الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-مفهوم الحريّة- يتبع مصالح البيت الأبيض!

السيد شبل

2018 / 5 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


في نوفمبر الماضي، قرر موقع جوجل التضييق على المواقع الإخبارية الروسية، مثل روسيا اليوم وسبوتنيك، وكان سبيله لفعل ذلك هو حصار ظهور أخبار تلك المواقع كمقترحات عند إجراء أي بحث، بالإضافة إلى إخفاء أخبارها من صفحة الأخبار اليومية (شيء مماثل يفعله جوجل على المستوى العربي مع المواقع الإخبارية العربية التي تتبنى نهج المقاومة عامة).

جوجل ببساطة شركة أمريكية تخدم مصالح واشنطن، التي هي مصالحها أيضًا حيث الشراكة بين الاقتصاد والسياسة مؤكدة، وللأسف ينسى كثيرون أمريكيّة هذا النوع من الشركات بسبب توهّمهم أن العولمة تعني نوعًا من الأمميّة والشراكة المتعادلة بين الشعوب والجنسيّات، بينما العولمة، بالنظر للواقع، تعني مزيدًا من الأمركة!.

وهذه المصالح تتمثل في تعزيز سيادة البيت الأبيض على العالم، ومناهضة أي قوى منافسة أو ترفض التبعيّة له، أما الشعارات الرنانة المتعلقة بحرية الإعلام وترك المجال للمنافسة، فهي لا تزيد عن كونها مجالا لتنصّب واشنطن نفسها بناءًا عليه وصيّة على العالم، بمعنى أنه يلعب دور المبرر والذريعة للتدخل والإزعاج والمزايدة.

نهج جوجل في هذه القضية التي تلعب دور المثال لا أكثر، متماشي مع كون مؤسِسه سيرجي برين يحمل كراهية للاتحاد السوفيتي، ورثها عن أسرته اليهودية التي تزعم تعرضها لاضطهاد من الروس قبل الهجرة للولايات المتحدة في نهاية السبعينيات، إلى جانب ذلك فـ "برين"، وهذا مُهمّ، أحد رجال الأعمال المتبرعين للمنظمات الصهيونية التي تغري اليهود وتحثّهم على الهجرة لفلسطين المحتلّة، وقد نشرت الصحف الأمريكية في أكتوبر 2009 بالتحديد أخبارًا عن تقديمه مليون دولار لتوطين اليهود في فلسطين.

في سياق قريب فإن ما يفعله دونالد ترمب اليوم مع الصين يندرج ضمن ذات النوع من إجراءات "تقييد الحريّة" عندما تتضاد مع مصلحة السيّد الأمريكي، فترمب اليوم يصعّد باتجاه فرض سياسات حمائيّة على المستوى التجاري في مواجهة البضائع الصينية، متذرّعًا بأشياء على شاكلة: أ- ملكيّة الحكومة الصينية لكثير من المنشآت (كأنه محرّم أن يملك عموم الشعب مؤسسات يصب عائدها كاملًا في جيوبه!)، ب- مساعي الصين لإيجاد وسائل تنقل عبرها التكنولوجيا الغربية إليها، فيما يعتبرونه "انتهاكًا لحقوق الملكيّة الفكرية"!، وهذا المسلك الحمائي تحرّض شركات الطيران الأمريكية على التصعيد به في مواجهة كافة الشركات التي تنافسها بهذا المجال بعد أن أحسّت بالتهديد، حتى لو كانت تلك الشركات تابعة بالكليّة، وتعتمد بشكل أساسي على المعدّات وشركات التنشغيل الغربية كما هو الحال في شركات الطيران الإماراتية أو القطرية أو التركية، حتى المال يذهب كثيرٌ منه إلى بنوك أجنبية.

ما تفعله واشنطن على المستوى الدولي، يفعله تابعوها في الرياض على المستوى الإقليمي، فقبل أسبوع تقريبًا من انطلاق الموسم الرمضاني قررت قناة سعودية جديدة: sbc (saudi broadcasting corporation - هيئة البث السعودية) عدم عرض مسلسل مصري مأخوذ عن رواية ليوسف السباعي تحت عنوان "أرض النفاق"، بسبب أداء أحد الصحفيين المرفوضين عند الرياض لدور في هذا المسسل (غالبًا الرفض على خلفية قضية جزيرتي تيران وصنافير المصريتين)، وهذا دفع الشركة المنتجة لحذف مشاهد هذا الصحفي-الممثل، والاستعاضة عنه بآخر، وتسريع التصوير للحاق برمضان، وضمان العرض، وهذا ما حصل فعلا.

المشكلة ليست هنا فقط، فأغلب الحكومات تفعل أشياء من هذا النوع. المشكلة أن هذه التصرفات عندما تقع فإنها تواجه باعتراض، لكن في حالة السعودية ابتلع الكثيرون ألسنتهم، وفي مقدمتهم "الليبراليين الجدد"، بل بما فيهم أصحاب القضية أنفسهم!، وهذا يدلّ من جديد على أن "مفهوم الحرية" ليس أصيلًا وإنما يتبع مصالح عواصم ورجال أعمال.. إلخ، كما يدلّ على أن النظم الخليجية، تتمدد بالفعل، وتوسّع من حجم حصارها للمجال العام (من الأخبار إلى الدراما)، وهذا بالأساس بفضل الحماية والدعم الغربيين، والردّ يجب أن يكون بالتصدّى والمنافسة وتعزيز الدور القومي، لا بترديد دعاوى الانعزال الخائبة، وترك المجال العربي أمام تلك العائلات المالكة.

الحقيقة أن ظهور الإس بي سي السعودية، وسابقًا قنوات الإم بي سي المملوكة للوليد آل إبراهيم شقيق زوجة الملك فهد، بالإضافة إلى روتانا الوليد بن طلال، والشبكتين المشفّرتين: OSN (التي هي شراكة بين بعض أمراء آل سعود والابن الثاني لأمير الكويت)، ART (صالح كامل).. يعني أننا قد نشاهد قريبًا المؤلفين وهم يستأذنون الملوك والأمراء قبل أن يكتبوا حرفًا، كما هم الآن يتحاشون، في الغالب، الإساءة لرجال الأعمال الذين يملكون الفضائيات، بالإضافة إلى تقديمهم إعلانات صريحة للشركات الغربية الكبرى من النقل.. للمواد الغذائية.. للمطاعم، ووقتها، أيضًا، لن نسمع إشارة إلى هذا الأمر باعتباره انتهاكًا للحريات أو حقوق المشاهد، لأن "الماكينة الحقوقيّة" لا تعمل إلا حسب الطلب وفي خدمة مصالح من يغذّيها بالمال والنفط!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما ردود الفعل في إيران عن سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز


.. الولايات المتحدة: معركة سياسية على الحدود




.. تذكرة عودة- فوكوفار 1991


.. انتخابات تشريعية في الهند تستمر على مدى 6 أسابيع




.. مشاهد مروعة للدمار الذي أحدثته الفيضانات من الخليج الى باكست