الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة العسكري في ظل النظام المجرم

زهير نعيم مسعد

2018 / 5 / 18
سيرة ذاتية


حادثة مؤلمة عشتها وعايشتها انا وزميلي في قلم الفوج الثالث لواء المشاة الخامس الاخ العزيز صباح الساهري الذي اطاله الله عمره وعمري لكي نلتقي مجددا بعد 18 سنه من افتراقنا عام 2000 ..
تبدأ الحادثة عام 1997 عند وفاة اثنين من السجناء من منتسبي فوجنا المحكومين بسبب هروبهم من الخدمة العسكرية للظروف المعاشية القاسية التي كان يمر بها البلد انذاك في سجن اللواء في منطقة الغزلاني في مدينة الموصل وكان سبب وفاتهما في السجن اصابتهم بمرض ( التدرن الرئوي الحاد والمنتشر ) حسب تشخيص الطبيب بسبب الظروف السيئة في السجن وعدم وجود تهوية وعدم وجود كهرباء وقذارة المكان واعتمادهم على الفوانيس التي تعمل بالنفط وما تبثه من دخان في المكان وهم كل من (حيدر راضي دباش ومحمد حميد خلباص) من اهالي بغداد رحمهما الله .
وبعد وفاتهما بفترة كان لهما صديق من معارفهما هو من منتسبي فوجنا ايضا وهو (مهدي عبد الامير مهدي) ومن اهالي بغداد ايضا بعد القاء القبض عليه وارساله الى السجن سأل عن صديقيه فتم اخباره بالحادثة وسبب وفاتها استشاط مهدي غضبا وبكى وسب صدام حسين والحزب ولعن الكل فما كان من احد السجناء المنافقين وهو هارب ومحكوم ايضا ويطلق سراحه بعد يومين وهو ( ن ض حمزه النجفي ) الا أن( قام بكتابة تقرير كامل ووقعه بالدم يشتكي فيه من مهدي وانه معادي للحزب والقائد !!) وارسله بيد احد الجنود الى ضابط أمن اللواء الذي امر بألقاء القبض فورا على مهدي وارساله الى امن الفرقة ثم الى أمن الفيلق ..ليشهدوا له عند الأمير... انه قبض على شخص معادي للدوله!! هكذا هو عراق البعث لمن لايعرف.. ان النكته على الرئيس ثمنها رقبتك وكل عائلتك في السجن.
كان الزمان الشهر ايلول من سنة 1997 وقد دخل آمر الفوج والضباط في انذار بسبب هذه الحادثة وكان الآمر يستدعيني كل ساعة ويطلب معلومات وغيرها وماذا يجب أن اكتب للجهات العليا بخصوصه وكنية هذا الجندي المجرم وضابط الأمن كذلك وتم استدعاء امر سريته وأمر حضيرته ودخل الكل في انذار غير مسبوق وكنا قلقين ومرهقين وتحت ضغط هائل ..ولم تمضي الا ايام حتى تم ارساله الى مديرية الاستخبارات العسكرية ( الشعبة الخامسه) بعد أن تم انهاكه من التعذيب والضرب .وبعد شهر جاءنا رجل كبير السن وقور تترقرق الدموع من عينية يتكىء على عصا ويداه ترتجفان يمسح دموعه بكوفيته .. انه والد مهدي يصب الدمع صباً على فلذة كبده الذي ضاع بين سياط الجلادين .يسأل عن ابنه ولا مجيب. حتى ان احد الضباط الموصليين قام بشتمه بأقذع الالفاظ . الكل يصرخ في وجهه ( القضية سرية ما نعلم. ابنك مجرم . ابنك عميل ) تأثرت وبكيت بشده لهذا المنظر وعزمت على مساعدته حتى لو كلفني ذلك حياتي أو السجن وطز بصدام وجيشة وحزبه وليأتي بعد ذلك الطوفان .سالته في مكان خلف الحانوت واخذت عنوانه بالضبط وقلت له عمي روح وانشاء الله اجيبلك خبر لو ميت لو حي والله كريم ..صب دموعه الحارة وحاول ان يقبل قدمي ولكني منعته ..عزمت بكل قواي على ان افعل شيئا لهذا الرجل المسن والوقور وقلت في نفسي ربما ستحصل لي حادثة مماثلة بسبب المنافقين وظلم النظام ولكن توكلت على الله وهو القوي العزيز.. نظرت اليه و وقد فرش عباءته وهو يصلى صلاة الظهر خلف حانوت الفوج وقد رفع يداه المرتعشتان الى السماء ودموعه تنحدر على لحيته البيضاء ويدعوا ( الهي من فعل هذا بولدي فلا يفوتك يا شديد القوى بحق دم الحسين) وعلا صوته بالبكاء والنشيج وكان موقفا مؤلما ابكي جميع الحاضرين.........
اطلق سراح المنافق والواشي (ن ض حمزه النجفي) وبعد اجازة اطلاق السراح دخل في الهروب مرة اخرى ايضا وعاد مخفورأ تحت سنابك وقيود الانضباط العسكري بعد اقل من 40 يوم من الحادثة فما كان من أمر السجن (علي رسول) الذي كان سكيرا ومتهتكاً وبعض السجناء الا الانتقام من حمزه المنافق هذا والذي كان يشتم الجميع ويهددهم بالشكوى وارسل صديقهم الى الاعدام .. وتم ضربه حتى الموت . قرأت تقرير الطبابة العدلية العسكري الذي تم ارساله الينا لإكمال الاوراق التحقيقية الخاصة به وقد كان الطبيب قد كتب في التقرير( تعرض المجني علية الى ضربات بواسطة اداة حديدية على الدماغ والحبل الشوكي مما سبب له نزفاً دماغيا ادى الى الوفاة).. وتم ايداع علي رسول في السجن ..
سبحان الله دعوة الوالد وانتقام الله وتسليط الاشرار عليه..
مضت ثلاثة اشهر ..جاءنا بالبريد العسكري ( قرار الحكم) موقع وصادر ومختوم من (المحكمة العسكرية الخاصة لوزارة الدفاع) حيث حكم القاضي العادل جدا جدا ( بالحبس الشديد لمدة 18 سنه على المدعو مهدي عبد الامير لتهجمه على شخص القائد ابو الحفره ومعاداته للثورة والحزب والقائد ) حكما وجاهيا غير قابل للتمييز ورفعت الجلسة واودع المسكين في سجن ابو غريب في القسم الخاص وبما يصدر قرار بأعدامه لا حقاً ..
اخذت قرار الحكم ونسخته مخالفاً التعليمات ومعرضاً نفسي لأشد العقوبات بسبب اخراج وثائق رسمية خاصه من الوحدة العسكرية وضعته في ظرف وكتبت عليه بالأحمر ( سري وشخصي ) واثنا نزولي في الإجازة ذهبت الى العنوان الذي اعطاني اياه الرجل في بغداد فلم اجدهم لقد رحل المساكين من المنطقة بسبب هذه الحادثة وعيون الوشاة والاوغاد تلاحقهم .قال صاحب الدكان انه يعرفهم وهو من اقاربهم .. لم اصدق ذلك بسبب الخوف وتعلمت الا اثق بأحد حلف لي بأغلظ الايمان لكنه كان مرتعباً لأني لم اعطيه اسمي أو عنواني ومن انا كان خائفاً مني كوني بملابس مدنية وانا مثلت الدور عليه بحرفية قلت له بشده وتمثيل مصطنع ( ابويه هذا الظرف لازم يوصل الهم و سري محد يفتحه الا الحجي الوالد زين واذا تسوي اي شى تره احنا مراقبينك افتهم).اصفر لون الرجل وتلعثم وهو ينظر الى الكتابة الحمراء على الظرف وقال صار استاد احنا فداء للقائد و للوطن والحزب هسة اعزل الدكان واخذ تكسي واوديه تحب تروح وياي ؟؟ قلت له لا لا لا منتظريني بالدائره. لازم الموقف انطيه اليوم ..ارتعب الرجل واغلق دكانه وصعد التكسي اما انا اخوكم فقد صعدت نفرات لأني لا املك اجرة التأكسي بعد هذه الهمبله واسرعت الى محطة قطار بغداد حتى لا يفوتني القطار الصاعد الى البصره الثالث أو الرابع لكوني لا املك اجرة السياره البالغة 1000 دينار في ذلك الوقت.
وبهذه الطريقة عرف الوالد المسكين اين اصبح ولده و انا فقد عدت الى بيت اهلي محملا بهموم لا طاقة لي عليها ولا قلب لي يحتملها بسبب كمية الألم والمعاناة والبؤس الذي رايته ومجازفاً متهوراً ربما ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف