الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صيدلي بمحافظة تطاوين (الجنوب الشرقي التونسي) يؤمن أنّ:المهنة أخلاق وأمانة ..والأخلاق دين وحضارة.

محمد المحسن
كاتب

2018 / 5 / 20
المجتمع المدني


صيدلي بمحافظة تطاوين (الجنوب الشرقي التونسي) يؤمن أنّ:المهنة أخلاق وأمانة ..والأخلاق دين وحضارة.

تعرف مهنة الصيدلة في عصرنا الحاضر بأنها تلك المهنة التي تهتم بفن علوم تحضير الأدوية من مصادرها الطبيعية والمشيدة معملياً، وذلك لاستخدامها في علاج الأمراض والوقاية منها والمساعدة على تشخيصها..
عتقد أن المدخل الطبيعي لتحقيق ممارسة مهنية أخلاقية،هي الفلسفة التي ينتجها كل منا لتحقيق النجاح، إذا اعتبرنا أن النجاح يكمن في التفوق المادي فقط، فقدنا على الفور "دورنا كأصحاب رسالة تجاه الآخرين".
فالنجاح الحقيقي هو ما نستطيع أن نقدمه للآخرين، وليس فيما يستطيع الآخرون أن يقدموه لنا، وهذا لا يعني بالضرورة إنكار الذات، ولكنه يعني ان نسلك سبيلاً وسطاً ومتوازناً في الحياة.
والحديث عن أخلاقيات الممارسة في حقل رعاية الصحة يطول إلاّ أنني وجددت نفسي مضطرا كي أشيد بخصال دكتور في الصيدلة بجهة تطاوين نزار كريمي (صيدلية الليل) تتوسط محافظة تطاوين..هذا الدكتور الفذ لم أكن أعرفه،ساقتني الأقدار إلى صيدلته ليلا وقد نالت مني المواجع في نخاع العظم سيما بعد أن تذكرت رحيل نجلي السنة الفارطة في مثل شهر عظيم كهذا إلى الموراء حيث نهر الأبدية ودموع البشر أجمعين.
هذا الدكتور(الدكتور نزار كريمي) المفعم بالإنسانية في زمن تحجرت فيه القلوب وقلّ فيه الكرماء ممن ينتصرون للفقراء وضعاف الحال..لم تكن لدي أموال لإشتراء الدواء.عيناي زائغتان وعليهما مسحة من ذهول.بفراسته ولباقته وكذا ذكائه تفطّن لما أعانيه،فأستقبلني بحفاوة(دون أن يعرف أني صحفي عتيق) دفع من ماله الخاص ثمن الأدوية وسلمني مبلغا ماليا كمساعدة إنسانية أراد أن يتقرّب بها إلى الله،وأراد ايصالي بسيارته إلى بيتي فرفضت وفضلت العودة مترجلا..
ما أريد أن أقول؟
أردت القول أن شرائح المجتمع اتفقت – وعلى رأسهم أهل العلم – على شرف مهنة الصيدلة ونبلها، فالصيدلاني مؤتمن على صحة النفس البشرية وهي من أثمن ما لدى الإنسان، ومؤتمن على أسرار المرضى وأعراض الناس، وذكر الرازي في فضل الصيادلة: (أنهم قد جمعوا خصالاً لَم تجتمع لغيرهم، منها اتفاق أهل الأديان والمُلك على تفضيل صناعتهم؛ واعتراف الملوك والسّوقَة بشدة الحاجة إليهم؛ ومجاهدتهم الدائمة باكتشاف المجهول في المعرفة وتحسين صناعتهم؛ واهتمامهم الدائم بإدخال السرور والراحة على غيرهم)
ومن هنا، فإن عَرف الصيدلاني قدر مهنته وعظيم شرفها،لم يسعه إلاّ أن يتصرف بِما يليق بقدرها ومكانتها، فعلى الصيدلاني أن يتصف بكل صفة حسنة تَليق بالشرف الرفيع الذي حباه الله عز وجل لمن يقضون حوائج الناس ويمسحون آلامهم ويُفرِّجون كُربَهم، كما عليه بالمقابل أن يسمو بنفسه عن ارتكاب كل ما لا يليق به وبمهنته، كالخداع، والكذب، والتزييف، والتكبُّر، وادعاء ما لا يعرف، وأكل أموال الناس بالباطل.
وإذا كان الإسلام يحمل أهله على مكارم الأخلاق وإتقان العمل، فإنها في حق المنتمين إلى مهنة الصيدلة أوجب وأكد،ولذا وددت الحديث هنا عن بعض الأخلاق التي ينبغي للصيدلاني المسلم أن يتحلى بها على المستويين الشخصي والمهني،ومنهاالإخلاص لله تعالى واستشعار العبودية له سبحانه، فهو من أهم ما يجب أن يتصف به الصيدلاني المسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّما الأعمالُ بالنيَّاتِ وإنّما لكُلِّ امرِئٍ ما نَوَى» [متفق عليه]، فعلى الصيدلاني المسلم أن يخلص أعماله كلها لله تعالى، وعليه أن يستشعر مُراقبة الله عز وجل له في كلِّ أحواله، وأنه محاسب على كلِّ صغيرة وكبيرة.
الدكتور نزار كريمي(صاحب صيدلية الليل التي-كماأسلفت-تتوسط مدينة تطاوين،لا أمدحه،لأني لا-أجيد-فن المديح،ولست من محترفيه،فقط رغبت في الإشادة بخصاله الحميدة وكرمه-الحاتمي-آملا في أن ينسج على منواله بقية الصيادلة هنا..أو هنالك..
سألته بعفوية مطلقة-وأنا الصحفي المتمرس-الذي يجيد-بكل تواضع-وبمنأى عن النرجسية فن السؤال: من هو الصيدلي الذي يكون في عمله مثالبا يحتذى به ومجلبة لإحترام الناس..؟ فأجابني بإبتسامة عذبة لا تخلو من تواضع :"من أولى وأبرز الأخلاقيات اللازمة للصيدلي في عمله و ممارسته المهنية، الصدق ونتذكر دائماً ونحن ننصح ونقدم الاستشارة للمريض، حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:"المستشار مؤتمن".
وهو ليس صدق الكلمة فحسب، بل وصدق النيّة وصدق العمل والأداء، ولذا فهو يشمل العلاقات الإنسانية كلها، فالصيدلاني صادق في طلبه للعلم، صادق في أداء حقوق وظيفته، صادق في صرف العلاج لمرضاه ونصحهم، صادق في إجراء أبحاثه العلمية، صادق في أحواله كلها."ثم أضاف:" شيمة التواضع يجب أن يتصف بها كل إنسان، وهي ألزم للصيدلي كمتصدي للخدمة العامة والاحتكاك المباشر بجمهور الناس.فعلى الصيدلاني أن يكون متواضعاً،متجنبا التعالي على المرضى،والنظرة الدونية لهم مهما كان مستواهم العلمي أو الاجتماعي، فهذا هو ما يجعله موضع احترام الآخرين.."
ولنا عودة إلى هذا الصيدلاني الفذ الذي جادت به الأقدار علينا بهذه الربوع القصية (تطاوين) حيث التصحر الثقافي،القحط،الجدب والجفاف..ولكنه، فضّل العمل بها-بكل نكران للذات-رغم كل المصاعب والمتاعب التي تعيشها الجهة على الصعيد الإستشفائي: نقص فادح في المعدات الطبية..ندرة طب الإختصاص..قسوة الطبيعة..إلخ، ورسّخ قدميه في أرض هي في أمس الحاجة لأطباء وصيادلة يضمدون جراح المرضى ويخلصونهم من العللل ..
ولنا عودة إلى شمائل وخصال -الصيدلي (نزار كريمي) الفذ الذي يشهد له-كاتب هذه السطور- بالتواضع،الإنسانية والعمل الدؤوب على معالجة المرضى(أحينا مجانا لضعاف الحال)..عبر مقال مستفيض..
على سبيل الخاتمة:
قمة الجبل لبعد المسافة ترى صغيرة وقد لا تُرى بالعين المجردة، وهم كذلك بالنسبة للناس لغرورهم وكبريائهم، اقتربوا لتكبروا إذا أردتم لذاتكم قيمة ولقمتكم عظمة.
..أختم بالقول..دون تزلف ولا إطراء: شكرا -الصيدلي النبيل- نزار كريمي..
المهنة أخلاق وأمانة ..والأخلاق دين وحضارة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الوضع الإنساني في غزة.. تحذيرات من قرب الكارثة وسط استمرار ا


.. الأمم المتحدة تدعو لتحقيق بشأن المقابر الجماعية في غزة وإسرا




.. سكان غزة على حافة المجاعة خصوصاً في منطقتي الشمال والوسط


.. هيئة عائلات الأسرى المحتجزين: نتنياهو يمنع التوصل إلى اتفاق




.. مقابر جماعية في غزة تكشف عن فظائع.. ومراقبون: ممارسات ترقى ل