الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في مفهوم العمارة

مروة التجاني

2018 / 5 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يبحث جان بودريار وجان نوفيل في حوار مطول عن مفهوم العمارة ، يبدأ النقاش بسؤال بسيط : هل هناك حقيقة للعمارة ؟ يهتم بودريار بالنمط الحديث للمباني مثل برجي التجارة العالمية وغيرها ولكن ما يركز عليه هو الشكل الممتلئ الذي يعبر عن الزمن الذي نعيش فيه أي الواقعية المفرطة حتى غدا كل شئ إلى حد ما استنساخ لشئ آخر . تقع العمارة في الحد الفاصل بين المعرفة والامعرفة والفن واللافن حيث المعماري ليس فناناً بالمفهوم التقليدي بل أقرب للمخرج السينمائي الذي ينفذ عملاً ما في فترة زمنية محددة وبمبلغ محدد. المعماري المتميز جان نوفيل يبحث عن فضاء الغواية في المنشأة يقول " تتيح لنا مفاهيم مثل الانتقال ، السرعة والذاكرة ، بالنسبة لمسار مفروض أو بالنسبة لمسارات معروفة ، تسمح لنا بتكوين فراغ معماري ليس انطلاقاً مما نراه وحسب وإنما أيضاً مما نسجله في الذاكرة ، في تعاقب للمشاهد التي تتسلل على نحو حسي ، واعتباراً من ذلك ثمة تناقضات بين ما يخلق وبين ما هو موجود في الأصل في ادراك الفراغ " .

يشبه بودريار المدن الحديثة والمباني العملاقة مثل ( بوبور ) بسفر الرؤيا ولكن الفرق إنها مدن منجزة ولا يمكن تخطيها ، اكتسبت هذه المدن قوة كهنوتية بما هي اليوتوبيا الرأسية التي يطمح إليها الأنسان في الزمن الراهن ، ويقول " ينبغي انقاذ يوتوبيا نهاية العالم ، إنه عمل المثقفين " ، العمارة هي فكرة أو نمط أفكار وفي ظل الواقعية المفرطة تكاد تتحول لشاشة بعيدة عن المفهوم وهو ما يتوجب على المثقف أن يعمل على زعزعتها بإستمرار .

من المفترض أن تعكس العمارة مفهوماً للثقافة بل ومتجاوزة لما هو سائد بما هي فن ، لكن منذ عهد دوشامب فشلت العمارة في تبني وجهة فنية جديدة ربما لأسباب تتعلق بها في ذاتها ، فهي لم تهدم ما كان سائد لتبدأ عصر جديد . تعتمد العمارة على العين في خلق علاقة تفاعلية وشعار ( لا قيمة له ) يجوز أن ينطبق على العمارة الخالية من المعنى والأحساس حتى لكأن المباني تحولت نسخاً من بعضها البعض وهنا لا تكون شيئاً فريداً .

إذن غاية العمارة ليست الحقيقة ولكنها مع ذلك تريد أن تصل إلى شكل غير قصدي من الراديكالية ، مع ذلك ينبغي للعمارة أن تترجم المعنى المراد إيصاله من العمل وهو ما نشاهده في المباني الحديثة التي تترجم الحقائق الفائقة والشكل النهائي للمدينة كما هو ملاحظ في مبنى التجارة العالمية على سبيل المثال . في زمن المعلوماتية والاستهلاك تصنع الأشياء حتى تتغير تماماً مثل الموضة فهل يمكن للعمارة في مدن الغد أن تجاري هذا التغيير ؟ نعم يمكن ذلك ولكن بعد مرور المدن بعدة متغيرات لأن الزمن وليس المكان وأن كان ريفياً سيصبح بشكل أو بآخر مدينة جديدة . يقول بودريار " هل لا يزال هناك عمارة بالمعنى الافتراضي الذي نستطيع منحه لها ؟ هل سيظل لها وجود ؟ أو هل ينبغي أن توجد ؟ هل لا تزال تسمية هذا عمارة ؟ سيكون هناك توافق غير محدد للأشياء ، للتقنيات ، للمواد ، للهيئات في الفراغ ، لكن هل سيكون هناك عمارة ؟ " .

_ من كتاب الأشياء الفريدة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في


.. التوتر يطال عددا من الجامعات الأمريكية على خلفية التضامن مع




.. لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريبات للبحرية


.. اليوم 200 من حرب غزة.. حصيلة القتلى ترتفع وقصف يطال مناطق مت




.. سوناك يعتزم تقديم أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا| #الظهي