الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشتار الفصول:11081 الحضارات الدينية هل ستموت؟!!

اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.

(Ishak Alkomi)

2018 / 5 / 14
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


عشتار الفصول:11081
الحضارات الدينية هل ستموت؟!!
نؤكد على أنّ الفكر الديني، هو تجربة بشرية ،جاء بعد مرحلة متقدمة، وكنتيجة طبيعية لآخر مراحل المثيولوجيا( علم الأساطير ) بوصفها الحامل، لكلّ النشاط العقلي، والفكري ،والثقافي للشعوب القديمة التي عاشت مابعد الطوفان الأكبر بحسب العديد من الدراسات، والكتب .ذاك الحدث الذي نسميه ( بطوفان نوح) واستقرار سفينته على جبال أرارات (في تركيا اليوم) أرمينيا سابقا..وإن لنا تحفظ على مساحة السفينة، وكيف أوسعت كلّ المخلوقات فيها.
لكن حدث الطوفان كحالة طبيعية حدث دون ريب.كما ونعتقد بأن المدن التي غمرها الطوفان في بلاد مابين النهرين ، تلك المدن تحتوي على كنوز لاتُقدر بثمن لأنها ستفضي إلى الحضارة وطبيعتها وثقافتها التي كانت قبل الطوفان.
ونعود للحديث عن الحضارة الدينية . :

فالدين بوصفه المقدس الأكثر حميمية لروح الإنسان،يؤكد على بقاء دوره الفاعل ،لكونه يمثل حاجة وجودية للإنسان ،بحيث لايمكن إلا وأن يتعبد الإنسان للخالق أو غيره،ومع هذا فلا يمكن التقليل من أهمية الإيمان الديني كمعالج للأمراض الروحية والنفسية.
لكن الحضارات الدينية ،كبقية الحضارات الثقافية، والاجتماعية، والزراعية، والصناعية، والعمرانية.والسياسية. تتعرض منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى امتحان عسير لابل إلى دخولها غرفة الإنعاش والموت البطيء.والأمر يتعلق بطبيعة الدورة الكونية للأشياء ومنتجات البشر أولاً وإلى أنّ الجديد دوما يُزاحم القديم ويهدمه ليبتني على أنقاضه مجده .
لهذا قرأنا في تاريخ الأمم والشعوب عن (حضارات سادت ثم بادت).وديانات زاحمت بعضها فقضى الأقوى منها على الأخرى وهذا تابع إلى أن المجتمعات تؤهل القيم التي تراها أكثر فعالية من غيرها فنجد تؤسس على التعامل معها بينما تترك قيماً قد تكون أكثر إيجابية وجوهرية من المعمول بها..
ومن هنا فموت الحضارات الدينية، والمدنية من الأمور والمسلمات عندي.
ولكن قد يُؤجل ذاك الموت السريري، بفعل تأثيرات دينية أخرى ، تُناهض هذا الدين أو ذاك.
وليكن مثالنا الديانة المسيحية: ـ على الرغم من أنها ليست ديانة بل هي منهاج حياة قوامها المحبة والسلام والإيمان بقيامة المخلص من الموت والذي بموته وقيامته صنع فداء للبشر ـ مع الدين الإسلامي بوصفه إيمانيا يقوم على تحقيق الشريعة والوصايا أكثر من أيّ دين سماوي كان ويوازي بين الوجود البشري الأرضي وغاية السماء( اعمل لدنياكَ كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنكَ .تموت غدا).هذه الواقعية تفتقر إليها المسيحية التي تعلمها اتباعها حتى اليوم .
وإذا كانت المسيحية المشرقية ،ستبقى حية ،وتعيش لمدة أطول. فإنّ الفضل يكمن في أمرين:
آ= المؤمن المسيحي المشرقي ،سيبقى يُصارع رغماً عن التصفيات الجسدية والمعنوية والتهجير الذي تلقاه ويتلقاه من المحيط الوحشي له باستمرار وتآمر الغرب عليه . فهو بحاجه إلى مؤتمر مسكوني يُحدد له برنامج حياة جديدة يقوم على تفعيل مالم يُفعل من المسيحية ،وجوهرها،(كلّ ماتحلوه على الأرض يكون محلولاً في السماء وكلّ ماتربطون على الأرض يكون مربوطا في السماء). وكلمة كلّ يعني كل شيء .
فالمسيحية بحاجة ماسة إلى قراءتها قراءة جديدة ،وعصرية ،وواقعية مع تغيير النظرة بإيجابية إلى دور وفاعلية الجوهر لتناسبه مع المنتج العقلي والصناعي الذي يغزو العالم حديثا.فلم نعد في قرية أو عصور النار وإشعال الحطب، ولا في البراري نهيم بدون سبب.وعلى اتباعها أن يستيقظوا من نومهم الكهفي ،وأن ينفلتوا من تأثير الخرافات وينتقلوا إلى الواقعية .ونعتقد من سيقضي على الثقافة المسيحية هم معتنقيها أنفسهم ،لكونهم لايرون فيها إلا الجانب الطوباوي والماورائي.والصوم والصلاة ،على الرغم من أنهم على الأرض قد وجدوا قبل السماء.
ب= الدين الإسلامي بوصفه المناهض الأول والأكبر تأثيراً من بقية الأديان على المسيحية.وهذا يُعطي الدين الإسلامي الطبيعي وليس الداعشي الفضل في بقاء واستمرار المسيحية.
ولكن الزمن لم يدم لاللمسيحية ولا للإسلام ،وأما اليهودية ،فأعتقد على الرغم من قلة أتباعها إلا أنهم أكثر صرامة من غيرهم حتى تسعينات القرن العشرين المنصرم وسيبقى لهم التأثير ..
لكن اليهودية ستبقى هي وبقايا الإسلام لحد ما بعد اضمحلال المسيحية .
وذلك لكونهما منهاج أرضي أولاً وإغرائي سماوي ثانيا.
وهذا ما تفتقر إليه المسيحية .
لكنّ لاشيء سيبقى وسيدوم ،ومن يدري؟!!.
أن الدورة الكونية ستقلب كل النظريات، والآراء عرض الحائط، وهي من سيقرر نهاية الحضارات البشرية.
وأخيراً الإسلام كدين، ومنهج لايمكن أن يكون البديل عن المسيحية، أو الثقافة الغربية أوغيرهما لكونه يقوم على عنصر ومضمون فيه من الفروض التي لا تتناسب مع الحياة الفكرية والمعيشية لأغلب قاراته كما أن أتباعه نراهم ينتقلون إلى ديانات ومناهج حياة أخرى .وقريباً سنجد من أبنائه من سيقف ويُطالب في ضرورة قراءة جميع محمولات تراثه، لكي تتناسب مع التطورات العلمية والرقمية والواقعية وإلاَّ فإنه هو الآخر بدأ يتقدم إلى غرفة الإنعاش دون أدنى شك . هذا بالنسبة لمن يقرأ الحدث العالمي في تطوره وتأثيراته على الفكر البشري برمته بواقعية مجردة من العواطف . وليس ذاك المتعصب والمتغطرس والمتجبر والمتكبر، من كل الديانات.
فهؤلاء مصيرهم محتوم إلى نهايات معلومة.
الإيمان شيء والتدين شيئاً آخر.والإيمان لايبقى جامداً ن والقوانين الثابتة لايعني أنها الأكثر صلاحاً بل هي سبب شقاء الشعوب .والحضارات دورات الوجود والكون والإنسان مجرد هاوٍ في فضاء واسع لايمكن معرفته وسيبقى هناك موضوعات غير مكتشفة، لأنّ الضرورة العقلية لاتحتمل كشف أسرار الكون دفعة واحدة.

اسحق قومي.
14/5/2018م
شاعر وأديب وباحث سوري مستقل.يعيش في ألمانيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على طهران بعد الهجوم الإيراني الأخي


.. مصادر : إسرائيل نفذت ضربة محدودة في إيران |#عاجل




.. مسؤول أمريكي للجزيرة : نحن على علم بأنباء عن توجيه إسرائيل ض


.. شركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية: تعليق الرحلات الجوي




.. التلفزيون الإيراني: الدفاع الجوي يستهدف عدة مسيرات مجهولة في