الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عالم مسطح ..!!

مظهر محمد صالح

2018 / 5 / 20
العولمة وتطورات العالم المعاصر


عالم مسطح ..!!

الكاتب:د. مظهر محمد صالح

23/4/2014 12:00 صباحا

طوى العم جاسب سنوات حياته التي قاربت الثمانين وطعن في السن لدرجة أصبح ظهره المتحدب لا يقوى على تحمل دفع عربته الخشبية للحصول على رزقه اليومي مكابداً الحياة في أزقة الحي التجاري في مدينتنا بغداد، وهو يقول في سره.. لقد مات الماضي وما زال يطاردني بلارحمة.. فمصائر الرزق تتقرر في هذا الحي بفضل الإرادات المتنافسة او المتصارعة والقوى المجهولة.. ثم تتقدس في أبدية الثراء!!
استدرك العم جاسب، بعد أن جثم الفتور في أعماق قلبه حتى اليأس، ليذعن لقوته المتبقية ثانية وبلا احتراس، مهادناً آماله المستقبلية الملحة وبقوة اليأس نفسه، قائلاً: لن أحزن ولن أطير نحو المجهول ولن أرجع خطوة الى الوراء طالما دواليب عربتي تتحرك نحو الأمام! وان شح النقود لم يؤلمنيِ ولم يخل بميزان حياتي.. لقد تقوّس ظهري وعليّ أن أدفع عربتي في عالم تسطح كله، ولكنه لا يصلح أن يكون ساحة ألعاب مستوية جداً لممارسة لعبة الحياة في العمل والتجارة، حيث يمتلك جميع اللاعبين على سطح العولمة فرصة الكسب المتساوية نفسها في عالم تسطح حقاً وبظهور مستوية، طالما ظل ظهري مقوساً في عالم محدب!
استخدم توماس فريدمان الكاتب الصحفي الشهير في صحيفة نيويورك تايمز عبارته المجازية (العالم مسطح) لتكون عنواناً لكتابه الذي صدر في العام 2005، وهو يقصد بالتسطيح ان العالم بات متناهي الصغر،إذ تبرز أهمية الفرد الذي يستطيع في العالم المسطح تجاوز أنواع المعوقات والعراقيل كافة والتواصل مع أي شخص او أي مكان في العالم الذي أمسى قرية صغيرة. فظهور العولمة الأولى في الفترة ما بين 1492 وحتى العام 1800 جسدها الفتح الاستعماري واستخدام القوة في السيطرة على المستعمرات.
في حين اتسمت المرحلة الثانية من العولمة التي امتدت بين العام 1800 وحتى 2000 بسعي الشركات المتعددة الجنسية في الحصول على الأسواق الخارجية وتقوية مراكزها الاقتصادية من خلال الهيمنة على أسواق العمل الرخيصة لمصلحة المركز الرأسمالي وانتعاشه. وشهد العالم خلالها تعاقب 3 ثورات صناعية ابتدأت بالاختراعات الحديثة من القطارات والهواتف وانتهت بثورة الكومبيوتر والبرامجيات.
أما المرحلة الثالثة من العولمة التي يراها فريدمان والتي ابتدأت من العام 2000 وحتى اللحظة، فهي التي برزت فيها أهمية الأفراد كما يقول فريدمان، وان العالم غدا منفتحاً على الجميع من جميع أجناسه وأطيافه الإنسانية. وعلى الرغم من ذلك، فقد تعرضت العولمة ومعتقداتها الى انتقادات واسعة الانتشار. فغالباً ما تتعرض الاجتماعات التي تعقدها المنظمات الدولية المتعددة الأطراف والمعنية بالعولمة الى الاحتجاجات والتظاهرات التي يحتشد فيها آلاف الأشخاص المناهضين لها.
ولا ننسى ذلك الاجتماع الذي عقدته منظمة التجارة العالمية في "كانكون - المكسيك) في العام 2003 الذي جسده ذلك المزارع الكوري الجنوبي الذي أحرق نفسه احتجاجاً على رفع الدعم الزراعي عن المحاصيل الزراعية الكورية. فلا يزال 3 من العلماء والشخصيات المشهورة هم من أشد المعارضين للعولمة وشعاراتها الليبرالية الجديدة، وهم نعوم جومسكي وجوزيف ستكلتز، اضافة الى الكاتبة الكندية نعومي كلاين، إذ لم تجلب العولمة في الجانب الاقتصادي سوى تركز الثروات واللامساوة في الدخل العالمي كما يرى ذلك المناوئون للعولمة.
أما على صعيد حقوق الانسان فانها كرست ظاهرة ما يسمى بـ"سويت شوبس" وهي تعبير عن مكانات العمل التي يقضي فيها العمال ساعات طويلة بظروف إنسانية فقيرة للغاية ولاسيما في دول جنوب شرق آسيا وهم يزخون عرقاً من اجسادهم!
أما على المستوى الثقافي فينتقد أولئك المناوئون للعولمة دور الشركات المتعددة الجنسية التي أخذت تفرض علاماتها التجارية التي لا تنسجم وثقافات الشعوب في الاستهلاك او الاستعمال مما سيقضي تدريجياً على الهوية الوطنية والثقافة المجتمعية واستقلالهما عاجلاً أم آجلاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في


.. التوتر يطال عددا من الجامعات الأمريكية على خلفية التضامن مع




.. لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريبات للبحرية


.. اليوم 200 من حرب غزة.. حصيلة القتلى ترتفع وقصف يطال مناطق مت




.. سوناك يعتزم تقديم أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا| #الظهي