الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في المشهد العراقي ما بعد الأنتخابات... ح3

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2018 / 5 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


الأن وقد ولدت النتائج الأنتاخبية بعملية قيصرية والكل يدعي أبوة النصر وأنه من صلبه الشرعي، فيما يدع أخرون أن المولود أبن حرام وولد زنا ولا يريده ولا يرحب به، بل يطالب برميه في أقرب سلة مهملات وأعادة الكرة ثانية لعل البغلة العاقر تلد مولود شرعي من بغل يرجى منه ما لا يرجى من إبليس، هذا الحال بين الشركاء الذين تقاتلوا فيما بينهم على الأصوات كما تقاتلوا بينهم سابقا على الغنائم والمناصب وأذية الشعب ومعاقبته، العجيب في الأمر أن صاحب القضية الأول ما زال مندهشا كأنه مغشيا عليه وقد أشغلته تراجيديا وكمويدبا المشهد من أن يحرك ساكنا، أو يعبر عن ردة فعل ملفتة وجادة تجاه ما يجري أمامه وبأسمه، هذا ما كان متوقعا بالرغم من التطور الحاصل في الوعي الجماهيري إلا أنه لم يبلغ بعد الحلم وما زال بحاجة لفطام أولا كي يستطيع الأنفصال عن الأعتماد على رؤية فرسان الخيبة، ممن يدعون أنهم السادة والقادة ويديرون العراق بدفة أجنبية متعددة الحركات.
لا يخفى أن العملية الأنتخابية وقد أنتهت لنفس المتاهة السابقة حيث لا خاسر ولا رابح بين مجرد تبادل مواقع بين كتل تتحرك كما تتحرك الرمال الزاحفة في وسط الصحراء، هذه النتيجة قد وضعت الجميع أمام أستحقاقات كثيرة منها أثر الوضع الشعبي المأساوي من نقص خدمات إلى تقشف إلى تهجير وتدمير مدن وفساد متفشي .... الخ، وأيضا هناك أستحقاق خارجي بين الولاءات والتوجهات وقوى التأثير ومفاعيلها في الداخل وحسابتها الصراعوية البعيدة، المشكلة الحقيقية أن الوعي الشعبي لم يكن ناضجا تماما كي يرسم رؤيته ويقول كلمته الفصل بقوة وأثر لا يمكن تجاوزه، فلم تحركة فتاوى المرجعية بتأثيراته المتوقعة أو المفترضة ولم تدفعه مأساوية الواقع وتخلفه وما هو المطلوب على الأقل للمعالجة، في أن يظهر بصوت أقوى وأعمق وبدلالات حسية غير قابلة للتأويل أو الألتفاف عليها وأبتلاعها، أما الكل يذهب للأنتخابات مع عزم على أجتثاث محاولة إخراج الفاسدين بالقوة من السلطة، ولا أختار مقاطعة شاملة تعري النظام السياسي وتنزع عنه ورقة التوت التي يتستر بها أمام العالم.
هنا كل الدلائل تشير إلى أن الحراك القادم سيكون فوضويا غير متوازن ولا حتى يملك أخلاقيات العمل السياسي التقليدي، إن لم يضبط أصوليا وفقا لإرادة الشعب ومصالحة ومن قوى حقيقية على أرض الواقع وأقصد بها تحديدا الجيش والمرجعية الدينية في النجف، بغير ذلك لا أظن أننا يمكن أن نتفادى الأسوأ ولا مجال من الأحتكام إلى لغة القوة المتحركة على أرض الواقع السياسي، وهو أسوأ كل الخيارات والأحتمالات وهو هدف سبق وأن تحدثنا عنه قبل أن يجري الأنتخابات، وبمناسة تشريع قانون الحشد الشعبي برلمانيا بعد أن هلل له البعض وبشر به على أنه يخضع الكل تحت أمرة الدولة وقيادتها وهو ما لا يمكن الوثوق به بالمرة، خاصة أن بعض الفائزين وخلافا لقانون الاحزاب والعمل السياسي الذي يحرم من جهته قبول الحزب الذي لديه ميليشيا أو يؤمن بحمل السلاح الخاص وكثير منها يملك الميليشيا التي تأتمر من خارج العراق، ولا يستطيع القائد العام للقوات المسلحة بأعتبارها قانونا جزء من القوات المسلحة أن يمنع أصغر عضو فيها من فعل أي فعل أستجابة لأوامر خارجية.
لا شك أن من مصلحة إيران إن فشلت في فرض إرادتها على نتائج العملية السياسية الحالية وتنصيب حكومة موالية لها تماما، أن تفجر الوضع السياسي في العراق برمته وأدخاله في نفق أيام الطائفية مرة أخرى، لتشغل أمريكا وحلفائها العرب بالعراق ونشر التخوف من أمتداد النار العراقية لهم بكل ما تحمل من معاني أستراتيجية تتعلق بإمدادات النفط العالمي وحركة الاسواق وتأثير ذلك على الأقتصاد الأممي ككل، وتنجو هي ببرنامجها النووي ملوحة بتهديد المنطقة بنشر الفوضى حتى تجبرهم للطلب منها أن تتدخل لضبط الإيقاع العراقي، مقابل تنازلات تحصل عليها وأمتيازات جديدة تزيد من رصيدها العراقي ومن وجود العراق فلا أحد يتبرع من جيبه الخاص، وبذلك ترمي عدة عصافير في حجر واحد، المشكلة أن الكثيرين لا يؤمنون أبدا أن إيران تبحث دوما عن مصالحها القومية وأمنها الإقليمي، ولا يمنعها مانع لا ديني ولا أخلاقي أن تفعل كل ما يخدم ذلك، العراق في جميع الأحوال هو الفارس الخاسر ما لم تنتبه بعض القوى الوطنية والمدنية أن ما يجري خلف الكواليس المظلمه ليس مؤامرة موهومة، بل هي تدابير دهاقنة الدهاء القومي المتعصب برداء إسلامي سرعان ما يمكن التخلص منه أو حتى الظهر عاريا.
الطريق أمام تشكيل حكومة توافقية بين أتجاه نوعي أفرزته النتائج ووفقا لأستحقاقت وطنية ستصطدم بإرادة التوافق التقليدي بين بعض الاحزاب والكتل السياسية القديمة ومن خلفها مصلحة الصراع بعموميته، لذا فأن التسليم بأن المشهد السياسي أنتهى رسمه بما أفرزته صناديق الأقتراع لا يمثل أبدا شيئا من الحقيقية، صناديق الأقتراع قد تعط نوعا من الإشارات التي يمكن من خلالها اللاعب الأساسي أن بناور وبتلاعب بخططه الهجومية لتقديم فريقه المفضل، هنا في هذه النقطة بالذات نتذكر كيف تم التلاعب بنتائج 2010 خلافا للدستور ومن خلال المحكمة الاتحادية سيئة الصيت حبن فسرت معنى الكتلة الأكبر، قد تفعلها مرة أخرى وتجد عذرا تغطي به هذه الخطة في هذه المرة وتقوم بتعزيز قوة الطرف الذي فشل في ترديد مقولته من أنه المدافع الأساسي للدين والمذهب بتفويض منقطع النظير.
المتوقع أيضا أن بيضة القبان الكردية سوف تكون أقل قيمة من المرات السابقة وقد تناور فقط من أصل الحصول على مكاسب ومغانم في كركوك والمناطق المتنازع عليها ثمنا للإصطفاف مع هذا الفصيل أو ذاك، الحقيقية أن كل القوى الكردية بأختلافاتها لديها مصالح برغماتية فئوية ولا هم لها أن تكون معادل موضوعي لحماية الكيان العراقي، إنها لعبتها وبشطارة ومن خلال مستشارين في السياسة الأستراتيجية قدموا من جهات تعرف تماما كيف تدير اللعبة السياسية وممارسة عمليات الأبتزاز والتهديد والتملص واللعب على أكثر الأوتار حساسية في الوضع العراقي، هذه القوى قد تنصاع لإرادة تحطيم المجتمع العراقي والدولة العراقية إذا قرر المتخاصمون على رئاسة الحكومة أن يهربوا للأمام من أجل عض الأصابع، بل بالتأكيد ستقف بقوة مع اكثر الأطراف تشددا وسعيا لزعزعة الأستقرار الذي يخدم الطبخة الإيرانية في العراق، ليس حبا بإيران ولا كرها لأمريكا وإنما تمهيدا لتفكك العراق وأعلان أنفصالهم لاحقا دون الحاجة لأستفتاء أو قرار من المحكمة الأتحادية، إنها لعبة الشياطين حين تتفق على الخطة باء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل شخص في قصف إسرائيلي استهدف سيارة جنوبي لبنان


.. اجتماع لوكسمبورغ يقرر توسيع العقوبات الأوروبية على إيران| #م




.. استخراج طفلة من رحم فلسطينية قتلت بغارة في غزة


.. صور تظهر آثار تصادم طائرتي هليكوبتر في ماليزيا




.. بسبب فيديو طعن الكاهن.. الأستراليون يفتحون النار على ماسك: -