الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تغير مفهوم الإله في الفكر الغربي؟

هاني عبد الفتاح

2018 / 5 / 25
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



يقول "هوستن سميث في كتابه الموسوم بـ "لماذا الدين ضرورة حتمية" : "بعد كانط وهيجل, كان المهندسون الرئيسيون للعقل الحديث هم داروين وماركس ونيتشه وفرويد واينشتاين؛ وعندما سئل الأخير هل تؤمن بالله, قال لهم :نعم, إله سبينوزا, ومع أن إله سبينوزا ليس إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب؛ إلا إنه إله قدير علي كل حال".

إذا أمعنا في هذا النص وجدنا أنفسنا أمام سؤال ملح تجاه موقف التصورات الغربية لصورة الله, فهل اختلفت صورة الله في الفكر الغربي في الآونة الأخيرة عما كانت عليه في السابق؟

يبدو الأمر في البداية صعبا عندما نضع الفكر الغربي كله في حزمة واحدة ثم الحكم عليه بحكم واحد كذلك, إنما نود أن نوضح جيد أن الحكم سينسحب أكثر علي أغلب المناغ الفكري في الجغرافية الغربية. فلو نظرنا إلى جواب آينشتاين في النص السابق وجدنا أنفسنا أمام تغير لمفهوم الإله عما كان عليه من مفاهيم سابقة, ففي جواب آينشتاين يقول "نعم إله سبنوزا", الأمر الذي يدفعنا للحكم باطمئنان للإجابة بنعم أمام السؤال الذي طرحناه آنفًا, نعم , لقد تغير مفهوم الإله في الفكر الغربي عما قبل, الأمر الذي يجعلنا نقول بل ربما لا تجد ملحدين بالمعنى الكامل ينفون فكرة الإله نفيا تاما, إنما جُل ما في الأمر أن صورة الله باتت مختلفة, أو قل إن شئت "متطورة".

الأمر الثاني هو أن من الأهمية بمكانة كي يتضح لنا تصورات الإله في الفكر الغربي , أن نعلم جيدا أن الصورة التقليدية للإله والتي نعنى بها أنها مطلقة وعامة والتي يتفق عليها الجميع _أو قل الكثرة_ لم تعد موجودة, بل أصبحت تختلف باختلاف الرؤية الواحدة والقناعة الفردية, بشكل ينعكس مع نظرة الشخص للكون والحياة والوجود.

ثالثا: لعل ثمة فارق يومض إلينا من بعيد يشق لنا الماضي عن الحاضر في هذا الصدد, وهذا الفارق هو أن تصورات الإله قديما كانت تأتي بها الأديان نتاج للبيئة وحاجة الواقع الملحة, فكانت صورة الإله تبرز من الخارج أو قل من السماء, أما الآن فتصورات الإله الآن تأتي من الداخل عبر القناعة الداخلية أو قل من الأرض, ففي القديم كان الدين أيدولوجيا وسلطة, أما الآن فقد بات الدين ابستمولوجيا وقناعة, وكانت صورة الإله صورة عامة, أما الآن فصورة الإله صورة تتشكل عند كل فرد على حدة.

بالطبع تتوازى هذه المفاهيم المتعددة والتصورات المختلفة تماما مع طبيعة النسبية التي يتسم بها عصر ما بعد الحداثة مع فكرة النسبية وهدم الانساق المعرفية الكبرى.

فالدين كنصر هام في حياة الإنسان ومقوم أساسي في الثقافة والوعي الجمعي وصفاته الثقافية والنفسية, وباعتباره أيضا حاجة من حاجات الذات الفردية كالفن والتاريخ والعادات والتقاليد مثلا, فهو بذلك في اعتقادنا مقوم لا يمكن فصله تمام عن فلسفة الإنسان تجاه الحياة والوجود, بيد أن الإنسان يسعى دائما لأن يشكله ويطوره مع مرور التاريخ.

أعتقد بعد كل هذه الملاحظات يمكننا أن نجزم بأن ثمة دلالة قوية تشير إلى أن التدين حاجة إنسانية وليست حالة بدائية, لكن هذه الحاجة تتطور وترتقي مع قانون التطور والارتقاء الذي يلحق جميع مفردات الوجود, فتؤثر هذه التطورات علي التشكلات المعرفية للمفاهيم الكلية تجاه الله والإنسان والعالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد بين إيران وإسرائيل .. ما هي الارتدادات في غزة؟ |#غرف


.. وزراء خارجية دول مجموعة الـ7 يدعون إلى خفض التصعيد في الشرق




.. كاميرا مراقبة توثق لحظة استشهاد طفل برصاص الاحتلال في طولكرم


.. شهداء بينهم قائد بسرايا القدس إثر اقتحام قوات الاحتلال شرق ط




.. دكتور أردني يبكي خلال حديثه عن واقع المصابين في قطاع غزة