الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الذي حصل للوعيد الايراني بالرد على غارات اسرائيل على مقرات الحرس الخميني ؟؟

صافي الياسري

2018 / 6 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


ما الذي حصل للوعيد الايراني بالرد على غارات اسرائيل على مقرات الحرس الخميني ؟؟
صافي الياسري
في اجواء الضربة الاميركية لمواقع الكيمياوي السوري – قبيلها بقليل وبعدها حتى اليوم – وضعت اسرائيل استراتيجية اقفال المقرات العسكرية لايران وتوابعها من الميليشيات المسلحة وطرد الجميع من سوريا تحت طائلة الغارات الجوية المدمرة ،فكانت غارة تي غور المدمرة على القاعدة الايرانية لطائرات درون المسيرة وما تابعها من غارات لبقية قواعد ايران وتوابعها ،وقد توعد خامنئي وقادته العسكريين اسرائيل بانها ستندم ولكنها مثل بقية الحكام العرب لجات الى تبرير عدم الرد بانها تحتفظ بالرد الى الوقت والمكان المناسبين ،ولا يعني ذلك بالنسبة لنا نحن العرب سوى تسويف لا طائل من ورائه،ولكن بدى هناك سبب اخر لانهاء وعيد ايران بالرد ،هو موقف الحليف الروسي في مطالبته ايران في الابتعاد عن الحدود الاسرائيلية وفي اخبار تؤكد ان مفاوضات ما تدور بين ايران واسرائيل وانه – وبحسب تقارير وكالات محلية وعالمية تداولتها المواقع الالكترونية وصفحات الميديا الاجتماعية -
بخلاف الأجواء التي أثارها الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، ومن ثم إعلان سياسة أمريكية جديدة إزاء توسع النفوذ الإيراني في المنطقة، تنشط في الأيام الأخيرة مفاوضات إيرانية-إسرائيلية، ربما تكون قد طوت صفحة الوعيد والتصعيد العسكري المحدود عبر جبهة الجولان وصفحة الغارات الإسرائيلية المتلاحقة على مواقع الحرس الثوري في سوريا. المفاوضات غير المباشرة تقودها موسكو، انطلاقاً من رسم خطوط تسوية تخص الجبهة الجنوبية في سوريا، تنسحب بمقتضاها إيران وميليشياتها بعيداً عن إسرائيل بعمق قد يصل إلى 80 كيلومتراً، بينما يُسمح لقوات الأسد بالسيطرة على المنطقة وفق نموذج المصالحات المحلية الروسي.
في هذا الإطار أتى إعلان وزير خارجية الأسد مؤخراً عن رفضه أي اتفاق يخص المنطقة الجنوبية ما لم يتضمن انسحاباً أمريكياً من التنف، فالقاعدة العسكرية الأمريكية في التنف كانت قد أُنشئت أصلاً حسبما قيل لقطع الطريق البري عبر العراق بين طهران وسوريا. وزير الخارجية، الذي كان يتحدث باسم طهران، يعرض مقايضة مفادها انسحاب الميليشيات الإيرانية من الجنوب مقابل الاعتراف بالممر البري لها وعدم إعاقة نفوذها في مناطق سورية أخرى.
تكتيك التفاوض الذي تعتمده طهران بالاتفاق مع موسكو هو عقد صفقة مع تل أبيب تكون مدخلاً لصفقة أخرى مع الولايات المتحدة، والرهان هنا هو إرضاء الهواجس الأمنية الإسرائيلية لتتولى إسرائيل إقناع إدارة ترامب بدفع الثمن. في مثل هذه الصفقة من المرجح أن تقبل طهران بقواعد الاشتباك التي تصر عليها إسرائيل، أي حق الأخيرة بضرب قوافل أو قواعد تشتبه باحتوائها على شحنات أسلحة نوعية ذاهبة إلى حزب الله أو إلى المناطق المشمولة باتفاق المنطقة الجنوبية، ووجود ضمانات روسية بوقف توريد هذه الأسلحة لن يكون وحده كافياً مع علم موسكو وتل أبيب بوجود رغبة إيرانية للانقضاض عليها حالما تفتح ثغرة كافية في السياسة الأمريكية المستجدة.
بالتأكيد ثمة مكاسب كبيرة لموسكو في هذه المفاوضات، فهي ستكون رابحة من أي تقليص للوجود الأمريكي في سوريا، وستكون رابحة أيضاً إذا كرّست وجودها كضامن لفض النزاع بين إسرائيل وإيران، بعد أن لعبت بنجاح دوراً مشابهاً لتقسيم الأدوار بين تركيا وإيران. ثم إن صفقة من هذا القبيل تعفي موسكو من الضغوط التي تهدف إلى تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة ككل، وتجعلها في موقع المستفيد مرتين من الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي؛ مرة على الصعيد الاقتصادي، ومرة أخرى على صعيد لعب دور شرطي المنطقة.
ما يسهّل تمرير هذه الصفقة اتفاق أطرافها جميعاً في الشق السوري منه، فقادة إسرائيل يواظبون على إعلان عدم ممانعة بقاء بشار في السلطة في حال ضبط النفوذ الإيراني عليه، وطهران ترى في وجوده أكبر ضمانة لنفوذها، بينما ترى موسكو في بقائه "ولو مؤقتاً" ترسيخاً لانتصارها. إدارة ترامب أيضاً لم تعلن يوماً عزمها على إسقاط الأسد، وحلفاؤها في الخليج انسحبوا من الملف السوري ولا يريدون منه سوى تحجيم الطموحات الإيرانية عبر الضغط الأمريكي. لهذا بقدر ما هي جبهة الجنوب مهمة لموسكو ولتنظيم الأسد، لكونها المنطقة الوحيدة المتبقية خارج السيطرة قريباً من العاصمة، بقدر ما تتناقص أهميتها لأولئك الممسكين بها والذين لا يريدون إسقاط الأسد أصلاً.
ما يبدو أنه تفصيل سوري صغير قد يكون مرآة لجدية السياسة الأمريكية إزاء إيران، بخاصة لترافقه مع محاولات أخرى لإقلاق الوجود الأمريكي المطمئن في شرق سوريا، والمعتمد بشكل رئيسي على الميليشيات الكردية.
ولا يخفى النشاط المخابراتي الأسدي في هذا الاتجاه، من خلال عقد مؤتمر لقادة عشائر، في "دير حافر" على تخوم تلك المنطقة، توعدوا فيه بالتصدي للوجود الأمريكي. وأيضاً إرسال وفد من "المعارضة" التي تعتمدها مخابرات الأسد إلى الحسكة للتفاوض مع القيادات الكردية، وبينما يُرجّح أن تكون هناك تفاهمات بقيت طي الكتمان فقد أُعلن عن النوايا الطيبة المشتركة، وعن إطلاق سراح موقوفي كل طرف لدى الطرف الآخر
إذاً ثمة رسائل تصعيد تُرسل إلى الإدارة الأمريكية، بينما تُرسل إشارات التهدئة والتسوية إلى الجانب الإسرائيلي في جهد قد يصيب النجاح عطفاً على رغبة ترامب نفسه في الانسحاب من سوريا. وأن تخالف الإشارات الإيجابية تجاه إسرائيل خطاب الممانعة فهذا ليس بالجديد على البراغماتية الإيرانية، ومن الأفضل هنا تجاهل أصوات مسؤولين إيرانيين يتوعدون أمريكا وإسرائيل بأسوأ العواقب لأن السياسة الفعلية التي تبدو موضع اتفاق هي احتواء الضغوط الأمريكية بتبريد الأجواء المشحونة مع تل أبيب سورياً. وليست هي المرة الأولى التي تكون فيها إسرائيل ممراً خلفياً بين الطرفين بعكس الخلاف الحاد العلني، فقد لعبت هذا الدور في فضيحة إيران-كونترا، وفي زمن صقور الجمهوريين بقيادة ريغان وحكم الملالي بقيادة الخميني الذي أطلق على الولايات المتحدة وصف الشيطان الأكبر.
دولياً تعوّل طهران على الرئيس الفرنسي ماكرون الذي يقود دوراً أوروبياً لاحتواء السياسة الأمريكية المستجدة، وهو أيضاً ينشط في قنوات اتصال مع موسكو وتل أبيب وطهران وصولاً إلى محاولة إحداث اختراق في الملف اليمني، وكان لافتاً قبل أيام أن تبلّغ تل أبيب ماكرون أنها لا تعمل على إسقاط بشار الأسد. الجهد الفرنسي مبني على أن الإدارة الأمريكية لن تتورط مباشرة في مواجهة عسكرية، لذا ينبغي تبريد الساحات المشتعلة أصلاً بحيث لا تفتح على مواجهات إقليمية كبرى، وكان الرئيس روحاني سبّاقاً غداة الغارات الإسرائيلية على مواقع إيرانية في سوريا بإبلاغ الأوروبيين رغبة بلاده في التهدئة.
بالتأكيد يبقى سقف سياسة الاحتواء الإيرانية محكوماً بالسياسة الأمريكية، وبمدى عزم إدارة ترامب على المواجهة. لكن حتى الآن لا يلوح في الأفق نهج سوى تشديد العقوبات الاقتصادية، والتعويل على أثرها المديد، بينما تراهن طهران على استيعابها كما حدث من قبل، وعلى اضطرار الإدارة الأمريكية إلى التفاوض معها في ملفات تخص المنطقة، مباشرة أو عبر وسطاء. في انتظار ذلك ليس هناك أفضل من البوابة الإسرائيلية لامتصاص الغضب الأمريكي، والمضاربة على من يحاولون عبرها تأجيجه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رداً على روسيا: بولندا تعلن استعدادها لاستضافة نووي الناتو |


.. طهران تهدد بمحو إسرائيل إذا هاجمت الأراضي الإيرانية، فهل يتج




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل بعد مقتل اثنين من عناص


.. 200 يوم على حرب غزة.. ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية | #




.. إسرائيل تخسر وحماس تفشل.. 200 يوم من الدمار والموت والجوع في