الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طالت طريق الانتصار يا شعب الجبارين

تميم منصور

2018 / 5 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


طالت طريق الانتصار يا شعب الجبارين (1)
تميم منصور
كل من شاهد حالة الدمار والخراب في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين الواقع جنوب دمشق ، تعود الى ذاكرته صور المدن السوفياتية مثل مدينة " ستالينغراد " أو غيرها ، كل شيء فيها ركام بفضل برابرة العصر النازيون ، ومما زاد من حالة الكآبة والحزن والغضب واليأس داخل المخيم ، دموع ومواقف وحيرة العائلات التي سارعت للعودة الى بيوتها فلم تجد لها أثر. تساءل أحد هؤلاء ، كم مرة سنعود ؟ وكم مرة سنبدأ حياتنا من جديد ؟ عندما طردتنا العصابات الصهيونية من وطننا فلسطين .
أصبح جنوب لبنان وطننا البديل والجديد ، فوق تراب أرض الجنوب بدانا حياتنا من جديد ، لكن قوات النازيين الجدد الصهاينة لم تتركنا لحالنا، فعادت ولاحقتنا وهدمت بيوتنا البدائية التي اقمناها ، فانتقلنا الى البقاع ، وبدأنا حياتنا من جديد مرة أخرى ، وعندما ضاقت بنا سبل العيش قالوا لنا : اذهبوا الى سوريا أم الخير فالتجأنا الى مخيم اليرموك ، في هذا المخيم عاد الجديد من جديد ، سوريا قدمت لنا كل شيء ، تعلم أولادنا في جامعاتها مجاناً .
اليوم بعد أن تم تدمير كل شيء ، سنبدأ مرة أخرى من جديد ـ عاد هذا المواطن الفلسطيني وتساءل : لماذا نحن فقط ؟ من المتهم ؟ تطلع هذا اللاجىء العجوز الى السماء الى أعلى ، ولوح بيديه بصورة تعجب وهو يبكي ، من يصدق بأن عناصر فلسطينية التابعة لحركة حماس وبعض الفصائل الاصولية الأخرى ، ساهمت بتسليم المخيم الى عناصر داعش والنصرة ، وباقي القوى التكفيرية ، وعندما حاولنا معرفة أسباب هذه الردة ، كان الجواب سيبدأ مشوار العودة الى فلسطين من هنا من مخيم اليرموك.
هذا يؤكد بأن العديد من الفلسطينيين ارتكبوا جرائم بحق أنفسهم وبحق شعبهم ، وطعنوا الدولة التي احتضنتهم ، ومنحتهم الحرية الكاملة والاستعداد لمعركة التحرير ، هذه الخيانة والمؤامرة على أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ثباتاً وقوة اقتصادية في الشتات تعتبر هزيمة جديدة من الهزائم التي عصفت بالشعب الفلسطيني ، فالتسليم بمخيم اليرموك لا يختلف عن تسليم أية قرية أو مدينة داخل فلسطين ، وهذا يذكرنا بمماحكات جيش الانقاذ بقيادة القاوقجي لفصائل الجهاد المقدس بقيادة عبد القادر الحسيني ، فقد رفضت قيادة جيش الانقاذ في دمشق تزويد فيصل الحسيني لاسترداد قرية القسطل ، فقال جملته المشهورة : سوف اعود الى القسطل يا طه الهاشمي ، وسوف أقاتل بالسلاح الذي معي ، فعاد واستشهد ، وسقطت القسطل ، مفتاح مدينة القدس .
ان تكرار الهزائم بسبب القيادات الفلسطينية ، أدى الى تراكمها والى زيادة وعورة طرق العودة ، ومضاعفة أطوالها ، لا أحد يعرف متى ستبدأ وأين ستنتهي ؟ في رأيي أن الهزائم كثيرة ، وعلينا الاعتراف بذلك ، وقد تجسدت الهزيمة الأولى بالانقسامات والخلافات التي كانت تدور بين القيادات الفلسطينية ، زمن الاحتلال البريطاني ، فقد سيطر رجالات المدن الذين تربوا تربية ارستقراطية على مقود الحياة السياسية للشعب الفلسطيني ، ، جعلوا من أنفسهم همزة الوصل بين الانجليز والشعب ومع الحركة الصهيونية ، أهملت هذه القيادة أبناء الريف الفلسطيني ، وابعدتهم عن محاور القرارات والقيادة .
لقد فشلت القيادة ، وكان معظمها من الافندية ، لأنها لم تكن تملك استراتيجية واحدة لخوض معركة الصراع مع الانتداب والصهيونية ، وعندما اقيمت الاحزاب الفلسطينية ، تحولت الخلافات بينها الى عداء تجاوز المستوى السياسي ، خاصة بين حزب المفتي ، حزب الدفاع ، وحزب آل النشاشيبي الحزب العربي ، ووصلت هذه العداوة الى قيام الحزب الأخير بالتعاون مع الانجليز ضد ثورة 1936 .
هناك هزيمة أخرى لها علاقة بالانقسامات داخل القيادة الفلسطينية ، مواقفة هذه القيادة على أنهاء اضراب 1936 ، الذي امتد حوالي ستة أشهر ، وشل الحياة الاقتصادية تحت سلطة الانتداب وأوقف الهجرة اليهودية الى فلسطين ، ثم وقف هذا الاضراب فجأة قبل تحقيق اية نتيجة ، سوى وصول " لجنة بيل " التي شرعنت الوجود اليهودي في فلسطين واقتطعت لهم دولة . لم تتوقف الهزائم ومسلسل الفشل في مواقفه القيادة الفلسطينية برئاسة المفتي ، على اطفاء فتيل الثورة التي امتدت من سنة 1936 – 1939 ، بوساطة الأنظمة العربية التي كانت متآكلة في حينه ، كانت هذه الأنظمة تهتم بمصالح بريطانية أكثر من مصلحة الشعب الفلسطيني كما هو الأمر اليوم في العلاقات الامريكية العربية .
لم تتوقف حالات الفشل والهزائم في هذه المحطة من مسيرة الشعب الفلسطيني ، فقد تشتت رجال المقاومة المدربين الذين قاتلوا القوات البريطانية في الجبال والأغوار والسهول لمدة ثلاث سنوات ، تفرقوا ايدي سبأ ،لم يقم أحداً باستقلال طاقاتهم وخبرتهم، كل مقاتل ذهب لسبيله ، عكس ما فعلته العصابات الصهيونية ، التي قامت بالمحافظة على سلاح عناصرها ، وعملت جهدها للحصول على المزيد من السلاح ، والاستمرار في التدريب ، خاصة داخل القرى التعاونية ، وقد كان لهذا السلاح والعناصر التي استخدمته مردوده الفعلي في المعركة الحاسمة عام 1948- 1949 .
في عام 1948 كانت المؤامرة والتقصير والفشل على فلسطين وشعبها أكبر بكثير من طاقات وقدرات الشعب الفلسطيني ن دخل هذا الشعب الى معركة بدون قيادة عسكرية ومدنية سياسية قادرة واعية موحدة ، رفضت هذه القيادة قرار التقسيم ، وقررت افشاله دون ان توفر الآليات اللازمة لانجاح هذه المهمة ، لم تكن القيادة السياسية تملك السلاح ، أو أي احتياطي من المحاربين القدماء والجدد لم يتوفر اي احتياطي اقتصادي ، لم توضع أية خطة لخوض هذه المعركة المصيرية ، كل ما فعلته هذه القيادة ، هو العودة الى الاعتماد على القادة والملوك ، وعلى جامعة الدول العربية ، مع أن اعضاء هذه الجامعة كانوا يوجهون من السفارة البريطانية في القاهرة . كان الجيش العراقي وحده باعتراف قادة صهاينة عسكريين ومدنيين قادراً على حسم المعركة ، لكن قيادته الهاشمية في الاردن والعراق كبلته ، منعته ، منعته من القتال ، كان معظم ذخيرة الاسلحة التي يستعملها تتواجد في معسكرات الجيش البريطاني في قبرص ، لهذه الاسباب وغيرها ، خاض قتالاً محدوداً غير موفقاً ، خاصة في قرية قاقون وجنين وبعض المواقع الأخرى .
عندما بدأ الجنود العراقيون يستعدون للانسحاب من المثلث ، أخذوا يبكون امام موديعهم من السكان المحليين ، قال أحد الضباط ويدعى يعقوب متى " اتمنى أن لا نعود لبلادنا سالمين ، لأننا خذلناكم . يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. زراعة الحبوب القديمة للتكيف مع الجفاف والتغير المناخي


.. احتجاجات متزايدة مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية




.. المسافرون يتنقسون الصعداء.. عدول المراقبين الجويين في فرنسا


.. اجتياح رفح يقترب.. والعمليات العسكرية تعود إلى شمالي قطاع غز




.. الأردن يتعهد بالتصدي لأي محاولات تسعى إلى النيل من أمنه واست