الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


د. طارق شوقي ..أنا معك ..إلى أن تصبح وزيرا للمعارف ..لا وزيرا للتلقين !

محمد القصبي

2018 / 5 / 16
مواضيع وابحاث سياسية



وكأنه مبعوث السماء لإنقاذي .. لتحقيق حلمي ..أنا المواطن المصري محمد القصبي ..
عن الدكتور طارق شوقي حديثي
وحلمي بسيط .. أن تنتهي حربه المقدسة بتغيير مسماه.. من وزير التعليم في مجلس الوزراء المصري.. ووزير التلقين في يقيني .. إلى وزير المعارف !
وحلمي طفح تجاربي اليومية المفرطة في مرارها ..
..حين أقف في طابور شباك المترو يداهمني أحدهم ليسلبني مكاني ..فإن نظرت إليه معاتبا ..رد نظرة العتاب برشقة تساؤل مميتة : ماذا فعلت لتعاتبني أيها العجوز المخرف ؟
أظنه ..هذا الشاب ..وهو في طريقه إلى رصيف المترو باغتته تلك العبارة التي تعلو جدار المحطة : هل صليت على النبي اليوم ؟ فإن تذكر أنه لم يفعل تمتم مئة مرة بالصلاة على النبي ..حتى يكون مسلما مكتمل الإسلام !!
وذاتها نظرة إحدى هوانم المحروسة ..حين فتحت نافذة سيارتها البي إم دبليو لتقي بعلبة عصير فارغة في شارع رمسيس أمام دار القضاء العالي ..صرخت عيناي بذات النظرة المشحونة بالعتاب :لماذا ؟
فأعادتها لي سهما مسموما بذات التساؤل : ماذا بهذا العجوز المخرف ليلومني ؟
فإن فاجأتها إشارة المرور الحمراء ..توقفت وتناولت مصحفا تحتفظ به في تابلوه السيارة ، لتقرأ شيئا من آياته البينات .. ليصح إسلامها ..
أو تتناول جهاز الموبايل لتقرأ ما استقبلت من رسائل ، لتجد بينها عشرات الأدعية .. الأذكار.. فتسرع بإعادة إرسالها لمن تعرف ومن لاتعرف ..ليتضاعف إيمانها!
أعياني ما أرى على مدار الساعة ..الدقيقة ..في البيت والشارع ومقر العمل .. ..لذت بأضعف الإيمان ..تنظيم ندوة في قاعة مصطفى أمين بدار أخبار اليوم دعونا لها نخبويين من رجال فكر وتربية ودين ..قال أحدهم ..أستاذ في كلية الفنون الجميلة : المشكلة لم تعد في تفشي القبح في بلدنا ..ولا الفساد ..بل في التآلف معه ..حتى أصبحنا لانشعر أننا في مشكلة !
وداهمتني ماقالته خبيرة تربوية في وزارة التلقين : المصري اعتاد عبر التاريخ التحايل على الحاكم والمستعمر!
..صرخت في ذهول : أنحن الآن نتحايل على الله .. حين نمضي الليل في القعود والقيام والتهجد ..وعلى مدار اليوم نفسد ونفعل كل ما هو قبيح !!
لذت بالكاتب حلمي النمنم حين تولى أمر وزارة الثقافة ..كنت أظن أن مفاتيح إصلاح البلاد والعباد بيده ..أليس رئيسا للمجلس الأعلى للثقافة المنوط به رسم السياسات الثقافية؟..بعثت له برسالة ..كان هذا عنوانها : معالي وزير الثقافة ..هل صليت على النبي اليوم ؟
شكوت له ما أعاني كمواطن مصري من ازدواجية أبناء بلدي :
استغراق في الأدعية والأذكار ..والتسابيح والصلاة على النبي ألف مرة كل يوم ..والتهجد والقيام ..والحرص على البسملة قبل أي فعل ..حتى لو كان كسر خزينة وسرقة ما بها ، ونتشدد في تسمية مواليدنا بمحمد وعمر وعائشة وفاطمة ..و..
لاصوت يعلو على ميكروفونات المساجد وويل لمن يقول انها تثير القلق والضيق ..وإزعاج المرضى ..
قشور الدين تحولت إلى طقوس مقدسة ..اما جوهر الدين ..فكما نرى ..البيت والشارع والعمل ..كل مكان تحول إلى مستنقع من الفوضى والقبح والفساد ..وبالطبع ليس مفاجأة أن يكون ترتيبنا في قائمة منظمة الشفافية العالمية للعام الماضي 118 من 180 دولة ،والدرجات التي حصلنا عليها 32 من 100 ، بينما دول " كافرة " مثل نيوزيلندا ، الدانمارك ، سويسرا جاءت في المراكز الأولى بدرجات تقترب من ال90!
شكوت له هيمنة الفكر الخرافي .. 63 % من المصريين .زبائن لدى المشعوذين ،و يهدرون ما يقرب من 20مليار جنيه سنويا على مباخر الدجل
وحين نشبت عدة حرائق في منازل ببعض قرى محافظة الشرقية ..داهمنا التفسيرالذي اكتسح امامه كل التفسيرات ..الجن هو من أشعل النيران ..والكارثة أن أحد نواب البرلمان السابقين تبنى هذا التفكير الخرافي وأتاحت له الفضائيات الفرصة لأن يقول وينظر ..لأنه يضمن لها نسبة مشاهدة عالية وبالتالي إعلانات ..
وكان ثمة رجال دين مستنيرون حاولوا أن يتصدوا لتلك الخرافات .لكن صوتهم ضاع في سيرك التنظير الخرافي بأن "جني أحب بنت ومش عارف ينولها فحرق البيوت !"
شكوت له تدني معدل انتاجية الموظف المصرى والتي لاتزيد عن نصف ساعة يوميا رغم حصول 95% من الموظفين على امتياز فى تقاريرهم السرية !!
ووجه آخر لايقل قبحا للعوار ..النزعة الاستهلاكية المتفشية بين المصريين ، 35ملييار جنيه نهدرها سينويا على الثرثرة عبر الموبايلات ، وفي رمضان ..شهر الصوم والورع ننفق أكثر من 32 مليار جنيه على الأكل ، بينما في الشهور الأخرى 15مليارا ، وتلك تقارير صدرت عامي 2014 و2015 أي قبل التعويم ..وقبل موجة الغلاء .
كل هذه الظواهر هي طفح عوار ثقافي ..قلت هذا للنمنم ..لكنه لم يعبأ برسالتي .
وعندما تولت د. إيناس عبد الدايم بعثت إليها بذات الرسالة عبر مدير مكتبها محمد منير .. لكنها أيضا لم تعبأ!!
وحين دعتني الكاتبة نجلاء محرم وزوجها المحاسب جمال أبو سعدة لإلقاء محاضرة في مركز نهر النيل الثقافي بالزقازيق اخترت عنوانا لصراخي " إعادة هيكلة دماغ المصريين ..من أين نبدأ؟"..
ولم أفاجأ.. المنصة والقاعة توحدت حول تلك الحقيقة ..من التعليم طفح كل هذا العوار الكارثي ..وبالتعليم ..يكون العلاج ..
ولماذا التعليم ؟
..منذ أربعة أو خمسة عقود بدأت
وزارة التعليم تتحول إلى وزارة للتلقين .. الطالب يختزل في مجرد ذاكرة تحشر بالمعلومات ليتقيأها في ورقة الإجابة آخر العام ..فلا عقل يفكر ولاوجدان يتذوق ويبدع..ولاوعي حقيقي بأهمية تحويل القيم الإيجابية إلى سلوك مجتمعي ..
لاشيء سوى ذاكرة تلقن بغير وعي..فقط للامتحان ! ليحصل الطالب على 99% فتكافئه الحكومة بالالتحاق بإحدى كليات القمة ..وما تشطير التعليم الجامعي إلى كليات قمة وكليات قاع سوى وجه آخر من التردي !!
تلك أوجاعي منذ عقدين وأكثر ..لذا وجدت في د. طارق شوقي وزير التلقين "مؤقتا" مغيثي ..أتابع طرحه حول منظومة التعليم الجديدة بفرح ..بقلق ..الغارات تشن عليه من أولياء امور مؤرقين بالخوف على مصير أبنائهم ..من جماعات المنتفعين من المنظومة القديمة ..أيتراجع ..!
الكاتب الصحفي جمال حسين رئيس تحرير جريدة الأخبار المسائي , الصحيفة التي أشرف بكوني نائب رئيس تحرير بها ..كلفني بتنظيم ندوة حول ما يجري ..المنظومة الجديدة للتعليم ..ما يثار حولها من لغط ..حددنا أسماء من ندعو من خبراء ..لكنه تراجع ..قال : ولماذا لاندعو الوزير نفسه ؟ رئيسة قسم التعليم بالصحيفة الزميلة فاتن زكريا .. هاتفت الوزير ..أبدى استعداده لأن يأتي ..وما كانت ندوة تقليدية تلك التي أقيمت في قاعة مصطفى أمين بدار أخبار اليوم ..أكثر من سبع سنوات والحوار لم يهدأ لحظة واحدة ..حتى لالتقاط الأنفاس ..شعرت خلالها أنها حرب ..يخوضها الوزير ..كتبت هذا في استهلالية التقرير الصحفي الذي نشر على يومين شاغلا أربع صفحات من الجريدة ..أنها حرب مقدسة يخوضها د. طارق شوقي ، وليس من العدل أن نكون في ظهره ..بل معه ..يدا بيد في ميدان حربنا المقدسة ..
فثقافة مقاومة التغيير لها أنياب وأظافر حادة ..ألهذا أشفقنا على الوزير حين قال : أننا نخوض عملية انتحارية !!
وماقاله كان المانشيت الذي اخترناه وراق الكثير من القراء..
..لكن ..لنتجاوز الشفقة سريعا ..ولنخض مع الوزير حربه المقدسة ..حتى لو كانت عملية انتحارية ..كما قال ..
الهم همنا جميعا ..هم دولة تردى فيها التعليم فتردى فيها كل شيء ..
وثمة ما يدعو إلى التفاؤل ..ماكشف عنه د. طارق شوقي أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يبارك بقوة المنظومة الجديدة ، وأن الدولة لن ترضخ لأية ابتزازات للتخلي عن حلمنا جميعا في تعليم يليق بمصر منشأ الحضارة ..منبع المعرفة الانسانية ..
ماقاله الوزير يذكرني بما كشف عنه خبير تربوي ..أن تلك المنظومة عرضت على الرئيس الأسبق حسني مبارك فرفضها ..ألأنها ممكن أن تثير غضب الشارع ؟ وهذا كان حال النظام عبر خمسة عقود ..النأي عن كل ما يثير غضب الناس حتى لو كان في صالحهم ..الهدف ..أن يبقى الحاكم في كرسيه ..وبالتالي إرضاء المواطن ، مداهنته ، حتى لو انطوى الأمر على خراب بيت المواطن ودمار للدولة على المدى البعيد!!
وتلك رسالة الإعلام الآن ..أن يعي مدى إيجابية المنظومة الجديدة ، ويقدمها للشعب ، وأن الهدف تحويل وزارة التعليم من وزارة للتلقين إلى خط انتاج يغذي المجتمع بانسان معرفي ،مفكر ، مبدع ، منتم ، منتج .. يتكيء في رؤيته لأوجه الحياة على أسس من العقلانية العلمية ،يعي حتمية تجسيد ما تعلم ومارس من قيم إيجابية في سنواته الدراسية واقعا حياتيا ، انسان لديه وجدان مرهف الحساسية للجمال ، ومقدرة على تغذية كل ما حوله بالجماليات .
أليست منظومة تعليمية -تلك أهدافها- جديرة ..ليس فقط بأن نباركها ..ونصفق لمن يناضل من أجل تطبيقها ، بل أن نخوض معه حربه المقدسة ..من أجل أن ترى النور؟
لذا أقول للدكتور طارق شوقي .. أنا المواطن المصري محمد القصبي معك.. حتى لو كنت تخوض عملية انتحارية ..ولن أتخلى عنك أبدا إلى أن تصبح وزيرا للمعارف ..وليس للتلقين !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجناح العسكري لحركة حماس يواصل التصعيد ضد الأردن


.. وزير الدفاع الروسي يتوعد بضرب إمدادات الأسلحة الغربية في أوك




.. انتشال جثث 35 شهيدا من المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر في خان


.. أثناء زيارته لـ-غازي عنتاب-.. استقبال رئيس ألمانيا بأعلام فل




.. تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254