الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنما الأعمال بخواتيمها

طارق المهدوي

2018 / 5 / 13
مواضيع وابحاث سياسية



سواء كنت ممن يرون إن هو إلا وحي يوحى أو كنت ممن يرون إن هي إلا أساطير الأولين وسواء كنت ممن يؤمنون بنظرية المؤامرة كلياً أو جزئياً أو كنت ممن يرفضونها فأنت مدعو لتدبر الحديث النبوي القائل إنما الأعمال بخواتيمها، كأحد مفاتيح يفترض في العقل العربي استخدامها للربط الجدلي بين الفهم النظري والتعامل الميداني مع كافة أعمال الذات والغير لاسيما تلك المتعلقة بتجليات فنون القتال التي تترجم تكتيكات مستمدة من استراتيجيات تعبر عن أيديولوجيات، فالسياسي النخبوي على سبيل المثال الذي يتهم خصومه نظرياً بممارسة التبعية أو الفساد أو الاستبداد أو التطرف دون وعي منه بكيفية ترجمة هؤلاء الخصوم لهذه الممارسات على أرض الواقع الميداني، ليس سياسي وليس نخبوي وليس مكافح لهذه الممارسات التي يكثف دعايته ضد مفاهيمها النظرية ويتعايش في الوقت نفسه مع تجلياتها العملية ربما دون علم وربما بعلم قد يصل إلى ترحيبه بها أو حتى إلى ارتكابه لها، فيؤذي نفسه ويضر أنصاره بل ويربك أيضاً أي مكافحة حقيقية لأي سياسي نخبوي حقيقي ضد هذه الممارسات الشريرة، والاستبداد على سبيل المثال الذي يعني نظرياً عدم الاعتراف بالآخر سواء على أصعدة حياته أو حرياته أو حقوقه أو احتياجاته أو مصالحه أو أفكاره أو آرائه أو أفعاله يمارسه ميدانياً مستبدون بعضهم أغبياء لكن بعضهم الآخر أذكياء، فيكشف المستبدون الأغبياء استبدادهم بممارسات معلنة يرتكبونها بأنفسهم أو من خلال توابعهم المباشرين وتشمل فيما تشمله القتل والاعتقال ومنع السفر وما شابه، بينما يخفي المستبدون الأذكياء استبدادهم خلف ممارسات مستترة يرتكبها توابعهم السريين الموجودين داخل دوائر الأشخاص المستهدفين سواء كان وجودهم أصلياً في تلك الدوائر ثم جرى تجنيدهم أو كانت تبعيتهم أصلية للمستبدين ثم جرى زرعهم، وهي ممارسات تبدأ من الاحتواء والتشتيت مروراً بالتطويق والإنهاك صعوداً إلى العزل والتعويق وصولاً إلى القتل والتقييد "النظيفين" وما شابه، بحيث تتجلى كل واحدة من تلك الممارسات الاستبدادية المستترة في عدة تصرفات سلوكية تفصيلية يتم توجيهها بواسطة مستبدين هم بطبيعتهم أذكياء ضد أشخاص مستهدفين هم بطبيعتهم أيضاً أذكياء لذلك لا تخفى عليهم هذه السلوكيات، وإن كانوا يعانون كثيراً مع النموذج العقلي العربي السائد الذي يتشدق ليل نهار بتوجيه الاتهامات النظرية إلى أنظمة الحكم بالاستبداد ويقف في الوقت نفسه حائراً أمام التجليات الميدانية لهذا الاستبداد، فكأنهم بذلك لا يقولون إنما الأعمال بخواتيمها بل يقولون ألسنتنا ضد الاستبداد لكن سيوفنا معه!!.
طارق المهدوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت