الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشهد السياسي العراقي بعد الإنتخابات ونتائجها (1)

صبحي مبارك مال الله

2018 / 5 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


المشهد السياسي العراقي بعد الإنتخابات ونتائجها (1)
لقد كان شبح إجراء الإنتخابات بعد تحديد الموعد المقرر في 12/05/2018، مخيماً على أعضاء مجلس النواب والكتل المتنفذة، والسلطة التنفيذية والتشريعية وسط مخاوف وقلق من نتائج الإنتخابات القادمة بسبب تغير مزاج الشارع العراقي وإزدياد المطالبة بالتغيير والإصلاح، مصحوباً بالتذمر والغضب مما يجري في الواقع بعد ان تبخرت كل الوعود والتعهدات التي قدمتها الكتل المتنفذة للشعب. وهاهي أربعة سنوات مضت منذُ بدأ الدورة التشريعية الثالثة في عام 2014 ولكن ماذا كانت النتيجة ؟ لقد لمس الشعب العراقي لمس اليد فشل الطبقة السياسية في إدارة الدولة وعدم تحقيق مكاسب في النواحي الإقتصادية والإجتماعية والخدمية ومكافحة الفساد بل حدث تدهور في كافة المجالات، فكانت خيبة المسعى والإحباط والكآبة تتغلغل في المجتمع العراقي بعد فقدانه الثقة بالسياسيين الحاكمين، ويرى الجميع حالة التمزق المجتمعي وإنتزاع وطنيتهم وإستبدالها بالإنتماء الطائفي والمذهبي والتعصب القومي والتي نمت من خلال المنهج المحاصصي والطائفي الذي أتبعته الكتل السياسية المتنفذة، وهذه الكتل لم تهتم بمعاناة الشعب ومآسيه الذي يرى بعينيه كيف تنهب خيراته وأمواله، وكيف يزداد خط الفقر في الإرتفاع بالرغم من تقديمه التضحيات الجسام لأجل تحرير أراضي الوطن من براثن الإرهابيين وداعش، ولكن ماذا كانت النتيجة؟ النتيجة هو التمسك بالمناصب أكثر فأكثر والترفع عن سماع مطالب الشعب، فقد اخذ منهم الغرور مأخذ مضافاً له الإستعلاء عن البحث في المشاكل ومعالجتها جذرياً. بدأت التهيئة للإنتخابات من خلال مجلس النواب الذي كان يتباطئ في إنجاز مستلزمات الإنتخابات وإدارتها، بدأت الخطوات الأولى في تغيير المفوضية المستقلة العليا للإنتخابات، بعد إن دارت الشبهات حول المفوضية السابقة، وبدلاً من إنتخاب أو إختيار مفوضية مستقلة فعلاً حصل بأن تأتي مفوضية على نفس الأسس السابقة وهي أسس المحاصصة السياسية، ووضع وكلاء عن الكتل المتنفذة في هذه المفوضية، مما أثرّ في سير العملية الإنتخابية التي خاضها الناخبين مؤخراً، وكانت هناك مقترحات في مجلس النواب حول المفوضية ومنها بأن تكون المفوضية بيد قضاة نزيهين أو ترشيح مفوضين ذوي إختصاص بالإنتخابات ومستقلين ونزيهين ولكن الأمر جرى بالعكس .
آلية الإنتخابات :تقرر في مجلس النواب، بأن تكون الإنتخابات إلكترونياً، وهي خطوة متقدمة وجيدة وجديدة على الناخب العراقي، فصرفت الأموال الهائلة على شراء الأجهزة والحواسيب الإلكترونية وتهيئة الوسط الناقل الذي يرتبط بقمر صناعي معين وتهيئة الحماية الكافية لضمان عدم إختراقها وكذلك تهيئة المتدربين للعمل في الإنتخاب الإلكتروني ولكن بنفس الوقت كانت هناك توجهات للعمل على إفساد هذه الآلية والتعاقد مع شركة كورية كما ذكر فتمّ التشكيك بها منذ البداية، ولما كان الإنتخاب الإلكتروني دقيق ويعطي نتائج مضبوطة ولكن إدارته من خلال العاملين المتدربين ممكن يكون لهم دور في التلاعب بها، وبالرغم من إن القرار صدر من مجلس النواب إلا إن الكتل المتنفذة وخوفاً على نتائجها التي تأتي دائماً من خلال التزوير والتلاعب سابقاً فتراجعت، وأخذت تطالب بالعد والفرز اليدوي لتكون هناك فسحة كبيرة لترتيب النتائج كما يريدون، ولكن الإنتخاب الإلكتروني أصبح هو المتبع بالرغم من معارضته من قبل المتنفذين.
المقاطعة : بنفس الوقت ومع التهيئة للإنتخابات كان هناك إتجاه ينمو نحو مقاطة الإنتخابات بسبب تجربة الشعب العراقي في أكثر من عملية إنتخابية حيث كانت المشاركة تقل بين عملية وأخرى لأسباب عديدة ومنها فقدان الثقة بالطبقة السياسية، وبالعملية الإنتخابية، وصعود طبقة سياسية فاسدة همها نهب الأموال العامة، وعدم وجود آفاق للتطور والتقدم وإزدياد الأوضاع من سيئ إلى أسوأ في كافة المجالات. صوت الناخب حق وأكيد يهمه أن يكون صوته مضمون ولكن عمليات التزوير المكشوفة والأحباط وإستمرار التخلف على كافة المستويات و فترة العنف الطائفي السابقة وتداعيات حرب الإرهابيين وإرتفاع الصوت الطائفي بدلاً من صوت المواطنة دفعت المواطن لليأس من إجراء الإصلاحات ومكافحة الفساد وتحقيق الديمقراطية تبعاً للمواثيق والعهود الدولية وحقوق الإنسان، والإلتزام بالدستور والقونين التي شُرعت ، كل هذه الأسباب وتفرعاتها دفعت المواطن إلى العزوف وعدم المشاركة في الإنتخابات هذا إتجاه في المقاطعة وعلينا إحترامه حيث سيكون درس للجميع بأن الشعب له رأي يختلف عن رأي الطبقة السياسية التي أصيبت بالهستريا على خلفية النتائج التي ظهرت للعيان. الإتجاه الثاني هو المقاطعة المخطط لها ومُبرمجة بسبب التأثيرات والتدخلات الأجنبية وقوى معادية تأثرت من العملية السياسية ففقدت إمتيازاتها ومصالحها وأبرزها بقايا النظام السابق المتشرذمة والمُدارة من قبل دوائر عربية خليجية وغير خليجية مرتبطة بتنظيمات إرهابية طائفية تكفيرية، وهذا الإتجاه حشدّ حملة إعلامية معادية لغرض تخريب العمليةالإنتخابية والتشويش على المواطن الناخب من خلال خلط الأوراق وإستخدام كافة الوسائل ومنها التفخيم والكذب المستمر تحت شعار غوبلز النازي (أكذب أكذب حتى يصدقك الآخرون)، كما إن هناك جهات تعمل على إستغلال عدم توفر المعلومات الإنتخابية فيما يخص الأنظمة الإنتخابية وأنواعها لدى المواطن الناخب بمعنى آخر ضعف الوعي الإنتخابي.
الضرر الكبير يأتي من الإتجاه الثاني، أما الإتجاه الأول وهو عزوف المواطن عن المشاركة في الإنتخابات مع إحترامنا قراره إلا أنه لايدري بأن مقاطعتة مساهمة جادة في ترسيخ الطبقة الفاسدة وإحتمالات التغيير تصبح ضعيفة، لأن الفكرة الخاطئة بأن المقاطعة تؤدي إلى فشل الإنتخابات وعدم شرعيتها لعدم علمه بأنه مهما كانت نسبة المساهمة فنتائجها تعتبر مقبولة دولياً (المقاطعين والمشاركين ) لقد كان الأولى بهم بدلاً من المقاطعة، إنتخاب أصحاب المشروع الوطني العراقي ذوي الكفاءة والمشهود لهم بالنزاهة، فحسب نظامنا الإنتخابي كلما ترتفع الأصوات الإيجابية يزداد عدد المقاعد في البرلمان. لايوجد خيار آخر في الوقت الحالي للتغيير سوى التداول السلمي للسلطة وإيجاد مجلس نواب قوي يهمة مصالح الشعب والوطن عابر للمحاصصة الطائفية والمذهبية والإثنية، كما إن التجربة الديمقراطية في العراق ووجود المؤسسات الدستورية تعتبر تجربة جديدة وتحتاج إلى تراكم خبرات وفعاليات وأنشطة ولكن هذا التوجه لايتقاطع مع حراك الشعب الجماهيري كلما تطلب الأمر ذلك لأنه هو المراقب الحقيقي على أداء مجلس النواب والحكومة والسلطة القضائية .
أصوات الداخل وأصوات الخارج :-لاتوجد إحصائيات دقيقة عن سكان العراق في الوقت الحالي، والتي تكون هذه الإحصائيات معتمدة في الفعاليات والأنشطة من حيث التنمية البشرية والنمو السكاني والتصنيف المجتمعي والتخطيط المستقبلي وكذلك فيما يخص العملية الإنتخابية، المتوفر من المعلومات والإحصائيات لازالت تخمينية وهذه غير معتمدة علمياً. في العملية الإنتخابية قُدر عدد الناخبين العراقيين المشمولين بحدود أربعة وعشرين مليون ناخب ، لاتوجد إحصائيات عن المواطنين العراقيين المغتربين في دول العالم ولكن هناك تقدير يعتمد معلومات دوائر الهجرة ووزارة الخارجية العراقية ، والسفارات العراقية وغيرها وهذه غير رسمية وغير مُلزمة. لهذا لابدّ من إجراء تعداد سكاني متقدم وحديث. وإستناداً على المعلومات الإنتخابية حول إنتخابات الخارج، كانت المشاركة ضعيفة جداً، إستخدم في العملية الإنتخابية في الخارج أجهزة الحاسوب لتسريع النتائج ولكن المفاجئة هو إستخدام أصوات الخارج وبصورة غير شرعية لإنقاذ الخاسرين من وجوه الداخل أو ترجيح كفة مرشح معين على حساب مُرشح آخر كما حدث مع النائبة عالية نصيف جاسم حيث كانت تبكي أمام المشاهدين بسبب خسارتها وتلوم الشعب على هذه الخسارة وفجأة ترتفع أصواتها من رقم صغير إلى 3327 كيف ؟ الجواب من أصوات الخارج وآخر ترفع أصواته إلى آلاف وهو من الخاسرين ومرشحة ترتفع أصواتها من سبعة آلاف إلى أثنا عشر ألف صوت، لقد كان التلاعب والتزوير بأصوات الخارج واضح، أثناء العملية الإنتخابية في الخارج وعند إرسال أسماء المشاركين في الإنتخابات إلى بغداد، رفضت الأسماء وبأعداد كبيرة بحجة عدم تطابق معلومات المستمسكات العراقية مع معلومات بغداد وكذلك رفض الجهاز الكثير من إستمارات الناخبين وسميت باطلة، وهذه المعلومات مشكوك بها لأن المستمسكات العراقية تفحص من قبل الموظف المختص وربما يجري التلاعب بأرقامها من قبل الموظفين أو أثناء الإدخال في الحاسوب وإرسالها إلى بغداد أو التغيير يجري من قبل موظفي بغداد أو التزوير المباشر كما حدث في ألمانيا. لقد كان التوجه التخلص من أصوات الخارج لكن من ناحية أخرى وضعت أصوات الخارج كإحتياط للخاسرين من الوجوه السياسية السابقة مقابل صفقة غير معروفة ؟ وهذه تخمينات نتمنى أن تكون غير صحيحة ولكن القرائن تقول غير ذلك. أصوات الداخل تعرضت أيضاً للإنتهاك من خلال إجتياح بعض المراكز الإنتخابية كما حدث ذلك في مركز في طوريج وكيف كان الإجتياح وإستخدام الأطفال في الإنتخاب ، أو ماحدث في بعض المراكز في كركوك وغيرها وإستخدام التهديد والعنف بالقوة المسلحة الكوتا:- كما مثبت في قانون الإنتخابات المرقم 45لسنة 2013 المعدل ، ثبتت الكوتا للمكونات الصغيرة تسعة مقاعد خمسة للمكون المسيحي، ومقعد لكل مكون المندائي، الأزيدي ، الشبك، الكورد الفيلي. ولكن هذه الكوتات تم الإستيلاء عليها من قبل القوى المتنفذة بضخ أعداد كبيرة من الناخبين وغير المنتمين لهذا المكون أو ذاك المكون للتصويت لمرشحي المكونات فكيف يعتبر مرشح المكون أنه يمثل مكونه بعد مساهمته بالتزوير لتمرير مصلحته الخاصة؟ لقد جرت الترشيحات من خارج مؤسسات الطائفة المعنية بالكوتا وكان الأفضل إجراء إنتخابات داخل كل مكون لتحديد كل مُرشح ليخرج المرشح الصحيح وهذا يحتاج إلى مراجعة وسن قانون خاص بإنتخابات كوتا المكونات شبيه بالإنتخاب الخاص ، الآن المشكلة متفاقمة وتحتاج إلى حل وضمان وحماية هذا الحق الدستوري من غزو الآخرين من خارج المكونات ..
إلى اللقاء في الحلقة الثانية حيث سنتناول نتائج الإنتخابات الصادرةمن المفوضية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة