الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة النفاق (درس متقدم في السياسة)

فؤاد النمري

2018 / 5 / 15
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


السياسة النفاق (درس متقدم في السياسة)

السياسة النفاق تتمثل بتدبيج المقالات التي تطنّ طنين السياسة لكنها ليست سياسة بحال من الأحوال . السياسة الحقيقية هي المقاربة العلمية الواقعية لتطور قوى الإنتاج . السياسات التي تغمر عالم النصف الثاني من القرن العشرين وحتى صدر القرن الحادي والعشرين ويتشدق بها مختلف السياسيين والمحللين السياسيين ليست أكثر من نفاق لا علاقة له من قريب أو بعيد بتطور قوى الإنتاج . الحقيقة الكبرى اليوم التي لم يعد بإمكان سياسات النفاق إخفاءها هي أن قوى الإنتاج في العالم تتراجع تراجعاً متفاقماً بالرغم من كل دعاوى النفاق حول التقنيات الحديثة والروبوتات التي حلت محل القوى البشرية ؛ تتراجع كل هذا التراجع الخطير مما يضطر العالم إلى الإستدانة 2 ترليون دولار كل عام كي يستمر في البقاء دون أن يدهمه الإنهيار ؛ استدان العالم زهاء 80 ترليون دولاراً خلال العقود الأربعة الأخيرة كي يستمر في الحياة ومع ذلك لم يتساءل أي من سياسيي النفاق عن أسباب هذه الأزمة البنيوية الخطيرة التي تهدد حياة الجنس البشري، وعن التراجع الكبير لقوى الإنتاج التي وحدها توفر كل أسباب الحياة للجنس البشري !!

إفتقد العالم السياسات العلمية الحقيقية منذ أن تولى السلطة في العالم الإشتراكي العسكر طلائعيو البورجوازية الوضيعة السوفياتية في موسكو في العام 1953، وتولى السلطة في واشنطون إدارات حمقاء مهووسة بالعداء للشيوعية بعد رحيل الرئبس التاريخي لأميركا فرانكلين روزفلت في العام 1945 . عداء البورجوازية الوضبعة السوفياتية للبروليتاريا السوفياتية أمر طبيعي أما عداء الإدارات الأميركية المتعاقبة المميت للبروليتاريا الأميركية بعد رحيل روزفلت فهو ناجم عن حماقات تتعدى الطبيعة حتى انتهت إلى القضاء الكلي تقريباً على طبقة البروليتاريا واضطرار أميركا إلى أن تستدين من الخارج كل دقيقة مليون دولار كما أفادت مؤخراً رئيسة الأقلية الديموقراطية في البرلمان . المصير البائس لحماقة الإدارات الأميركية المتعاقبة أدت إلى أن الشعب الأمريكي يستورد اليوم أسباب حياته من الصين .

بعد انهيار الاشتراكية في موسكو والرأسمالية في واشنطون ضيع العالم الخطاب السياسي ولم يعد يتعرف على نظام الإنتاج القائم فكيف به يتصور خطة لتطوير قوى الإنتاج هذا إذا كان قد عني أصلاً بالإنتاج عداك عن تطوير قواه . لذلك عمت سياسة النفاق التي لا تعنى بالإنتاج وبقوى الإنتاج، وانعدم اليوم السياسي الذي يعنى بالإنتاج وتطوير قوى الإنتاج . سياسيو العصر سواء كانوا في مختلف أطياف اليسار أم اليمين ليسوا إلا منافقين ينشرون سياسات زائفة وظيفتها الرئيسة بل الوحيدة هي طرد السياسات الحقيقية العلمية من السوق السياسي .
لكن كيف لسياسات النفاق الزائفة أن تطرد علم السياسة من السوق السياسي !!؟
هذا سؤال حدّي مفصلي الإجابة الصحيحة عليه لها دور حاسم في فضح سياسات النفاق السائدة اليوم .
علم السياسة يقول أن السياسة إنما هي المقاربات المختلفة التي تعنى بتطور قوى الإنتاج سواء كان ذلك في المنحى الإشتراكي أم المنحى الرأسمالي . ولما كانت قوى الإنتاج في تراجع مستمر طيلة النصف الثاني من القرن العشرين وحتى اليوم فقد انعدمت السياسات العلمية وهو ما اقتضى أن تحلّ محلها سياسات النفاق الزائفة التي لا تُعنى من قريب أو بعيد بقوى الإنتاج وتطورها . التغييب المتعمد لكل السياسات التي تقارب الواقع الإقتصادي على الإرض والإنكماش المتفاقم لقوى الإنتاج له دلالة قاطعة واحدة لا غير وهي أن الطبقة الحاكمة في كل أطراف العالم هي طبقة معادية لقوى الإنتاج ؛ نعم طبقة معادية لقوى الإنتاج، وليس من طبقة معادية لمختلف قوى الإنتاج غير الطبقة البورجوازية الوضيعة التي حددها ماركس في الفصل الأول من البيان الشيوعي بعبارة "lower middle class" أوالشريحة الدنيا من الطبقة الوسطى التي وصمها ماركس بالتخلف حيث هي دائماً وأبداً تدفع بعجلة التاريخ إلى الخلف ؛ كما حذر منها لينين في كتابه "الضريبة العينية" مؤكداً أن البورجوازية الوضيعة "petty bourgeoisie" هي العدو الرئيسي للإشتراكية والطبقة العاملة .
سياسيو النفاق هم مجندو البورجوازية الوضيعة ويترتب عليهم لذلك تناسي كل ما يتعلق بقوى الإنتاج بصلة ؛ يساعدهم في ذلك تناسي ورفض حقيقة كبرى يعود إليها الأمر القاطع في تشكيل البنية السياسية أياً تكن تلك البنية . تلك الحقيقة التي كشف عنها كارل ماركس والتي تطلبته أن يقضي العمر كله يبني عمارته الفكرية الرائعة ألا وهي أن النظام الرأسمالي هو أول نظام للإنتاج يوحد العالم في وحدة عضوية واحدة غير قايلة للإنشطار أو التفكيك تبعاً لميزته في الإنتاج بالجملة (Mass Production) وهو ما يتطلب المدد من المواد الخام، كما يتطلب بصورة لازبة تأمين أسواق خارجية لتصريف فائض الإنتاج المجسد لفائض القيمة المتحقق في مراكز الرأسمالية .
وحدة العالم مثلها مثل أي وحدة في الوجود لا تكون إلا والتناقض في داخلها طبقاً للقانون العام للحركة في الطبيعة . في النظام الرأسمالي هناك التناقض الرئيس ويتمثل بالعمال نقيضاً للرأسماليين وهو ما يؤكد الوحدة العضوية للنظام حيث الفصل بين النقيضين لا يتم إلا بزوال النظام نفسه . وينبثق من هذا التناقص الرئيسي تناقضان جانبيان لكنهما مهمان إذ يلعبان دورين رئيسيين في الحياة الدولية والجوسياسة . هناك التناقض بين مراكز الرأسمالية من جهة والبلدان المستعمرة والتابعة من جهة أخرى والفصل التام بين النقيضين يؤدي إلى موتهما حيث يتوقف تبادل فائض الإنتاج في المراكز بالمواد الخام في البلدان المستعمرة والتابعة وهو التبادل الذي يشكل الدورة الدموية في الطرفين . والتناقض الجانبي الآخر هو التناقض بين مراكز الرأسمالية نفسها حيث تقوم بين الحين والآخر حرب كبرى تهدف إلى إعادة توزيع الأسواق بين مراكز الرأسمالية تقتضيها خاصية التمدد والنمو في النظام الرأسمالي (Expansion) .
في عالم القرن العشرين كان هناك المعسكر الرأسمالي ونقيضه المعسكر الاشترا كي يتصارعان لأنهما في وحدة واحدة ووصف ذلك العالم بثنائي القطبية إنما هو وصف عياني لوحد لا تنفصم للعالم، كل العالم .
السياسة النفاق تنبع من منبع وحيد ينكر وحدة العالم أو وحدة النظام في العالم
وهو ما نستكمله في الجزء الثاني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلام موزون
ابومحمد ( 2018 / 5 / 15 - 17:42 )
كلام زي الفل فاي حديث او خطاب لا يحمل متجهة انتاجيةوتفعيل وتنمية القوى الانتاجية العاملة وزيادة وتيرة النمو لتترافق مع النمو البشري او حتى تسبقه يعتبر نفاقا ونموا بيروقراطيا تدميريا لا يبشر الا بقلة عوائد الانتاج وبالتالي الفقر وبالتالي الانحلال الاجتماعي العام واستشراء السلوكيات السلبية
تابع الحركة اليومية في العالم عموما وفي بلادنا خصوصا في الشارع ووسائل المواصلات لا تجد الا رجالا ونساء يلهثون ببدلات زرقء وكرافات حمراء بايدي ووجوه ذات بشرة ناعمة للغاية وكلهم يحصدون ملايين الدولارات
من يطعمهم؟
عجوز من تايلند من فجر الصبح او قبله تحمل اسماك التونة جمعتها بالليل وغلابى اخرون جمعوا الارز من المستنقعات الخطرة لتحصل بالتالي على ما لا يزيد عن دولارين
فهل سيستمر هذا المشهد او تدمر البشرية نفسها بهذا السلوك الوضيع الذي سيقتل العملية الانتاجية الغذائية واذا راقبنا الاسعار للغذاء فهي ارتفعت اضعافا كثيرة وبدلا من تعديل السلوك الشاذ هذا عمدت الادارات الامريكية الى انقاص سلة الغذاء بتحويل الحبوب الى وقود صناعي للطائرات وغيرها
تصور وحيد هناك من يريد تجويع الناس ليعملوا بالسخرة بيضة ورغيف؟


2 - انا اردني ووصفي وناهض يمثلونني
نعمان رباع ( 2018 / 5 / 15 - 22:18 )
انماط الانتاج عديدة اخي فؤاد وهي ليست بالشكل الضيق فانا اتفق معك ان الارادوية كارثة ولكن لولا حماقة وجمود زلمتك ستالين لما جائت الارادوية غير العلمية التي تنبذ قوانين المجتمع والتاريخ وتعول على الانسان فتبا لستالين لان لولا امثاله لما جائت الارادوية


3 - عزيزي أبو محمد
فؤاد النمري ( 2018 / 5 / 15 - 22:31 )
لم يعد الفقر هو المشكلة ولا استغلال العمال
المشكلة الخطيرة جداً هي الإنكماش الهائل بطبقة العمال في العالم
عدد العمال في أميركا هبط من 70 مليون إلى 30 مليون
وفي انجلترا من 30 مليون إلى 12 مليون
نحن نبحث في أسباب هذا الهبوط
حبذا لو أفدتنا برأيك
تحياتي


4 - وين راحوا العمال 1
ابومحمد ( 2018 / 5 / 15 - 23:04 )
لاحظت القول رجال يركضون ببدلات زرقاء وكرافات حمراء بايدي ناعمة وهم ذاهبون لخدمات لصناعة وهمية يصرون على تسميتها صناعة الاعمال البنكية وبوليصات التامين والاسهم وهي ليست باعمال وانما حركات مالية وهمية قروض وبوالص واسهم طالعة نازلة بسوق وهمي يتزعمه اليوم الفوركسي وهو برنامج بالاساس من برمجيات رقمية تلعب مع السذج والاذكياء على حد سواء وكلهم يعودوا لبيوتهم خسرانين والكثير يضب اغراضه لبيع بيته
هذا السوق هو من يحكم العالم والاقتصاد وفي لحظات الذروة والنصب المباشر على الناس لا يتجرا وزير غربي او حتى ترامب للادلاء بتصريح يمنع خداع الناس فالذهب يرتفع لساعتين ومن ثم يهوي وكذلك باقي الاسعار سرقة اموال واقراض يشفط اموال الطبقة الوسطى التي يمكن ان تكون نواة لانشاء اعمال وحرف تشغيلية
اما راس المال الكبير فقد اتجه للصناعات العسكرية الاكثر ربحا ولا تحتاج لعمال كثير وفيها مصلحة لتحقيق السيطرة الامبريالية على الجغرافيا مقابل صناعة جديدة اسمها حماية الانذال كحال دول الخليج ويا ؤيته ما كان عربي؟
حتى انتاج السلاح الامريكي صار ينتج اليا ومن نفس الموديل لاحظ معظم الدول تشغل ف 16 المنتجة بقوالب السبعينات


5 - وين راحوا العمال 2
ابومحمد ( 2018 / 5 / 15 - 23:20 )
المتعارف عليه كان ان الكادح يتربح من خلال الراسمالي
ولكن المشهد اختلف تماما
فتوقف الراسمالي عن الانتاج وصار يتربح من خلال فوائد اقراض المعدم لان اللي معاه اساسا لا يقترض
تامل بالمشهد بعمق تجد البرجوازية ليست فقط وضيعة بل هي غبية ايضا
انت تقرض واحد معدم وما معاه بسبب منهجك الخاطيء وتستمر في عصره وافقاره فكيف سيسدد لك؟ خاصة وانت تحرمه بهذه الممارسات البنكية من الكسب خلف الماكينة لانك اغلقت المصنع وصرت تتكسب وهميا على الشاشة فقط
الازمة المالية للراسمالية في 2008 لم تنتهي او تحل وانما تم تاجيلها لافتعال الحروب لتصدير الانتاج الحربي رخيص الكلفة الباهظ الثمن على المستهلك الخائف علة عرشه او كرسية ابو 3 ارجل؟
وكما قلنا لاحظ التركيز على ف 16 لانها ذات قوالب ومخططات هندسية سابقة وكلها تنزل من كلفة انتاجها وكلها لدول العالم الثالث المطلوب افتعال الصراعات بينها لغايات بيعها السلاح
ما في عرس او خيمة عزاء الا وتطلع لها ف 16؟ في اليمن وسوريا والعراق وليبيا
والنتائج قتل ابو الحارث؟ حتى معدي البيانات العربية ينسون ان ابي الحارث قد تم قتله الف مرة
ع


6 - عزيزي أبو محمد
فؤاد النمري ( 2018 / 5 / 16 - 06:21 )
مقالتي تؤكد أن النظام الرأسمالي عكس ما يزعمه الساسة المنافقون الذين يغررون بشعوبهم بادعاء أن النظام الرأسمالي ما زال مهيمنا على العالم حتى وأن جميع الحقائق تؤكد انهياره حيث حصن الرأسمالية الأخير الولايات المتحدة مدينة اليوم بأكثر من 20 ترليون فائدتها السنوية أكثر من 500 مليار دولار على الولايات المتحدة أن تدفعها سنوياً للدائنين الأجانب وكل فرد في أميركا مدين بستين ألف دولار

وها أنت يا عزيزي تصدق الساسة المنافقين وتصف أزمة 2008 على أنها أزمة الرأسمالية مع أن كل حقائقها تقول العكس حيث كانت البضائع الصينية تغرق السوق الأميركية عكس الأزمة الدورية التي وصفها ماركس
أزمة الرأسمالية تتحقق عندما لا يستطيع العمال شراء المصنوعات التي يصنعونها لكن أزمة 2008 تحققت عندما لم يستطع العمال شراء البضائع التي صنعها عمال الصين
أنت تتعلل بأن الرأسماليين انتقلوا للصناعات العسكرية مع أن الصناعات العسكرية ليست صناعات رأسمالية
ماركس حدد الإنتاج السلعي الرأسمالي بالسلعة ذات القيمة الاستعمالية والأسلحة لا تستعمل بغير قتل الحياة ولذلك هي ليست بضاعة ولا تعرض في السوق
منذ الخمسينيات وأميركا تشكو من التسلح الروسي


7 - انا اردني ووصفي وناهض يمثلونني
نعمان رباع ( 2018 / 5 / 16 - 11:59 )
الى كل اصحاب الاوهام المعتوهة دكتاتورية البروليتاريا ليست شيئا ازليا سرمديا نتيجة تعدد انماط الانتاج وتطوره


8 - انا اردني ووصفي وناهض يمثلونني
نعمان رباع ( 2018 / 5 / 19 - 09:50 )
من الاخر ستالين وخروتشوف وجهان لعملة واحدة كما سبتمبر وفبراير وجهان لعملة واحدة زي مابنقول المكتوب ببان من عنوانه

اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟


.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة




.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا