الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قول في التنمية الثقافية والاستثمار الفكري

محمد طه حسين
أكاديمي وكاتب

(Mohammad Taha Hussein)

2018 / 6 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


(إشكاليات التنمية والإستثمار) بصورتها الأعم ،ربما هي الأهم من بين كل العبارات والمفاهيم اللغوية في الخطابات السياسية والإقتصادية تناولاً وتداولأ على أفواه الرموز التي تمثل دفّات (السياسة والمجتمع والثقافة والإقتصاد)بيننا، التناول بمعناه التجميلي والبلاغي لا بدلالاته الجدلية ضمن الأعمال والجهود التطبيقية الظاهرة والمنتجة. والتداول بمعناه الأكروباتيكي بين البيادق الممثلة للتأريخ أو الماضي الذي يجدد أغلفته دوماً بتصاميم أبوية قبلية أو بالأحرى الطوطمية ولا بمعناه الديمقراطي أو المدني والإختياري.
تلحين الخطابات وتجديد توزيعاتها وتقسيماتها فولكلورياً هو شغل الشاغلين لما يسمى الساسّة ورجالات المُلك هنا، إبتهالات الخطاب والتنهيدات وهزّات الرؤوس والأجساد لها هي عبادةٌ طوطمية مغروسة في اللاشعور الجمعي ومتظاهرة في سلوكيات الأفراد والجماعات دوماً، خطاباتٌ تخلق حياتنا وتُلَحِّنها وليس العمل أوالفعل البشري خالقاً لها.
آفاتُ التأوّهِ للماضي أصبحت مكونات روحية للخطابات الدينية والإجتماعية والسياسية والثقافية، بُكاءٌ وأحياناً نحيبٌ أزلي يعيدان لنا الراحة السايكولوجية التي لا تعني غير التلذذ المازوخي والهروب من مواجهة الواقع، هذه هي تنمية الماضي وإحياء أوجُهِهِ ومَشاهِدِه في الخطاب المجتمعي الشامل وكذلك في الفعل الظاهراتي المُعلَن.
ثقافة تعيد أنفاس خلائقها الغابرة وتستثمر عليها قولاً وكتابةً وعملاً، دائرةٌ زمنيةٌ حَبَست أنفاسنا لشدة دورانها على أسلاكها الصّدِئة المميتة، يا للهول تتحرك العقول هناك في أقاصي الدنيا وحتى من حولنا صوب لا متناهيات الكون ودقائق أمور العلوم وتتجدد ألسنة خطاباتها الثقافية والفكرية في مضامينَ ومحتوياتَ آنية مُعبِّرة عن الآن والأماكن التي فيها تتنفس الآن، ولكننا ما زلنا نركض وراء الماضي ولا ندعه يغبر ويغيب الى الأبد.
لا نَشعُر بل ولا نحسّ بيننا بوجود مجموعات منظِّمة نفسها في أحزاب وجماعات سياسية وثقافية تعي جدوى وأهمية التنمية بمعناها التحوّلي المتجدد في مجالات الثقافة والفكر وتُمهِّد لظهور معطياتها المادية وصياغة السلطة بالشكل الذي تتأسس على العقل والازدهار الفكري، تنحية لا تنمية هي التي تبرز فاعليتها في الإطار الفكري والثقافي المتزمت لدى المتربعين على أكتاف الناس والرعية.
التنحية الثقافية والاستحمار الفكري هي آليات نشطة تدور في فلك مُنتِجي الخطاب التسلطي الجاثم على أرواح الكائنات البشرية هنا بيننا، جاثمٌ لا يؤمن بالحركة والتغيير سواءً في الجوهر أو في الأشكال المُنَمذجَة لأيقونات الماضي المقدس التي تجدد وجودها كما يقول يوسف زيدان في (التحميس والتهميش والتشويش) المجتمعي.
تحميس الناس على هوى النغمات الشبه كلاسيرومانسية الفئوية والقومية البدائية، وتهميشهم وخاصة العقلاء من بينهم خشية تحريكهم للاّمتحرك وإظهار اللّامُعلّن، وتشويش الأجواء وتغليب الفوضى عليها وذلك لعدم تهيئة بيئةٍ نقيةٍ نسمع من خلالها الأصوات المنادية للتغيير والظواهر الدالّة على الحركة والتجدد، هذه هي عقلية الإستثمار ومعانيها الفكرية لدى الغالبين على مجتمعهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف


.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية




.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في


.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك