذا الإختراق الفكري للأسف يقاوم برفض و توجس و نقد غير عالم و لا متمكن من فهم الحداثة و ما بعدها بل ينطلق من منظومة نصية لا تتمكن من مقاومة إغراء الحداثة و التنوير و ما بعد الحداثة

الأمن الفكري و الثقافي هو شق إستراتيجي إحتراسي تهتم به الشعوب المتبصرة و اليقظة و تحتاط له ليس بالإنغلاق و الشوفينية و مقولات التكفير و التفسيق و الزهو بالذات و إستبعاد الخطر زهوا و نرجسية و غرورا و عدم توقعه

بل إن الخصم قد يخسر معركة زعزعة الإستقرار عن طريق توظيف الإحتجاجات أو عن طريق خلق بؤر التوتر فيلجأ إلى الإختراق الثقافي لأهم المؤسسات التي تشكل درعا للسلطة و حماية للإستقرار موظفا النخب الدينية و العلمانية بكل الوسائل و الطرق

ما يحدث للحالة الشيعية يحدث للحالة السنية ( نموذج السعودية و صراع التحديث مع السلفية التي تمثل الوجه الاخر للحكم و ما يحصل اليوم ) و أيضا في بقية الدول العربية و الإسلامية بفارق أن الحالة الإيرانية يعتبر المكون التقليدي فيها سندا قويا لرجال الحكم و السلطة أما في الدول العربية فالسند هي وزارة الشؤون الدينية و تيارات المدخلية و التراثيون و دعوات الوحدة المذهبية و السلوكية و جزأرة الإسلام و غيرها

النص الثاني هو اعتراف أركوني صارخ بالإخفاق يؤيد النص الأول فماذا يقول عنه سماحة المرجع الديني الحيدري و هو يحمل نفسه مهمة تسند لأهلها و هي مهمة نقد التنوير الغربي

جاء في النص بتعبير أركون نفسه الذي كتب يقول /

" على الرغم من أنِّي أحدُ الباحثين المسلِمين المعتَنِقين للمنهج العلمي والنقد الراديكالي للظاهرة الدينيَّة، إلا أنَّهم- أي: الفرنسيين- يستمرُّون في النظر إليَّ وكأنِّي مسلمٌ تقليدي!

فالمسلم في نظرهم- أيُّ مسلم- شخصٌ مرفوضٌ ومَرمِيٌّ في دائرة عقائِدِه الغريبة، ودينه الخالص، وجهاده المقدَّس، وقمعه للمرأة، وجهله بحقوق الإنسان وقِيَم الديمقراطيَّة، ومُعارَضَتِه الأزليَّة والجوهريَّة للعَلمَنة...

هذا هو المسلم ولا يمكنه أنْ يكون إلاَّ هكذا والمثقَّف الموصوف بالمسلم يُشار إليه دائمًا بضَمِير الغائب: فهو الأجنبي المُزعِج الذي لا يمكن تمثُّله أو هضمه في المجتمعات الأوربيَّة؛ لأنَّه يستَعصِي على كلِّ تحديث أو حداثة"؛ (من مقال: "اعترافات محمد أركون"؛ للأستاذ: سليمان بن صالح الخراشي)

هكذا أردنا أن نخاطب الحيدري و كل التقليديين من الفضاء السني و الشيعي و أيضا من خلالهم دعاة " التنوير العربي " و " العمانية التي تعود للأسف بقوة من خلال إسلاميين أنفسهم و لا يعني هذا أننا ندعو إلى كهنوت يتماهى فيه الدين بالدنيا

أردنا أن نثير إشكالية رئيسة هو أن نقد الفكر الغربي عندنا باهت و غير متمرس و لا يعد إحترافيا و من ثمة دعوت في ورقتي و كتاباتي إلى تأسيس " علم الإستغراب " كما سماه حسن حنفي تنتدب له كفاءات و عبقريات نابغة تخلخل ماء البركة الاسن فلسفيا و معرفيا و تحمي حصوننا و تجعلنا نستفيد من الاخر استفادة متبصرة من غير أن نسمح له باختراقنا

بمعنى اخر نصنع حداثتنا و نصنع تنويرنا و نصنع مقولاتنا في الأنسنة و غيرها

نعيد حالة التواصل بين المستضعفين في كل العالم و مع مكونات الحالة اليسارية بما يصنع جسرا أمام الإستكبار العالمي و الليبرالية الوحشية

فعلى اليساريين و الشيوعيين في العالم و على الحالات الاسلاميسة الواعية أن يمدوا الجسور فيما بينهم ضد إمبريالية الرأس المال الوسخ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد