الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التخلف الدينى والتنوير (4)

ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)

2018 / 5 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الجزء الأخير:

عصر الأنوار فى أوربا بدأ مع أفكار واقعية ترفض سيطرة الإكليروس ورجال الكنيسة وتحالفهم مع الملك وحكمه الدكتاتورى، لمعت أسماء فلاسفة تنويرسسن مثل: مونتسكيو الذى نادى بالفصل بين السلطات، وفولتير الذى نادى بالحقوق والحريات المدنية والدفاع عن حرية العقيدة وأكد على كرامة الأنسان والمساواة وتفعيل تلك الحقوق والحريات، وكانت لأفكاره التأثير الكبير أثناء قيام الثورة الفرنسية إلى جانب بقية المفكرين والفلاسفة مثل نيوتن وحون لوك وهوبز وجان جاك روسو، وأدى أنتشار أفكار هؤلاء المفكرين إلى زيادة الوعى السياسى رغم أرتفاع نسبة الأمية لأكثر من خمسين فى المئة فى فرنسا، وعندما شعر الملك لويس السادس عشر بالحراك الإجتماعى الثورى، دعى ممثلى الأمة الفرنسية حسب التصنيف الطبقى أنذاك من ممثلى الطبقات الثلاث: طبقة الملك وحاشيته الحاكمة والنبلاء وطبقة رجال الدين ثم طبقة الشعب من العمال والفلاحين لعقد إجتماع فى قصير فرساى المناقشة وسائل الإصلاحات المطلوب عملها والقيام بها.

لكن هذه الإصلاحات لم تحول بعد بضعة أشهر إلى قيام الثورة الفرنسية التى رفعت شعار حرية مساواة إخاء، هنا أحب التوقف لتأكيد الفرق الكبير بين أفكار مفكرينا منذ أنتهاء حداثة محمد على وحتى يومنا هذا، ويتجلى هذا الفرق فى تباين الوعى الإنسانى الموجود فى الغرب والذى ينعدم فى بلادنا نتيجة التخلف الدينى المسيطر على المفكرين التنويريين دون أن يشعروا بذلك، وأذكر على سبيل المثال لا الحصر: الطهطاوى والأفغانى والكواكبى والإمام محمد عبده والإمام الغزالى وأحمد أمين وذكى نجيب محمود وخير الدين التونسى، جميع المفكرين العرب عندما يفكرون فى التنوير لابد أن يكون الدين حاضراً فى أفكارهم وهناك أمتزاج وتلاحم فى أفكارهم خوفاً أن يصيب دينهم شيئاً من أفكار الغرب الكافر.

إذا كان الجميع والذين ننعتهم بصفة تنويريين يرفضون التفريط فى قيم التخلف أى رفض التفريط فى الدين الذى هو هويتهم الأولى، فكيف نتكلم عن مشروعات تنويرية أو مراحل تنويرية أو مفكرين وقادة تنويريين؟
إذا كانت أفكار التنوير مقيدة بوثاق يربط المفكر التنويرى بفكر المجتمع المتخلف والذى يرفض هو الآخر التنازل عن قيمه وهويته الدينية ويرفض المواطنة المدنية، فكيف إذن يستطيع أى مفكر عربى أن يرفع شعار عدل مساواة إخاء؟

يكفى القارئ أن يفكر فى النصوص الدينية التى تطالبه بأن لا يتخذ اليهود والنصارى أولياء ومن يتولهم منك فهو منهم، أى عدم تولية اليهود والنصارى وأهل الشرك المناصب الكبيرة الهامة وعدم إظهار المحبة والود والصداقة لهم وإلا أصبح منهم أى أشرك بالله، بتبسيط أكبر أن أصحاب الدين الغالبية هم درجة أولى أى الذين فى أيديهم الحكم والسلطان والمناصب الحيوية أما أهل الشرك والنصارى فإنهم درجة ثانية أو ثالثة حسب مزاج الحكام.
إذن مع هذا النص الدينى هل يمكن أن يقول مفكر عربى أو مصرى أو تونسى أو سعودى أن هناك عدل ومساواة وإخاء؟

نأتى أصدقائى القراء إلى السؤال: هل من الممكن البدء فى إرساء مبادئ وقواعد منظومة تعليمية حداثية وإنطلاق التنوير؟
أعرف أنكم تستطيعون التكهن بالإجابة فمثلاً: رئيس الجمهورية فى مصر زوجته محجبة، هل أنتظر منه تنوير وعدل ومساواة وإخاء إلا مجرد مظاهر من الكلام عن الوحدة الوطنية؟

عندما يترك المسئولين فى الأزهر والأمن المصرى ومؤسسة الرئاسة الإخوان المسلمين وأتباع السنة والسلف الصالح، أن يقوموا بتحجيب غالبية نساء مصر، هل أنتظر التقدم والتنوير أو سيبقى التخلف مستمراً؟
التنوير لا يريده حقيقة إلا من ألحد وترك تخلف الأديان وهؤلاء كم عددهم ومن بينهم يمكن أن يقود ويمسك بشعلة التنوير؟
عندما يقول البعض أن مشروع التنوير لم يفشل لكنه تعثر، أليس هذا نفاق ويكذبون على أنفسهم ومن يقرأ لهم؟
يتبقى لنا الأمل فى النخبة الثقافية المصرية والعربية أليس كذلك؟ أليسوا متمسكين أديانهم؟ أليسوا متمسكين بتخلفهم؟ نعم, يصرخون بأعلى الأصوات ويكتبون بأفخر الأقلام الفرنسية والأنجليزية والوهابية والقطرية والأمريكية، أليسوا إذن منافقون مخادعون يحافظون على تخلف شعوبهم ويطفئون شمعة التنوير؟

أعتقد الآن أن كل واحد منا قد وصل إلى قناعة كاملة سواء بما تم طرحه فى تلك المقالات أو بما لديه من قناعات مخالفة لها، الشئ المهم أن يكون لدينا أسئلة نبحث عن إجاباتها بأستمرار ولا نجلس ننتظر الإجابة من الآخرين، عليما أستكشاف العالم من حولنا ولا نكتفى بما يحكى لنا فى المدارس والجامعات وفى أجهزة الإعلام وعلى الأنترنت ونصدق الجميع، وكفى المؤمنين شر القتال!!
فى عالمنا العربى خصوصاً سيستمر الصراع بين التخلف الدينى والتنوير حتى يصل كل إنسان بنفسه إلى قناعة ملخصها: أن الأديان هى مجموعة أساطير وهناك الكثير من الأدلة المادية والعلمية التى تثبت ذلك، وأن تلك الأساطير تسقط فجأة على بشر بل كان تعيش بين جدران كتب الحضارات القديمة وفى كتب الأديان الحديثة، يكفى أن نتوقف قليلاً نبدأ البحث بأنفسنا ليزداد إيماننا أكثر بأدياننا أو يزداد إيماننا بأنها أساطير صدقها البشر وخلقت منهم أشباه المتخلفين عقلياً وأنا شخصياً كنت واحداً منهم!!

أقوال تنويرية:
( ليس على الارض انسان له الحق في ان يملي على الاخر ما يجب ان يؤمن به او يحرمه من حق التفكير كما يهوى.)
سلامه موسى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قضية التخلف
ميشيل نجيب ( 2018 / 5 / 24 - 17:37 )
الأستاذ/ على الجنابى
تحية طيبة,
للأسف قضية التخلف التى يعيش فيه العرب وخاصة التخلف الدينى كما ذكرت حضرتك فى التعليق،هناك أوامر مباشرة وواضحة بأن يكونا عبيداً للحكام فى بلادهم ومع ذلك يلعنون أسياد حريتهم ونعمتهم الذين فتحوا لهم بلادهم الكافرة،وبالمناسبة قد ذكرت السلطات الإيطالية أنها أكتشفت مجموعة من الأفراد من بين الذين جاءوا إلى إيطاليا بالقوارب وأنهم لم يهربوا من بلادهم لكنهم مجموعة تنتمى إلى تنظيم داعش أختلطوا وسط الغلابة الفارين من بلادهم والحروب، ولم تكن تعلم السلطات فى بادئ الأمر ودخلوا إيطاليا على الرحب والسعة لكنهم كانوا يخططون لتنفيذ عمليات أنتحارية وهو ما أكتشفته السلطات المخابراتية بعد ذلك وتم أعتقالهم.
الكراهية مع التخلف الدينى لن يتوقف ضد الآخر لأنها أوامر لا تقبل العصيان.
أتمنى أن يعقلوا ما يؤمنون به من وصايا عنصرية نازية قالها الإله بأنه لن يقبل من الآخرين غير الإسلام دينا وأنهم من الخاسرين، وبالتالى فداعش من حقه أن يدمر العالم وسيقبله إلهه فى جناته والحور العين فى أنتظارهم.
شكراً لك


2 - أقدر فيك صراحتك ووضوحك
زاهر زمان ( 2018 / 5 / 24 - 21:39 )
عزيزى الكاتب / ميشيل نجيب
بالفعل لن يكون هناك تنوير وتحرير للعقول فى الشرق الاوسط مالم يتحرر من خزعبلات وأوهام الديانات الابراهيمية ، وذلك فى حد ذاته مهمة شبه مستحيلة ، لأن من يملكون الثروة والسلطة فى تلك المنطقة الكوبوءة من العالم ، يعتقدون فى قرارة أنفسهم أن السلطة والثروة هبطت عليهم من فوق سبع سماوات دون البشر ! أما من لا يملكون سوى فكرهم التنويرى فهم محرومين حتى من التعبير عن فكرهم ولو فى مواقع التواصل الاجتماعى وبين من يشاركونهم نفس أفكارهم التحررية التنويرية ؛ ناهيك عن وسائل الاعلام المملوكة لأصحاب الثروة والسلطة المعتقدين اعتقاداً راسخاً بأن ذلك قد هبط عليهم من السماء السابعة ! وللأسف قوى التحرير والتنوير فى العالم المتقدم لا تعبأ كثيراً بما يجرى فى منطقة الشرق الأوسط !
تقبل تحياتى


3 - النفاق آفة المسلمين
ميشيل نجيب ( 2018 / 5 / 24 - 22:27 )
الأستاذ/ زاهر زمان
تحية طيبة,
أشكرك على تلخيصك للمشكلات التى يعانى منها الإنسان العربى وخاصة من يريد التحرر وتعلم ثقافة التنوير، فالدول العربية أمسكت بالرقابة على الفكر والفن والدين والإعلام والتعليم، ولم تترك أنطمة تلك الدول أى ثقب يتنفس منه التنوير الحقيقى، وكما ترى فى مصر من يريد الكلام فى التنوير والتجديد والإصلاح يسرع جهاز المخابرات الأمنى بتقديم أحد عملائه ليقدم قضية صد هذا الإنسان بتهمة إزدراء الأديان، ولم يكتفوا بذلك بل فى طريقهم إلى تقديم قانون فى البرلمان المصرى أسمه قانون إهانة الرموز التاريخية ومعاقبة من تسول له نفسه الكلام عنهم مثلما حدث مع الدكتور والباحث يوسف زيدان.
المشكلة كما وضحتها فى مقالاتى هى الإصرار الإسلامى على قمع الحرية والأستمتاع بالتراث والأساطير وقيادة الأنظمة العربية لتثبيت التخلف بإعلاء الهوية الدينية .
أتمنى أن ترتفع أصوات التنوير والتحرير من هذا التخلف .
مع خالص تحياتى.


4 - التخلف وليس الحرية
ميشيل نجيب ( 2018 / 5 / 25 - 14:34 )
الأنجليزية؟ ما أنا بقارئ
تحية,
الشخص الذى كتب تعليق فى الفايسبوك أرجو أن يكون شخصاً حقيقياً، عموماً إذا كنت جاداً وتريد الأحترام من الآخرين كان عليك أن تكتب أسمك بالعربية ليفهمه من يقرأ.
أجيبك على تعليقك بقولى أننى لا أتكلم الأنجليزية ولا يهمنى متابعة أخبارالشعوب التى ليس لها علاقة صداقة معى ولا أتابع أخبار فضائح المشهورين، أنا أتكلم وأكتب بالعربية وتهمنى بلادى خاصة وطنى مصر، مصر التى غزاها البدويين والمتخلفين وأضاعوا حضارتها ومنذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة وشعب مصر يعيش فى التخلف من جراء الحضارة الجديدة العربية.
نقطة أخرى موضوع المقال عن التخلف الدينى ولا علاقة له بالحرية لذلك عندما تحب التعليق من الأفضل أن لا تشتت ذهنك فى موضوعات جانبية، وأذا كان لديك حرص على تقدم عروبتك كان عليك ان تكتب أسمك بالعربية كشئ تفتخر وتعتز به وليس بالإنجليزية كأنك تستعير منه!!
ونظراً لأنى تركت عالم التخلف الدينى فأنا منسجم جداً مع أفكارى المتمدنة الحضارية ولا أعيش فى القرن الأول الهجرى.
شكراً يا ... على تعليقك الذى أنتفعت منه كثيراً

اخر الافلام

.. فلسطينية: العالم نائم واليهود يرتكبون المجازر في غزة


.. #shorts - 49- Baqarah




.. #shorts - 50-Baqarah


.. تابعونا في برنامج معالم مع سلطان المرواني واكتشفوا الجوانب ا




.. #shorts -21- Baqarah