الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


10 نصائح عملية للأساتذة الجدد بالمغرب

كمال آيت بن يوبا
كاتب

(Kamal Ait Ben Yuba)

2018 / 5 / 27
التربية والتعليم والبحث العلمي


شعارنا : حرية – مساواة – أخوة

على هامش حادثة تعنيف تلميذة من طرف أستاذ للرياضيات في إعدادية الإمام مالك بمدينة خريبكة (يجب نطقها khribga) و إنتشار الفيديو الذي يوثق لذلك هذه الأيام على نطاق واسع أدى لإعتقال الأستاذ و إطلاق سراحه لاحقا لحسن الحظ بعد تنازل عائلة التلميذة له عن الدعوى مشكورة ، و نظرا لكوني سأغادر سلك التعليم التأهيلي بالمغرب هذه السنة ، وأخذا بعين الإعتبار التجربة التي خضتها منذ سنة 1983 في هذا السلك كاستاذ لعلوم الحياة والارض بمدن عديدة و قرى مختلفة بالمغرب ، خطر على بالي أن أكتب و ها أنذا أفعل للأحبة الأستاذات و الأساتذة الجدد بالمغرب ، الذين يا إما أنهم إلتحقوا بسلك التعليم أو هم مقبلون على الإلتحاق به ، بعض النصائح العملية و التربوية و القانونية البسيطة للعمل داخل الأقسام تساعدهم على القيام بواجبهم حسب وجهة نظري و ما أعتبر انه الصواب ، في إطار القانون و لتلافي كل ما من شأنه تعكير صفو إيصال رسالتهم التربوية للتلاميذ بكل أريحية في ظل الظروف الراهنة و الواقع الموجود الذي يفرض نفسه دون أن نغوص فيما يجب أن يكون في الاطار العام للتعليم .فهذا موضوع آخر قد نتطرق له في مقالات قادمة و يحتاج جهدا و تركيزا أكبر.
و لذلك لن أتحدث هنا عن رأيي في و ضعية هيئة التدريس المادية و مشاكلهم أو في التعليم عموما و مشاكله البنيوية أو التاريخية و إطاره السياسي أو الإقتصادي و تدخل البنوك الدولية فيه و سبل الإصلاح وغير ذلك و إنما عن حالة "أن الأستاذة أو الأستاذ ها هي أو ها هو هنا في مؤسسة تعليمية و لها أو له جدول حصص و تلاميذ و مسؤولية تربوية " و إذن كيف يجب أن يتصرف مع التلاميذ بسلاسة و دون مشاكل كبيرة ؟ و سأوجزها في النقط التالية في الأحوال العادية أي التي لا تتطلب أي تدابير إضافية خاصة :

1- لا يجب أن يغيب عن الذهن لحظة واحدة أن التلاميذ في مختلف المستويات هم هنا لأنهم جاهلين للكثير من المعلومات حسب السن التي هم فيها.. و إذن فهم يتكونون..فلا يجب النظر إليهم في غالبيتهم على أنهم يفهمون كل شيء أو لهم مجال إدراكي واسع يجعلهم يقدرون الأمور كما الكبار ...أو يتعاملون بجدية زائدة مثلهم .فهم في اغلب الاحيان يميلون للشغب و اللعب و يعتبرون ذلك مجرد مزاح لا حرج فيه...و في كل الأحوال فهم مواطنون في طور التكوين ليصبحوا راشدين في المستقبل يؤطر تواجدهم داخل الأقسام القانون الداخلي للمؤسسات التعليمية و القواعد البيداغوجية و كذلك القانون الجنائي المغربي.و العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل و البروتوكول العالمي لمنع جميع أشكال التمييز ضد المرأة و في إطار دستور 2011 الذي نص على سمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان على القوانين الوطنية ...

و عليه فدور الأساتذة ،مستعملين مختلف التقنيات التحفيزية و التشويقية ، هو إثارة إنتباه التلاميذ و جلبهم لحب الإستطلاع و الفضول و المعرفة للمادة المدرسة موضوع الإختصاص داخل جو هادئ يتميز بالإحترام و التقديرالمتبادل و الجدية و ليس القساوة أو التخويف ..و لا يجب أن يغيب عن الذهن كذلك و خاصة في التعليم الإعدادي تلك المرحلة الخطيرة من عمر التلاميذ التي يكونون فيها تقريبا بين 11 و 14 سنة و هي مرحلة البلوغ و النمو و التحولات الوظيفية في أجسامهم نتيجة عمل الهرمونات الجنسية التي تجعلهم نفسيا و عقليا في مرحلة إكتشاف الذات و محاولة إتباث الوجود و الخروج من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الراشدين ..و إذن فالحذر كل الحذر في التعامل مع هذه المرحلة الخاصة من عمر التلاميذ ..

2- إن الأساتذة هم جنود شجعان في الصفوف الأمامية لجبهة محاربة الجهل و التخلف .و إذن كأي جنود يجب توقع التضحيات الجسام ...التي أقصاها كأي جنود يا إما أن يتركوا حياتهم في المعارك أو على أقل تقدير قد يكونون من المصابين . و عليه و بإستثناء حالة الدفاع الشرعي عن النفس في حالة الإعتداء الجسدي، فلا يجب إستعمال العنف ضد التلاميذ مطلقا .لأن الضرب و الجرح ممنوع قانونا في القانون الجنائي بالفصول 400 و 401 حتى 411 .. كما لايجب طرد التلاميذ من الأقسام لأسباب تتعلق بالشغب .و إنما يجب معالجة الأمر بهدوء و ضبط نفس أو إخبار الإدارة في الحالات المستعصية. لأنها هي المكلفة بإخراج التلاميذ منها و ليس الأساتذة .. و الإستعانة بآباء و أولياء التلاميذ عند الضرورة لأن مستقبل أبنائهم يهمهم بالأساس و غير ذلك من الإجراءات المسالمة و اللبقة التي تليق بهيئة التدريس في المجتمع و ترجى منها..

3- لا يجب إقحام الإدارة بإستمرار في علاقتهم بتلاميذهم أو إثارة المشاكل و التوترمعها ، بل معالجة أمورهم مع التلاميذ و مشاكل هؤلاء إعتمادا على أنفسهم و حسب الحالات . لأن إقحام الإدارة بإستمرار في مشاكل الأستاذ مع التلاميذ يعتبرونه نقصا في تكوين الأساتذة من الناحية البيداغوجية يمنعه من السيطرة على القسم (السيطرة هنا لا يجب فهمها كسيطرة هتلر على ألمانيا بطريقة ديكتاتورية و إنما توفير الجو الهادئ و الملائم لسير الدروس) .

و إذا أخذنا مثال تلميذة خريبكة و أستاذ الرياضيات (أنظر شهادة زوجة الأستاذ الذي عنف التلميذة في الفيديو أسفله) .فالزوجة تعطي معلومات مهمة حول النازلة إذ تتحدث عن كون التلميذة سبق لها أن عُرضت على مجلس تأديبي في المؤسسة ، أيام قليلة قبل واقعة التعنيف ، قضى بمنعها من الدراسة لمدة 15 يوما بعدما قامت بكتابة مشينة في السبورة. و هو ما لم يرد في شهادة التلميذة عند حديثها عن تعرضها للتعنيف. إذ إكتفت بالقول أنها كانت في القسم في حصة الأستاذ حتى تفاجأت به يعنفها و لا تعرف سبب تعنيفها .و هذا شيء طبيعي من التلاميذ الذين قلنا أعلاه أنهم لا يقدرون الأمور في أغلب الأحيان. و لا يدركون خطورة اللحظات التي يتدخلون فيها بشكل إستفزازي يفسد الدروس .في هذه الحالة يظهر أن المجلس التأديبي الذي عاقب التلميذة بمنعها من الدراسة لمدة 15 يوما لم يحل المشكلة بل عقدها ..إذ التلميذة إعتبرت أن ذلك كان ظلما في حقها ..فهي لم تقتنع أن تلك العقوبة كانت تستحقها ،فقامت بشيء آخراكثر منه حسب الافادات و هو قذف الاستاذ بالطباشير لمرات عديدة..

الحل كان يجب أن يكون منذ البداية أولا بضبط النفس كثيرا .و قد تعرضت شخصيا لهذا الأمر (أي وجود كتابات نابية في السبورة) . و كنت أقوم بمسح السبورة بسرعة و لا أقحم الإدارة في الأمر. ثم أتوجه للتلاميذ بصيغة الجمع و ليس المفرد حتى لا أعزل الذي قام بالأمر عن الباقي دون البحث عمن هو أو هي بالقول "لستم سيئين لهذه الدرجة .و الذي قام بتلك الكتابة يريد أن يقول لنا أن تربيته في البيت ليست جيدة.و هذا غير صحيح .إن آباءكم يخسرون عليكم الأموال و يربونكم أحسن تربية و يعطونكم أحسن النصائح لكي تكونوا ناس جيدين ونافعين في المستقبل . ونحن كذلك نريد لكم كل الخير .و إذن فلا يجوز أحبائي أن تقوموا بما يفسد نظرة الناس إليكم ليس فقط هنا في المدرسة بل أيضا في المجتمع .و لتعلموا أن صورة الفرد في مجتمعنا مهمة جدا و لها قيمة كبيرة .إذا إهتزت يصعب إصلاحها .إنها تشبه المرآة المكسورة .لا يمكن إصلاحها ....و أنا شخصيا أتمنى أن تكونوا أفضل ناس في المستقبل و في المجتمع ." ثم أسألهم هذا السؤال : " هل إتفقنا؟" فيجيبون "نعم يا أستاذ" .....فتمر الرسالة .ثم نشعر كلنا بالإرتياح ...فيبدأ الدرس و تمر الأمور بخير .و تغيب تلك الكتابات لاحقا ...

بهذه الطريقة نوفر الكثير ...

لكن لو لم يحدث ما وقع في مدينة خريبكة المغربية و لولا الإعلام و الأنترنيت لما كتبت هذا المقال أصلا ...فمن المعلوم انه لكل ظاهرة سلبية وجوه ايجابية.

4- يُستنتج مما سبق ذكره في النقطة 3 أن الأساتذة الكرام الجدد مدعوون لأنْ لا يعتبروا أنفسهم أنهم وحدهم مع التلاميذ في تلك القاعات التي تشهد حصص دروسهم معزولين عن العالم .بل أن يعتبروا يا إما أن الحيطان أو الجدران التي تحدها هي من زجاج أو أن يعتبروا أن هناك كاميرات وهمية متعددة داخل تلك القاعات .كاميرات الإدارة و المصالح المركزية و المفتشين البيداغوجيين و الآباء و أولياء أمور التلاميذ و الناس العاديين بغض النظر عن إحتمال وجود هواتف نقالة حقيقية مستورة بحوزة التلاميذ رغم كونها ممنوعة بمذكرة وزارية رقم 1/2018 و رغم كون تصوير الناس دون علمهم مخالف لشروط استعمال الهواتف التي تضعها الشركة المنتجة ، ممكن تسجل ما يقومون به من أنشطة أو ما يتفوهون به من أقوال داخل قاعات الدرس .بمعنى أن كلامهم للتلاميذ و تصرفاتهم يجب أن تكون مسؤولة بناءة و تربوية .و إذن يجب إفتراض أن أقوالهم للتلاميذ و أفعالهم داخل تلك القاعات تُنقل مباشرة عن طريق تلك الكاميرات الوهمية التي قلنا يجب تخيل وجودها أو أنها ستقال و تنشر للعموم بأي طريقة دون علمهم .فلا شتائم مقبولة و لا ضرب و لا إيذاء للجسم البشري أو مس بالكرامة الإنسانية و لا كلام في غير مواد تخصصهم و لا أقوال تثير الشبهة حول سلوكاتهم و نواياهم الممكن تأويلها في غير محلها .و عليه فإن إبعاد أي عناصر مشوشة على تحصيل التلاميذ و على سير الدروس أو الحصص لا يجب أن يغيب في أي لحظة عن ذهن الأساتذة ..

5- للعمل في أريحية تامة ، يجب أن تكون الدروس مهيأة و مخطط لها بشكل مسبق و على مسافة زمنية كبيرة ( شهر مثلا ) و ليست عشوائية أو إرتجالية في آخر لحظة. لأن التربية والتكوين ليست مجالا للعشوائية أو الإرتجال .فخطط الأستاذ لحبك سير الدروس و تسلسل فقراتها الذي يجب ان يكون سلسا و سهلا و مبسطا حسب الحالات و حسب المناطق التي تختلف في المغرب بعد معاينة المؤسسات و معاينة التلاميذ و الجو العام فيها تفرض خططا مختلفة و متأقلمة مع شروط الواقع هناك و متوافقة مع المذكرات الوزارية المنظمة للعملية التربوية برمتها من الدروس حتى الإمتحانات مبتكرة و مجتهد في تطويرها من الناحية البيداغوجية والمدرسة البيداغوجية العالمية التي تنتمي إليها و المستويات التي تتوجه لها و عمر تلاميذ هذه المستويات لخدمة أهداف التعلم والتعليم. و من تم لتحقيق النجاح في المهمة و إرضاء التلاميذ و مختلف المتدخلين في مراقبة العمل التربوي . كما أن التخرج من مدارس تكوين الأساتذة لا يجب أن يمنع من الإطلاع اليومي على المستجدات التربوية و على نتائج الأبحاث الجديدة في مجال التخصص و في المعرفة المرتبطة بالمهنة بشكل عام ...

و من الناحية العملية يجب إعتبار أن المدة الزمنية التي يكون الذهن فيها مركزا و منتبها بالنسبة للتلاميذ خاصة في السلك الأعدادي و مافوقه هي 55 دقيقة على أكبر تقدير يحتاج بعدها التلاميذ للإستراحة مدة معقولة...هذه المعطيات يجب أخذها بعين الإعتبار لإنجاز ما يمكن إنجازه خلال كل حصة من ساعتين مثلا على الأكثر...و في كل إنجاز يجب ان يكون التركيز على دفع التلاميذ لإنجاز الدرس بأنفسهم. ليصبح عمل الاستاذ في الدرس المعد بدقة سلفا كمنسق فقط بين مجموعة التلاميذ داخل لقسم تتحقق خلاله تنمية المهارات و مختلف الكفايات المستهدفة في كل حصة. و ليكتشف التلاميذ أنهم قبل الدرس كانوا يجهلون الكثير من المعلومات و صاروا يكتسبون مهارات و طرق جديدة في التفكير.و هذا يشعرهم بالمتعة الفكرية ويشجعهم على طلب المزيد من دروس المادة و يحبب الأستاذ لديهم ..

إن مهمة الأساتذة هي فن من الفنون .ومع المزيد من التجربة و الإستفادة من الأخطاء سيكتشفون أنهم أصبحوا عباقرة في تبليغ المعلومات و تنمية مختلف المهارات و في رصد الفعل التعليمي التعلمي وحصد نتائج مهمة من ملاحظة إشتغال العقل البشري يمكن إستعمالها في أبحاثهم البيداغوجية والنفسية لا حقا لتعميمها .

6- إن نتيجة ما قلنا في النقطة 5 سيجعل كل سنة مختلفة عن التي سبقتها في مسار الأساتذة و يجب أن يتوقعوا في كل سنة مقبلة أمورا جديدة و تعليما جديدا .و كل حضور لحصة مع التلاميذ هو حضور مشترك يتقاسم فيه الجميع مرحلة من حياتهم يكبرون و ينمون مع بعض و يتقاسمون مشاعر و أحاسيس خلالها المفروض أن تسمو مع الوقت و تصبح متينة يسودها التقدير و الإحترام المتبادل و ليس الإحتقار و التنافر و السلوكات المشينة.و من حيث المبدأ يجب أن يكون مستوى ومدارك و سلوكات التلاميذ في يونيو قد تغيرت و تطورت و ليست هي نفسها التي كانت في سبتمبر... حين دخلوا للدراسة...

7- في الحالات التي يكون فيها ذلك ممكنا كالمؤسسات التي فيها قاعات للأساتذة فالتنسيق و تبادل الآراء و المعلومات بين الأساتذة و بين هؤلاء و الإدارة حول العملية التعليمية التعلمية خلال السنة الدراسية هو أمر في غاية الأهمية و مفيد تربويا . فلا يجب التغول و الإنعزال عن الأساتذة الآخرين طالما أن الجميع يوجد داخل ماكنة واحدة . كما لا يجب الإنعزال مع أساتذة تخصص ما فقط. و انما يجب تبادل الآراء بين مختلف التخصصات و بين هذه الأخيرة والإدارة التي تتكون من أساتذة سابقين لهم تجربة ما للإستفادة من آرائهم و لتعم الفائدة و لكي لا يشعر الأساتذة كل في إختصاصه أنه منفي داخل المقررات الدراسية التي تخصه و الواجبات و معزول عن محيطه التربوي او انه يعيش المشاق لوحده .

8- رغم كل ما يمكن أن يقال بخصوص علاقة الأساتذة بالوزارة و بالتالي بالدولة من الناحية القانونية، فالواقع هو أنهم من ناحية مواطنون يؤطر تواجدهم في المؤسسات التعليمية القوانين و المذكرات المنظمة لعملهم. و من ناحية ثانية طالما يلتحقون بمقرات عملهم في الوقت الذي تحدده جداول حصصهم فهم بحكم القانون يمثلون الوزارة و الدولة و النظام السياسي المغربي و هم جزء منه .و معنى ذلك أن أي إخلال بالواجب أو خروج عن قوانين الدولة او القوانين المنظمة للعمل التربوي أو إستغلال للعمل و التلاميذ من أجل تمرير خطاب ما سواء كان ذا طابع سياسي أو ديني أو غيره مختلف عن خيارات الدولة و عن المذكرات المنظمة لعملهم فهذا لا يلزمهم إلا هم و يتحملون مسؤوليته أمام القانون. و لا يمثلون الدولة حينها و إنما يمثلون أنفسهم . فواجب الحياد والموضوعية و تجنب الشخصنة في العمل التربوي أمر مفروغ منه لإزالة المشوشات التي تحدثنا عنها أعلاه في حصص الدراسة و لتجنب المشاكل في الحياة الخاصة و المسااءلة التربوية او القانونية.

وكمثال أول فما تحرك المصالح المختصة للدولة كل في مجاله إلى إعتقال أستاذ الرياضيات في مدينة خريبكة بعد إنتشار فيديو تعنيف التلميذة و زيارة المفتش العام لوزارة التربية الوطنية لبيت التلميذة المعنفة لرد الإعتبار لها و لجميع التلاميذ في المغرب إلا دليل على ماقلناه هنا و هو أن مخالفة القوانين أمر غير مقبول و لا يمثل فيه الموظف الا نفسه وحتى لا ُيفهم أن الدولة تشجع الأساتذة او الموظفين عموما على التسيب أو على أفعال يجرمها القانون ... و هذا تأصيل لنفاذ القانون و للمساواة وصون كرامة التلاميذ دون إغفال ما ورد في تصريح السيد المفتش العام و هو أن "فضاء المؤسسات يجب أن يكون فضاء تصان فيه كرامة الأساتذة والتلاميذ على حد سواء" ..و لذلك قلنا أن ضبط النفس ضروري مع عدم إقحام الإدارة بإستمرار في حل مشاكل الشغب مع التلاميذ داخل قاعات الدروس مثل هذه الحالة التي إضطرت فيها المصالح المركزية للتحرك من أجل إطفاء الحريق. و قلنا أيضا أنه يُنظر له كنقص في السيطرة على الوضع داخل الاقسام بطريقة بيداغوجية مفيدة تفترض أن التلاميذ كما قلنا هم في طور التكوين و ليسوا كاملين أو بعبارات السيد المفتش العام أن التلاميذ "عندهم صعوبات في التعلمات أو التربية أو القيم و دورنا كراشدين (وهنا يجب التسطير بخط عريض تحت راشدين) هو مساعدتهم على تجاوز صعوباتهم" .ومثل ما شدد المفتش العام على أن العقاب البدني أو الرمزي أو ما سميناه نحن "إيذاء الجسم البشري" هو أمر مرفوض في قناعة الوزارة .و هو الأمر الذي قلنا أنه ينص عليه القانون الجنائي المغربي.و بالتالي فمسؤولية الأساتذة هي مسؤولية جنائية أيضا وليست فقط تربوية أو إدارية ...

و كمثال ثان و هنا في موضوع استغلال العمل التربوي لتمرير خطابات سياسية او دينية او غيرها فالتصويت في الإنتخابات من طرف الأساتذة لهذا الحزب أو ذلك أو الإمتناع عن التصويت ومقاطعة الإنتخابات أو إتخاذ أي موقف من النظام السياسي المغربي أو من الدين و غير ذلك لا يجب أن يصل للتلاميذ عبر أي خطاب موجه لهم خلال الحصص الدراسية.لأن هذه المواقف السياسية و الدينية و غيرها تبقى أمورا شخصية ليست شرطا من شروط الدخول للعمل التعليمي و لا جزءا من المقررات الدراسية.و يبقى إبداء الرأي في هذه الأمور والعمل من أجل التغيير مثلا له مجاله الخاص مع الكبار في إطار الجمعيات و الأحزاب والمنظمات و غير ذلك من الأنشطة المتنوعة و ليس قاعات الدرس.و لا يجب على الإطلاق الإعتقاد أن الخطاب المخالف للقانون في قاعات الدرس لن يصل للمسؤولين أو للآباء أو حتى للناس العاديين .فليتذكر كل واحد ما قلناه في النقطة 4 أعلاه .

9- إن العمل التربوي و ما يتخلله من أنشطة و سلوكات سواء كانت صادرة عن هيئة إدارية أو عن هيئة التدريس و تم تصنيفها بالإيجابية أو السلبية فمن الممكن أن ينسحب ذلك التصنيف في حكم الناس و المجتمع على كل هيئة التعليم سواء تعلق الامر بهيئة التدريس أو بهيئة الإدارة المغربيتين.و عليه فإن إستحضار هذا المعطى من المفروض أن يدفع المرء للتفكير ألف مرة قبل الإقبال على أي مغامرة غير محسوبة العواقب أو ممكن تكون غير مقبولة على الصعيد الوطني اذا كانت سلبية مهما كانت النوايا حسنة خاصة في عصر الانترنيت و إنتشار المعلومة بسرعة البرق.و اذن على الاساتذة في جميع الاحوال أن يحاولوا دوما بسلوكهم إعطاء صورة إيجابية عن موظف وزارة التربية الوطنية و يعبروا على تحليهم بالجدية و المسؤولية...ولن يندموا على ذلك أبدا...

10- في حال ما إذا وجد الأساتذة أنفسهم في وضع إستثنائي فيه إحراج أو ضغط كبيرين أو ما شابه فبالإضافة لما سبق يصبح من الضروري بلورة إستراتيجية في التدريس متطابقة دائما مع القانون لكن متناسبة مع تلك الشروط التي يخضعون لها حسب الحالات و الظروف المختلفة التي قد يكونون مضطرين للعمل داخلها دون أن يؤثر ذلك على كفاءتهم أو على مردوديتهم التربوية ...

و أخيرا فإنني أعتبر أن العنوان الحقيقي لكتابة هذا المقال المتواضع الذي أعتقد أنه واجب تاريخي و اخلاقي نبيل تجاه شريحة مهمة من المجتمع المغربي و هي هيئة نساء و رجال التعليم المغاربة التي ، رغم ما تعاني منه و رغم وضعيتها التي تصير مزرية في بعض الاحيان، تساهم رغم ذلك في التحضير الواعي و المسؤول لتخريج و تكوين مسؤولي الدولة المغربية المستقبليين في شتى المجالات ، هو المحبة لقطاع ينشر الوعي و النور في العقول و يدحر الجهل والتخلف والظلام .و يجعل المرء يشعر بالفخر و الإعتزاز بالإنتماء الأبدي إليه.لأن التقاعد الوظيفي لا يعني تقاعد الإنتماء أو التفكير أو التقاعد من الوطنية أو من المساهمة في الدفاع عن البلد أو من المساهمة في رقيه و إزدهاره و لو بمقال صغير مثل هذا ...

متمنياتي بالتوفيق والسداد لكل المتدخلين التربويين المغاربة و للساهرين على هذا الجهاز أيا كانت مواقعهم و معاناتهم من أجل تطويره و تنميته و إصلاح أعطابه حتى يحقق النتائج المرجوة منه خدمة لبلد مستقر و آمن يصون كرامة مواطنيه و يوفر لهم الحرية و كل الحقوق الدولية و يتقدم للأمام و لو ببطء لكن لا يتقهقر أبدا للوراء...

آمين.

رابط الفيديو لشهادة زوجة أستاذ خريبكة :
https://www.youtube.com/watch?v=jaZAVHpvPSY












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تضرب إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية؟ • فرانس 24


.. إدانات دولية للهجوم الإيراني على إسرائيل ودعوات لضبط النفس




.. -إسرائيل تُحضر ردها والمنطقة تحبس أنفاسها- • فرانس 24 / FRAN


.. النيويورك تايمز: زمن الاعتقاد السائد في إسرائيل أن إيران لن




.. تجدد القصف الإسرائيلي على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة