الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دول فاضلة وأخرى شريرة وواحدة بينهما فاصلة

مروان صباح

2018 / 5 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


دول فاضلة وأخرى شريرة وواحدة بينهما فاصلة ...

خاطرة مروان صباح / هو شعور مختلف عندما تستيقظ من النوم لكي تخبرك دولة جارة ، أنها قررت استنهاض دولتها على حساب دولتك ، هذا تماماً ما يحصل من الجارة الاثيوبية ، المدهش في حكاية اثيوبيا ، أن بعض المفكرين السطحيين في أوساط معامل التحليل ، ينظرون للمسألة حصر مياه النيل ، أنها مسألة خلافية وقابلة للمفاوضات ، في اعتقادي ، أن اثيوبيا تحولت إلى قنبلة مائية نووية في القرن الأفريقي ، لكن ، مهمة الباحث البحث عن خلفية البلد وما الدور الوظيفي المطلوب لكي يلعبه ، فاثيوبيا اليوم ، يعني الحبشة قديماً ، وكلمة الحبشة جاءت في التوارة ، أي عندما يعود المرء لأصل المعنى ، يجد أن معناها ، الاجناس المختلطة والمختلفة ، بالفعل ، اثيوبيا يوجد فيها لا يقل عن 80 عرق من الساميين والحاميين والكوشيين ، هناك 11 عرق تحديداً ، هم الأوسع والأكثر حضوراً ، لكن ، هل من جديد في كل هذا حقاً ، أين الجديد ، الجديد في اثيوبيا الحركة الراستفارية عام 1930 م ، التى قبلت بالإمبراطور هيلا سيلاسي ملك ملوك افريقيا سابقاً ، المسيح المخلص ، الذي ذُكرّ في الإنجيل ، وهذا الاعتراف لم يأتي صدفة ، بل ، عندما عاد الإمبراطور هيلا سيلاسي إلى حكم أثيوبيا بدعم بريطاني ، نعم كان قد اُسقط عن الحكم وشكل سلاسي فرار من البلد ، بدأت تتكشف الأمور شيئ فشيء ، لكن ما يهمنا من الفكرة التى تأسست عليها الراستفارية والهدف منها ، هي صحيح اختراع جامايكي بإمتياز ، لكنها ، عابرة القارات ، الذي يهمنا منها ، هو ، الإتفاق بين مدينة صهيون والاختلاف مع مدينة بابل ، بين المدينة الفاضلة ومدينة الشرور .

حددت اثيوبيا بوصلتها منذ 1930 ، وهذا التغير ، لم يقتصر على حال القرن الأفريقي فحسب ، بل الهند شهدت في عهد البريطانيين مجرى أخر من التغير ، حيث ذاع سيط ميرزا غلام احمد ، الذي أسس الطريقة الأحمدية وأطلق على نفسه بالمسيح والمهدي ، وقد قام البريطانيَّيْن بنقل مجموعات كبيرة من شيعة الهند إلى جنوب العراق واستوطنوهم فيه تدريجياً ، الذي جعل التقارب الشيعي الهندي مع الايراني ، هو الطاغي على الشيعي العراقي التقليدي ، وهذه مسألة أخرى معقدة ، تفكيكها تحتاج إلى مقال ثاني ، ما يعنينا من المسألة ، كيف تمكن البريطاني من توزيع الأدوار ، وما هو الفارق بين المدن الفاضلة والمدن الشريرة .

والحال أن العراق وسوريا تم إعادة تشكيل مصيرهما ، يضاف إليهما مصر ومحيطها ، بل يتوجب على المرء ، اعادة احتسابها كعنصر مرصود كلما اتخذ المشروع الاستعماري خطوة نوعية نحو تقرير مصير القرن الأفريقي ، وهنا قد يتفهم المرء ، للنابع الوطني الإثيوبي من أجل الإنماء وتطوير البنية التحتية للبلاد ، لكن لا يمكن فهم حصر ماء النيل ، لا يمكن اخراجها من أنها وظيفة إقليمية بتواطؤ دولي ، وهذا يفسر بدقة عاليه ، اختيار اثيوبيا من الدول منابع النيل كونها تحتوي على منبع بحيرة تانا منبع النيل الأزرق ، والمدهش هنا ، أن بعض العقول التى تفاوض ، تتناسى أو تجهل البريطاني جون سبيل الذي اعتمد على خرائط العربي الادريس 1160 م ، لاكتشاف منابع النيل ، كأن السيد سبيل كان يمارس هوايته من أجل إشباع رياضة ذهنية ، بل ، ما يغيب عن أوساط هذه العقول ، أن جون سبيل ليس سوى فرد مثل دولته التى بدورها تمثل الفكر الاستعماري للعالم ، وهذا البحث والاستكشاف يتيح لهذه العقول بالتفكير في كيفية تجفيف مصادر الحياة عن الدول المرصودة .

ايضاً ، قد يكون التناسي ليس الوحيد في توضيح الموضح ، بل قد يكون مغادرة الأقلام من دوائر القرار ، عامل مهم في مسألة التناسي ، فالاستعمار يخطّط لاحداث حربين في المنطقة ، واحدة نفطية وقد شهدت حروب متوالية بين المربع العربي والايراني وكلما هدأت بعض الشيء ، يتم استئنافها من جديد ، واخرى تُجهز على نار ماء النيل ، وهي حرب المياه في القرن الأفريقي ، وهنا يسعى في هذا الاشتباك الدموي ، تشجيع دول معينة على تبني مشروع الدول الفاضلة وتنميتها بين دول شريرة ، وهذا ينطبق تماماً ، على دولة مثل اثيوبيا بمحيط كارثي ، فإذا ما قارن المرء ، إثيوبيا بين أوغندا وتنزانيا وبرواندى ودول اخرى عربية ، يلاحظ كيف يعلو صوت النمو والسلام بين الأعراق المختلفة في دول ، يُزعم أنها فاضلة، يقابل كل هذا السلام ، الخشية ورهبة من دول شريرة .

اليوم في الشرق الأدني ، يوجد بلدان خاليان من الكوارث ، الأولى اسرائيل أرض تصنف بالدولة الفاضلة وإيران تصنف بالفاصلة ، مازالت تراوح ، لم يعلن عن تفضيلها حتى الآن ، رغم كل الأصوات التى تصدر من هناك وهنا ، فهي تقوم بوظيفة في بلاد الشام والعراق ، تماماً ، كما يراد للاثيوبي القيام به في المستقبل ، من المفترض أن تلعب اثيوبيا ذات الوظيفة التى تلعبها إيران ، وهذا يتطلب الوقوف والتأمل ، كيف يمكن افشال محاصرة مياه النيل ، هي مناسبة حاشدة ، رغم أنها ، كما تظهر على أنها مسألة إقليمية ، لكن ما يجري ليس سوى احتكاك كوني ، كما يلزم التنبيه ، فالتصدي للمشروع الاستعماري ، ليس وارد، ومن يظن من الشعوب العربية ، أن الأنظمة العربية على مستوى هذه تحديات ، يكون يمارس التغريد خارج هذا الكوكب ، لأن شروط المواجهة في حد الأدنى ، تتطلب استنهاضات محررة من التباعية ، وأولها البنك الدولي ، فهناك فارق بين من يقوم بوظيفة ، وآخر ، صاحب مشروع .

في الختام ، لا مفر من أن يعيد المرء ، من القبر بول مارلي ، أحد ألمع المذهب الراستفاري ، صاحب الدور الكبير في انتشار الفكرة ، لديه أغنية تسمى المذنبون ، كأنه أدرك في أواخر حياته ، بأن المدن الفاضلة ليست في كوكب الأرض ، فغنى على إيقاع الظالم والمظلوم ، قال / أولئك الأسماك الكبيرة التى تحاول دائماً التهام الأسماك الصغيرة / سيفعلون أي شيء من أجل أمنية لهم / يُكمل مارلي محذراً، / لكن انتظر / وَيْل للظالمين سيأكلون خبز الندامة كل يوم وغداً / مذنبون مرتاحون الضمير . والسلام
كاتب عربي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من الحرس الثوري الإيراني في حال هاجمت اسرائيل مراكزها


.. الاعتراف بفلسطين كدولة... ما المزايا، وهل سيرى النور؟




.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟


.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟




.. طهران تواصل حملتها الدعائية والتحريضية ضد عمّان..هل بات الأر