الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الملائكة والبهائم والأنسان

طاهر مسلم البكاء

2018 / 6 / 3
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ساد الأنسان المخلوقات بالقوة واعمال الفكر ،ولكنه لم يقدم مثلا يحتذى به في الأخلاق ، حيث انه تجاوز المخلوقات الأخرى في الوحشية والبشاعة ،وخير مثال حروبه التي خلفت ملايين القتلى ،كما في الحربين العالميتين الأخيرتين، وكما في ظلمه وجشعه المستمرين وحصاره لأبناء جنسه وغير ذلك من الصفات التي يمارسها ضد أخيه الأنسان مما يتفوق في بشاعتها على الحيوان ، يقول الأمام علي (ع) :
إِنَّ الله عَزَّوجلّ ركّبَ في الملائكةِ عقلاً بلا شهوة، وركّبَ في البهائمَ شهوة ً بلا عقل، وركّب في بني آدم كلتيهما فمن غلب عقلهُ شهوته فهو خيرٌ مِن الملائكة، وَمن غلبت شهوته عقلُه فهو شرٌّ من البهائم .
وفي هذا القول تتضح ببساطة خطورة المعادلة التي تحكم تصرف البشر ، وتشير وقائع الحياة اليومية الى صعوبة السيطرة على أهواء ورغبات ومطامح البشر بحيث تقنن فلا تتحول الى وحشية بائنة، رغم هذا الكم الهائل من أعمال المدنية وتطور الفكر وتقدم الأنسان في العلوم الحياتية المختلفة ، وهذا يوصم عالم البشر بصراع لايمكن تقنينه ،ومخزي ،وشبيه بصراع الغاب ،رغم تشدق الأنسان بصفات الرحمة والأجتماع !
لسنا في بحث هل ان الأنسان قد تطور من كائنات دنيا على هذه الأرض ام انه نزل اليها من الجنة ،فهذا موضوع آخر ،وواضح اننا كبشر ،مع شديد الأسف، لانتعلم من التاريخ ولم يهذبنا ركام النتاج الفكري الذي ابتدأ من الرقم الطينية الى اكبر مكتباتنا اليوم المعروضة على الهواءوالتي تفتح ابوابها بالمجان في بيوتنا ،
يقول القائد الهندي المهاتما غاندي :
( أن العالم يملك ما يكفي الجميع ولكن لا يملك ما يكفي طمع الجميع ) .
وعلى هذا القياس فمن المتوقع ان هذه التكنلوجيا التي كشفت للأنسان المجاهل واظهرت الثروات والكنوز الدفينة وجعلت المعادن المختلفة تقولب لخدمته وسعادته ، سيعمل طمعه وسوء استخدامه لها ،الى أنها ستعيده الى عصور شبيهه بعصور ما قبل التاريخ .
الأنسان هو ذاته قديما ً وحديثا ً :
لاتزال الصفات التي كان يمتلكها الانسان المتوحش الأول في صراعه من أجل البقاء، كالشك والخوف وسوء الظن والجشع وحب التملك والتسلط والغدر والفتك واشباع الغرائز وغيرها من المشاعرهي ذاتها ،لابل أنها اصبحت أشد قسوة وفتكا ً لما استطاع ان يحصل عليه انسان اليوم من وسائل القتل والفتك والتجسس وسلب الأرادة ،لقد كان من المفترض ان تقنن أخلاقه وتصرفاته مع تطور الحياة والعلوم المختلفة فيها ،فتنخفض االصفات السلبية الى أدنى مستوياتها ان لم تختف نهائياً ويحل محلها صفات ايجابية ومشاعر تواصل حديثة وذلك بفعل :
- التنوير الهائل الذي يناله الانسان اليوم ،والخزين التراكمي من الحكمة .
- توفر وسائل ومنافذ التواصل الراقية في خدمته .
- وبفضل توفر طرق الحصول على المأكل والملبس والحاجيات الأخرى بطرق حضارية سلمية لايحتاج فيها الانسان اللجوء الى العنف .
غير ان هذا لم يحصل في واقع الحال ،وبقي الانسان الحضاري الذي يعيش وسط احدث مكتشفات التواصل الحديثة يبحث عن طرق غير لائقة لاشباع غرائز التوحش فيه ،ومن بينها السيطرة على ارادة أخيه الأنسان ،وقتله ان تطلب الأمر،وسلبه ممتلكاته ! .
التاريخ يعرض بالخطأ :
لاتزال ثقافة الأنسان المفضلة والمحببة هي تناقل اخبار حياة اولئك الذين جيشوا الجيوش وهاجموا دولا ً وبلدان أخرى، وقتلوا ونهبوا وخربوا وسيطروا على ارادتها ،ويطربه انباء هؤلاء الذين اغدق عليهم التسميات الرنانة كالأبطال والفاتحين الشجعان ..وغيرها ،ولايثير انتباهه ذلك الأنسان الذي حاول ان يعيش بكرامة مسالما ً بعيدا ً عن القتل والأفتراس،محاولا ً إكتشاف مجاهل السعادة في العيش بسلام وتعاون على هذه الأرض، بدون الحروب والقتل والدسائس والأعتداء والسيطرة على الآخرين ونهب ممتلكاتهم !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو