الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهوية والتجذر والبحث عن اليقين

بقلم الدكتور منير فوزي

2018 / 5 / 21
الادب والفن


الهوية والتجذر والبحث عن اليقين
قراءة في رواية (مشاعر خارجة عن القانون) لـ "رولا غانم"
منير فوزي- مصر
-1-
رواية (مشاعر خارجة عن القانون) هي الرواية الثانية للروائية الفلسطينية "رولا غانم"؛ وقد صدرت في عام 2016م عن دار كل شيء بحيفا؛ وقد سبق أن نُشر لرولا رواية أخرى بعنوان (الخط الأخضر) عن دار الجندي للنشر والتوزيع بالقدس في 2015م أيضًا, وقد وقعت الرواية في حوالي 160 صفحة من القطع المتوسط.
وتنتمي الروايتان كلتاهما ( الخط الأخضر ومشاعر خارجة عن القانون) إلى ما يسمى في مجال المصطلح الروائي بالنوفيللا novella أو القصة وحيدة الحدث novelle أو الرواية القصيرة short novel , وكلها – في العموم- تعني مصطلحًا واحدًا؛ يختص بنوع من الكتابة السردية غير المسهبة, يمثل حلقة وسيطة بين القصة والرواية, وأشهر من كتب في إطار هذا النوع الأدبي الروائي البريطاني "د.هـ.لورانسD.H. Lawrence(1885-1930م) الذي يعد واحدًا من أهم الروائيين البريطانيين في القرن العشرين؛ وأشهر رواياته في هذا النوع "العذراء والغجري The Virgin and the Gypsy" والتي نشرت بعد وفاته (1930م), والمرأة التي جمحت "The Woman who Rode Away" ونشرت عام 1928م, بالإضافة إلى أعمال أخرى متنوعة منها على سبيل المثال لا الحصر: الثعلب The fox (1923م), ودمية الكابتن The Captain s Doll(1923م) والأم والابنة Mother and Daughter (1929م) وغيرها من الأعمال الأخرى.
أما في عالمنا العربي المعاصر فقد انتشر هذا اللون من الروايات ليتناسب مع إيقاع العصر, من وجهة نظر أصحابه, فلا مجال للاستطراد والاستطالة؛ بقدر الميل إلى التكثيف والاختزال, وإن أعمالاً بشاكلة ثلاثية نجيب محفوظ (بين القصرين- 1956- قصر الشوق-1957- السكرية- 1957م) أو خماسية (الساقية) لعبد المنعم الصاوي (الضحية- الرحيل- النصيب- التوبة- الحساب) أو خماسية مدن الملح لعبد الرحمن منيف (التيه- الأخدود- تقاسيم الليل والنهار- المنبت- بادية الظلمات) (1984-1989م)أو غيرها ربما لا نجد صداها لدى القارئ العربي المعاصر, حيث تمثل من حيث المساحة الكتابية والطباعية عبئًا على المتلقي/ القارئ, وهو ما يجعله يحتاج لوقت طويل نسبيًا حتى يفرغ من قراءتها؛ وقد لا يكون مثل هذا الوقت متاحًا له بحكم تعقدات الحياة, وكثرة الانشغالات وازدياد المتطلبات اليومية؛ وإن كانت هذه المقولة تظل في النهاية مجرد وجهة نظر قابلة للتفاوض, لأن الإبداع الروائي ليس سلعة معروضة للبيع, كشأن سائر السلع والبضاعات, بل هو متعة أصيلة وفن وتذوق بالغان, يسعى لإدراكهما الإنسان القارئ الباحث عن جوهر الفن الحقيقي, فيتلمسه في أي حجم وأي صورة ومظهر مهما كثرت عدد صفحاته, أوتعقدت شخوصه وأحداثه.
عمومًا, انتشر هذا القالب في عالمنا العربيّ بفضل إسهامات " مجيد طوبيا" (مولود في 25 مارس 1938م) من خلال رواياته: ( دوائر عدم الإمكان- 1972م) – و (الهؤلاء- 1976م) و (غرفة المصادفة الأرضية- 1978م), و"عبده جبير": (فارس على حصان من خشب- 1978م- سبيل الشخص 1983م) و"محمد مستجاب": (من التاريخ السري لنعمان عبد الحافظ- 1983م)- و(الرابع من آل مستجاب- 2002م) وغيرهم.
ومع انتشار هذا اللون الكتابي واتساع نطاق تلقيه, نجد "رولا غانم" تقدم في إطاره روايتين أولاهما (الخط الأخضر) والثانية (مشاعر خارجة عن القانون)؛ ومن خلالهما تحاول "رولا" تقديم رؤية فنية للعالم الفلسطيني بشخوصه وأحداثه وفضاءاته, وتطلعات أبنائه للمستقبل, مستخدمة لغة اختزالية شفافة ومباشرة, وهو الأمر الذي سنتوقف عنده – تفصيلاً- في روايتها الثانية (مشاعر خارجة عن القانون).
-2-
تدور أحداث الرواية في إطار عدد من الدوائر المتماسّة مع بعضها, أولها: التجربة الجامعية للطالبة "أحلام" التي التحقت – مع مطلع الرواية- بالجامعة العربية الأميريكية في (جنين), وهناك نجدها تحاول التعرف على الحياة الجامعية, مندهشة من اختلاط الشباب في قاعات المحاضرات وتلقي العلوم, وتلتقي بشاب فلسطينيّ من مخيّم جنين يعمل حارسًا لبوابة الجامعة, فيقوم بينهما من أول وهلة إعجاب متبادل رقيق, ثم يحاول هذا الفتى أن يتم مشروعه وعلاقته بأحلام بالتقدم لأسرتها لخطبتها, لكن الأب يرفض لأنه من وجهة نظره (ابن مخيم), ولا يليق أن يكون صهرًا له, وهو الثري مدير إحدى الشركات, ولا يتوقف رفض الأب عند هذا الحدّ؛ بل يقوم بمعاقبة ابنته المصرّة على الحفاظ على حبها من "بهاء", فيخرجها من الجامعة ويرسلها لأخيه المقيم في دولة الإمارات بدبيّ, مما يؤثر ذلك على مزاجها ونفسيتها وصحتها, التي تعتلّ اعتلالاً شديدًا؛ فتصاب بارتفاع في ضغط الدم, مما يؤثر على سلامتها الصحية, وهو الأمر الذي يدفع والدها إلى التراجع عن قسوته تجاهها فيما بعد, والقبول بزواجها من "بهاء".
والدائرة الثانية من دوائر التماسّ في الرواية" العالم الجامعيّ, الزميلات والصديقات والزملاء: "بيسان" من مدينة "قليقلة", وهي من أسرة ميسورة الحال, لكنها يتيمة الأم, التحقت بكلية الهندسة وترغب في التخصص بالاتصالات, و"زينة" من "رام الله" تخصص "صحافة وإعلام", و"ميس" من "الناصرة" في الداخل المحتلّ, و"مروان" الثري من "جنين" والراغب في دراسة القانون, وقد حاول أن يستميل قلبها تجاهه, لكنها تأبى, وتحتفظ بمشاعرها الخاصة كلها لبهاء, مما يوغر صدر مروان عليها, فيدبر لهما المكائد, ويدفعه رد فعلها تجاه مشاعره إلى التورط في خطبة "زينة" ليغيظها, ولكنها تسعد لصديقتها التي لم تتبسم لها الأيام من قبل, ونظرًا لأن هذه الخطبة لم تكن قائمة على مشاعر حقيقية من مروان فإنه سرعان ما يقع الانفصال, وبعدها يصاب "مروان" بداء عضال, فيطلب من "بهاء" -بعد أن سبب له ولأحلام مشكلات كبرى- أن يسامحاه, ويغفرا له!
ويضاف لعالم الجامعة شخصية أخرى وافدة هي "دلال" أخت "بهاء" التي تدرس طب الأسنان, الوحيدة التي مكنتها الظروف في عائلتها للتعلم الجامعي, ويرسلها "بهاء" للتعرف على أحلام" وإقامة صداقة معها.
الدائرة الثالثة هي دائرة الأهل والجيران. الأسرة: الأب أحمد (أبو رفيق) والشقيقات الصغريات: (لينا ومنى وعبير), و(رفيق) الأخ الوحيد, ولا نكاد نجد لهم أية فاعلية تذكر في الرواية, باستثناء الأب أحمد (أبو رفيق), وكذلك نتعرف على الأم المغلوبة على أمرها, والجدة, والعم (أمجد) الذي تفرد له الرواية مساحة جانبية لا بأس بها؛ لمتابعة تطورات إطار علاقته بـ "أم مؤيد" التي تكبره سنًا, ولها مشكلات عميقة مع زوجها (أبو مؤيد), والتي تنتهي بخلعها له؛ لكثرة ضربه لها, ولعجزه عن إيجاد عمل له؛ حيث إنه غير متعلم, ولأن الشرط الأساسي للالتحاق بأي عمل أن يكون المتقدم له حاصلاً على شهادة, فهو يخفق في الحصول على عمل بسبب ذلك؛ غير أن "أم مؤيد"على خلافه تلتحق بعمل, وتحقق فيه نجاحات, وبعد أن تجد في العمل ذاتها وتحققها تقرر ألا ترتبط بأي رجل كان مهما كانت مكانته, بعد معاناتها, وتجربتها المريرة مع عالم الرجال ممثلة في زواجها من (أبو مؤيد).
أما العم (أمجد) فشخصية متقلبة, إنه يعمل بأحد الأجهزة الأمنية, وهو من عشّاق فريق "برشلونة" لكرة القدم, وبسبب تعصبه للفريق أثناء مشاهدته لإحدى المباريات فإنه تحدث مشاجرة بينه وبين صديقه "إسماعيل" تنتهي بإلقاء كرسيّ خشبيّ على رأس "إسماعيل" وتتسبب في إغراق جبينه ورأسه بالدماء, مما يستدعي تدخل الشرطة وحضور سيارة الإسعاف, ولولا حنكة أحمد (أبو رفيق) وسيطرته على الأمر وقيامه بسداد تكاليف علاج "إسماعيل" في المشفى, ومراضاته لأهله, واعتذاره البالغ لهم؛ لتحول الأمر لمجرى آخر.
وتكشف مرارة الجارة (أم حاتم) معاناة الأسر الفلسطينية, حيث يقبع أبناؤهم في سجون الاحتلال تحت إطار (الاعتقال الإداري), وهو نوع من الاعتقالات لا يكون مصحوبًا بتوجيه تهمة محددةولا يقود لمحاكمة, وكل اعتماده على ملف سريّ وأدلة غير معلنة, لا يتمكن محامي الدفاع من الاطلاع عليها,ولا تفنيدها,ويقوم السجناء الفلسطينيون المعتقلون في أحد سجون الاحتلال (وهو سجن مجدّو) بالإضراب عن الطعام, ومعهم يضرب (جواد) ابن (أم حاتم) المعتقل في السجن ذاتهعن الطعام, وتخشى أمه أن يحيق به الموت.
وتفرد الروائية "رولا غانم"فضاءات الفصل السادس من روايتها بأكمله لرصد رحلة زيارة (أم حاتم) لابنها الكبير (حاتم) في السجن, كاشفة عن المعاناة الكبيرة وما يلاقيه السجناء وعائلاتهم من تعب ومشقة بدنية ونفسية, لتنتهي الرحلة التي ( لم تبل الريق, ولم تشفِ من ظمأ, مخلّفةً آهاتٍ وأوجاعًا لا تنسى)!
تتعانق الدوائر الثلاثة فيما بينها لتشكّل نسيجًا كليًّا للرواية, ومن خلال تلاحمها نستطيع ان نضع يدنا على صورة العالم الفلسطيني بما يموج به من تناقضات ومعاناة, وحجم العذاب اليومي الذي يتكبده العمال الفلسطينيون وأسرهم وطلابهم, وانعكاس ذلك على معنى الحياة؛ حيث قيود الاحتلال في كل موضع وكل مدينة, وعلى الرغم من كل هذا التشدد والمغالاة فإن المحتلّ الصهيونيّ لا ينجح في إحكام السيطرة على العمليات الفدائية التي يقوم بها الشبان الفلسطينيون؛ ولا يتمكن من إيقافها تمامًا برغم القهر البالغ وإحكام السيطرة على المدن ومداخلها, وهو المشهد الذي يرد ذكره مع تغيير مسار رحلة "أحلام" للجامعة في أول الرواية بسبب استشهاد فدائي على يد رجال سلطات الاحتلال عند حاجز "عناب" وإغلاق الطريق الرئيسي بسبب هذه العملية الفدائية.فتقول "أحلام":" أنا لم ألحّق محاضرة اللغة العربية بسبب تأخيرنا على حاجز عناب، لقد قام الجيش بتفتيشنا إثر عملية طعن حدثت في المكان، أو محاولة طعن كما قالت قوات العدو أسفرت عن استشهاد الفاعل على الفور" – الرواية ص19.
-3-
البطل المحوري في رواية (مشاعر خارجة عن القانون) ليس شخصية بعينها, فلا هو "أحلام" ولا "بهاء" ولا الجدة, برغم فاعليتها وتأثيراتها الملموسة في حركية الرواية, ولا هو "أحمد أبو رفيق"ولا "أم مؤيد" ولا غيرهم. بل هو الزمن, الشخصية الاعتبارية الوحيدة, التي في إطارها تتمكن الشخصيات الرئيسة والهامشية من تبديل قناعاتها ومواقفها.
إنه يغيّر رؤية "أحمد أبو رفيق"ويجعله يعيد النظر في مسألة التفاوت الطبقي تجاه "بهاء", ابن المخيمات, وبينه, هو المدير العام, قاطن طولكرم, كما أنه يتراجع عن ظلمه لابنته "أحلام", والزمن كذلك هو ما يجعل "أم مؤيد" تعدّل رؤيتها لمفهوم الزواج والأسرة, فتستيقظ شخصيتها الخاضعة للأعراف وللتقاليد وللزوج السلبي, وتقوم بالانشقاق عليه, ثم خلعه في المحاكم, كما إنها ترفض عرض "أمجد" للزواج منها أيضًا؛ فلم تعد لها ثقة بالرجال, وتبحث عن عمل وتتفانى فيه, بجد ودأب ونشاط, من أجل أن تطور وضعها المجتمعيّ, وتحسّن ظروفها الأسرية, من أجل ضمان مستقبل أفضل لأولادها؛ وفي ضوء هذا التطور تتخذ قرارًا قاطعًا (وهو العيش وحدها دون زواج), وتأخذ على عاتقها تربية أبنائها وتعليمهم, ويبقى بيتها محطة لالتقاء الصديقات تتنشق فيه طعم السعادة والحرية باستمرار.
والزمن هو الكفيل بتبديل موقف "مروان" من "أحلام" و"بهاء", إنه يطلب منهما أن يسامحاه على خطئه؛ بعد أن يقر بذنبه في حقهما, وأنه كان المسئول عن تشويه صورتيهما عند "أبو رفيق".
والزمن هو المسئول عن إطلاق سراح "جواد" ابن "أم حاتم" من سجنه, بعد أن قضى فيه فترة طويلة, وبانتهاء مدتها الزمنية أصبح من حقه أن يخرج من سجون الاحتلال الإسرائيليّ ويغدو حرًا طليقًا.
-4-
تتسع الفضاءات الزمانية والمكانية بالرواية ما بين مدن: طولكرم وجنين ودبيّ والنقب, حيث البيت والجامعة والسفر والسجن, ويتتتبع السرد الروائي كل هذه الفضاءات بطريقة تبدو عفوية, حيث يرتبط الحنين والاشتياق بطولكرم والجامعة, بينما نستشعر النفور من قسوة زيارة السجن بالنقب, وكذلك الرحلة إلى العم "أسامة" بدبيّ؛ حيث يحلّ المرض والهزال.
-5-
الشكل الفنيّ الذي ارتضته "رولا غانم" لروايتها يعتمد على تقنية أو تكنيك فني محوري يتمثل في إدراج (عتبة نصية) تسبق أول كل فصل؛ تلجأ إليها الكاتبة مستخدمة قولاً شعريًا (في الأغلب), أونثريًا (مرة وحيدة), ويمثل هذا الاستباق إطارًا بديلاً لفكرة (عنونة الفصل) أو اتخاذ عنوان محدد له, حيث تتصدر كل فصل من الفصول (الأثنا عشر) كعدد شهور السنة, مقدمة نصية استباقية؛ يمثل محتواها الدلالي بديلاً عن عنوان الفصل, وقد جاءت على النحو التالي:
1- الفصل الأول: جاء بيت (امرئ القيس) في معلقته بديلاً عن العنوان: (الليل الطويل).
2- الفصل الثاني: جاء بيت (المتنبي) بديلاً عن عنوان (غرام) أو بدلالته.
3- الفصل الثالث: أطّر بيت عبد الكريم الكرْمي (أبو سلمى) لفكرة (النضال).
4- الفصل الرابع: دلّت أبيات (عبد الواحد المغربي) على قدوم (رمضان).
5- الفصل الخامس: كرّس نص (محمود درويش) فكرة (اللاجئين).
6- الفصل السادس:كان بيت (نجيب الريس) بديلاً عن عنوان (السجن).
7- الفصل السابع: كرّست أبيات (نزار قباني) وضع (امرأة لا مبالية).
8- الفصل الثامن: حثت أبيات (مظفر النواب) على (الصمود).
9- الفصل التاسع: أشارت كلمة الأستاذ (عباس العقاد) إلى (الخيانة).
10- الفصل العاشر: كان موّال (فهيد البقعاوي) دالاً على (الترحال).
11-الفصل الحادي عشر: أشار بيتا (الإمام الشافعيّ) إلى فضاء (الموت).
12-الفصل الثاني عشر:اختتمته ببيت أبي تمام, ولكن هنا ليس للسهد والأرق؛ بل للحب ولـ (لحبيب الأول).
-6-
بقيت إشارة أخيرة, وهي مختصة بما أوردته الكاتبة في مستهلّ روايتها, وأشارت إليه بوصفه نسجًا أسطوريًا: ذلك أنه (حسبما توالت الأخبار، فإنّ أحلام صارت تبيع وتشتري بكل من لم يكن له قلب يدقّ حبّا بهؤلاء الذين استولت على حياتهم وأحلامهم وأمنياتهم قبضة هذا الوحش الذي لم يقدر حتى الآن على قلع عينيه أحد، وتقول الأسطورة: إنّ هذا الوحش ما لم يجتمع الكلّ ويكنّسون بمقشّة المعرفة خلافاتهم، ويحفرون بمعول نسيان الأحزان تلك الصّخرة التي ينام عليها بعين مغمضة وعين مفتوحة، فإنّه سيستمر في أكل الأولاد مع كل صباح، ونزع قلوب العشّاق من صدورهم مع غروب كل شمس، حتى يجيء اليوم الذي لا يبقى به أمّ تصلح لإنجاب مولود جديد، أو عاشق يقدر أن يرسم بغمزة عينه ابتسامة لفتاة تظلّ تنتظره إلى أن يعود، وشدّة الفزع ستصير شجرة يتسلّق عليها كل ولد من أولاد هذا الوحش، وحينها لن يغفر لأحد نسيان من صعد من الشّهداء، هذا ما جاء في الأسطورة)- الرواية ص 5.
فماذا كانت تقصد الكاتبة بذلك؟
هل كان الوحش - الذي لم يقدر حتى الآن على قلع عينيه أحد- فتتحول معه شدة الفزع منهإلى شجرة يتسلق عليها كل ولد من أولاد هذا الوحش, ما لم يتحد الكلّ ويجتمعون على نبذ خلافاتهم ونسيان الأحزان, ومحوه بالمعرفة.
ما لم يتم ذلك, فسيظل الوحش فاغرًا فاه مستمرًا في ابتلاع الأولاد كل صباح, ونزع قلوب العشّاق من صدورهم مع غروب كل شمس.
ما كنه هذا الوحش؟ أهو الاحتلال؟ أهو التفرق والتباعد والتباغض؟ أهو التقاليد البالية العتيقة؟
ويبقى السؤال معلقًا دون إجابة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الناقد الفني طارق الشناوي يحلل مسلسلات ونجوم رمضان


.. كل يوم - طارق الشناوي: أحمد مكي من أكثر الممثلين ثقافة ونجاح




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي لـ خالد أبو بكر: مسلسل إمبراطور


.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي: أحمد العوضي كان داخل تحدي وأثب




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي : جودر مسلسل عجبني جدًا وكنت بق