الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسائل ساحلية: غايا/ أورانوس (2 )

عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .

2018 / 5 / 19
الادب والفن


عزيزي أورانوس:

لقد كان اليوم أول يوم في رمضان، والجو هنا في تطوان غائم وحزين، رغم أن أيام رمضان في مدينتي عادة ما تكون جميلة ونشيطة. خاصة بعد الزوال، حيث يخرج سكان المدينة لشراء حاجاتهم، فتكثر حركة المارة.
كان اليوم روتينيا كسائر الأيام، لكن الشيء المميز فيه، هو وجودك، صورتك التي رأيتها تناشد الطبيعة في حديقة مررت بها اليوم. كانت ابتسامتك تكاد لا ترى، مخللة بحزن روحي. حينها راودتني فكرة النظر إلى عينيك والتحدث إليهما مباشرة، دون حاجز هذا الجهاز. لأكتشف خبايا هذا الحزن الدفين. وأرسم بيدي على وجهك بسمة الحياة، بمسحة يد دافئة.

عزيزي أورانوس:

حز في نفسي كثيرا ما سمعته منك اليوم ، لم أتوقع كل هذا الاختلاف. فكرت أنه سيفنى العالم ولم أهديك وردة بيضاء بعد، لكني قلت مع نفسي إذا حدث ذلك سأهديها لك ونحن في عالمنا الآخر. في لحظة وأنا داخل الصف، تخيلت أنني مسافرة معك عبر السحب العابرة بين جبال المدينة وشواطئ بحرك. فكانت الفراشات تطير أمامنا فوق زهور واحة الربيع. ورياح عاشقة تهب من على سفح جبل. وأنا أنتظرها لأتنشق عطر زهورك.
--------------------------
عزيزتي غايا :
بعد أن قرأت رسالتك، لم أعد حزينا كما كنت، بل انتابتني نوبة من الغبطة والفرح، ها قد ولدت من جديد، يشدني الحنين إلى عالمك، ذاك العالم المتبل بالحب والأمل، ماذا بقي غير عالمك حيث أتعلم لا نهائية الأورغازم؟ صحيح أن الربيع رحل، وتلاشت معه الوريقات والزهور، لكن تعلمت منه معنى الحياة، منك أنت أيضا يا غايا الجميلة!

عزيزتي غايا :

ها قد كنا نتلذذ بالربيع، فدخل ذلك الشهر الذي لا أحبه أبدا، إنه يرمز إلى السلطة في شتى تلاوينها، إن الإله الاجتماعي رهيب جدا، أراه في كل تلك الوجوه المكدرة الواجمة والمحبطة في هذا الشهر غير الفضيل، لا أرى إلا سلطة القانون والأيادي المتشابكة في الشارع، وأطرح هذا السؤال: أين الله ؟ هل الله حصيف إلى هذه الدرجة حتى يشرع صيام شهر فاقد لكل المعاني الروحية والمعنوية ؟

عزيزتي غايا:

أحترم عقيدتك، وأعتذر منك إن شعرت بأي سوء من جانبي، فهكذا أفكر بلا موانع ولا حواجز، إن ذاتي المتمردة على السلطة الاجتماعية علمتني أن أنتصر للفرد، إذ المجتمع ليس سوى مفهوم هلامي بلا معنى ولا أساس، إنني استحضره في الكثير من الأحيان مثل المقصلة التي تهوي على الرؤوس المتمردة على عقلية القطيع.

عزيزتي غايا:

أتمنى ألا أطيل عليك، اليوم بقيت بالبيت أقرأ وأستمع إلى الموسيقى، كان الجو مبهجا في الخارج، كان يسود الصمت والسكون، وهذا ما أعشق. ما تعلمته اليوم هو علينا أن نكون أحرارا متمردين، وعلى الفرد أن يولد . عزيزتي غايا أتمنى لك رمضانا مباركا . مارسي قناعتك التي تجدين فيها سعادة ونشوة، وهذا ما يجعلني أنتصر للفرد على الدوام .

تطوان/ الدار البيضاء- بتاريخ 18 ماي 2018/ المغرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز.. ما الرواية الإيرانية؟


.. عاجل.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدنى عن عمر يناهز 81 عاما




.. وداعا العمدة.. رحيل الفنان القدير صلاح السعدنى


.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدني عن عمر يناهز 81 عامًا




.. المتحدة للخدمات الإعلامية تنعى الفنان الكبير صلاح السعدني