الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأعتداء على الآخرين شريعتُنا !

رائد سعدي ناصر

2018 / 6 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مُذ اربعة عشر قرنا متواصلة ولحد يومنا هذا يتتابع فِرار و خُلو كل المجتمعات الاسلامية من كافة ذوي المعتقدات والاديان الاخرى فيها بسبب تأثيرات وانعكاسات وتطبيقات الثقافة الدينية الاسلامية ، تلك الثقافة المتوارثة والتي تعطي كامل الشرعية لنا كمسلمين للاعتداء والانتقاص من ذوي الاديان الاخرى .
أختصارا دعونا مثلا نتأمل بعض آيات سورة النمل التي يتحدث بها الله عن النبي سليمان :
(( وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26) قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) قَالُوا نَحْنُ أُولُواْ قُوَّةٍ وَأُولُواْ بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35) فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ ))
فهذه الآيات القرآنية وحسب أجماع جميع فقهاء ومفسري الدين الاسلامي دون استثناء تتحدث عن تهديد النبي سليمان لبلقيس ملكة سبأ وشعبها بمهاجمتهم وسبّيهم واهانتهم واذلالهم لمجرد كونهم يعبدون الشمس .
فمنطق الآيات القرأنية يدلّنا على ان ( الله ) يسمح لـ ( سليمان ) باعلان الحرب او الغزو والجهاد والاعتداء على شعب كامل يبعد عنه مئات الاميال ليس لكون هذا الشعب يهدد سليمان وانما لمجرد ان ذلك الشعب وملكته يعبدون الشمس ، ان هذه الآيات القرآنية هي دليل واحد فقط من مئات الالوف من الادلة الواضحة والصريحة سواءا في القرآن او السيرة النبوية والتي تدل على ان غزو الأخرين والاعتداء عليهم لغرض اجبارهم على اتباع معتقدات محمد هو أمر من الله مفروض على المسلمين ، تماما عكس ما يروّج له البعض من أنصاف المسلمين من الذين يُطبّلون بالقول أن الجهاد الاسلامي المتمثل بالغزو والقتل والتفجير والسبي والاعتداء على الآخرين من الكفرة واللادينيين او الملحدين او ذوي الاديان الاخرى هي لأغراض الدفاع عن النفس فقط .
يقول تفسير الطبري مثلا :
( يقول تعالى مخبرا عن قيل الهدهد لسليمان مخبرا بعذره في مغيبه عنه ( اني وجدت امرأة تملكهم ) يعني تملك سبأ ، وانما صار هذا الخبر للهدهد عذرا وحجة عند سليمان ، درأ به عنه ما كان أوعد به ، لان سليمان كان لا يرى ان في الارض احدا له مملكة معه ، وكان مع ذلك ( ص ) رجلا حبّب اليه الجهاد والغزو ، فلما دله الهدهد على ملكٍ بموضع من الارض هو لغيره ، وقوم كفره يعبدون غير الله ، له في جهادهم وغزوهم الاجر الجزيل والثواب العظيم في الآجل ، وضمّ مملكة غيره الى ملكه ، حقّت للهدهد المعذرة ، وصحّت له الحجة في مغيبه عن سليمان ) .
لقد دأب الرسول محمد بآياته القرآنية على جعل نفسه خليفة صالحة للسير بنفس نهج الانبياء والحكماء السابقين ، ولذا فانك تراه يسرد هذه الآية ناسبا اياها الى الله وكأن فيها ايجابيات نبي وملك اسرائيل الحكيم ( سليمان ) ، فسورة النمل لم تسرد قصة ارهاب سليمان لمملكةٍ وشعبٍ يبعد عن القدس مئات الاميال الا من باب الافتخار والمدح بالنبي سليمان واعماله ، ومحمد اراد بذلك اعطاء نفسه الشرعية المماثلة لما قام به سليمان من الاعمال الارهابية المتمثلة بالتهديد بالعنف والاعتداء والجهاد ضد كل من يصدق به ، فمحمد هو الآخر اقتدى بالنبي سليمان ، لذا فمحمد وأسوة بأعمال النبي سليمان كان مُحِقا في قتل جميع يهود قبيلة بني قريضة ، وكان مُحِقا في تشريد جميع يهود قبيلة بنو نظير مع سبي نساءهم واطفالهم وسرقة اموالهم واملاكهم ، كما ان محمد كان محقا في قتل أوتشريد كل مسيحيي جزيرة العرب وكذا كل اصحاب المعتقدات الاخرى دون استثناء قائلا بانه أستلم أمرا من الله يدعوه الى محاربة كل البشر الى ان يؤمنوا به رسولا ، وهكذا نجح محمد في خداع مئات الملايين ممن ورثوا ثقافته وليستمروا في الضغط بشتى الطرق على كل اتباع الديانات الاخرى في مجتمعاتهم وليضطر كل من ليس مسلما الى ترك المجتمعات الاسلامية فارا ولاجيء الى دول العالم الاخرى ، وما زال هذا المسلسل مستمرا منذ يوم اعلان دين محمد ولغاية ليومنا هذا .
محمد اسّترق قصة الملك سليمان من التراث الديني اليهودي وليحورها بالشكل الذي يخدم اتجاهه في تشريع الارهاب والعنف او ما يسمى بالجهاد ضد الآخرين من البشر حتى لو كانوا اقواما مسالمين ولا يعتدون على محمد ، فسورة النمل تؤكد بأن ملكة وشعب سبأ لم يكن لهم اي حدود او تماس او احتكاك مع سليمان وانما كل ذنبهم هو انهم مارسوا حقهم الطبيعي والانساني في حرية الاعتقاد الديني داخل مملكتهم واراضيهم البعيدة مئات الاميال عن مملكة سليمان ، لكن سليمان وحسب رواية محمد هدّدَ ملكة وشعب سبأ بالقتل والغزو والسبي لو انهم لم يتركوا دينهم وليؤمنوا مُرغمين بالله الذي يعبده سليمان ، ويمضي محمد في سورة النمل بالقول بأن ملكة سبأ الديمقراطية استشارت قومها فيما يخص تهديدات سليمان لهم وقررتْ تجاوز الشر والتهديد وذلك بأرسال هدايا ثمينة الى الملك سليمان كدليل لحبها للسلام وعدم رغبتها في فرض المعتقدات عليها بطريق السيف والعنف ، لكن سليمان وبحسب رواية محمد رَفَضَ هدايا وعَرْض ملكة سبأ مُدّعيا بأنه ليس بحاجة الى هدايا وانما هو بحاجة الى ارغام كل مملكة سبأ بملكتها وشعبها على الايمان بمعتقده وليضمهم تحت أمرته ، وهكذا فقد قام سليمان بسرقة عرش ملكة سبأ مع سبي الملكة بلقيس والتي اضطرت بعد ذلك الى اعلان ايمانها بالله وكل ذلك حسب رواية محمد في سورة النمل !!
علما ان قصة الملك سليمان وردت في التراث الديني اليهودي والمسيحي بشكل مغاير تماما ، حيث ذُكِرت قصة سليمان في التراث اليهودي لتبين مدى حكمة سليمان ملك اليهود والى الدرجة التي ادت الى انتشار اخبار حكمته الى كل انحاء الارض مما جعل بلقيس ملكة سبأ تسمع به وتُقَرر بنفسها طوعيا زيارته حاملة معها كل الهدايا الثمينة المناسبة لهكذا ملك حكيم ، وعندما وصَلَتْهُ وجدَتْ فيه فعلا الحكمة والعدل وبالشكل الذي فاق ما سمِعَتهُ عنه بكثير، حيث وجدت فيه رجلا عادلا وذكيا وحكيما استطاع بناء بلده بشكل رائع ملفت للنظر ، ولعل هذا هو ما اراد اليهود أظهاره دينيا عن شخصيتهم وشخصية ملكهم ، وهم جديرون بذلك واقعيا حسب دلائل كل التاريخ البشري واستمرارا الى ما نراه باعيننا الآن ، فمعظم علماء ومفكري ومبدعي العالم هم يهود ومسيحيون ، ولم يسجّل التاريخ سوى عدد محدود جدا من العلماء المسلمين والذين كانوا جميعهم وبدون استثناء اي منهم من المنتقدين لمضامين المئات من الآيات القرآنية تماما كما نفعل الان ، ولا غرابة في ذلك ابدا حيث انه من المنطقي جدا ان يكون عقل وادراك اي عالِم بالمستوى الذي يؤهله ليكون قادرا على تفهّم مباديء حقوق الانسان وليكون هذا العالِم معارضا للمئات من الاحْكام والآيات القرآنية .
هنا قد يبرز البعض من اخوتي المسلمين وهو يحاول يائسا التهرب من هذا المأزق الكبير سواءا بالقول بأنه في الديانة الفلانية قد تجد أيضا في تراثها او كتبها الدينية على جمل تدل على اعمال ارهابية ، وجدلا يتناسى هذا المسلم ان كَوْن شريعة غيرنا تحوي على مدلولات الارهاب لا يبرر لنا ان نُمجّد الارهاب في شريعتنا الاسلامية ، هذا من ناحية ، ومن ناحية هامة اخرى فلا توجد ديانة واحدة في العالم تَدّعي ان كل القصص السردية في تراثها الديني هي صالحة التطبيق بمبائها واحداثها في كل زمان ومكان عدا الشريعة الاسلامية التي هي الشريعة او الديانة الوحيدة في العَالم التي تدّعي بانها النص المباشر لكلام الله والذي يجب الاهتداء به وباوامره ومدلولاته في كل زمان ومكان !!
سورة النمل تقضي بضربة قاضية على أدعاء كل من يدّعي بأن الاسلام لا يُشرّع الارهاب ضد كل البشر الآخرين ممن لا يؤمنون بالله وبمحمد ، فسورة النمل لم تسرد قصة سليمان ناقدة اياه لاعتداءه على قوم بعيدين لا لذنب ما سوى انهم لا يؤمنون بالله وانما سردتها في سبيل المدح والاطراء والتعظيم للنبي سليمان وعمله الارهابي ضد شعب وملكة سبأ.
آيات سورة النمل تقطع الطريق عن المتلاعبين بمعاني الايات القرآنية لتفسيرها بالشكل الذي يتناسب مع رغبتهم في الكذب والتضليل على عامة جمهور المسلمين وكذا على بقية سكان العَالم بالقول مثلا ان الآية الفلانية نَسَخَتْ ( ألغت ) الآية الفلانية ، فآيات سورة النمل لا تتضمن أوامر مباشرة ( من الله او من محمد ) وليتم الغاءها او نسخها في آيات أخرى ، ولكنها آيات تسرد قصة الملك سليمان مادحة به وبقدراته الكبيرة التي منحها الله له في ارهاب بقية سكان الارض وذلك بغزوهم والتنكيل بهم لمجرد لانهم لا يؤمنون بمعتقده !!.
آيات سورة النمل فسحت المجال امام محمد ليمارس قرصنته وارهابه ضد القبائل والشعوب الاخرى باعتباره يحذو حذو النبي الحكيم سليمان وهذا ما يجعلنا نتفهّم جيدا كل الايات القرآنية الكثيرة الاخرى التي تدعو بشكل واضح ومباشر لأرهاب وقتل واستصغار كل انسان على الارض دون سبب سوى انه لا يُصَدّق بأن محمد يستلم رسائل سرية من الله !!
ايات سورة النمل واحد من آلاف الدلائل الموجودة في القرآن والسيرة المحمدية التي تجعل كل سكان الارض يرون في الشريعة الاسلامية شريعة ارهابية تجعل من المسلمين قنبلة مؤقتة تنفجر على البشر الابرياء في أي لحظة تتمكن فيها تلك القنبلة من تفجير نفسها .
آيات سورة النمل توضح لنا بجلاء أحد اسباب استمرار هجرة وفِرار كل ذوي الاديان الاخرى وكل اللادينين وكل الملحدين من جميع المجتمعات الاسلامية في كل انحاء العَالم منذ اربعة عشر قرنا ولحد يومنا هذا .
آيات سورة النمل توضح لنا بجلاء سبب اشمئزار كل سكان العالم من المسلمات ( المُحجبات ) ليس لان سكان العَالم لا يؤمنون بحقوق وحرية الانسانة المسلمة في ارتداء ما تريد ارتداءه وانما بسبب حقائق ودلائل كون الانسانة المسلمة تحمل ثقافة مورثة توجب عليها سرقة او قتل او استصغار او احتقار كل انسان كافر لا يؤمن باعتقاعدها الاسلامي ،عَلِمَتْ تلك المسلمة بحقائق تفاصيل تلك الثقافة الدينية المتوارثة او كانت مُضَللة بكذبة ان الاسلام لا يسمح بالاعتداء او استصغار الاخرين لمجرد انهم لا يؤمنون بمحمد !
القادة الدينيون المسلمون مطالبون بوقفة جادة وجريئة في تنقيح القرآن من مئات من الآيات القرآنية التي تَجْعل من المسلمين ارهابيين مُخَوّلين من الله !!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي