الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضوء نقدي (( ما بَيْنَ قَلْبِكَ وَعُيُوْنِي )) الشاعرة السورية سمرا ساي

منير الكلداني

2018 / 5 / 13
الادب والفن


النص : ما بين قلبك وعيوني

الشاعرة السورية : سمرا ساي

ضوء نقدي : منير الكلداني

النص


عَلَى المَقْعَدِ المُواجِهِ لِغِيابِكَ
أَتَدَثَّرُ بِوِشاحِ اللَّيْلِ...
أَطْرُقُ رَأْسَ الصَّمْتِ
أَسْتَعِيْدُ ذِكْرَى انْبِهارِي
بِأَوَّلِ قِصَّةٍ وَأَوَّلِ وَمْضَةٍ ..
رَجُلُ اللاَّوَقْتِ أَنْتَ ...
تُداهِمُنِي بَيْنَ نَسْيانٍ وَآخَرَ...
تُبَعْثِرُ الكَلِماتِ
تُُضْرِمُ الرَّغْبَةَ فِي أَوْصالِي
خُيُوْلُكَ الوَحْشِيَّةُ تَأْخُذُنِي إِلَيْكَ
تُلْقِي بِيَ عَلَى حَنِيْنِ الشُّطْآنِ
تُدْخِلُنِي جَلِيْدَ الحِرْمانِ
وَتَرْحَلُ بِلا عِتابٍ
تَتَرْكُنِي سَجِيْنَةَ جَسَدِي
أَمْتَطِي جنُوْنِيَ
بِثَوْرَةِ أَلْحانِكَ الغافِيَةِ
ما بَيْنَ قَلْبِكَ و..عُيُوْنِي
بِأَلْفِ أَلْفِ شَهْقَةٍ...
يا وَيْلَ آهاتِي مِنْ آهاتِكَ
كَيْفَ اهْتَدَتْ أُنُوْثَتِي إِلَيْكَ
وَنامَ خَصْرِي عَلَى ذِراعَيْكَ
عِنْدَما قَبَّلَتْ شَفَتاكَ عُنُقِي
دُوْنَ أَنْ تَرانِي ..
كَيْفَ احْتَضَنْتَنِي مِنَ الخَلْف
فهربت ضحكتي مَعِي
دُوْنَ أَنْ تَلْمُسَنِي ..!!!!
كَيْفَ تَخْتَبِرُ مِتْعَةَ وَفائِي
وَأَنا فَوْقَ الأَلْغامِِ
تَتَرَقَّبُ تَمَزُّقِي بِإِصْرارٍ
بَيْنَ ثَنايا الهَذَيانِ
دُوْنَ أَنْ تَتَوَسَّدَنِي..!!
مِنْ رَحَمِ التِّيْنِ مَوْلُوْدٌ أَنْتَ
بِنَكْهَةِ الجَوْزِ
بِلَذَّةِ الكَسْتَناء..
كُنْ حَبِيْبِي
رَجُلاً لا يَحْتَرِقُ بِرَماد،
كُنْ عِشْقِيَ
أَصِلُ بِهِ السَّماءَ ...
طَائِرَةٌ بِعُنْفُوانِ وَطَنٍ
تَحُطُّ ما بَيْنَ قَلْبِكَ وَ..عيُوْنِي.
سَيُّدُ الدُّنْيا أَنْتَ ..
فَكَيْفَ لِقَلْبِيَ أَنْ يَهْدَأَ
بِحَضْرَةِ سَيِّدِ الأَمْطار ...!!!
..............
سمرا عنجريني
سورية

دالة النص

التجليات النصية دائما ما تكون نابعة من متخيلة فذة لها القدرة في سبر الصور الذهنية التي تتوارد على الكاتب لحظة التكوين ، وتعتبر تلك اللحظة الفبصل في نسج النص وولادته وبما ان تلك الصور تاتي متسارعة حينها تظهر قدرة الكاتب في عمق الانتقاء ومجانبة اي شيء قد يؤدي بالنص الى ايجاد فراغات خاصة في تلك التجليات التي يكون الكاتب فيها محاكيا لرمز ما ففي تلك النقطة بالتحديد تاتي الدوائر التركيبية لتنسج من الالفاظ صورا ناطقة لها حركة متتابعة في بعديها الصوري (( الطول والعرض )) وهذا ما وجدته بوضوح في نص الشاعرة (( سمرا )) حيث كان لمضمون النص (( تجلي رمزي خاص )) وموضوعا (( وجدانيا )) وهدفا (( ملائكيا )) وفي جمهعم يظهر عمق المتخيلة التي باشرت تكوين النص حيث تقول
سيد الدنيا انت
(( السيد المطلق )) اشارة الى منزلة هذا الرمز (( ايا يكن )) فهو عندها سيد (( الدنيا )) تضاد يفهم منه الابتعاد عن دوائر الخروج الاخرى وهو حصر (( الرمز )) بنظرة الى (( واقع الخيال )) وليس (( خيال الخيال )) ومن خلاله يبني النص اركانه وتدور عليه تلك الدوائر المشار اليها (( سلفا )) وبما ان اللازم هنا هو (( الذكر – النصي )) فهو يعطي ابعادا غير محدودة لهذه الايحائية (( العميقة )) كان يكون هذا الرمز (( وطنا – حبيببا – زوجا – والدا – معينا – صديقا )) فكما تلاحظ تشعب الدلالة في اطلاق الايحاء بدون تقييد داخلي والحصر السابق لا يشبه اطلاق هذا باختلاف تعدد المقصود (( المضموني )) والشاعرة تدرك هذا بلا شك لحظة التكوين (( الواعي )) وتعلم ان مثل هذا يؤدي الى ابتعاد عن الفهم العام لذلك تقول
بحضرة سيد الامطار
فهو ليس سيد الدنيا وحسب بل هو (( سيد الامطار )) دالة الرخاء (( الجود )) ففي هذه الدائرة يكون هذا السيد معطاءا (( زخم العطاء )) فاذا ما اخذنا معيار (( التطابق )) نجد ان هذا السيد (( يعطي ولا ياخذ )) فهو يقدم الاخرين على نفسه ومن هنا تتقيد كثيرا اوجه (( الرمز )) مع مراعاة (( الشعور – المتخيل )) وهنا نرى تمكن الكاتبة من تضييق المعاني باسلوبها الصوري الشيق بحيث تاخذك الى المضمون بكل يسر (( رغم العمق المضموني ))
من رحم التين مولود انت
وهذا الرحم هو (( الشام )) بلد التين ولعل هذه الدلالة تبعد (( الوطن )) فالوطن هو الذي أولد التين الا ان تكون الصفة بدلالة الموصوف (( شعورا )) فيبقى الوطن احد الاحتمالات الثلاث (( الوطن – الاب – الحبيب )) وهو تصور مبني على سلسلة الانتقال في النص بين الصورة والتركيب والتجليات تظهر تدريجيا وكل هذا لنصل الى العلاقة بين الكاتبة ورمزها فلا يمكن بحال ان نفهم النص بدون فهم دلالة المشار اليه في الشعور ، نعم يقولون المعنى في قلب الشاعر ولكن الشاعر المتمكن هو الذي يستطيع ان يوصل الصورة المشهدية للمتلقي ليس بالدقة بل وحتى بوجود بعدين مضمونيين ما دامت المضامين محفوظة ونعود قولا فما دام هذا الحصر موجودا فلنا ان نسأل (( سمرا )) من يكون لتقول
رجل اللاوقت انت
فهو (( رجل )) غير محدود (( زمنا )) ومضمون العمق هنا حالة تجسد الصورة في الوعي وانتقاله الى اللاوعي فهو ارتكاز تشبيهي (( داخلي )) ويتوقف الوقت حين تتجلى الشاعرة مع ذاتها (( تفردا )) لتنقلنا الشاعرة الى علاقتها بهذا الرمز لتقول
كن عشقي
اقتراب مضموني الى لحظة التكوين في صيغة الامر فهي تريد ان يكون ذلك الرمز عشقها في اسلوب طلبي شديد البيان (( كن )) وهذا الحصر يجعل الامر يدور في مدارين لا ثالث لهما (( وطن مغيب او حبيب غائب )) وذلك لتقارب دلالات النص الى هاذين المفهومين من خلال وضع الصور الشعرية في عرضها وطولها
عَلَى المَقْعَدِ المُواجِهِ لِغِيابِكَ
فهو الغياب الذي تشير اليه الشاعرة بوضوح حيث تنقلنا الى صورة الخيال (( تجلي ايحائي )) في حركة المقابلة وهي حركة تعطى كاستدعاء مباشر لما ياتي لاحقا من توكيد عاى هذه الحالة ولعل الاستهلال بها جاء متوافقا مع ما ارادته من بيان وهو اسلوب كتابي يؤخر الدائرة الاولى ويحيطها بالدوائر الاخرى حتى تؤدي تلك الدوائر دورها المطلوب وهذا الغياب (( القسري )) يبلغ ذروته
تُداهِمُنِي بَيْنَ نَسْيانٍ وَآخَرَ
وهو اشارة لطول هذه المدة حتى بات قريبا من النسيان وهنا تعطي دالة الاقتراب البعد الشعوري للتكوين وهذا ما يفهم من خلال العلاقات الصورية وهي تدور على الفقد
وَتَرْحَلُ بِلا عِتابٍ
حيث يكون الرحيل هو القدر الذي رسم هذا المصير ومجيء كلمة (( عتاب )) لها طابعين
الاول :رحيل (( الرمز )) بدون ان تعاتبه هو وكان الامر اصبح مفروغا منه وحتمي الحصول ولا توجد طريقة تمنعه
الثاني : رحيل (( الرمز )) بدون ان يعاتبها والدلالة ها هنا اعمق حيث تكون الكاتبة هي من تسببت برحيله فاثر هو القبول تلبية لما ارادت وان كان هذا المعنى هو الاقرب مدلوليا ولكن الاول ايضا قريب
ونتيجة لقسوة الظرف المحيط تلتجا الكاتبة للخيال وهو امر طبيعي فتشرع بالكلام عن اللقاء (( الذي لم يحدث )) فيما تبقى من النص مختصرة القوة الدلالية
ما بين قلبك وعيوني
في حركة الحيرة الاخيرة التي لم يعد للنبض فيها الا بقايا افرزتها هذه الوحدة الشعورية لحظة التكوين

دالة اللغة :
اولا : جاءت الالفاظ بسيطة غير معقدة وهو شيء يحسب للكاتبة ..
ثانيا : نتيجة لعمق الدلالة المضمونية جاء التركيب مكثفا جدا ليس ضمن صيغة الافرادية بل بالمجموع التركيبي الثانوي والاولي مستخدمة الاستعارات والتشبيهات التوكيدية وهو بلا شك يحسب للتمكن الصوري واللفظي
ثالثا : راينا استخدام اسلوب الطلب بشكل ممتازا باعطائه مساحات للمعنى بشكل ادق

واخرا
طائرة بعنفوان الوطن
لتبقى سمرا تناشد ذلك الغائب (( الوطن – الحبيب )) برشاقة اللفظ واستيعاب المعنى حتى تصل الى سماء الابداع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل


.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف




.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81