الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النقد والجحيم

عبدالله احمد التميمي
فنان وباحث

(Abdallh Ahmad Altamimi)

2018 / 5 / 24
الادب والفن


النقد والجحيم
ان موضوع الجحيم ، ان لم يكن جذاباً ، هو أمر رائع على الاقل لدى شريحة كبيرة من الناس ، الذين يمارسون النقد على التوالي بشكل لحظي، وعلى التوازي بشكل يومي ، مع صخب الحياة العصرية ، وهذه الطبيعة البشرية مؤصلة ، منذ عصر الانحسار الجلدي الاول ، بل حتى انسان الكهوف لم يسلم من هذه الغريزة النقدية ، ولكن المثير للدهشة اننا ان لم نجد شيئاً ننقده ، نقدنا انفسنا ونقدنا اشكالنا وحياتنا وواقعنا وظاهرُنا وباطننا ، حتى يصل النقد الى الظواهر الطبيعية والظروف الجوية ، وهذا بتأكيد بعد ان نكون قد قطعنا حاجز نقد الحكومة ، وارتفاع الاسعار والضرائب المتوالدة في كل صباح ، والنظام التعليمي والتربوي والفني والصحي وحتى التطور التكنولوجي، والجيل الجديد المتحذلق في الرقص على اجهزة الخلوي .
وعلى الرغم من ان مصطلح الجحيم مرتبط بالمفهوم الديني ، على انه شكل من اشكال الصور المعاكسة للجنة والسعادة الابدية ، الا اننا عندما نفكر بوصف الخالق ، لجمهور اهل الجحيم نجد هذا الوصف مطابق لحالة اهل النقد في الدنيا ، فهم متمرسين بالجلد على جميع الأصعدة بما فيهم جماعة النقد الفني ، ونعتقد هنا ان من يمارس النقد السلبي بغزارة ، انما يدفع نفسة ومن حوله للدخول الى الجحيم في الحياة التي يعيشها ، حينما يتحدث عن اساسيات الحياة والعلاقات المتبادلة بين البشر ، من خلال البحث في جوانب النشاط الانساني من وجهة نظر فلسفية قائمة على تفسير اطراف الموضوع حسب انطباعه الخاص ، المبني على تحليل السلبيات المحلية والايجابيات الغربية ، وحسب وجهة نظره انه يقدم خدمة انسانية معرفية للبشرية ، حيث تنقسم هذه الحالة على عدة جوانب وظائف ، ففي الجانب الاكاديمي تكون من خلال دراسة وتحليل اصل الشيء ونقدة ، وفي الجانب التعليمي يكون النقد من خلال تربية الطلبة على اصدار احكام نقدية على كل شيء ، وفي الجانب الاعلامي يكون النقد من خلال الاخبار والمسلسلات والافلام المستهدفة بالصور المؤدلجة ، هذا بالإضافة الى النقد الشعبي والسوقي لكل مجريات الحياة اليومية ، طبعا اساس هذا النقد يكون على عدة اشكال منها ما هو نفعي بهدف التسويق ومنها ما يكون معرفي سياسي ، بهدف توصيل رسالة معينة لشريحة معينة من الشعب تكون الغاية منها الالهاء وذر الرماد بالعيون ولفت النظر عن قضايا نقدية كبيرة تهدد وجود السلطة ، فيتم صناعة صورة نقدية لحالة مجتمعية انية ، ويتم تسخير كل القنوات الاعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي للترديد واعادة التدوير لهذه الحالة ، بهدف استدرار النقد الشعبي لها ، وبذلك يكون قد صرف النظر نقطة المحور .
ومن هذا المنطلق نعتقد ان الدخول في معترك النقد المتطرف، هو امر فيه نوع من العبثية السلبية ، اذاً ليذهب النقد الى الجحيم ، ولنعش حياتنا كما هي ، بكل ما تحمل من روافض ، بل علينا ان نتعايش مع هذه الحالة ، بنوع من الذكاء المبني على سياسة النقد الايجابي الموضوعي، البعيد عن التحيز والشخصنة ، مع الاستمتاع بالجوانب الجمالية دون ان مواربة بالحكم على تفاهات الامور، فلكي ندُخل السعادة والفرح الى قلوبنا ، يجب ان نفرح اولاً بالقيم الجمالية التي حولنا ، دون ان نطرق باب النقد السلبي ، فالطارق لهذا الباب سيحترق ويتمزق الماً في جحيم الوصف والتحليل والتفسير ليصل في النهاية الى اصدار الحكم بالقيمة على الموضوع ، دون موضوعية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل


.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف




.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81