الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خرائب

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2018 / 6 / 13
الادب والفن


٥ - المسمار الخامس

وحيدا
يسير في الشارع المقفر تترائى له من بعيد أشجار الصنوبر وأعمدة الكهرباء على جانبي الطريق وسطوح المنازل الواطئة وعدة كلاب تتسكع ببطء في خطوط متعرجة مطأطاة الرأس تتشمم آثار العابرين تتفادي الريح في الطرق المعتمة وتلتصق بالجدران أكياس بلاستيكية وأوراق جافة وجرائد قديمة ممزقة وغبار يتطاير في الهواء هنا وهناك ترفعها الريح في موجات لولبية متتابعة تقذفها نحوالسماء يسير وحيدا في الشارع المقفر ويرتطم به كيس من البلاستيك كالح اللون يلتصق بوجهه ويلبس تقاطيعه كقناع جاءه من أزمنة الضياع ويتوقف عن السير ويتجمد في مكانه تمثالا حجريا برأس من البلاستيك لست حيا ولست ميتا يقول لنفسه بين الكينونة والوجود في محطة البين بين أتأرجح بين الهنا والهناك بين الآن وما قبل وما بعد الآن بين كان يكون وما سيكون
عيني عين الغجرية
تغربل الغموض
وتغوص في غياهب غرف الغياب
مرايا تعكس شفافية العذاب
وحجر
أصم أبكم مفقوء العينين
كأوديبيوس
عينيه عكاز يتحسس الأحجار
ولا يرى ما يرى
ولكن
ومن الألم
يولد المعنى
شعاعا من الضوء
ويرى ما لا يرى
ويسمع ما لا صوت له
ويتحول الجسد المنهوك وعيا
يتنفس تنهد الأشجار
وملل الأسماك في البحار
وأنين المحار
ترددات مواشير الضوء
عند الغروب
وهمسات الأماسي البعيدة
يتحسس بجلده المثقوب
نتوءات الوجود
تموجات الوميض
رهفة القلق في عيون المرهقين
صرخات المعذبين
في الحقول في الغابات
في مصانع الضجيج
ومناجم الفحم والحديد
في العشوائيات
في بيوت الصفيح
في مخيمات العار والدموع
في قوارب الموت
وقوافل المشردين
في الزنازين
تسحقهم الآلات
والقنابل والرصاص
والهم
وأحذية الطغاة
أرى ما لا يرى
السلاسل والأغلال
والعبيد الجياع
يحلمون بالرغيف الدافيء
بقبلة الحبيب
بزهرة أو قطرة مطر
بشعاع من الضوء
يترقبون الزمن القادم
في الجرائد المسافرة
تتقاذفها الريح
في الشوارع المهجورة
يترقبون صحوة البشر
والفجر
يمزق ستار الليل
ليس حلما ما يراودني
يقول في نفسه
ولكن صورة الجرح الدامي
منعكسا في عيون الأسماك العارية
هزيمة الوعي
وانتصار الحجر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على


.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا




.. فوق السلطة 385 – ردّ إيران مسرحية أم بداية حرب؟


.. وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز




.. لحظة تشييع جنازة الفنان صلاح السعدني بحضور نجوم الفن