الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسائل ساحلية : أورانوس / غايا (3 )

عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .

2018 / 5 / 25
الادب والفن



عزيزتي غايا :

وبينما أنا رابض في السماء، أعيش متوحدا متأملا في النظام الذي يحكم هذا العالم الذي لا
حدود له، حتى سمعت خبرا محزنا قادما من أعماق الأرض، منك أنت يا غايا الجميلة، هل سمعت باختطاف الإلهة/ الفتاة بيرسيفوني ذات الجمال الأخاذ؟ إنها تشبهك في كل شيء !!

عزيزتي غايا:

هل تعلمين من تكون بيرسيفوني ؟ إنها ابنة ديميتر إلهة الزراعة والفلاحة والنبات، إنها ابنة ابنتك ريا، اه لو تدرين كم تعشق ديميتر ابنتها بيرسيفوني !! لكن اليوم كانت الصغيرة تمضي بين الحقول منتشية بجمالها الأخاذ الذي يضاهي جمالك، حتى اختطفها هاديس اللعين، ولقد سمعت أيضا
أن اليوم كانت بيرسيفوني تقطف الورود من أحد الحقول وفجأة انشققت وقمت بابتلاعها وسقطت المسكينة في العالم السفلي فأخذت أمها تبحث عنها.

عزيزتي غايا:

هل تعلمين من يكون هاديس ؟ إنه الموت والذبول والفناء، إنه من اختطف بيرسفوني (الزهرة ) في هذا الربيع الذي يمضي، ما لي أرى الصيف يزحف والخريف يتجه نحوي بلا رحمة ؟ علمت أن هاديس ابتلع بيرسيفوني على بساطك وقادها نحو العالم السفلي، نحو أعماقك المجهولة يا غايا الجميلة، إلى تضاريسك وجبالك وهضباتك الفيحاء، سوف أذرف الدموع في غضون الشتاء لعل بيرسفوني تعود !!

عزيزتي غايا:

نعم يا غايا !! هاديس خطف بيرسيفوني ابنة إلهة الزراعة ديميتر وحبسها معه في العالم السفلي فأخذت أمها تجوب الأرض باحثة عنها وهي تبكي عليها حزنا لفراقها . حزنت ديميتر عليها حزنا شديدا فحزنت الحقول لحزنها وجفت، حتى وافق هاديس على إعادتها بشرط أن تكون معه في وقت من العام فكانت الفترة التي تقضيها بيرسيفوني مع أمها هي فترة الحصاد والمحاصيل والأزهار والفترة التي تقضيها مع هاديس هي فترة الجفاف والذبول.

عزيزتي غايا:

ها قد سمعت ما فعله هاديس اللعين، إن بيرسيفوني لن تكون معنا دائما، سوف تكون معنا في الربيع، ولكن ما العمل في الصيف ؟ أ نموت معها ؟ كلا أنت هي الحياة ! إني أنا أورانوس أعشق برتقال الأرض في الصيف الحارق المهجوس بهاديس اللعين . هل تعلمين يا غايا ؟ لا أحب كل البرتقال . أعشق برتقالتين أنهل منهما معاني الحياة . فلتنعمي بالسلام يا غايا !!
---------------------------------------
---------------------------------------
عزيزي أورانوس:

أنا آسفة لحزنك، إنه لا شيء أكثر حزنا من أن أسمع أن بيرسفوني اختطفت. كيف اختطفت زهرتنا!! لا أعرف كيف يمكن لها أن تعيش في العالم السفلي؟ عالم الركود والجمود والموت . أكيد هي في مكان ما، تطل علي من شرفة المدينة، لأنك زرتها اليوم مع رياح شتوية. فشكلت مياهك إحياء نبضة جديدة في صدرها.
بفضلك يا أورانوس اللطيف تراءت لي وهي عائدة إلى الحياة، خضراء، وثغرها باسم، تحيينا بعيونها السوداء، وأوراقها الخضراء. فطبعت قبلة على جبينك أنت يا أورانوس. لا تقلق بشأنها، فالحياة في غصنها جوهر ، والموت زيف في وريقاتها الناعمة.

عزيزي أورانوس :

أعرف أنك تحب بيرسفوني كثيرا، وتشتاق إلى عبيرها الذي يعبق حياة. وهاديس اللعين لن يستطيع حرماننا منها ومن نسائمها في كل الفصول. ستعود فاتحة جناحيها البيضاء. حتى وإن غابت فترة من الزمن فإنها ستظل زهرة حياتنا. وتعود ديميتر تزرع وتنبت مزارع أزهار زاهية تسر جوف الناظر.

عزيزي أورانوس :

وصلتني رسالتك وأنا أشعر بألم في رأسي، أظن ذلك حدث لي نتيجة نقص مياهك في تضاريسي، أو نتيجة نقص سكرك. أ ترى يا عزيزي أورانوس، أصبحت أسيرة لطفك. فالتفت إلى عيوني، فتكفيني منك لفتة حب.

عزيزي أورانوس :

الصيف حل وأنت لازلت كريما في عطائك، لم تبخل علي وعلى بيرسفوني. ولهذا بيرسفوني لن تموت هذا الصيف. فهي أميرتي، والقابضة على قلبي. سنحيا معا بجودك وحنانك. سنشتعل حياة في حرارة الصيف ، بوجودك وعطائك عزيزي أورانوس.

الدار البيضاء/ تطوان - بتاريخ : 24 ماي 2018 / المغرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا