الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكاتب الباقري، وأشاراته الخفية في المعالجة ..!

وجدان عبدالعزيز

2018 / 6 / 8
الادب والفن


لازال الاديب الكبير احمد الباقري، الذي بدأ مشواره الادبي في مطلع الستينيات، يعطي في مجالات الادب، رغم انه بلغ من العمر عتيا ـ وعلى معنى عَتَتِ الرِّيحُ : اِشْتَدَّتْ ، قَوِيَتْ ـ فاديبنا الكبير يشتد ابداعيا وجماليا .. فلازال الادب يتناثر حوله سردا وشعرا، ليضيء جنبات ظلمات القبح والواقع المرير من حوله، انه الانسان الذي صارع الحياة بجمالها، فصرعها لحنا سرمديا مداده .. الفن والادب .. اطالعه وقصة (الوحل لايبعث) المنشورة في جريدة الزمان، العدد 5650 في 8/2/2017م، هذه القصة التي رسم فيها لوحات من الواقع العراقي المرير، فاخذ عينة عبدالحميد سبهان ونهلة، ليرسم ذلك الواقع وصوره الاجتماعية، فعبد الحميد الباحث عن عسل اللذة عند نهلة، اعطاه بعدا انسانيا ولم يسلبه انسانيته تماما امام اللذة الجسدية، وكذلك بالنسبة لنهلة ايضا ..ذلك أن الحديث عن هذا الموضوع وعلاقة المرأة به في الغرب بشكل عام على سبيل المثال لا الحصر، قد صار مملاً وغير ذي جدوي، باعتبار أن الأسباب أصبحت واضحة ولا تحتاج إلي تفاصيل . فالمرأة هناك وبسبب الثورة الجنسية التي بدأت في الأربعينات من القرن الفائت ، لم تعد تهتم أو ترغب في معرفة ما للعرض من معنى وقيمة. فالمرأة هناك تسعي لإشباع رغباتها الفطرية بكل طريقة ممكنة، فهي تشبع رغبات الجنس والجوع واحترام الذات عبر جسدها . تذهب مع من تشاء لتشبع الرغبة الأولي ، في حين تبيع جسدها لمن يرغب في سبيل مال يحفظها من مشكلة الجوع والتشرد، وتحقق الرغبة الثالثة والأخيرة المتمثلة في صون الذات أو احترامها من قبل الغير، عبر بيع جسدها للحصول علي الكثير من المال، وبالتالي يمكنها تحقيق ما ترغب، وتشتري بذاك المال الاحترام والتقدير، الذي يكمن في بعض مظهريات استهلاكية، حسب ما تعتقد، فهذا الصراع التي تعيشه المرأة له انعكساته الاجتماعية الضارة على بنية المجتمع بصورة عامة، ناهيك على اضرارها على بنية الاسرة، فكيف اذا كان هناك حصار اقتصادي وجوع ولم تجد المرأة العمل الذي يوفر لها لقمة العيش الكريمة مع غياب الرجل، وحالة قصة (الوحل لايبعث)، فهنا الامر اصبح اضطراريا بالنسبة للمرأة امثال نهلة في هذه القصة فالعلاقة بين عبدالحميد ونهلة الغير شرعية، حاول الكاتب ان يشير لها باشارات خفية، ليدل على امر ما .. لكن يبدو ان الكاتب عجز عن المعالجة الاجتماعية، لكنه نجح في المعالجة والتبرير لهذا الفعل في امور اخرى .. تقول القصة : (كان مترددا في اعطائها ما طلبته، وذلك خشية منه ان تفعل معه فعلا ناقصا كالسابق مع ذلك، انبثق امل في نفسه بانها ستفي بوعدها في مقبل الايام، حسم امره وناولها عشرة الاف ديناراوقال بتطلب بعد ان اخذت المبلغ : "هيا نذهب الى بيتك بسيارة لننعم بنهار احمر من اللذة وانهل يانهلة من بحار عسلك هيا نذهب" قالت معتذرة : "لا استطيع ذلك الان يا عبدالحميد فبناتي جائعات ويجب ان اشتري لهن الطحين" ... اذن هنا اشارات ان عبدالحميد، رغم حاجته الجسدية لنهلة، ورغم تأكده من عدم وفائها، الا انه اعطاها المبلغ بتردد قليل، وهنا تظهر محاولات الكاتب في اعطاء هذه العلاقة مسحة انسانية تبتعد قليلا عن اللذة الجسدية، وبعد موعدها الاخير وبعد انتظار عبدالحميد لها .. تقول القصة : (ادار وجهه الى شارع بيته ومضى بخطوات ثقيلة ورسم الهم تجاعيد عميقة على وجهه وتنهد وزفر زفرات حرى وهو يمضي الى بيته الفارغ .).. وهذه دلالة اخرى للمعالجة بان عبدالحميد يعاني الوحدة ويعاني الجوع الجسدي، فبيته فارغ، أي لاتوجد فيه زوجة تنتظره، وبالتالي اظهر لنا الكاتب نهلة وكذلك عبدالحميد انهما ليس طلاب لذة جسدية عابرة فقط، انما هناك حاجات اجتماعية وجسدية كانت حاكمة بينهما ... وهكذا يبقى الادب قائما على التفاعل والاحتكاك مع باقي المؤسسات الأخرى، فلا عجب أن نصادف كتاب الرواية والقصة بمختلف تجلياتها ينفتحون على الواقع الاجتماعي ويحتكون مع ظواهره وقضاياه، خصوصا وأن الأديب واحد من هذا المحيط يتأثر به ويؤثر فيه، وقد ظلت الأشكال السردية هي الأقرب دوما لالتقاط تناقضات الواقع الاجتماعي وما يحبل به من أسرار وخبايا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في