الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تتحول شبكة الاعلام العراقي الى مرتكز فاعل للثقافة العراقية

ياسين سالم البصري

2018 / 5 / 20
الصحافة والاعلام





في ظل الظروف العصيبة التي عاشها العراق منذ اكثر من خمسة عشر عاما وسرعة التحولات السياسية والاجتماعية والثقافية لاسيما ان هذا التحول تزامن مع التطور التكنلوجي والتقني في وسائل الاعلام المحلية والعالمية، كان من الطبيعي ان تستند التجربة الديمقراطية الناشئة على مؤسسة اعلامية ضخمة لتدعيم مراحل التطور، وبدأ العمل الاعلامي المؤسساتي بتأسيس شبكة الاعلام العراقي كجزء مهم من منظومة الدولة، الا ان الادارات المتعاقبة على الشبكة على مختلف عطائها لم تستطع ان تخرج الشبكة من اطارها الاعلامي الرسمي بالرغم من بعض المحاولات التي لم ترتقي الى عمق الهدف، وظلت شبكة الاعلام العراقي طوال تلك السنوات تعمل وفق نمط اعلامي ثابت لم يتغير.
ولا يمكن انكار ما حققته الشبكة من دور في دعم الدولة في مختلف المجالات وحازت على نسب متابعة كبيرة ولكن لا يمكن الانكار ايضا ان نطاق عمل الشبكة في السنوات الماضية انحصر في نسق محدد هو دعم السلطات الثلاث وتغطية نشاطات الوزارات وتقديم خدمة عامة من خلال بعض البرامج الترفيهية والمنوعة بما ينسجم مع مدونة السلوك الاعلامي التي اطلقتها الشبكة عام 2011، لكن السؤال المهم هل ارتقت الشبكة الى مستويات اعلامية هادفة تنسجم مع حجم التحولات التي شهدتها البلاد طوال تلك السنوات؟
الجواب على هذا السؤال يقودنا الى المقارنة بين شكل المادة الاعلامية المقدمة في زمن الادارات السابقة وبين نوعية المادة الاعلامية المقدمة في ظل الادارة الحالية، وبالضرورة فان هذه المقارنة ستقودنا الى سؤال اخر هل استطاعت شبكة الاعلام العراقي ان تلعب دور في اعادة الهوية الوطنية العراقية؟
المشاهد والمتابع لشبكة الاعلام العراقي في السنوات الماضية وحسب طبيعة العمل ورؤية الادارات السابقة وضع في تصوره أن الشبكة احدى ادوات الحكومة وانها تمثل طيف عراقي واحد، الا أن هذا التصور بدأ يتقلص تدريجيا منذ تسنم الادارة الحالية مهامها بعد ان وضعت خطة عمل محكمة واخذ وعي الجمهور يتجه نحو اعتبار الشبكة هي مؤسسة دولة وان عطائها الاعلامي والثقافي بات منسجما مع ما شهده العراق من تحولات مهمة على المستويات السياسية والامنية والثقافية والاقتصادية.
النقلة النوعية التي تحققت في هذه المؤسسة الاعلامية الكبيرة لم يكن على مستوى العمل الاعلامي والتغطيات المتواصلة للشبكة في الميادين السياسية والامنية فقط بل أن ابرز ما تحقق هو تفاعل شبكة الاعلام العراقي مع متطلبات الواقع الثقافي والتراثي والذي يمثل احد مرتكزات ادارة رئيس الشبكة مجاهد ابو الهيل الذي حول مسارات الشبكة نحو مشروع اعادة انتاج الهوية الثقافية العراقية، خاصة بعد ان تحررت الشبكة من النمط التقليدي الذي انتهجته في الفترة السابقة وبات المادة الاعلامية التي تقدمها الوسائل الاعلامية تركز على اعتماد اسلوب اعلامي سهل وممتنع، فقد اجادت الادارة في احداث ثورة على الرتابة وتبني مشروع الحداثة والمواكبة ونجحت الى حد كبير في ذلك.
وهذا النجاح لم يأتي من فراغ او صدفة انما بسبب الارادة والجرأة التي تتمتع بها الادارة في الثورة على الذات ومن ثم النهوض نحو التجديد والمنافسة، فنشرات الاخبار والتغطيات شهدت تغير نوعي في التعاطي مع الخبر والمعلومة مستندة على نوعي السبق الصحفي السرعة والانفراد، فوسائل اعلام الشبكة وفق ما استحدث من تطبيقات تقنية باتت اسرع الوسائل الاعلامية في نقل المعلومة الى الجمهور فضلا عن الانفراد في تغطيات ومعلومات استندت الى مهارات العاملين في صناعة الخبر.
وبعيدا عن الهوية الاخبارية التي تتميز بها الشبكة فان مسار العمل في الاتجاهات الاخرى التي كانت مغيبة في تلك الفترة مثل الموسيقى والدراما والبرامج المنوعة حققت نقلة مهمة من خلال الخطط التي وضعتها الادارة في انتاج مادة موسيقية تمزج بين اصالة التراث الفني في بلاد النهرين وبين الحداثة، مقدمة شكل اخر من الاعمال الفنية التي تتناغم مع الذوق العام للجمهور العراقي والامر ينطبق على البرامج الثقافية المكثفة والتي جعلت الشبكة تلعب دورا فاعلا في اعادة صناعة الثقافية وتكريم المبدعين.
اعتقد ان شبكة الاعلام العراقي اخذت تشغل الفراغ الذي تركته وزارة الثقافة من خلال اعطاء اولوية للنهوض بالمشروع الثقافي والاهتمام بالمبدعين، فالجائزة العليا للاعلام التي اطلقتها شبكة الاعلام العراقي وهي عبارة عن تمثال للشاعر محمد مهدي الجواهري والذي سيتم نحته من مادة البرونز بالاتفاق مع الفنان نداء كاظم والذي سيتم اعتمادها تقليدا سنويا لتكريم الصحفيين والاعلاميين المبدعين من قبل شبكة الاعلام العراقي انطلاقا من مسؤوليتها ودورها في رعاية المبدعين وتشجيعهم على تقديم الافضل تمثل هذه انموذجا فعليا لدور الشبكة في احياء المشروع الثقافي وهي ليست المرة الاولى التي تتبنى به شبكة الاعلام العراقي بأدارتها الشابة هكذا توجه في استذكار الرموز الوطنية على المستوى السياسي والثقافي، فسبق وأن اطلقت الشبكة مشروع تشييد تمثال في مقرها للزعيم عبد الكريم قاسم استذكارا لدوره الوطني.
هذا الاداء المهني للادارة الحالية سيحول شبكة الاعلام العراقي الى مرتكز فاعل للثقافة العراقية مثلما نجحت في مرتكزها الاعلامي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكونغرس الأمريكي يقر مشروع قانون مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا


.. لازاريني: آمل أن تحصل المجموعة الأخيرة من المانحين على الثقة




.. المبعوث الأمريكي للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط: على إسرا


.. آرسنال يطارد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الذي غاب عن خزائنه




.. استمرار أعمال الإنقاذ والإجلاء في -غوانغدونغ- الصينية