الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كوتا لتدمير المسيحيين

كوهر يوحنان عوديش

2018 / 5 / 28
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


يقصد بالكوتا ( Quota ) تخصيص نسبة او حصة او عدد محدد من مقاعد الهيئات والمجالس المنتخبة مثل البرلمانات والمجالس البلدية لجنس او مكون او قومية معينة وذلك لضمان مشاركة تلك الجهة المعنية في التشريع وصناعة القرار، لان تلك الفئة او الطائفة او القومية او الجنس لن يتمكنوا من التمثيل المناسب في البرلمانات ومجالس البلديات بسبب قلة الاصوات التي يحصلون عليها بصورة اعتيادية لقلة عدد نفوسهم والتي تمنعهم من الحصول على مقاعد برلمانية، ومن هذا المنطلق خصصت للمكون المسيحي! باعتباره اقلية خمسة مقاعد في مجلس النواب العراقي ( البرلمان ) ومن قبله خصصت نفس المقاعد للمسيحيين في برلمان اقليم كوردستان، وهذا يدل على ان الهدف والغرض من الكوتا هو مشاركة الفئة التي خصصت لها الكوتا في التشريع وابعادها عن الاقصاء والتهميش.
في العراق الديمقراطي الجديد، وبسبب سياسة المحاصصة الطائفية واثارة المشاعر والعواطف الانتمائية، فان الاغلبية الساحقة من الشعب العراقي كانت تصوت على الانتماء وليس على المؤهلات والاخلاص والصفات الاخرى التي يجب على الممثل التحلي بها، وباعتبار الشعب الكلداني السرياني الاشوري ( المسيحيين ) جزء من الشعب العراقي يحمل ثقافته واسلوبه في التعامل مع الاحداث والوقائع فانه بقى محصورا هو الاخر في هذه الدائرة الضيقة من ناحية التصويت واخفق مرارا وتكرارا في اختيار الانسب والافضل والاصلح لتمثيله في البرلمان، لذلك نرى ان اداء ممثليه في الدورات السابقة كان ضعيفا جدا والكل بدون استثناء اغمضوا عيونهم عن كل ما جرى ويجري للمسيحيين منذ 2003 ولحد يومنا هذا من مذابح وعمليات تهجير وغبن ومظالم اضافة الى التشريعات التي تنتقص من ايماننا ومعتقداتنا.
كان يمكن للمآسي التي تثقل ظهورنا – بل وتكسره - نحن المسيحيين وللارهاب الذي يلاحقنا على هويتنا الدينية ان يكونا من اهم واقوى الاسباب المؤدية الى توحيد جهودنا وخطابنا السياسي للوقوف بالضد من كل الاعمال والتشريعات والمراوغات السياسية التي قربت نهايتنا في وطن نعتبر اصلائه، لكن الانتهازية والانانية وشخصنة القضية من قبل رؤوسائنا الحزبيين وقادتنا السياسيين ورجال ديننا الكرام جعل من فواجعنا ومعاناتنا ماركة تجارية لتبوأ المناصب وتكديس الملايين من الدولارات، وبذلك اصبحت قضيتنا تختصر وتختزل بمناصب كارتونية يستفيد منها بضعة اشخاص مقابل تشريد وتهجير الالاف العوائل.
لا نبالغ ولا نجانب الحقيقة اذا قلنا ان الكوتا المخصصة للمسيحيين تعتبر اداة لتدميره وليس كما يروج او يعتقد وسيلة لتمثيله، فكانت سببا في التفريق والتناحر والتناطح وتوسيع الهوة بين ابناء الشعب الواحد وفي نفس الوقت اسهل وسيلة لتبوأ المناصب والتمتع بامتيازاتها بعيدا عن الهدف الحقيقي التي من اجله خصصت هذه المقاعد، لذلك نلاحظ ان ممثلينا الكرام في مجلس النواب وما قبله في مجلس الحكم وفي كل مفاصل ومرافق الدولة العراقية كانوا يناضلون من اجل تحقيق مصالحهم ومنافعهم الذاتية، ولتحقيق اهدافهم الشخصية كثيرا ما باعوا القضية وخانوا ثقة الشعب فسكنوا هم القصور وتركوا الشعب وحده يتمرغ في الوحل والدم، ولم يقف الامر عند هذا الحد فقط بل تمادى الى الاكثر لان حب المنصب ولذة امتيازاته ادت الى التنافس اللاشريف واللاخلاقي بين ابناء المكون الواحد للاستحواذ على المناصب والتنعم بها بعيدا عن الهم القومي والديني وبذلك اعطى القادة الحزبيين والدينيين فرصة للاخر للتدخل والسيطرة على شؤون المسيحيين والمناصب المخصصة لهم عن طريق شراء ذمم الضعفاء من المحسوبين ظلما على ابناء هذه الطائفة.
لا اظن بان خمسة مقاعد من اصل 329 مقعدا في مجلس النواب ستكون مؤثرة وكافية لتثبيت حقوق المسيحيين ومنع تشريعات تنتقص من معتقداتهم ومبادئهم الدينية، لكن كان يمكن استغلالها لصالح هذا المكون بصورة افضل واحسن لو تحلى ممثلينا البرلمانيين بقليل من الصدق والشجاعة وكان ولائهم لقضية شعبهم وليس للكرسي، لذلك فان نصيب ممثلينا ( بائعي الانفس ) من العتب على ما وصلنا اليه نحن المسيحيين يفوق مئات الاضعاف عتبنا على الاخرين الذين محوا ومسحوا تاريخنا ومأساتنا واسمنا القومي من الدستور العراقي، والذين شرعوا قانون البطاقة الوطنية الموحدة، والذين هجرونا ودمروا كنائسنا، والذين ....... والذين....
الانتخابات الاخيرة وما افرزته من نتائج كارثية بالنسبة للكوتا المسيحية تدل وبكل وضوح ان الكوتا التي خصصت للمسيحيين لتمثيلهم ومراعاة خصوصيتهم افرغت من معناها الحقيقي واصبحت هدفا سهلا للاحزاب الاخرى الكبيرة منها والصغيرة، فالاحزاب الكبيرة تستطيع الحصول عليها بعدة الاف من الاصوات التي تعتبر لاشيء بالنسبة لقاعدتها الجماهيرية الواسعة والكبيرة، والاحزاب الصغيرة المفلسة سياسيا تعتبرها افضل وسيلة لاثبات وجودها لانها لن تستطيع الفوز بمقعد برلماني في حالة مشاركتها بالانتخابات بصورة اعتيادية لذلك تحاول جهدها للفوز بمقعد برلماني ( احدى مقاعد الكوتا ) عن طريق دعم مرشح مسيحي ينتمي اليها.

لن يكون انتماء الشخص معيارا لمصداقيته واخلاصه لقضيته لكن هل يستطيع الظافر بالمقعد البرلماني باصوات الاخرين من خارج الكوتا المسيحية ان يمثل شعبه ويدافع عن حقوقه بعيدا عن التأثيرات والضغوطات ام انه سيكون بيدقا بيد من اجلسه على هذا الكرسي؟ مجرد سؤال لا اكثر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية على مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية


.. إسرائيلي يستفز أنصار فلسطين لتسهيل اعتقالهم في أمريكا




.. الشرطة الأمريكية تواصل التحقيق بعد إضرام رجل النار بنفسه أما


.. الرد الإيراني يتصدر اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية




.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن