الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا تعاضد أمريكا إسرائيل؟

حاتم بن رجيبة

2018 / 6 / 12
مواضيع وابحاث سياسية




تعاضد الولايات المتحدة إسرائيل نظرا لما عاناه اليهود قرونا من التمييز والإضطهاد خاصة إثر الإبادة الممنهجة من قبل النازية. لو صدقت هذا الإدعاء فأنت ساذج إلى حد بعيد!

هل تنفق دولة رأسمالية المليارات من أجل الرحمة وللإعانة؟ طبعا لا!

الولايات المتحدة سارت على منوال أنجلترا في تعاملها مع الكيان الصهيوني. إسرائيل تخدم مصالح الأمريكان في المنطقة بشكل فعال وناجع و مثالي. فهي تربح عن طريق إسرائيل بلايين المليارات، هذا اقتصاديا ، أما على الحلبة السياسية فالناخبون المؤيدون للكيان الصهيوني والمتبرعون للمترشحين السياسيين الذين يستعدون لدعم هذا التوجه فعددهم بالملايين وهم من الوزن الثقيل، أي أنهم ينتمون للطبقات المتيسرة. هم ليسوا يهودا كما ظننت بل مسيح يعتقدون أن عودة اليهود إلى إسرائيل يجب أن يحدث حتى يظهر المسيح الدجال ثم نزول المسيح، الحقيقي، على الأرض وخلاص الإنسانية.

هل كانت لإسرائيل أن توجد وبعد الوجود أن تبقى لولا الحرب الباردة؟لولا الصراع الإمبريالي بين الكتلتين الرأسمالية والشيوعية حول امتلاك العالم؟ هل كان صانعو القرار في الولايات المتحدة سيدعمون إسرائيل لو لم يكن الملايين من الناخبين المتدينين يعتقدون في خلاصهم كمسيح عن طريق قيام الدولة اليهودية في فلسطين ؟

صعب جدا!

الفكرة السائدة أن إسرائيل تدين وجودها للوبيات يهودية ثرية جدا تعيش في الولايات المتحدة. هذه اللوبيات هي من الثراء ما يجعلها ترغم الساسة، مهما كان طيفهم جمهوري أو ديمقراطي، على الإنصياع لرغبتهم في بقاء الكيان الصهيوني حتى ولو أدى ذلك إلى حرب كونية. هذا الإدعاء هزيل، فلو كانت هذه اللوبيات بهذه القوة لما منعت الولايات المتحدة الآلاف من اليهود الهاربين من المحرقة من اللجوء إليها ومن إرغامهم على العودة إلى ألمانيا النازية، إلى الموت المحقق. لو كانت تلك اللوبيات فعالة بذلك الحجم المزعوم لما انتظرت أمريكا طويلا حتى بعد سقوط معظم القارة الأوروبية في أيدي النازيين لتدخل الحرب ضدهم.

لماذا ترك الغرب وخاصة الولايات المتحدة و أنجلترا النازيين يبيدون قرابة 6 ملايين يهودي دون أن يذرفوا دمعة واحدة ليرغموا بعد ذلك العالم على الإعتراف بكيان غاشم ويعادوا العرب من يملكون الطاقة النفطية ومن يمكنهم نظريا أن يشلوا الإقتصاد العالمي في رمشة عين؟

ماذا لو كان الصهاينة شيوعيين، هل كانت الولايات المتحدة ستنقذهم من العرب أم تتركهم ينهشونهم كما تركت النازيين يصنعون منهم صابونا وأحزمة وحافضات نقود من قبل؟

إسرائيل هي ليست أكثر من ولاية أمريكية في الشرق الأوسط ويهود إسرائيل هم مواطنون أمريكيون يدافعون عن الرأسمال الغربي ضد الخطر الشيوعي المنافس الأكبر للغرب سابقا وحاليا أيضا وما الوضع السوري إلا خير دليل على ذلك.

تمثل إسرائيل أحسن وأضمن وأنجع مستعمرة أمريكية أو بلغة أخرى أعتى قلعة وسور أمام الروس والصينيين في الشرق الأوسط فنظامها السياسي تعددي وليبرالي ومستقر واقتصادها متين وأبنائها هم ثقافيا غربيون ومتعلمون و جيشها قوي وفتاك.

العالم العربي إما جزء راهن على حصان خاسر ألا وهو الاتحاد السوفياتي سابقا فهلك مثل ليبيا والجزائر ومصر والعراق وسوريا أو جزء متخلف بعباده الأميين وجيشه الهزيل و نظامه السياسي الهش والمتداعي المضطرب وغير المستقر فلا يمثل سدا منيعا أو حليفا قويا يمكن أن يحارب الخطر الأحمر مثل دول الخليج و المغرب و تونس و الأردن.

لن تتخلى أمريكا كليا على إسرائيل إلا متى صار العرب أو طائفة منهم شعبا متعلما ذا نظام سياسي ليبرالي متعدد ومستقر ذو اقتصاد مصنع قوي يملك جيشا حديثا ومنيعا، يمكنه مواجهة قوة عالمية بحجم الولايات المتحدة إن لزم الأمر.إسرائيل هي جزء من أمريكا كما كانت جزئا من انجلترا قبلا. فهل تتخلى دولة عن نفسها؟

أمن أمريكا يستفيد من الصهاينة والساسة يستفيدون من المتعصبين المسيحين الداعمين لكيان الصهيوني من يعتقدون في خرافات تقول بعودة المسيح إلا الأرض بعد أن صعد إلا السماء قبل ألفي عام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - في الصميم
Muwaffak Haddadin ( 2018 / 6 / 12 - 21:16 )
أستاذ حاتم
كلامك عين الحقيقة لا تخر منه المياه
أهنئك على هذه المقالة التي أرجو من إدارة الحوار المتمدن أن تبقيها فترة طويلة
ليطلع عليها أكبر عدد ممكن من قراء الحوار المتمدن
موفق حدادين
عمان
12 /6/2018


2 - مقال رائع يحلل الواقع
معلق قديم ( 2018 / 6 / 14 - 02:23 )
كثيرا ما أذكّر القرّاء بفضيحة نافون
ونافون هذا كان وزيرا اسرائيليا في الخمسينات دبّر تفجيرات لعدة مصالح ومواقع غربية في القاهرة لافساد العلاقة بين البكباشي عبد الناصر وحماته الأمريكيين لادراك اسرائيل منذ اللحظات الأولى أن الولايات المتحدة تملك العالم

وبالرغم من كشف المؤآمرة فما لبث البكباشي المتعجرف أن ألقى بنفسه في الخلاف مع الغرب ومع أمريكا بصفة خاصة فقضي عليه جزاء غبائه السياسي (قال ببجاحة لأمريكا اشربي من البحر فجعلته يتجرع من ماء الصرف القناطير)

إن أردت الخير لشعبك فاحتفظ بأفضل علاقة مع الغرب عامة ومع اسرائيل خاصة وتنازل قليلا عن الإنفة والغطرسة العربجية واساطير خير أمّة وباقي الهطل الديني

انظر قليلا كيف تتملق اسرائيل الولايات المتحدة ويندر أن نجد اسرائيليا متغطرسا مهما بلغ به الكبر يعادي أمريكا فللسياسة قواعد وأحكام ومن يحترمها ينجو

اخدم أمريكا بأمانة واتخذ اسرائيل أفضل شريك من أجل حياة أفضل للجميع أمّا سياسة صدام والأسد والقذافي وغيرهم ففيها خراب ودمار وموت لهم ولشعوبهم..


3 - Liberty
Muwaffak Haddadin ( 2018 / 6 / 15 - 08:48 )
السيد حاتم

أرجو أن أضيف ما يلي لأؤكد على تعليق السيد معلق قديم
أثناء حرب الايام الستة في عام 1967 قصفت إسرائيل السفينة الحربية الامريكية ليبرتي التي كانت تتابع سير المعركة التي هزمنا بها
ولم تحرك أمريكا ساكننا لأن مصلحة إسرائيل وأمريكا واحدة

اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت