الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطفولة وعلاقتها بالمدرسة

عبد اللطيف بن سالم

2018 / 5 / 31
التربية والتعليم والبحث العلمي


المتعلم :
يرى علماء النفس المحدثون أنه لا يجب أن ننظر إلى الطفولة كما لو كانت مرحلة عابرة نمر منها إلى الشباب ثم الكهولة بل هي مرحلة حقيقية حاصل فيها المرء على شخصيته كاملة غير منقوصة إلا أنهافقط في طور النمو والتأهل لمرحلة أنضج منها هي مرحلة الفعل والمسؤولية فمرحلة الكهولة والاندماج في الحياة الاجتماعية ولكي ننهض بهذا الطفل ونأخذ بيده إلى هذه المرحلة المسؤولة يجب أن نكون نحن قد بلغنا المسؤولية هذه على أفضل مستوى ممكن ونكون بالتالي عارفين خير المعرفة بمقتضيات الطفولة وحاجاتها البد نية والذهنية حتى نقوم بهذه المهمة ونجعل من أنفسنا خير معلم لخير متعلم, نحن نعلم أن الطفل وقد بلغ سن المدرسة قد اكتملت شخصيته من حيث بنيتها الإنسانية ومقوماتها الذاتية ونحن إذ نريد تعليمه لا نستطيع أن نفعل ذلك إلا في ضوء تلك المقومات الذاتية التي يمتلكها : لغته, تاريخه, مورثاته وبيئته والمعلم هنا بالنسبة للمتعلم أو الطفل كالفلاح بالنسبة إلى الأرض التي سيفلحها. الطفل ارض خصبة والمعلم فلاح ماهر ومثل ما يحتاج الفلاح الماهر إلى دراية كافية بأرضه وتاريخها ونوع تربتها ليحسن إستغلالها يحتاج المعلم الماهر أيضا لمعرفة الطفل: معدنه وتاريخه و بيئته ليحسن تعليمه وتربيته.
يقول بياجية Piaget الذي يعتبر أب التربية الحديثة معلقا على من يقيم شرعية المدرسة على أساس علم النفس التكويني:
"إن لكل كائن إنساني الحق في أن يوضع خلال مرحلة التكون في بيئة مدرسية تمكنه من أن يحصل حتى النهاية على أدوات التكيف التي لا يمكن الاستغناء عنها نعني عمليات المنطق". إن ارتياد المدرسة يبد وله أمرا لازما لاغنى عنه لا من اجل الثقافة و التعلم الأساسي فحسب بل هو من أجل قيام البني العقلية بوظيفتها مهما بكن دور العوامل الخارجية في دينامكية التكون النفسي للطفل ويرى العديد من المفكرين في مجال التربية والتكوين ان نعزز التعليم لا ان نستهين به ونعدد الروافد الخارجية تبعا للأصول الاجتماعية للطلاب بحيث نقدم الأكثر إلى أولاء ك الذين لا يمتلكون الا الأقل وهكذا يبدو أن هؤلاء المربين يدعون إلى إعادة تأهيل المدرسة وأنهم يوكلون اليها المسؤولية إذ يعترفون لها بالقدرة على أن تعوض على النقائص التي ترجع الى البيئة العائلية .
2) المعلم: وهكذا يمكن ان نستنتج أن المعلم لينجح في مهمته يجب عليه ان يحس بمختلف حاجات الطفل البد نية والذهنية ولما لا حتى تطلعاته المستقبلية لان الناس مختلفون في معادنهم وأصولهم وخاصة في محصولهم الو راثي وبالتالي في حاجاتهم ونقائصهم وإن أي تقصير في تلبية هذه الحاجات للطفل أو الشخص في مختلف مراحله يمكن أن يهدد وجوده بالخطر الذي يظهر في الإحساس بالألم او النقص او المرض وان علاقة الجسد بالنفس علاقة حميمة اصيلة وبالتالي فان ما يضر بالجسد يضر بالنفس والعكس صحيح ولا يخفى على احد أن تحديد هذه الحاجات الجسدية والنفسية تحديدا واضحا لمن الصعوبة بمكان وتكمن هذه الصعوبة في التعقيد الهائل في تركيبة الانسان البيلوجية- النفسية خصوصا اذا ما علمنا ان هذا الكائن البشري يرزح تحت عبء الوراثة التي ترجع به إلى مئات الملايين من السنين كما يذكر العلماء . لكن المهم أن الانسان لا يكتمل أبدا وليس له أن يدعى الكمال يوما لذلك فهو في حاجة دائما لمن يساعده على تجاوز ضعفه ونقصه والارتقاء به الى مستويات افضل فى جميع المجالات الحياتية و المعرفية والثقافية ويرى بعض المفكرين أن مستقبل الانسانية كله فى عهدة المربين، كما ذكر الإمام الغزالى سابقا:( إنه بعملية التعلم يخرج المعلمون الناس من حد الهمجية الى حد الانسانية) لكن مهمة المعلم اليوم قد صارت أصعب منها فى أي وقت مضى لأننا صرنا نعيش فى عصر جمع من المتناقضات والتعقيدات ما يجعل التوفيق بينها وفهم أسبابها والعلاقات بين مختلف أطرافها مهمة تكاد تكون مستحيلة ولم يعد للمعلم في الواقع ولأسباب عديدة القيمة التي كان يحضى بها فى السابق ومع ذلك فإنه يجدر به لكي ينجح فى مهمته الراقية هذه أن:
- يكون مدفوعافى عمله بحب مهنته.
- وأن يكون مؤمنا بها إيمانا صادقا .
- وأن يعتنق فلسفة تربوية معتدلة وهادفة تعمل على الأخذ بيد الطفل وتنمية شخصيته فى مختلف أبعادها دون الاحتكام إلى أية إيديولوجية تتناقض ومعطيات الواقع الذي نعيش فيه .
- وأن يحاول دائماإدراك احتياجات تلاميذه ويفهم نفسياتهم ويتعرف على مشاكلهم واهتماماتهم كما يحسن التذكير هنا بأن عملية التعليم هذه هى عملية تفاعل مثمر وخلاق مع المتعلم تلميذا كان أو طالبا .
3-المدرسة وموقفها من الطفل:
إن المدرسة اليوم تمر بصعوبات كثيرة وتتهددها اتهامات خطرة رغم ما تقوم به من عمل انسانى عظيم ذلك ان التطورات التى ظهرت فى وسائل تبليغ المعلومات والمعارف جعلت المدرسة تكاد تفقد مكانتها الطلائعية التى كانت لها فى الماضى ففىامريكا وبريطانيا كما فى كثير من بلدان العالم المتطور اليوم قد صار فى مقدور الناس ان يتعلموا "وحتىان يعملوا" وهم فى بيوتهم وبدون معلم ودون مدرسة فلا بد لمن ياخذ على عاتقه مهمة التعليم أن يأخذ أيضا بعين الاعتبار كل هذه الظروف ويعتبر نفسه فى سباق مع الزمن وفى تنافس كبير مع الآلات التى تقتحم حياتنا كما لاننسى ان دور المدرسة اليوم لم يعد مقتصرا على نقل المعلومة الى التلميذ بل صارت مهمتها ايضا استكمالا لمهمة البيت فى تربيته و صيانته من كل سوء والا لما تميزت عن هذه الالات فى شىء.
يقال عادة ان الطفل يأتي هذا العالم كصفحة بيضاء يمكن ان نكتب عليها ما نشاء ونحن اذا فعلنا ذلك فاننا نرتكب خطأ تربويا فادحا لايغفره لنا احد لاننا بذلك نستغل براءته الطفولية لنواجهها كما نريد ونخدعه ونخدع أنفسنا والمجتمع من حولنا لاننا بهذا ننفى شخصيته ولم نعترف له بذاتيته المتميزة ونعامله كما لو كان نسخة طبق الاصل من عديد من النسخ المتشابهة التى يراد تكوينها وهذا اعتداء فضيع على الكرامة الانسانية وعلى الديمقراطية و حقوق الانسان .
ان الطفل ياتى المدرسة وهو مكتمل الشخصية، هذه الشخصية التى بدات منذ الولادة ولعلها قد اكتملت في تشكلها وبروز معالمها منذ السنة الخامسة تقريبا فلا بد أن نضع في الذهن أن مجيء التلميذ إلى المدرسة ليس لأن يبدأ من جديد في تكونه وإنما ليستكمل ما بدأه منذ دهر في بطن أمه وفي بطن الأرض من قبله ومنذ خمس سنوات وهو بين أهله و ذويه فإننا إذا ما أردنا تعليمه في هذه السنوات الاولى من المدرسة فإننا في الحقيقة سنواصل في تعلميه و هنا تكمن الصعوبات الكبرى لأننا لانعرف بالضبط ما قد تعلم في الماضي من الصواب و من الخطإ.
هذا و إن الطفل في هذه الفترة بالذات لا يزال يعيش في دوامة نفسه و في مركزيته الذاتية Ego centrisme و لا يفقه الشيء الكثير عن عالم الإنسانية الذي ينتمي إليه ,أناني, مفرط في أنانيته, ميال إلى اللهو و اللامبالاة, يكره الجدية و النظام و الانضباط, وإن وسائله للمعرفة هي حواسه قبل عقله والمعروف عن الحواس أنها ناقصة و عاجزة عن مدنا بالمعرفة الصحيحة فلا بد على المعلم إذا أن يتفاعل معه على هذا المستوى و يساعده على تحويل معارفه الحسية إلى معارف عقلية’. ولهذا لابد على المدرسة أن تتعاون مع المعلم على توفير وسائل الإيضاح المختلفة للتلميذ بأكبر قدرممكن وأن تكون وسائل الإيضاح هذه متنوعة و متطورة لكنها غير ملهية له حتى تكون مناسبة للمتعلم و متناسبة مع قدراته والواقع الذي نعيش فيه كما لا ننسى أن نجعل من عملية التعلم هذه عملية مسلية و مرفهة عملا بالقول الشريف " علموا أطفالكم و هم يلعبون" ريثما تنمو أحاسيسهم و مداركهم ويرتقون بأنفسهم في سلم المعرفة الصحيحة وبلوغ المستوى المطلوب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف