الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا اندماج في الغرب إلا للقلّة المجتهدة

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2018 / 5 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


ليس من حقنا أن نلوم من يهاجر إلى الغرب، فلو لم تكن المعاناة القائمة، أو المتوقّعة كبيرة لما غامر النّاس بحياتهم. نعم قد لا يكونون تحت الخطر المباشر، وقد لا يكونون مهدّدين في تلك اللحظة التي قرّروا فيها المغادرة، لكن تجربتهم في قراءة المستقبل تستند إلى تجربة أسلافهم الذين خسروا الماضي والمستقبل.
الكثير من السّوريين أتوا من دبي، والسعودية، وروسيا، وهم مقيمون في تلك البلدان ربما منذ أكثر من عشر سنوات، وبوضع مادي لا بأس به ، وبأمان نسبي، لكن لا أمان في الحقيقة، ونسبة كبيرة من هؤلاء يؤيدون النّظام، وبعضهم غادر بسبب قضية سرقة مثلاً، وهو في الغرب يهاجم هذا وذاك.
لن نبحث في أسباب الهجرة اليوم. بل نبحث عن الاندماج في المجتمع الغربي، والذي لن يكون في الخمسين عام المقبلة على الأقل ّ، لأسباب كثيرة موجودة في داخل الإنسان بسبب نشأته الأولى ، وربما بسبب انغلاق قلبه وعقله، والاندماج لا يعني الذوبان طبعاً فالهوية الأمّ لا يمكن تمزيقها بلحظة حبّ للاندماج.
ليس الأمر متعلّق بقبول الغربي، أو عدم قبوله للمهاجر، فربما ثلث الغرب هو من المهاجرين. الموضوع ذاتي يدور في عمق المجموعة حيث لم يجر أي تغيير على نمط تفكير من هاجروا قبل ثلاثين عاماً من السّوريين، ولا نتحدث عن البعض. بل عن الظّاهرة.
هل يمكن لشخص ينتمي لتنظيم اسمه تنظيم الخلافة الإسلامية أن يندمج هو أو عائلته؟ وهل هذا التّنظيم المرخص كحزب في بعض الدول الغربية يمكنه أن يقدم خدمة معيّنة في المجال الاجتماعي؟ وهل إذا ما خالف القوانين، والقيم الاجتماعية سوف يستمر؟
إذا استثنينا رجال الأعمال السّوريين الذين تربى أغلبهم على رغيف الإنسان السّوري، والذي يتابعه السّوري ليقدموا له الولاء، والذي يتاجر بكل الأشياء، وحتى الآن هو العنصر السوري المتفّوق الذي يمارس السوريين طقوسهم في تمجيده وي ، يسيرون خلفه على الفيس بوك كالقطعان، وكل منشور منه يحظى بالتمجيد، وهذا السبب الذي حوّله من كاتب منشورات فيسبوكية إلى سياسي، ومحلل، وناصح، وربما طبيب.
ليس للسوريين " المسلمين" مجتمع حاضن في الغرب، بينما البيئات الأخرى هي حاضنة لأبنائها، وأغلب المهاجرين من السّريان مثلاً أتوا إلى الغرب بتسهيلات من أقاربهم، أو معارفهم. بعضهم أتى فوراً على عقد عمل، أو بالطائرة من دبي إلى اليونان حيث أن أحد أبناء الكنيسة يساعدهم في الحصول على فيزا لليونان لمدة ستة أشهر، وبعدها يأتون بطريقة طبيعيّة، والكنيسة تجمعهم وقد لا يكون بعضهم متديناً بل هو يحتاج لبيئة حاضنة اجتماعية، ويحاولون أن يكونوا مرنين مع القوانين، لكن البعض منهم لم يحظ بتلك الامتيازات.
علينا أن نتحدّث بصراحة، ومن وجهة نظري التي تحترم جميع الأديان ، وليس جميع المؤمنين بها، أعتقد أنّ النبي محمد كان منفتحاً مثل باقي الأنبياء الذين سبقوه، ولو وجد اليوم في الغرب لما قبل بما يجري ممّن ينسبون أنفسهم للإسلام . العذر في صاحب الدين، وليس في الدين فالغرب يعجّ بالأديان الطبيعية والسّماوية، وحتى الأديان الوضعية ولا تصادم إلا مع الأشخاص المسلمين. لماذا؟
من رؤيتي اليوميّة ، والتي تتمركز فيها المفاهيم الإسلامية في أغلبها حول المرأة مع أن الإسلام هو أول من أوجد التنظيم السّياسي، وأسس لعقد زواج مدني. تمكّن الجيل الحالي من التعريف بإسلامه من خلال تخلّفه حيث يسير برفقة زوجته المجلببة، وابنته ذات الخمس سنوات المحجبة، وابنة العشر سنوات التي تمشي معه بلباس الصلاة في موكب ، وكأنّه يقول: انظروا كم أنا متمدّن!
يتلقى معلوماته من أمام جامع شبه أمي ، وهذا الجامع مرخّص، لكن الكثير من المساعدات المالية تأتيه من الدول العربية، وحتى خطابه الديني يأتيه مع المال. هذا الشّخص نفسه مؤمن بثقافة التّعفيش، ولا زلت أذكر إمام الجامع المغربي الذي كان يسرق في الليل، ويبيع ما يسرقه للأشخاص الذين أوصوه على أشياء معينة. سألته مرّة: أليس السّرقة من المحرمات في كلّ الأديان، فقال ونظره إلى الأرض: نعم. هي حرام في بلاد المسلمين، لكن هنا أموالهم حرام، ونساؤهم حلال. كنت أعيش معه في نفس الكامب.
لثقافة التّعفيش قصة طويلة، ففي بعض الكنائس التي تقدم الأشياء مجانية مرّة في الأسبوع، والتي كانت تقدم وجبة إفطار وارها، وقد ذهبت مرّة واحدة لها، وعدت بخفي حنين دون ثياب أو إفطار، فالمزاحمة فنّ بحد ذاتها، والكثير ينسحبون خوفاً على أنفسهم وخجلاً، وكان المعفشون يأتون بأكياس بالكاد تسحب. أحياناً يستأجرون سيارة المعفش الذي ذهب بسييارته ليجلب نصيبة. يدفعون له القليل، فو دفع له ثلاثة معفشين يمكن أن يتجاوز ثمن البترول . يجمعون من المكان ما يستطيعون جمعه، ثم يعودون على الكامب فيفرزونه، ويرمون الباقي في القمامة.
العذر ليس في الإسلام، ولا في القوانين. العذر هو في الكثير " من المسلمين" الذين أخذوا من الإسلام مفاهيمهم الخاطئة حولل المرأة، ولم يأخذوا منه العبادة النّقية التي تتيح لهم التّواصل الداخلي الشّفاف مع خالقهم كي يعيدوا إلى داخلهم الإنسان الطبيعي الذي يصوم ويصلي دون منّة على الآخر، والذي لا يعمل ضمن تنظيم كتنظيم الخلافة، ويشارك باقي البشر مناسباتهم بالحدّ الأدنى من القبول. حتى الآن كل شيء داكن.
نحن أمام ستارة من الدّخان، وتلك البلاد التي آوتنا تتنافس فيها الأحزاب على الانتخابات، ولا يزال ماثلاً في الأذهان أحداث بريشتينا حيث نقلهم الأوروبيون بالطائرات، وأعادوا أغلبهم بنفس الطائرات بعد انتهاء الحرب ، وكان أطفالهم قد وصلوا إلى الصف السادس في الدول المضيفة، وفي ذلك الوقت كان الوضع أفضل من اليوم. اليوم تتنافس الأحزاب في الغرب، وقضيّة الهجرة على اللائحة الأولى، وتكاد الأحزاب جميعها تتفق على سياسة موحدّة حول الهجرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السعودية.. شخص يطعم ناقته المال! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الادعاء الأمريكي يتهم ترامب بالانخراط في -مؤامرة إجرامية-




.. هذا ما قاله سكان مقابر رفح عن مقبرة خان يونس الجماعية وعن اس


.. ترامب يخالف تعليمات المحكمة وينتقد القضاء| #مراسلو_سكاي




.. آخر ابتكارات أوكرانيا ضد الجيش الروسي: شوكولا مفخخة