الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة اولية لبرنامج (نص كوم) على شاشة العراقية

حسان محمد الانصاري

2018 / 5 / 22
الصحافة والاعلام





ضمن حزمة البرامج المنوعة التي تقدمها شبكة الاعلام العراقي على قناة العراقية العامة برنامج (نص كوم) المنوع الذي يثمل انموذجا للدراما الكوميدية الهادفة، فما هي المقومات التي تميز هذا البرنامج عن غير من البرامج المماثلة التي تعرض على الفضائيات الاخرى خاصة وان بعض ابطال هذا العمل هم ذاتهم في البرامج الاخرى؟ وما هي الرؤية البنيوية التي يتضمنها النص في معالجة الظاهرة الاجتماعية؟
طبعا الاجابة على السؤالين يتطلب تقديم رؤية مكثفة لتفكيك النص الدرامي، فمثل في برنامج (زرق ورق) على قناة الشرقية يقدم الفنان أياد راضي شخصية (ابو فليس) وهي شخصية بخيلة تعود المشاهد على متابعتها خلال اربعة مواسم دون ان يكون هناك تجدد في طبيعة الشخصية باستثناء تغير المشاهد، بمعنى ان الهدف لا يتعدى حدود تقديم المتعة للمشاهد في حين الشخصية التي يقدمها أياد راضي في برنامج ( نص كوم) متنوعة ومتغيرة وتختلف من حلقة الى اخرى، اضافة الى ان الهدف من المشهد هو المتعة الى جانب تقديم رسالة تناقش ظاهرة اجتماعية معينة، ففي المشهد الذي حمل عنوان( لن اعيش في واتساب ابي) قدم النص رسالة مهمة عن طبيعة العلاقة بين جيلين وفق رؤية كل منهما في التعامل مع التقدم التكنلوجي، وحاول النص ان يكشف عن تفاعل الاباء مع وسائل التواصل الاجتماعي ضمن اطار تعامل ابنائهم مع هذه الوسائل، وهي رسالة مهمة ومؤثرة.
وكذلك في المشهد الذي حمل عنوان (الهكر وعيون المدينة) قدم النص رؤية جديدة في تطور العلاقة والصراع السياسي والاجتماعي من خلال تحول هذه العلاقة من طابعها التقليدي الى علاقة تستخدم فيها وسائل التواصل الاجتماعي في عمليات التسقيط والتشهير وسرقة المعلومات الشخصية خاصة ان اختيار الشخصيات وتوظيفها في النص يعد انجاز رائع يحسب للكاتب.
امام المشاهد الاخرى من العمل مثل (أم السحورة) وكما يقول المفكر الفرنسي جون بول سارتر ( بان هناك اشياء قد لا تكون جديدة لكن التعبير عنها يحمل انطباعا جديدا)، فالفكرة ليس بالجديدة لكن التعبير عنها حمل معاني تقنية مغايرة بما يتواكب مع لغة العصر التي باتت ظاهرة السحر والدجل ابرز سماتها اضافة الى ذلك فان التورية التي يتضمنها الحوار تمثل نقدا رمزيا لعدد من المشاكل، فمثلا في الحوار بين (السحارة) والممثل في مشهد المخرج التلفزيوني اختتمت الممثل بسمة حوارها بجملة ( يمكن ان تنتج اعمال درامية بس هي وينه ميزانية الدراما) وهي جملة تمثل ثيمة النص لان الدراما العراقية تعاني من قلة الدعم وهناك مبادرة اطلقتها شبكة الاعلام العراقي للنهوض بالدراما العراقية لكنها بانتظار اطلاق المخصصات، وهو ما حاول النص ابرازه بطريقة كوميدية ساخرة، وهذا الامر للاسف غير موجود في البرامج الاخرى التي يبدأ المشهد وينتهي دون تقديم اية رسالة.
اما المشهد الذي يتعلق بالموسيقى فهو الاخر يقدم رؤية مهمة في اعادة انتاج الموسيقى العراقية ورسالة واضحة بضرورة احياء التراث الفني وفق منظور حداثوي يتلاءم مع التطور التقني في مجال الموسيقى وهي ايضا رسالة واضحة تعكس توجهات شبكة الاعلام في اطلاق مشروع لاحياء التراث الفني العراقي.
اما المشهد الاخير الذي يقدمه الفنانين مقداد عبد الرضا ورائد محسن فيمثل رؤية فنية عالية التكثيف والهدف، فعلى الرغم من قصر المشهد الا انه يحمل رسالة فنية قيمة تعكس الجانب التقني للنص فمثلا في احد المشاهد يسأل الممثل رائد محسن عن امكانية شراء سيارة او بيت او جهاز منزلي فيجبه الفنان مقداد عبد الرضا (بالتقسيط) فيسأل رائد محسن (واذا احببت الهجوم على شخص) يجبه مقداد عبد الرضا (بالتسقيط) وهذا النص يسلط الضوء على واحدة من ابرز المشاكل التي يوجهها مجتمعنا وهي التسقيط في مختلف الجوانب السياسة والاجتماعية والثقافية والاعلامية.
ومن هنا تتضح مقومات النص ورؤيته في تقديم مادة درامية ساخرة من جهة وهادفة من جهة اخرى باعتماد اسلوب السهل الممتنع والذي تفتقده هكذا انواع من البرامج بعد ان تحول الكثير منها الى مجرد اسفاف وفق المفردة الشعبية الدارجة (تحشيش) دون النظر الى اخراج العمل من جانبه الفني والابداعي.
البرنامج مازال في بدايته وهناك الكثير من الحلقات التي ستعرض طيلة شهر رمضان وسنتابع ما يقدم من افكار واسلوب معالجتها وفق رؤية درامية هادفة، وهو ما يعكس سياسة شبكة الاعلام العراقي التي تضع في اولوياتها تقديم برامج منوعة وهادفة وبما يتناسب مع ذائقة الجمهور العراقي واعتقد أن هذا البرنامج على قلة امكانياته المادية سيشكل نقلة مهمة في الاعمال الدرامية الكوميدية القصيرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المبدعان مقداد عبد الرضا ورائد محسن في مشهد نادر
طارق ( 2018 / 5 / 22 - 12:07 )
مشهد (القنفه) الفريد معلقه فوق سياج جسر الشهداء وهما يجلسان عليها في وضعية نادره وغرابة البدله التي يرتديانها بهذا المشهد الرائع يشحذ ويستفز ذاكرتنا لما شاهدنا سابقا من أعمال دراميه راقيه ومن روايات قرأناها , هذا المشهد الجميل سنوقت ساعاتنا لموعده حتى لا يفوتنا شمرا للمبدعين الفنان مقداد عبد الرضا والفنان القدير رائد محسن

اخر الافلام

.. ضربة إسرائيلية ضد إيران في أصفهان.. جيمس كلابر: سلم التصعيد


.. واشنطن تسقط بالفيتو مشروع قرار بمجلس الأمن لمنح فلسطين صفة ا




.. قصف أصفهان بمثابة رسالة إسرائيلية على قدرة الجيش على ضرب منا


.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير تعليقا على ما تعرضت له




.. فلسطيني: إسرائيل لم تترك بشرا أو حيوانا أو طيرا في غزة