الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شتاءٌ يغرد خارج وقته .

يوسف حمك

2018 / 5 / 12
الادب والفن


كان شتاءً مربكاً ، يعيش في أزمةٍ ، غارقاً في الكسل .
بدأ ناعماً متقاعساً ، و سار في فراغٍ رهيبٍ بخطواتٍ بليدةٍ ، و عينين ناعستين ، و جسدٍ متوعكٍ .

تهاون كثيراً في تحقيق الآمال حتى تبخرت ، و تعثر مراراً حتى ضاعت الأحلام من إخفاقاته .
راهن عليه الكثيرون كما في كل مرةٍ - الفلاحون خاصةً - حينما يستلم زمام الأمور ، و يستولي على مقاليد الحكم . فهو يجلس على كرسيِّ السلطة أوتوماتيكياً في كل دورةٍ فصليةٍ لا بانتقائيةٍ .
الأنظار تتجه إليه بحذرٍ ، و يختلف عليه الكثيرون .
هناك من يراه يصنع الخير ، و يسهم في ولادة المجد . مقابل من لا يعقد عليه الآمال كثيراً .
على مبدأ ( المجرب لا يُجرب ) هكذا يقول البعض في بداية كل دورةٍ انتخابيةٍ .
المجربون منهم الفاشلون ، كما منهم الناجحون . منح الثقة للمجرب الناجح واجبٌ ، و حجبها عن المجرب الفاسد ليس خطأً .
نوري المالكي رئيس وزراء العراق السابق كان فاشلاً و خائباً .
بعظمة لسانه اعترف : ( كل المسؤولين العراقيين فشلوا في أداء مهامهم ، و أنا واحدٌ منهم ) و مع ذلك عمل المستحيل ليستولي على كرسيِّ السلطة دون مداراتٍ أو خجلٍ . حتى أزاحوه عنوةً .
و ها هو يسعى للمرة الرابعة كي يجربوه ، رغم اعترافه الصريح أنه مجربٌ فاشلٌ .

نعم المجرب الفاشل يجب أن يُزاح ، أما النقي الصالح يستوجب إعادة انتخابه في دورةٍ جديدةٍ .
لكن دورات فصول السنة تختلف عن دورات الانتخابات .
كرسيُّ الشتاء محفوظٌ له ، لا مرشح سواه و لا بديل له . فهو آتٍ في كل دورةٍ فصليةٍ بالتعيين ، و قائدٌ مثبَّتٌ للأبد كطغاتنا .
لا مناص من مجيئه ، و لا مهرب من إعادة جلوسه على الكرسيِّ ، سواءٌ حسُن في أداء واجباته ، أم فشل ، و خذَّل من عقد عليه الرهان ؟!
و التباين الآخر هو أنه شتاءٌ واحدٌ و وحيدٌ ، لا أشتية تنافسه .
و هو الفاشل و الناجح معاً .
في بعض دوراته نشيطٌ متحمسٌ مقدامٌ مواظبٌ على فعل الخير بنزاهةٍ . و في بعضها الآخر مخاتلٌ مراوغٌ خائر القوى ، أداؤه ركيكٌ و ساقطٌ ، كما في دورته هذه .

ظنناه غادرنا و هو يحزم حقائبه للرحيل ، يجر أذيال الخيبة ، كطالبٍ فاته الوقت ، و قضى جل أيامه في اللعب و اللهو حتى يبدأ الامتحان .
لكن هيهات فقد فات الأوان ، و الوقت قد قطعه .
دروسٌ مكدسةٌ ، و صفحاتٌ لكتبٍ عديدةٍ لم يتصفحها البتة . فكيف تعوض في ليلةٍ واحدةٍ ، و الغد اختبارٌ ؟!

هكذا فعل شتاؤنا ، خدعنا بالاختفاء عن الأنظار ، ثم ظهر مجدداً مستجمعاً كل قواه ، لا ليخدِم ، أو يعوض ما فاته في الوقت الضائع .
بل ليعيث فساداً ، و يدمر و يقتل ، و يجرف كل ما يصادفه .

قرىً و بلداتٌ ذاقت طعم تجاهله و نسيانه ، شعوبٌ أُهملت إلى حد الفاقة .
كآبةٌ مفرطةٌ لحقت بنا ، و هوسٌ اكتئابيٌّ أصاب الفلاحين لانحدارهم إلى قاع الفقر .
الأرض نضب ماؤه ، فأصابها القحط ، و المزروعات ذبلت من العطش و يبست .
خسارةٌ قاسيةٌ خلفتها في وقت تقاعسك ، و فراغٌ ثقيلٌ تهاونْتَ فيه و ارتدعْتَ
هيهات ما تفعله أيها الشتاء في وقتٍ ليس لك الحق فيه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81


.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد




.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه