الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عليّ

عمّار المطّلبي

2018 / 6 / 1
الادب والفن


غَديرٌ وَ هوَ في المعنى بُحورُ
وَ يومٌ خلفَهُ تجري الدّهورُ
عَلَوْتَ و أنتَ شمسُ اللهِ فيهِمْ
فأشرقَ مُظلِمٌ و رأى ضَريرُ
نهارُكَ لا تُصاحبُهُ ليالٍ
نعيمُكَ لا يُجاورُهُ سَعيرُ
فأنتَ لِجائعٍ شِبْعٌ وَ رِيٌّ
و أنتَ لكُلِّ محزونٍ حُبورُ
سَمَوْتَ عليُّ حتّى لا سَماءٌ
عَلَوْتَ عليُّ حتّى لا نظيرُ
هتَفْتَ سعادةً و السّيفُ يَهوي
تساوى الموتُ عندكَ و النُّشورُ !
لقدْ أعيا يقينُكَ كلَّ عقلٍ
فلا حُجُبٌ هناكَ و لا سُتورُ
خليلُ اللهِ أنتَ و قدْ أُضيئَتْ
بِلَيلٍ مِنْ لظى النّيرانِ أُورُ
وَ موسى أنتَ يمشي مُطمئِنّاً
بِبَحرٍ ما لَهُ حَدٌّ وَ غَورُ
يَحُفُّ بِهِ على الجَنبَينِ مَوجٌ
عَلا كالطَّودِ فوقَهُمُ يَمُورُ
وَ أنتَ مُسبِّحاً في بطنِ حُوتٍ
لَبِثْتَ كأنَّ مَأواكَ الحَفِيرُ (1)
فما شغَلَتْكَ أمواجٌ غِضابٌ
و لمْ يحبِسْكَ ليلٌ مُسْتَحِيرُ (2)
لقدْ أحيا بهاؤُكَ كُلَّ عَينٍ
تُرابٌ ما عداكَ و أنتَ نُورُ
و لولا وجهُكَ الأفلاكُ قامَتْ
و ما ألفيتَها يوماً تدورُ !
كأنَّ رؤوسَ مَنْ تلقى فَراشٌ
تهافَتُ إذْ حُسامَكَ تَستَطيرُ (3)
فما ترَكَتْهُ في الهيجاءِ إلّا
و قدْ هامَتْ بهِ منها النُّحورُ
و تَقتُلُهُمْ و أنتَ لهُم حياةٌ
و تُؤلِمُهُمْ و أنتَ لهُمْ سُرورُ !
بِسُوحِ الحربِ أنتَ الموتُ يمشيْ
إلى الأبطالِ و القَدَرُ المُبِيرُ (4)
و إنْ تنطِقْ فأنتَ الغيثُ يَهمِيْ
على جَدْباءَ و الماءُ الغَمِيرُ (5)
فتلكَ البِيدُ جنّاتٌ حِسانٌ
و ذاكَ القَفْرُ بُستانٌ نَضيرُ
وَ نَهجُكَ فيهُمُ بَحرٌ عُبابٌ
تَألَّقُ لُؤلُؤاً فيهِ السُّطورُ
بلاغتُهُمْ كلامٌ مُستَعادٌ
و أنتَ حُروفُكَ الدُّرُّ النَّثيرُ
بكَ ابتدَأَ البيانُ أبا حُسَينٍ
و عندَكَ ينتهيْ و لَكُمْ يُشيرُ !
سواءٌ شِسْعُ نَعلِكَ يا عليٌّ
و دُنياً يُسْتَضامُ بها الفقيرُ
زَهِدْتَ بها تُبَعثِرُها اللّياليْ
وَ يُختَمُ بالحِمامِ بها المَسِيرُ
تُزاحِمُ فرْحَةٌ تَرَحَ الحَزانى
يُسابِقُ ضِحْكَةً يومٌ عَسِيرُ
تَقَلَّبُ فوقَ شَوكِ الفِكْرِ خَوفاً
فِراشُكَ في لَيالِيكَ الضَّميرُ !
لعلَّ هُناكَ في الأمصارِ نَفْساً
جَفاها الشِّبْعُ أوْ عَزَّ النَّصيرُ
و ما حَمَلَتْكَ مُشْفِقَةً سماءٌ
فكيفَ غَدَوْتَ يَحمِلُكَ الحَصِيرُ ؟!
و أنتَ قَسِيمُ فِردَوسٍ مُقِيمٍ
و مِلحٌ زادُ يومِكَ أو شَعِيرُ !
إذا ما شاءَ ربُّكَ وصْفَ خَيْرٍ
تلا أفعالَكَ الذِّكْرُ المُنِيرُ
وَ إنْ نَعَتَ الجِنانَ لعاشِقيها
فأنتَ الخَمْرُ و الماءُ النَمِيرُ
و أنتَ الرَّوْحُ وَ الرَّيحانُ فيها
وَ سُنْدُسُها المُذَهَّبُ و الحَريرُ !
و إنْ ذُكِرَ الكَفُورُ فَلَيسَ يَعدُو
عَدُوَّكَ إنَّ شانِئَكَ الخَسِيرُ
وَ إذْ أخْفَيتَ قبرَكَ في فَلاةٍ
فَدَلَّ علَيْهِ نُورُكَ وَ العَبيرُ !
تَلُوذُ النّاسُ أحياءً و موتى
بِهِ تَرجو الإلهَ وَ تَسْتَجيرُ
وَ تَقصِدُهُ المَلائِكُ قدْ كَساها
جَناحاً شوقُها فَبِهِ تَطِيرُ !
وَ ما هبَطَتْ وَ أنتَ العَرْشُ فِيها
وَ سِدْرَةُ مُنتَهاها وَ المَصِيرُ ! (6)
بِقَلْبِيْ مِنْ جِنانِكَ لِيْ جِنانٌ
بِقلبِيْ مِنْ رِياضِكَ لِيْ زُهُورُ
إذا صَرَّحْتُ يَخْذُلُنيْ لِسانِيْ
وَ إنْ أَخْفَيْتُ حَدَّثَتِ العُطُورُ !
سَلا سَلمانُ فارِسَ وَ هوَ شَيخٌ (7)
نَأى عنْهُ الأحِبَّةُ وَ العَشِيرُ
وَ ما أسْلاهُ غيرُكَ أنتَ شَمسٌ
وَ قدْ شَرَقَتْ فَأُنْسِيَتِ البُدُورُ !
فأنتَ لهُ بغُربَتِهِ أنيسٌ
و أنتَ لهُ بِغُربَتِهِ سَمِيرُ
وَ مَيثَمُ فوقَ جِذْعِ النَّخْلِ يَشْدُو
هوىً لكَ وَ هوَ مَصلوبٌ نَحِيرُ (8)
وَ يَحفُرُ قَبْرَهُ بِيَدَيْهِ حِجْرٌ
يُلاقي الموتَ فِيكَ و لا يَخُورُ (9)
وَ يرْشُفُ ضاحكاً كأْسَ المَنايا
بِصِفِّينَ ابنُ ياسِرَ إذْ يُغِيرُ (10)
لَئِنْ كُنْتُمْ بِأَعْيُنِهِمْ قليلاً
فَأَنتُمْ عِندَ رَبِّكُمُ كَثِيرُ !
و إنْ كُنتُمْ بِها غُصناً هَصِيراً
فَأَنتُمْ في الدُّنى أسَدٌ هَصُورُ !
فما فيكُمْ بِها إلّا جَسورٌ
وَ ما فِيكُمْ بِها إلّا الصَّبُورُ
وَ قدْ عِشتُمْ بِها كَسُراةِ لَيلٍ
خِفافاً مِثلَما عاشَ العَرِيرُ ! (11)
إمامُكُمُ إمامُ هُدىً وَ عَدلٍ
وَ لِلْمُسْتَضْعَفِينَ بها ظَهِيرُ
لَعَيْنٌ لا تَراهُ بِها عَماءٌ
وَ عَيْشٌ عنْهُ يَنْأى بِيْ كَدِيرُ
وَ ماءٌ لا يَمُرُّ بهِ سَرابٌ
وَ أرضٌ لمْ يَكُنْ فيها قُفُورُ
لقَدْ طالَ انتِظارٌ و الأمانِيْ
عَلاها الشَّيبُ وَ الآمالُ بُورُ
ألا مِنْ أَوْبَةٍ فَالعُمْرُ يمضِيْ
يُسابِقُ ذا الشَّهيقَ بهِ الزَّفِيرُ
ألا مِنْ أوْبَةٍ لَوَدَدْتُ أنِّيْ
عُزَيرُ لِيَومِكُمْ فيها أَحُورُ ! (12)
................................................................................
(1) الحفير: القبر (2) مُستحير: مُطبق و ثابت (3 ) تستطير: تنتزع حسامكَ منْ غمدهِ بسرعة (4) المُبير: المُهلِك (5) الغَمِيرُ: الكثير
(6) المَصِيرُ: المنزل (7) سلا: نسيَ ، سلمان: هو سلمان الفارسي، الصحابي المعروف (8) ميثم التمّار: من أصحاب الإمام عليّ، صلبهُ الأمويّون في الكوفة على جذع نخلة، و قطعوا لسانه و تركوه ينزف حتى الموت (9) حِجْر: منْ أصحاب الإمام علي، صحابي معروف، أرغمه الأمويون، هو و ابنه، على حفر قبريهما بيديهما قبل أنْ يقتلوهما (10) هو عمّار بن ياسر، استُشهِدَ بصفّين ، و كان آخر شرابه كأسٌ من لبَن (11) العَرير: الغريب (12) أحورُ: أرجِعُ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر


.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته




.. بشرى من مهرجان مالمو للسينما العربية بعد تكريم خيري بشارة: ع


.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 22 أبريل 202




.. عوام في بحر الكلام - لقاء مع ليالي ابنة الشاعر الغنائي محمد