الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رمضانيات

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2018 / 6 / 1
الادب والفن


كانت ابنتي الكبرى سيناء تدرس في حلب، ورأينا أن نشتري بيتاً صغيراً كي نؤمّن لها الاستقرار والاستقلالية. كانت في السابعة عشر من عمرها حين دخلت الجامعة، لذا كنت أرى أن من واجبي أن أرعاها حتى تنضج أكثر، وكنت أسافر كل جمعة وسبت إلى حلب، وأبقى خلال فترة الصيف أيضاً.
اشتريت بيتاً في حي يدعى "تلفون هوائي"، وهو حي شعبيّ، ومن أسوأ ما فيه أنّه عليك أن تغلق كلّ النوافذ والأماكن المفتوحة صيفاً وشتاء، وإلا غمرك سواد الشّحار. لم نستمر في السكن فيه لهذا السبب فبعناه، واشترينا بيتاً في السليمانية عوجة الجّب، ومع أن عوجة الجّب كانت مريحة وهادئة، وبيتنا كان مكيّفاً، لكن لتلفون هوائي ذكريات لا تمحوها الذاكرة.
أجمل ظاهرة في الحي هو الزواج المتعدّد المشارب ، فأم رومل مثلاً مسيحيّة، وزوجها كذلك، لكنها أرادت أن تطلق زوجها الأوّل ، وأراد هو أن يطلق زوجته فأصبحا مسلمين، لكنهما يذهبان إلى الكنيسة. وفي إحدى زياراتي لها ، وكانت قد قدمت لي مربى الجوز وقد تعرّفت عليه لأوّل مرّة . كانت تدعوني لأكل الشوكولا بالخبز. شوكولا تصنعها بيديها.
زرت الطبيبة النسائية المسلمة في عيادتها، وكنية زوجها خوري وهو من الوادي، ودفعني الفضول لأسألها عن كنية زوجها، فقالت أحببنا بعضنا البعض في فرنسا، وتزوجنا، ولم توافق عائلتي على الزواج إلى أن أصبح مسلماً.
أما أمّ جارتي وهي من مرمريتا من آل اليازجي، فقالت أن ابنها متزوج من فرنسية مسلمة، وهي تحبها كثيراً.
هذه بعض القصص التي كنت معجبة بها، لكن يوجد قصص حزينة ، ومنها: تزوج أبو الياس بطالبة جامعة مسلمة، وأصبح مسلماً كانت هي في العشرينيات، وهو في الستين، وعندما توفيّ. أرادوا أن يعرفوا ما لديه من مال، وأوّل ما عرفوا أمر زواجه الذي أخفاه عنهم وأن ابنه محمد عمره عام، وكانت الكارثة حول الوراثة حيث أنه لا توارث مع اختلاف الدين.
هذه الأشياء عرضية. أتحدّث عن رمضان في حيّ تلفون هوائي.
لا يوجد رجال في النهار في الحيّ. كلهم يذهبون إلى العمل . لا أحد عاطل عن العمل، لكن الأجور ضعيفة، ولا أحد من النساء عاطل ، فهنّ يعملن في بيوتهن في الخياطة . مثلاً يرسلون للعائلة مئة قطعة كي تقتلع البلاستيك والخيوط الزائدة عن التطريز، وكان دخل العائلة ما بين خمسين ومئة ليرة حيث كانت سندويشة الفلافل بخمس ليرات.
تعرّفت على النساء في البناء الذي كنا نعيش فيه وفي البناء المقابل. كانت النساء تدعونني لتناول قهوة الصباح مع أنّه رمضان، وأجلس معهم أساعدهم في العمل، أجلب المقصّ معي. أعجبني أن تعمل المرأة في البيت.
في إحدى المرات، وقبل ساعة الإفطار أرسلن خلفي لتناول الإفطار معهنّ في بيت إحدى النساء الأرامل واسمها ألماسة وهي من عفرين، قالوا لي سوف نعرّفك على امرأة حلبية كانت تملك هذا البناء، ولا زالت تتذكّرنا.
وفعلاً أتت امرأة بحجاب" أبيض" وفق التّعبير الحلبي، أوقفت سيارتها، وحملت شوالاً على كتفها، ودخلت إلى بيت ألماسة، وطلبت منها أن تعطيها أسماء من يحتاجون للمساعدة، وقد أجادت ألماسة في الوصف حيث أخبرتها عن حصة إحداهنّ الغائبة، والتي كانت مسيحيّة لكنّها أرملة. كيساً من المال وزعته السيدة، وأقل مبلغ دفعته هو ثلاثة آلاف ليرة سورية، وكان هذا المبلغ تعيش فيه العائلة في التسعينات لمدة شهر كامل.
كلّ ما تحدّثت عنه حقيقة، لكنّني نسيت بعض الأسماء بعد ربع قرن من الغياب، ومن القصص الطريفة أنّ إحدى النساء المغربيات متزوجة من حلبي كادا يصلان إلى الطلاق من أجل خلاف حول طبخ الكرز باللحمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إعلام إيراني يناقض الرواية العراقية حيال -قاعدة كالسو- وهجما


.. شبّه جمهورها ومحبيها بمتعاطي مخدر الحشيش..علي العميم يحلل أس




.. نبؤته تحققت!! .. ملك التوقعات يثير الجدل ومفاجأة جديدة عن فن


.. كل الزوايا - الكاتب الصحفي د. محمد الباز يتحدث عن كواليس اجت




.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله