الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في حتمية زوال (اسرائيل)

خالد صبيح

2018 / 5 / 21
القضية الفلسطينية


في لقاء متلفز قال ذات مرة الشاعر المصري احمد فؤاد نجم:

( اسرائيل دي حاتزول، وماتسألنيش ازاي عشان ماوجعلكش دماغك وتوجعلي دماغي)

الفاجومي لايعرف كيف يبرر ويفسر قناعته بزوال هذا الكيان الملفق لانه ليس استراتيجي، فهو شاعر، وماقاله هو نبوءة شاعر، رؤيا.

بيد ان ايران لها رؤية واقعية وعملية حين تقول عند اي نزاع وتوتر بينها وبين امريكا وصنيعتها (اسرائيل):

(إن (اسرائيل) ستزول من على الخريطة في اي حرب تشتعل في المنطقة).

ولا اظن ان ايران تتنطع بكلام مجاني بلا اسس، وهي تعني ماتقول، ولقطع الطريق على احتجاجات كارهي ايران، اقول ان لايران في قولها هذا (وفعلها في المستقبل) دوافع نابعة من خلفية ايدلوجية ولمصلحة قومية ايضا، كما يقولو العارفون بشؤون الاستراتيجية.
ومايجعل ازالة اسرائيل امرا ممكنا وحتميا ليس رغبة ايران او غيرها بازالتها، وهي رغبة يشترك فيها كثيرون، وانما الامر يتعلق بجذر تكوينها وبنيتها ذاتها. فهي قامت، في دعاوها المعلنة، على تلفيقات ايدلوجية دينية غير منطقية، مثل اسطورة ارض الميعاد، والدين باساطيره ليس تاريخا، وهذه الخلفية شكلت طبيعتها التي ستطبعهبا بطابعها وتشكل بنيتها وتركيبتها التي بسببها (بالاضافة لعوامل اخرى طبعا) سيتحلل ويضمحل هذا الكيان ويزول.

فـ (المجتمع الاسرائيلي) كما يعرف من يعرف تاريخه تشكل من هجرة واسعة من قوميات وأوطان مختلفة، يعني ثقافات وبنيات عقلية ونفسية مختلفة ومتباينة يصعب صهرها في بوتقة عقلية ونفسية مشتركة. وكما كانت دوافع هؤلاء للهجرة لهذه الارض المغتصبة دوافع مصلحة وهروب من بؤس اقتصادي وعزلة اجتماعية وخوف مزمن صاحب بعض اليهود في مجتمعات اوربا التي اضطهدتهم فان مايبقيهم (متماسكين) داخل (مجتمع) مشترك هو مدى قوة شعورهم بالامان. ولهذا نرى (دولة اسرائيل) تراهن على قوة الردع لديها وتنشغل به وتجعله اولوية استراتيجية لها لانه يعني وجودها كله. فهي بغير هذا الردع لن تستطيع ان تبقى على قيد الوجود. ولهذا تبالغ وتتطرف في ردود فعلها ازاء اي تحدي لقوة ردعها لان هذا سيفضي بالضرورة الى اختلال في قناعة (ساكنيها) بامكانية بقاءهم وجدواه. ونتج عن ذلك قلق وجود جماعي، فـ(الاسرائليون) يعيشون في غيتو موسع، كبير، يعانون فيه من العزلة وعدم القدرة على التواصل مع محيطهم، فهم يقفزون على الجغرافيا، كما قفزوا على التاريخ، في تواصلهم وممارسة اي فعالية تمارسها كل المجتمعات، فهم يمارسون فعالياتهم الرياضية والفنية ضمن القارة الاوربية لان محيطهم يرفضهم، واكيد ان مجتمع لايستطيع التواصل بسلاسة مع محيطه سيعاني العزلة والاحباط. وسيعشش الخوف غريزيا داخله.

ورغم ان (اسرائيل) تطور بشكل متواصل، وبدعم غربي وامريكي على وجه الخصوص، قدراتها الردعية وتصعد في عنفها بطريقة لا اخلاقية ضد اي تحرك ضدها حتى وان كان سلميا،(مسيرات العودة مثلا) بل انها تحاول قمع حتى الانتقادات العادية ضدها التي يمكن ان تتعرض لها اي دولة او نظام حكم، حتى تلك الصادرة من مثقفين واعلاميين غربييين، رغم كل هذا الا ان قدراتها الردعية في انحسار وتراجع مستمرين، وهذا نابع بالاساس من تعاظم قدرة المواجهة والمقاومة لمشروعها ولوجودها، وهذا من بداهات الواقع، ماولد توازن رعب وردع مضاد صار يخيفها.

ولنلقي نظرة سريعة ومختصرة على هذا التاكل والتراجع.

كانت هزيمة حزيران عام 1967 قمة صعود الغطرسة ( الاسرائيلية) وغرورها، (راجعوا كيف كانت تتصرف وكيف كان يتحدث قادتها في تلك الفترة). (بالمناسبة هم غالبا ما يحققون نجاحاتهم بسبب هشاشة خصمهم الذي تعجزه اشياء مثل الغرور وانعدام الكفاءة والتفكك الداخلي، وهذه كانت حال نظام عبدالناصر المتسبب في هزيمة حزيران.

بعد هذه الهزيمة كانت هناك حرب الاستنزاف التي توجت بحرب اكتوبر التي كسرت شوكتهم واذلتهم والغت اسطورة الجيش الذي لايقهر الزائفة.

واذا كان عبدالناصر لا يجيد استثمار طاقات المصريين والعرب، فان السادات قد فرط بها، مامنح العدو متنفس جديد وحقق نجاحا جزئيا بتفكيك وحدة الجبهة المواجهة له باخراج مصر منها.

لكن حرب تشرين كانت اخر حرب مناسبة لمزاج العدو، فـ( اسرائيل) تريد مواجهة جبهوية شاملة مع جيوش نظامية تعرف ان البلدان العربية لاتجيدها بسبب غياب مركزية القرار ووحدة التوجه وغيرها مما هو معروف عن اوضاع الانظمة العربية واساليبها الركيكة في مواجهتها لـ (اسرائيل).

وهنا انبثق اسلوب حرب التحرير الشعبية التي كانت تقودها منظمة التحرير الفلسطينية التي أدمت العدو واستنزفته لسنوات وغيرّت جزئيا في معادلة المواجهة معه. لكنه تمكن بتواطئ دولي، وصمت عربي وتعاون محلي لبناني من ابعاد المقاومة الفلسطينية من خط المواجهة معه في سابقة خطيرة باحتلاله لعاصمة عربية، هي بيروت، عام 1982. لكن مشروعه فشل فشلا ذريعا بدءا بمحاولته تنصيب رئيس عميل ياتمر باوامره ( بشير الجميل) (الذي اغتيل بقرار وطني لبناني على يد حبيب الشرتوني) ولاحقا بانسحاب جيشه المذل من بيروت وهو يتوسل المقاومين عبر مكبرات الصوت بعدم استهدافه.

واذا نجح العدو في ابعاد المقاومة الفلسطينية، فقد ولدت، كامتداد وتطوير نوعي لها، مقاومة وطنية لبنانية ستاخذ لاحقا هوية اسلامية يقودها حزب الله توجت مواجهتها النوعية المستمر له بطرده، وتصفية صنيعته (جيش لبنان الحر، جيش انطوان لحد) عام 2000 من جنوب لبنان الذي كان يتنزه به واليه قبل ذلك دون رادع.

اشتد عود المقاومة اللبنانية واصبحت ندا يقلق العدو ماحدى به الى مغامرة جديدة بحرب تموز 2006 التي اعترف هو نفسه، رغم الخراب والتدمير الذي تركته ترسانته المتطورة وهمجيته في لبنان، بفشله بتحقيق اي من اهدافها، حيث لم تتوقف صواريخ المقاومة عن ضرب العمق (الاسرائيلي) طوال ايام الحرب. ونتج عن هذه الحرب تطوير نوعي وكمي لقدرات المقاومة وتكتيكاتها. واذا كانت في حرب تموز تمطر عمق فلسطين بـ(150) صاروخ يوميا، فانها قادرة الان، وباعتراف العدو نفسه وبارقامه، ان تمطره باكثر من (1500) صاروخ يوميا وبمديات تطال كامل ارض فلسطين المحتلة.

وقد راهن العدو على تفكيك الدولة السورية واسقاط نظام الحكم فيها باطلاق كلابه المسعورة من دواعش واشباههم في (الثورة) السورية المشبوهة، واشغال حزب الله بالمعارك هناك لانهاكه واضعاف قدراته،لكن الصراع تمخض بالنتيجة عن صمود الدولة السورية وتعاظم قدراتها، وكذلك تعززت قدرات حزب الله القتالية وازدادت خبراته وقدراته التسليحية، بالاضافة الى تغير بعض الموازين الدولية والاقليمية لصالح تعزيز موقف المقاومة، وربما سيفضي الامر بعد كسر حواجز الخوف بفتح جبهة الجولان ضد العدو.

هذه المعطيات والتحولات تؤكد رجحان كفة المقاومة مايعني أن ( اسرائيل) سوف تصبح بمرور الزمن عاجزة عن مواجهة القدرات القتالية للمقاومة ومن يدعمها، وبالتالي سيكون لهذا انعكاسا نفسيا ومعنويا على الجبهة الداخلية، ولن يجد عندها المستوطن، الذي لاتربطه في هذه الارض غير المصلحة والحاجة للأمن، مايبرر بقائه بعد أن يصير أمنه متزعزعا، وحياته واملاكه مهددين، وعندها، نتيجة لذلك، وبالتضافر مع عوامل اخرى تصب في نفس الاتجاه سيترك هذا الوافد الانتهازي الارض لأهلها ويعود من حيث اتى وتضمحل تلقائيا (الدولة) الملفقة التي لن تجد ( شعبا) تدير شؤونه.

هذا الكيان زائل لانه يعاند التاريخ ويريد السير بعكس اتجاهه، غير مدرك من ان تجربة امريكا واستراليا لن تتكررا، وان مصائر الشعوب ومسار التاريخ لن يقرره تاجر بذيء مثل ترامب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بقاء اسرائيل حتمي
ابو محمد ( 2018 / 5 / 21 - 21:27 )
اليهود تجمع ذات ابعاد حضارية يرغب اليهم الناس من كل بقاع الارض لما يستفيدونه منهم من علوم وادارة وخبرة اقتصادية
الشعب اليهودي يمكن نسج حياة مشتركة معهم بالمعروف والمصلحة المشتركة
وكل هذا ليس على حساب تسوية حسابات العدوان على المجتمع والارض في فلسطين
وتبين انه لا يمكن ومن غير الواقعي اخراج الشعب اليهودي من فلسطين ومن المنطقة لان من يريدونهم حلفاء وشركاء اكثر من رافضيهم علاوة على معايير الندية والقوة
لو تكلمنا بصراحة فان اكثر الانظمة ربطت مصيرها عضويا باسرائيل ولا تقل النسبة كثيرا عن الطبقة الحاكمة الفلسطينية بارتباط صري اي بالحبل الصري باسرائيل وبدونها تنتهي تلك الطبقة وتزول
التكتيك اليهودي اختلف في هذا العصر فقد اعتمد ربط مصير المشاكسين به فيضمن ان لا يخلعه احد وصار بقاء اسرائيل حتمية وليس زوالها
اسرائيل اغمضت عينا واحدة عن غزة فاخذتها حماس دون قتال حيث لجات فتح لاسرائيل لطلب الحماية مع اجهة السلطة وهي ايضا مكون فتحاوي
وكما قال مرارا جنرالات اسرائيل ان لولا اسرائيل لانتهت السلطة ومعها انزمة عربية كثيرة
الموضوع محبوك مثل النسيج اي مصير الحكم العربي صار مرتبطا تماما ببقاء اسرائيل


2 - التعايش صار ممكنا
ابو محمد ( 2018 / 5 / 21 - 22:17 )
تجربة التعايش مع بني اسرائيل فشلت في الماضي لاسباب غير بشرية
فقد نادوا بدين لا يتعارض مع مصالحهم ولا يكون فيه تشريعات تصطاد المسيء منهم ولما كان المنهج ينزل من السماء ويتثبت كشريعة لاهل الارض كان لا مجال للتفاوض والتسويات في المنهج والتشريع وكان لا بد ان يرحلوا ويزولوا من ميدان الرسالة وقد تمت واكتملت بحمد الله
فالتعايش اليوم ليس فيه اي خطر او اعاقة لاي تشريع
نحن لنا منهجنا الواضح ولنا اعمالنا وهم لهم اعمالهم فان احسنوا احسنوا لانفسهم وان اساؤواا فلها
فقد صار الزوال ليس ضرورة كما كان بالماضي
يعتدون فيعتدى عليهم يحسنون ويحسن اليهم وهنا الاشكالية التي تحصل في الذهنية الاسلامية ان كيف نتعايش معهم وقد نقضوا عهدهم مع رسول الله فاجلاهم
قلنا رسول الله مثل التشريع فلا مجال له ان يلين لهم على حساب التشريع
اما نحن قد تختلف معهم تجاريا وسياسيا وبالمعروف او التدافع نسوي الامور دون ترحيل او عزل فتلك قضايا خلافية تحصل مع الجميع ويقابلها قضايا التقاء تستدعي التعاون


3 - شالوم ابو محمد
خالد صبيح ( 2018 / 5 / 22 - 17:36 )

ليس هناك شيء اسمه شعب يهودي وهذه واحدة من تخريجات الصهيونية وتلفيقاتها، فوفق هذا المنظور هناك ايضا شعب مسلم واخر مسيحي وبوذي.. و و ..الخ.. وهذا امر، كما ترى، لاينسجم مع مسارات التاريخ، فالامم والشعوب تتشكل عبر سيرورة من القواسم المشتركة، ارض وتاريخ وقيم ثقافية واعراف اجتماعية، صحيح ان الدين واحد من عناصر تشكيل الثقافات والقيم ويلعب دورا في سيرورة التاريخ، لكنه لن يصنع واقعا. ولهذا لايمكنك ان تاتي بواحد بولوني واخر اثيوبي وثالث عراقي وتصنع منهم شعبا متجانسا، فالدين اسطورة والاسطورة لايمكنها ان تشكل واقعا اجتماعيا لانها مهما يكن تاثيرها وقيمتها تبقى على الهامش ولايمكنها ان تغير من ضرورات وحتميات الوقائع المادية.
ثم ان الشعوب او الامم، بالمفهوم الحديث، تتشكل من مكونات متعددة وتدمج في بوتقتها كل مكونات المجتمع، فهل ستستطيع (اسرائيل)، بافتراض امكانية بقائها، على دمج العرب، المسلمين والمسيحيين، من سكان الارض الاصليين في منظومتها الاجتماعية والسياسية؟ ام ستصر على يهودية الدولة والمجتمع وتقصي الاخرين وتصير في افضل احوالها مجتمع عزل (ابارتيد)؟

بالمناسبة انت متاكد ان اسمك هو ابو محمد

اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط