الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعرة اسماء الحميداوي ، بين تجربة الشعر والنزعة الانسانية !!

وجدان عبدالعزيز

2018 / 6 / 7
الادب والفن


يبقى الانسان وسط امواج الحياة في حيرة وقلق ، تتناهبه كثرة الاسئلة المتوالدة حوله ، واولها محاولة معرفة الانسان نفسه ، ومكمن هذا التساؤل يختبأ في وجود الفكر التأملي داخله والبحث عن كنه الحقيقة ، وبالتالي محاولة البحث عن انسانيته وسط خضم التناقض الحياتي هذا ، اي تأكيد النزعة الانسانية ، فالنزعة الإنسانية في سياقنا هاهنا تعني القيم المنتزعة من تجارب الناس بهدف إقامة علاقات إنسانية قائمة على العدل والتآلف. وهي في أحد معانيها: فلسفة تؤكد قيمة الإنسان وقدرته على تحقيق الذات باعتماد العقل ، واهم مافي هذا النزوع الانساني ، هو التسامي وتغليب الروحي والنفسي على البيولوجي، والسعي إلى إعلاء الفكر الإنساني ، ويُعدّ الفكر الحر جزءاً أصيلاً من النزعة الإنسانية، والمساواة غاية رئيسية في النزعة الإنسانية. وقد تعددت دلالات هذا المصطلح عبر العصور .. وحينما نعود للحظة قدومنا لهذا العالم ، لحظة العُري ، لحظة الفرح ضمن مشكلة البكاء الاولى ، ومن ثم التمتع بمسار الكينونة ، سيكون هنا الشعر ، الذي تتعرى الذات في باحته محاولة منها لاثبات الموقف ، واكتشاف ذات الشاعر داخل هذا الكون المتماوج ، لهذا تكون لحظة الشعر .. لحظة عُري تدمج الشاعر في فضاء عري الميلاد ، لتكون التجربة إنسانية بامتياز ، مختلطة بعُري الميلاد المشترك وبلحظة اقتناص البداية المفعمة بالنبض الإنساني العابر للإرادة والمستقر في جنوح الفطرة الأولى ، وبعد هذا يأتي حضور التجربة القادرة على تحريك ماء الشّعر وترسيمه سريانا أبديا وخريرا مفعما بالحياة داخل أنساق الوجود والكينونة ، هكذا وجدت سريان الشعر في ذات الشاعرة اسماء الحميداوي ، وهي تقتنص البداية المفعمة بالنبض الإنساني العابر للإرادة والمستقر في جنوح الفطرة الأولى ، لكن تجربتها توظف لحظات الالم والوجع والحزن وتمزجها بلحظات الفرح .. تقول :

(سأركب راحلتي العمياء
لتقودني إلي درب الرجاء
لأبلغ أمنياتي
وأحاكي عشبا يابسا
لأرى ضلوعا قد أنهشتها الذئاب
لتحث قدماي علي المسير
لأركن خلف بئر الصمت
وخرير الماء تساقط في أذنيَّ
لألجم صوتي
يختفي وسط تلك المتاهات!
لأصل إلي عالم المومياء
لابد من دابتي !
لابد أن اقطع دروب الشوك
لابلغ المزار
سأنحت من الاماني تماثيلا
سابني فوق شاطئ الاوهام بيتا
سأرتل أغنية بنت الحي ألحانا)

رغم انها تركب راحلة عمياء ، الا انها تصر بانفعال لبلوغ الاماني ، فهناك دلالات كثيرة تؤكدها الشاعرة على انها في طريق اكتشاف كينونتها الانسانية ، ثم تقول : (لابد أن اقطع دروب الشوك/لابلغ المزار/سأنحت من الاماني تماثيلا/سابني فوق شاطئ الاوهام بيتا/سأرتل أغنية بنت الحي ألحانا) ، فاكثرت من السين ، والسين تدخل على الفعل ، لأنها تفيد التكرار والتكثير ، والتكرار في العربية معناه تأكيد ، فالشاعرة الحميداوي تحاول التأكيد على الامل في صناعة موقف انساني وفقا لكينونتها الانسانية ، كي تبلغ المزار .. ثم تقول في قصيدة اخرى :

(شربن ماء الفرات عنوة
وأصبحن كالحبلى وما أرتون
وحيد عذب حتى الموت
كسنبلة مكسوة بالشعر
تنزف على فوهة الخليج
تقيئت ماء ودم
وعقب خراب السنين
أقبل الحلم ورديا يلامس الاحداق)

ولهذا حشدت الحميداوي كلمات الماء والحبلى والسنبلة وكلها تحمل دلالة النماء والحياة ، حتى قولها : (أقبل الحلم ورديا يلامس الاحداق) ، لتؤكد الحياة والحضور بمقابل الغياب المتمثل بالموت واثاره السابقة الحروب المتوالية على ارض الرافدين ، وكل هذا تثبيتا لنزعتها الانسانية وتعزيزا لتجربتها الشعرية ، واني الاحظ الشاعرة الحميداوي (تأتي من بعيد من غور الجمر محمّلة بالعشق الإلهي ، ممهورة بتلافيف ردائها الأنثوي الباهر ، تأتي معتّقة بروائح الشّعر الكامن في رهافة النص المنتصر في شهرزادية التاريخ الآخذة بلب الشهريارية العنيفة ، تأتي رابعة من خلود الجدوى في متاهة الشّعر النافعة ، تحمل مرودا للمحبّة وحدوسا دائمة للجسد) .. (إنّه الشّعر والصفاء في عمق النفس حين لاترتاح سوى لنبض المحبة ، تلك التي فاض بها ابن عربي في بهو الحال لما اشتاق وسقا وبالعشق ارتقى ورام محبّة للإنسان كيفما كان ، ففي النص الملتقى يقول : (أدين بدين الحبّ أنّى توجّهت ركائبه فالحبّ ديني وإيماني)) ، وهذه النقطة التي التقت بها الحميداوي مع ابن عربي صاحب الصوفية والنزعة الانسانية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اللحظات الأخيرة قبل وفاة الفنان صلاح السعدني من أمام منزله..


.. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما




.. سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز.. ما الرواية الإيرانية؟


.. عاجل.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدنى عن عمر يناهز 81 عاما




.. وداعا العمدة.. رحيل الفنان القدير صلاح السعدنى