الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد الانتخابات، الجماهير وسلطة الاسلام السياسي الشيعي

سمير عادل

2018 / 5 / 21
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


اعلنت نتائج مهزلة الانتخابات، وباعتراف عرابي العملية السياسية بدءا من علاوي ومرورا بحركة التغيير القومية الكردية وحلفائها وانتهاء بالمالكي، حيث ادلى كل واحد من هؤلاء بدلوه. فعلاوي طلب الغاء نتائج الانتخابات بسبب المقاطعة المليونية للانتخابات، والتغيير اتهمت الاتحاد الوطني بتنظيم عمليات تزوير كبيرة في كركوك والسليمانية والمالكي طعن بنتائجها لان الحكومة لا تتشكل بهذه الطريقة حسب تعبيره، حيث تشوبها عمليات تزوير كبيرة ومقاطعة واسعة للانتخابات.
ولم تدخر المفوضية العليا للانتخابات جهدا كي يكون لها دورا عظيما في هذه المهزلة، أذ اعلنت بعد غلق صناديق الاقتراع بأن نسبة المشاركة لم تصل الى 32 %، لتغير رأيها بعد ساعات وتعلن ان نسبة المشاركة وصلت الى اكثر من 44 %، في حين ومن جهة اخرى اشتعلت نيران الصراع المحتدم بين عناصر المفوضية حول نسبة المشاركة وحجم عمليات التزوير، الا ان سرعان ما اخمدت من قبل الاحزاب والقوى السياسي المتمثلة بعناصرها من الموظفين في المفوضية. وليس هذا فحسب، فبعد ان ذكرت المفوضية بأنها ستعلن نتائج الانتخابات خلال ٤٨ ساعة، ارجئت اعلانها لحين الاتفاق بين الكتل السياسية القومية والطائفية على نتائج الانتخابات والتراضي بينها، واخذ كل واحدة نصيبها وقسمتها دون ضغينة او حقد مبيت. اي ان النتيجة لا تحسمها صناديق الاقتراع، انما ما يجري من اتفاق عليها خلف الكواليس وبشهود زور تمثلها عناصر المفوضية المذكورة.
لم يحتاج اي شخص يمتلك الحد الادنى من المعرفة السياسية الكثير من العناء كي يعرف نتيجة الانتخابات التي كانت محسومة سلفا، اذ لم نتفاجأ بها وتحدثنا عنها في اكثر من مناسبة، الا ان هناك صفتين تميزت بها هذه الانتخابات، الاولى هي التفنن في لعبة ذر الرماد في العيون وتنظيم عملية تضليل واسعة وكبيرة حول اعادة انتاج سلطة الاسلام السياسي الشيعي، عن طريق اطلاء كتلها ولكن بقيادتها بعقد تحالفات مع قوى ليبرالية او قومية او ذات صبغة يسارية، اما الثانية فأن تلك اللعبة لم تنطل على الجماهير الغفيرة، فردت بقوة عن طريق مقاطعتها للانتخابات.
اذا ما راقبنا الخارطة السياسية، فأن نفس قوى الاسلام السياسي الشيعي تصدرت المشهد السياسي من جديد، فكل القوائم الشيعية من فتح ونصر وسائرون ودولة القانون ككل واحدة، هي التي حصدت الاغلبية المطلقة للمقاعد، ويعني كما يقول المثل العراقي اذا اردت ارنب خذ ارنب، واذا اردت غزال فخذ ارنب. وهذا يفسر ويبين بشكل لا لبس فيه ان جميع الكتل الشيعية وابرزها النصر بقيادة العبادي ودولة القانون بقيادة المالكي بالرغم ان حصصها وقسمتها من الانتخابات غير مرضية، بيد انها غضت الطرف عن عمليات التزوير والمقاطعة المهولة للانتخابات بشكل عملي واكتفت بتصريحات للاستهلاك الاعلامي، ما دامت السلطة والنفوذ والامتيازات لن تخرج من دائرة الاسلام السياسي الشيعي. واما القوى العروبية والمتلحفة بلباس طائفي سني، فلا عزاء لها سوى تلاقف الفتات الذي يرمى امامها. بينما لم تتغير كثيرا حصة القومية الكردية في الانتخابات. وهكذا تبقى مليشيات الاحزاب والقوى في مناطق نفوذها هي التي تحسم نتائج الانتخابات وليس صناديق الاقتراع مثلما ذكرنا في العدد السابق.
المبعث للتضليل بنفس القدر للاستهجان، هو تصريحات زعيم التيار الصدري في تصريح بمناسبة فوز تحالفه في الانتخابات الذي حصد 54 مقعد، حيث قال ان الانتخابات هو نجاح للعراق واقصاء للفاسدين. فأي فساد سيقضى عليه اذا كان من حصد الاصوات هو بالتزوير وبقوة المليشيات وليس بصناديق الاقتراع. والحق يقال، فقد كافأت الانتخابات التيار الصدري وزعيمه على كل ما عمله منذ احتجاجات ٣١ تموز عام 2015 حيث التف على تلك الاحتجاجات وفرغها من محتواها، وحول مطالب المتظاهرين من باسم الدين باكونا الحرامية وتوفير الخدمات والكهرباء الى تغيير اعضاء المفوضية العليا للانتخابات، لتكافئ الاخيرة كل من عمل لاجلها، عن طريق غض الطرف عن كل عمليات تزوير في الانتخابات، التي تقول عنها صحيفة "غارديان" البريطانية بأن كل المؤشرات تؤكد بأن نسبة المشاركة في الانتخابات لم تتجاوز 30 % في افضل حالاتها.
اليوم وبعد هذه الانتخابات، فلن تكون الحكومة الجديدة افضل من سابقاتها، سواء بتحالف السائرون مع النصر، او بتحالف الفتح مع النصر ودولة القانون، او بتحالف النصر مع الحكمة وسائرون، فلن تكن حكومة غير طائفية او حكومة توفر الخدمات وفرص العمل، او حكومة تقف بالضد من اصحاب الشركات والمؤسسات الدولية لصالح العمال وجموع المجتمع المحرومة. وايا كانت مسميات الحكومة، حكومة اغلبية، او حكومة تكنوقراط، او حكومة وفاق وطني، فلن تكن غير حكومة محاصصاتية وتعمل على ادارة الازمة السياسية في افضل احوالها.
اي بعبارة اخرى، فبعد هذه الانتخابات قالت الجماهير في العراق عمالها ونسائها وشبابها، ومن احرارها ومثقفيها التقدميين كلمتها (لا للانتخابات) والتي تعني لا لإعادة انتاج سلطة الإسلام السياسي. وهكذا أصبح اليوم الصراع مكشوفا، فلا الجماهير تقبل بهذه السلطة وهذه العملية السياسية، ولا بأمكان سلطة الاسلام السياسي ان تخرج من ازمتها. فعليه كانت مقاطعة الانتخابات هي شكل نضالي متقدم بالنسبة للجماهير التي اصبحت اكثر وعيا، ولكن يجب الاستمرار بأشكال نضاليه اخرى.
لا طريق أمامنا سوى تصعيد النضال السياسي والأجتماعي والأقتصادي ضد الأسلام السياسي وفرض التراجع عليه، أذا أردنا الأنتقال الى بر الأمان والحرية والرفاه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما ردود الفعل في إيران عن سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز


.. الولايات المتحدة: معركة سياسية على الحدود




.. تذكرة عودة- فوكوفار 1991


.. انتخابات تشريعية في الهند تستمر على مدى 6 أسابيع




.. مشاهد مروعة للدمار الذي أحدثته الفيضانات من الخليج الى باكست