الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اشكاليات في غربلة السرطان

جواد الديوان

2018 / 5 / 24
الطب , والعلوم




في منتصف القرن التاسع عشر، وضع طبيب الماني (فيرشو) تعريفا للسرطان بتحول خلايا صحية وتكاثرها، وقبل ذلك بعدة عقود، السرطان (الاورام) يتم ازالتها بعد ان تكون ظاهرة للعين وبالامكان لمسها وتحسسها. وبذلك ساهم فيرشو وضع الاساس لقاعدة الطب الاساسية حول السرطان في التشخيص المبكر.
وفي هذه الايام، لا ينتظر الاطباء الاورام لتظهر للعيان او الاعراض، ويبحثون عن الخلايا الغير طبيعية لدى الاصحاء، والامل يكن في ايجادها ورفعها قبل ان تسبب المرض. وهذه استراتيجية لها نتائج ملحوظة. زمنها على سبيل المثال لا الحصر، تصوير الثدي الشعاعي mammography قلل الوفيات من سرطان الثدي بنسبة 30% عنها في 1989 في الولايات المتحدة الامريكية، ومسحة عنق الرحم Pap smear قللت من وفيات سرطان عنق الرحم بنسبة 60% عنها في 1975، وكذلك سرطان القولون.
الامل يكمن في التشخيص المبكر لكل انواع السرطان. الا ان فيرشو لم يتصور ان الطب الحديث سيطور من الادوات ما يمكنه تشخيص السرطانات الصغيرة الحجم، وفي المراحل الاولى من نموالسرطان. ولحقل الطب هذا (غربلة السرطان) يضم فحوصات دم عالية التقنية، والامواج فوق الصوتية ultrasound والتصوير المقطعي المحوسب CT، والاشعة السينية والرنين المغناطيس MRI والطموح ابرة دقيقة FNA. واصبح الاطباء مهرة في الكشف عن الخلايا الغير طبيعية. وبذلك ازداد اعداد المصابين بالسرطان اكثر من ذي قبل، وتشير الاحصاءات بان 4% من سكان الولايات المتحدة الامريكية هم ناجين من السرطان cancer survival.
وفرضا قدمت البحوث للعالم فحصا جديدا للسرطان بحساسية 100% اي يستطيع الكشف عن اي شكوك تشير للسرطان، سيظهر ان معظم سكان العالم ان لم يكن جميعهم لديهم سرطان كما يقول د. بيرنت كرامر اختصاص علم الاورام الطبي، ومدير قسم الوقاية من الامراض في معهد الصحة / امريكا.
وعلى الرغم من التطور في التصوير (الاشعة السينية والتصوير المقطعي المحوسب والرنين المغناطيسي وغيرها) واليات الحصول الخزعة (biopsy) وتفهم التشخيص، لا زال الطب يعتمد تعريف فيرشو للسرطان منذ القرن التاسع عشر. والتشخيص المبكر اعطى معنى اخر للسرطان. وعند الانتباه الى علامات المرض لدى الاصحاء فان غربلة السرطان (تشخيص النمو الغير طبيعي وبشكل مبكر) تجعل العلاج فعالا. وبغياب ذلك يظهر over diagnosis (تصعب ترجمتها الى اكثر من التشخيص) وتعني تشخيص المرض قبل بداية الاعراض والوفاة، وضمن فترة العمر المتوقع للانسان. وهذا ما يحصل عند تطبيق الغربلة على نطاق واسع اي تشمل كل السكان population wide. وبهذا فان اضرار over diagnosis تبرز في القلق والخوف من الوفاة.
وفي الحالات التي تنقذ فيها الغربلة الحياة، تثير الدقة الجدل والنقاش. ومثال ذلك سرطان الثدي حيث تتم فحوصات الغربلة للنساء حتى بدون عوامل الخطورة، اي لا عوامل خطورة للسرطان لديهن.
قوى المهماتالخدمات الوقاية الامريكية (USPSTF) US preventive service task force (منظمة حكومية مستقلة) نصحت النساء بتصوير الثدي الشعاعي mammography كل سنتين من عمر 50 سنة. وفي السابق كانت نصيحة قوى الخدمات الوقائية الامريكية باجراء فحص تصوير الثدي الشعاعي كل سنة ابتداء من عمر 40 سنة، وترجح رابطة السرطان الامريكية هذا الراي.
ولانقاذ حياة امراة واحدة في الاربعينات من عمرها بالتشخيص المبكر لسرطان الثدي، يتم فحص 1904 من النساء سنويا. وبعيدا عن ازعاج الفحص، فهناك التعرض المتكرر للاشعة، والزيادة في عدد مرات تصوير الثدي الشعاعي mammography تؤدي الى نتائج ايجابية كاذبة false positive واضرار ذلك تكمن في التوتر والكابة والجراحات الغير ضرورية، كما ان الخلايا الغير ضرورية التي يتم تشخيصها في الاربعينات من عمر المراة، يتم تشخيصها في الخمسينات من العمر دون اشكاليات صحية.
في امريكا، معظم النساء لم تلتزم بتوصيات قوى الخدمات الوقائية الامريكية ولم تهتم امراة واحدة بالاضرار المصاحبة لفحوصات الغربلة. وفي العراق يصعب معالجة غربلة السرطان بعد كل الضجيج الاعلامي حول الزيادة الواضجة في السرطانات بعد 2003.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فريق طبي أردني ينطلق لشمال قطاع غزة لتقديم الخدمات الطبية


.. الأمير وليام يعود لممارسة مهامه الرسمية بعد تشخيص إصابة زوجت




.. ترسانة إيران.. تكنولوجيا قديمة لصواريخ حديثة


.. الأمير ويليام يعود لمهامه العامة بعد تشخيص إصابة زوجته بالسر




.. من إحدى مركبات مكافحة الشغب.. رش مسؤولين إيرانيين بالمياه في